تونس تستعد لانطلاق الاستفتاء على الدستور وتتجه نحو النظام الرئاسي.. ما أهم مميزاته؟

تونس تستعد لانطلاق الاستفتاء على الدستور وتتجه نحو النظام الرئاسي.. ما أهم مميزاته؟


10/04/2022

انتهت خلال الأسبوع الماضي سلسلة جلسات للمناقشة عقدها الرئيس التونسي قيس سعيد مع القوى السياسية في البلاد وممثلي المنظمات الوطنية والهيئة العليا المستقلة للانتخابات، تمهيداً لانطلاق الاستفتاء الشعبي على الدستور المقرر إجراؤه في 25 تموز (يوليو) المقبل، والانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في 17 كانون الأول (ديسمبر) من العام الجاري. 

وبحسب الخبراء، تتجه البلاد نحو تفعيل النظام الرئاسي بديلاً عن البرلماني، الذي تم إقراره قبل نحو 10 أعوام، إبان بداية حكم النهضة الإخوانية للبلاد.

وفي وقت سابق قال الرئيس التونسي قيس سعيد إنّ 82% من التونسيين يفضلون النظام الرئاسي، بحسب ما أظهرت نتائج أول استفتاء عبر الإشارة الإلكترونية نهاية كانون الثاني (يناير) الماضي. 

ما هو النظام الرئاسي وما مميزاته؟ 

وفي تصريح لـ"حفريات" يقول الباحث القانوني التونسي حازم القصوري، إنّ الاستفتاء هو آلية نصّ عليها دستور عام 1959 وكذلك دستور 2014، وهي آلية يمكن اعتمادها للعودة إلى صاحب السلطة الفعلية وهو الشعب التونسي، وتعد الآلية الأكثر قرباً للناس باعتبارها الديمقراطية الفعلية. 

 تتجه البلاد نحو تفعيل النظام الرئاسي بديلاً عن البرلماني

ويوضح القصوري أنّ انطلاق عملية الاستفتاء على الدستور في كانون الأول (يناير) الماضي، بمثابة تتويج فعلي للجهود التي بذلها التونسيون لإقرار حريتهم وتقرير مصيرهم من أجل مستقبل أفضل يحمل خريطة إصلاحية حقيقية للحياة السياسية والاجتماعية لابد وأن تنطلق من خلال الدستور، مشيراً إلى تطلعات الشعب التونسي من أجل دستور يترجم حقوق الناس ويرسم أحلامهم ويسهم في تعزيز جودة حياة الفرد والأسرة والمجتمع بصورة عامة.

حازم القصوري: انطلاق عملية الاستفتاء على الدستور بمثابة تتويج فعلي للجهود التي بذلها التونسيون لإقرار حريتهم وتقرير مصيرهم لمستقبل أفضل يحمل خريطة إصلاحية حقيقية للحياة السياسية والاجتماعية

ويرى القصوري أنّ بلاده خلال "العشرية السوداء"، ويقصد بها سنوات حكم الإخوان، دفعت ثمناً باهظاً نتيجة انفراد راشد الغنوشي وجماعته بالسلطة تنفيذاً للأجندات الخارجية؛ بل أكثر من ذلك جاءوا بالنظام البرلماني المطبق في بريطانيا الملكية الدستورية لإسقاطها على تونس وشعبها دون العودة إليه لتقرير نظامه السياسي الذي يمكن أن يكون رافعة حقيقية للبناء، ولعل الشعب التونسي له تجربة مع النظام الرئاسي، التي انطلقت بإلغاء الملكية ومثلت مرحلة مفصلية في تاريخ البلاد، على حد وصفه. 

اقرأ أيضاً: حزمة من "العقوبات" التونسية بانتظار أردوغان

ويقول الباحث القانوني التونسي إنّ النظام الرئاسي المنتظر إقراره بعد الاستفتاء عليه في البلاد يحمي كيان الدولة ويدعم مؤسساتها التي يجب أن تكون في خدمة الشعب التونسي، بمعنى أنّ الشعب هو الذي ينتخب الرئيس ثم يقوم بدوره في تشكيل الحكومة والذي يبقي نشاطها تحت رقابة الرئيس والبرلمان. 

وبحسب القصوري يمكّن النظام الرئاسي الفرد كما الشعب من ممارسة رقابته مباشرة على رأس الدولة وكذلك حكومته ويعجل بالإصلاحات المطروحة على البلاد لرسم مستقبل الأجيال القادمة.

الإخوان خارج المشهد

وكان الرئيس قيس سعيد أعلن في 13 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، عن جدول زمني للخروج من "التدابير الاستثنائية" التي فرضها منذ 25 تموز (يوليو) عام 2021،  ويضم الجدول الزمني بخصوص تنظيم استفتاء في 25 تموز (يوليو) المقبل بشأن تعديل الدستور وإجراء انتخابات تشريعية في 17 كانون الأول (ديسمبر) 2022، وقال سعيد إنّ "التعديلات على الدستور ستأتي بعد استشارة "شعبية" عبر الإنترنت بدأت في كانون الثاني (يناير).

القصوري: النظام الرئاسي المنتظر إقراره بعد الاستفتاء عليه في البلاد يحمي كيان الدولة ويدعم مؤسساتها

وفي 30 آذار (مارس) الماضي، أعلن سعيد حل البرلمان بناء على الفصل 72 من الدستور، واصفاً الجلسة العامة البرلمانية، التي عقدت في اليوم ذاته، بـ"محاولة انقلاب فاشلة".

وفي كلمة له أعقبت حل البرلمان، قال سعيد: "لنا مسؤولية الحفاظ على أمن ووحدة واستمرارية تونس، ولن نترك العابثين يواصلون عدوانيتهم على مؤسسات ومقدرات الشعب ولن نتركهم يواصلون عمالتهم المفضوحة للخارج".

يرى القصوري أنّ تونس خلال "العشرية السوداء"، ويقصد بها سنوات حكم الإخوان، دفعت ثمناً باهظاً نتيجة انفراد راشد الغنوشي وجماعته بالسلطة تنفيذاً للأجندات الخارجية

وأوضح الرئيس التونسي أنّ "لا شرعية ولا مشروعية لما يقومون به، بما أنه لا قيمة قانونية لأي قرار مزعوم.. ما يفعلونه اليوم هو هراء وهذيان يرتقي إلى مرتبة الجريمة والتآمر على أمن الدولة".

اقرأ أيضاً: إقصاء النهضة وشركائها... ملامح الحوار الوطني "تتشكل" في تونس

وأردف قائلاً: "لقد بلغ السيل الزبى وسنتحمل المسؤولية كاملة لإنقاذ الوطن من الأعداء الذين يتربصون به ويتآمرون عليه من الداخل وفي الخارج"، في إشارة منه لتحركات قيادات من حركة النهضة الإخوانية للاستعانة بجهات خارجية. 

ما السيناريوهات الأبرز لخريطة الطريق السياسية؟ 

وبحسب الباحث المصري المختص في الأمن الإقليمي، محمد فوزي، "من المنتظر أن تجتمع لجنة مقترحات المواطنين خلال الفترة المقبلة، وتضع الخطوط العريضة للاستفتاء على الدستور في 25 تموز (يوليو) المقبل، على أن يتم تنظيم انتخابات نيابية جديدة في 17 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، لكن تنفيذ هذه الاستحقاقات في موعدها قد يواجه عدداً من التحديات، في ضوء التطورات التي تشهدها تونس، خصوصاً في ظل الغموض المحيط بماهية التعديلات الدستورية التي ستتم، والتعديلات التي ستطرأ على النظام والقانون الانتخابي، فضلاً عن التعديلات المحتملة دستورياً وسياسياً على قرار حل البرلمان، وهو ما يطرح تساؤلات حول الإطار الدستوري الذي سيكون حاكماً لعملية إجراء الاستفتاء والانتخابات، على نحو يزيد من فرضية مفادها احتمال إصدار الرئيس التونسي لإعلان دستوري خاص بتنظيم هذه الاستحقاقات".

وفي دراسته المنشورة بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، يرى فوزي أنّ "قرارات الرئيس قيس سعيّد الاستثنائية منذ 25 تموز (يوليو) الماضي، والتي كان آخرها قرار حل البرلمان المجمد، تدفع باتجاه بعض السيناريوهات، ومن هذه السيناريوهات استمرار الوضع كما هو عليه واستمرار الرئيس قيس سعيّد في اتخاذ العديد من التدابير الاستثنائية التي يضمن بها إعادة هيكلة جذرية للنظام السياسي التونسي، أما السيناريو الثاني المطروح فيتمثل في زيادة حالة الاحتقان التي تشهدها البلاد، خصوصاً حال عدم إجراء حوار وطني شامل، استجابةً لدعوة القوى السياسية التونسية التي يؤيد بعضها الرئيس، والحاصل أنّ حدوث أي من هذه السيناريوهات يتوقف على مدى المرونة التي ستبديها أطراف الأزمة في تونس، لبناء مسار وطني تشاركي لحلحلة الأزمات التي تعاني منها البلاد والتعاطي معها بفاعلية".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية