تونس: استحقاق انتخابي آخر دون الإخوان

تونس: استحقاق انتخابي آخر دون الإخوان

تونس: استحقاق انتخابي آخر دون الإخوان


01/10/2023

على الرغم من كل المحاولات الإخوانية لتعطيل المسار التصحيحي الذي بدأه الرئيس التونسي قيس سعيّد منذ العام 2021، تستعد تونس لإجراء انتخابات المجالس المحلية المقرر إجراؤها في 24 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، في استحقاق انتخابي جديد، يرى مراقبون أنّه يعبد الطريق نحو مؤسسات جديدة.

وقد أصدر الرئيس قيس سعيّد الأسبوع الماضي أمراً يقضي بدعوة المواطنين إلى انتخاب أعضاء المجالس المحلية في الجريدة الرسمية التونسية (الرائد الرسمي)، وأعلن أنّ الدورة الأولى للانتخابات المحلية ستُجرى في 24 كانون الأول (ديسمبر) القادم، وأنّه ستكون هناك دورة ثانية سيتم الإعلان عنها إثر صدور النتائج.

وتُعدّ انتخابات مجلس الأقاليم والجهات المرحلة الأخيرة في مسار 25 تموز (يوليو) الذي بدأه الرئيس قيس سعيد، منذ عام 2021، لاستعادة مؤسسات الدولة من تنظيم الإخوان.

انتخابات أخرى دون إخوان

ويرجح متابعون للشأن السياسي أن يتجه الشعب التونسي إلى انتخاب هذا المجلس الذي سيكون خالياً من الإخوان، خاصة بعد أن انكشفت جميع ملفاتهم ومخططاتهم التخريبية، وذلك بعد أن لفظ التنظيم وقياداته وأنصاره الذين أصبحوا منبوذين في الشارع العام والسياسي التونسي.

أمّا واقع إخوان تونس، وما تشهده الحركة من تفكك وصراعات وانشقاقات داخلية شرذمها إلى تيارات، فسيجعل من الصعب على الحركة الحضور أو السيطرة على الانتخابات البلدية أو المحلية والنيابية المقبلة بالطريقة التي أعقبت عام 2011، وما تبعتها من مسارات انتخابية.

 الرئيس قيس سعيّد

هذا دون اعتبار دخول عدد كبير من قيادات الإخوان السجن بتهم إرهابية، فضلاً عمّا تعيشه مجموعة أخرى من مطاردة أمنية وملاحقات قضائية، بسبب الجرائم والمخالفات التي ارتكبوها خلال حكمهم، فأصبح عدد منهم متهماً بتمويل الإرهاب، خصوصاً أنّ هناك قضايا مفتوحة ومنظورة أمام القضاء التونسي تمّت فيها اتهامات لقيادات النهضة، وعلى رأسهم الغنوشي المسجون، مثل قضية التسفير، والاغتيالات السياسية للمعارضين، والتحريض على الانقسام المجتمعي، وحمل السلاح، وغسل الأموال.

بدوره، أعلن القيادي الإخواني السابق والأمين العام لحزب العمل والإنجاز عبد اللطيف المكي مقاطعته لهذا الاستحقاق الانتخابي، واعتبر في تصريح صحفي أنّ الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تمنح الأولوية لهذا الموعد على حساب الانتخابات البلدية.

وكان الرئيس التونسي سعيّد قد أعلن في آذار (مارس) الماضي حلّ كل المجالس البلدية وتعويضها بنيابات خصوصية (مجالس مؤقتة لإدارتها)، وهو آخر مسمار دُقّ في نعش الإخوان، الذين سيطروا على كل مفاصل الدولة منذ 2011 حتى 2021.

تستعد تونس لإجراء انتخابات المجالس المحلية في تونس، المقرر إجراؤها في 24 كانون الأول المقبل

واعتبر مراقبون للمشهد السياسي التونسي أنّ حلّ المجالس البلدية ضربة قاصمة لحركة النهضة وعصاباتها.

بالمقابل، تكثف الأحزاب المساندة لإجراءات الرئيس سعيّد جهودها بحثاً عن تموقع جديد في المشهد المحلي، من خلال الدعوات إلى المشاركة في انتخابات مجالس الأقاليم والجهات، في خطوة لاستعادة دور مفقود بعد فترة طويلة من الجمود السياسي.

ورحّبت الأحزاب المساندة للمسار، وأبرزها حراك 25 تموز (يوليو) والتيار الشعبي وحركة الشعب وحركة تونس إلى الأمام ومبادرة لينتصر الشعب، بملامح المرحلة السياسية الجديدة التي قادها الرئيس سعيّد.

وأيدت تلك الأحزاب توجهات الرئيس سعيّد، معتبرة أنّه سيسعى لإشراكها من أجل ضمان تحقيق استقرار سياسي واجتماعي تكفله مشاركة الأحزاب والمنظمات الوطنية.

مجلس الجهات

وسبق أن قال الرئيس التونسي قيس سعيّد: إنّ مجلس الجهات والأقاليم الذي من المزمع تأسيسه عن طريق انتخابات مهمته تحقيق الاندماج بين التونسيين. وأكد أنّ المهمّش يتم تمثيله في مجلس الجهات والأقاليم، وسيكون صانعاً للقرار. ويقوم النظام النيابي الحالي في تونس على غرفتين نيابيتين، عوضاً عن غرفة واحدة، قبل حل البرلمان الذي كان يرأسه راشد الغنوشي زعيم إخوان تونس.

وبحسب المرسوم المتعلق بتنظيم انتخابات المجالس المحلية وتركيبة المجالس الجهوية ومجالس الأقاليم، تعتبر كل عمادة (أصغر قسم إداري) دائرة انتخابية، تنتخب لها ممثلاً واحداً، ويتم انتخاب المجلس الجهوي للولاية (المحافظة) عبر القرعة بين أعضاء المجلس المحلي.

أمّا مجلس الإقليم، فيتم الترشح له من الأعضاء المنتخبين في المجالس الجهوية، وكل مجلس جهوي ينتخب ممثلاً واحداً له بمجلس الإقليم.

كما ينتخب كل مجلس جهوي (3) أعضاء لتمثيل جهتهم في المجلس الوطني للجهات والأقاليم (الغرفة الثانية للبرلمان)، وينتخب أعضاء مجلس كل إقليم نائباً واحداً لتمثيلهم في المجلس الوطني للجهات والأقاليم.

حكم محلي

وفي تصريحات نقلتها وكالة الأنباء التونسية الرسمية قال رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر: "إنّ الانتخابات المحلية هي الخطوة الأولى ضمن مسار انتخابي طويل لاستكمال عناصر الحكم المحلي".

 رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر

وأكمل: "يليها تركيز مجالس جهوية في (249) ولاية، ثم مجالس الأقاليم، وصولاً إلى تركيز الغرفة البرلمانية الثانية، المتمثلة في المجلس الوطني للجهات والأقاليم، وبالتالي استكمال الوظيفة التشريعية كما أقرها الدستور". وأضاف بوعسكر أنّ "مراكز الاقتراع ستكون نحو (5) آلاف مركز، تضم نحو (11) ألف مكتب اقتراع".

وتابع أنّ "الانتخابات ستدور في (2155) دائرة انتخابية، بـ (2085) عمادة، لتشكيل (279) مجلساً محلياً، وهو عدد المعتمديات"، و"يتركب أقلّ مجلس محلي من (6) أعضاء، (5) منهم منتخبون، وشخص واحد من ذوي الإعاقة".

واقع إخوان تونس، وما تشهده الحركة من تفكك وصراعات وانشقاقات داخلية، شرذمها إلى تيارات سيجعل من الصعب على الحركة الحضور أو السيطرة على الانتخابات المحلية أو البلدية والنيابية المقبلة

وتُعدّ هذه المحطة الانتخابية الخطوة الأخيرة في تنفيذ خارطة الطريق التي بدأها الرئيس التونسي قيس سعيّد في 25 تموز (يوليو) 2021، وأبعدت تنظيم (الإخوان) عن الحكم، وقد تضمنت تلك الخارطة حتى الآن تعليق ثم حلّ البرلمان الذي كانت تسيطر عليه حركة (النهضة)، وتغيير الحكومة، ووضع دستور جديد، وقانون جديد للانتخابات جرت على أساسه الانتخابات البرلمانية الأخيرة، إضافة إلى إصلاحات قضائية واقتصادية.

يأتي ذلك بعد أن انتخب التونسيون نهاية العام الماضي برلماناً جديداً أنهى لأول مرّة حقبة العشرية السوداء التي حكمت خلالها النهضة الإخوانية تونس، وتسببت في إفلاس البلاد والعباد، وانتهت بانسداد سياسي شلَّ البرلمان الذي كان راشد الغنوشي على رأسه.

ويرى محللون أنّ حركة النهضة تُعدّ حالياً ميتة سريرياً، بعد أن أصبحت منبوذة سياسياً وشعبياً، واختفى حتى أنصارها، مع انطلاق أولى الجلسات البرلمانية التي عُدّت بمثابة إعلان موعد الدفن للميت السريري.

مواضيع ذات صلة:

لماذا تخلى إخوان تونس عن رئيس حركتهم في محنته؟

مناورة إخوان الجزائر في تونس ... اعتداء والتفاف وتعمية

هل قطعت حركة النهضة التونسية حقاً مع الإخوان؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية