تونس تنفتح على الدعم الخليجي... خيار بديل عن صندوق النقد؟

تونس تنفتح على الدعم الخليجي... خيار بديل عن صندوق النقد؟

تونس تنفتح على الدعم الخليجي... خيار بديل عن صندوق النقد؟


02/08/2023

كريمة دغراش

تواصل تونس رحلة البحث عن حلول لأزمتها الاقتصادية، في وقت لا يزال مصير مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار غامضاً.

ولا تبدو ورقة دول الخليج العربي بعيدة من اهتمام دوائر السلطة في تونس، وخصوصاً أنّ العلاقات بين الطرفين تبدو جيدة خلال المدة الأخيرة.

قرض سعودي

في نهاية الأسبوع الماضي صادق البرلمان التونسي على قرض ميسّر ممنوح من المملكة العربية السعودية.

وكانت السعودية وافقت على تحويل مبلغ الوديعة لمصلحة موازنة الدولة في شكل قرض بمبلغ 400 مليون دولار بنسبة فائدة تُقدّر بـ 5 في المئة وفترة سداد 7 سنوات منها سنتان إمهال.

وقدّمت السعودية أيضاً، إضافة إلى القرض، منحة بمبلغ 100 مليون دولار، أي ما يعادل 20 في المئة من التمويل الإجمالي، ما يجعل هذا القرض يُصنّف ضمن التمويلات التفاضلية وفق تقدير وزارة المالية التونسية.

وكان الرئيس قيس سعيّد استقبل قبل أيام وزير المالية السعودي محمد بن عبد الله الجدعان في قصر قرطاج.

ولدى توقيع اتفاقية القرض، قال الوزير السعودي إنّ "توقيع الاتفاقية لتقديم القرض الميسّر ومذكرة التفاهم لتقديم المنحة يأتيان تأكيداً على عمق ومتانة العلاقات الأخوية التي تربط بين قيادتي البلدين الشقيقين، واستمراراً لجهود المملكة الحثيثة ودورها الريادي في مساندة الدول العربية والإسلامية تنموياً واقتصادياً".

وأضاف نقلاً عن وكالة الأنباء السعودية الرسمية، أنّ "هذه الاتفاقيات هي جزء من جهود المملكة لدعم استقرار الاقتصاد التونسي وازدهاره".

ولفت إلى أنّ المملكة تواصل تعزيز التعاون في مختلف المجالات مع الجمهورية التونسية، مؤكّداً أنّ القرض الميسّر والمنحة يأتيان امتداداً لجهود المملكة السابقة.

وفي عام 2019 قدّمت السعودية قرضاً نقدياً إلى الحساب الجاري للخزينة العامة التونسية لدى البنك المركزي التونسي بقيمة 500 مليون دولار.

وأعلنت تونس في أكثر من مناسبة تطلّعها إلى "دعم أشقائها الخليجيين"، وكرّر الرئيس سعيّد ذلك في كل اتصالاته مع قادة المنطقة، وكان آخرها على هامش اتصال هاتفي أجراه مع نظيره الإماراتي الشيخ محمد بن زايد قبل أيام.

وفي بداية شهر حزيران (يونيو) استقبلت تونس رئيس مجلس التعاون الخليجي، ووقّعت اتفاقية معه قالت البيانات الرسمية إنّها ستكون بوابة لتعزيز التعاون مع دول الخليج.

جولة خليجية

وتأتي المصادقة على القرض السعودي بعد أيام من جولة خليجية قام بها وزير خارجية تونس نبيل عمار وزار خلالها عدداً من عواصم دول الخليج العربي.

وزار عمار الكويت والإمارات قبل أن يحطّ في السعودية، حيث التقى رجال أعمال سعوديين ومسؤولي البنك الإسلامي للتنمية في جدة.

وعلّق وزير الخارجية التونسي على هذه الجولة مؤكّداً انّها كانت إيجابية، موضحاً في تصريح لجريدة "الصباح" التونسية أنّها كانت مناسبة هامّة لتوضيح حقيقة ما يحدث في تونس، لافتاً إلى أنّ "الجولة فتحت حواراً سياسياً إيجابياً، وهو ما سيكون له تفاعل إيجابي خلال الأيام المقبلة".

البديل عن صندوق النقد؟

ويعتبر كثير من المراقبين أنّ القرض السعودي فتح الباب أمام حصول تونس على تمويلات جديدة خارج مسار التفاوض مع صندوق النقد الدولي، معتبرين أنّ ورقة الخليج العربي قد تكون حلاً بديلاً للبلد الغارق في أزمته الاقتصادية.

وكانت إيطاليا طلبت من الإمارات العربية المتحدة دعم تونس في أزمتها، ودعا وزير خارجيتها أنطونيو تاياني قبل أسابيع الدولة الخليجية إلى تقديم نصف مليار دولار لتونس.

ويلفت المحلّل السياسي خليل الرقيق إلى أنّ تونس وضعت خطتين متوازيتين للخروج من أزمتها: الأولى في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار لإنعاش خزينتها، والآخر هو توقيع اتفاقيات ثنائية بعيداً من التفاوض مع المؤسسة الدولية.

ويضيف أنّ توقيع اتفاق قرض مع السعودية يُعتبر منعطفاً هاماً، ويوضح في هذا الصدد: "لم يعد اتفاق صندوق النقد شرطاً محدّداً لإمكان إقراض تونس، وهذا ما تبيّن مع قرض السعودية".

ويعتبر الرقيق أنّ أصدقاء تونس بما في ذلك الخليج العربي، لم يتخلّوا عنها في أزمتها الحالية، ويشير إلى أنّ توقيع اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي سوف يعبّد الطريق أمام تونس لصندوق النقد، بعدما تحوّل الاتحاد إلى ضامن لها مع المؤسسة المالية الدولية.

وفي منتصف تموز (يوليو) الماضي وقّعت تونس اتفاق شراكة استراتيجية مع الاتحاد الأوروبي في مجالات عديدة من بينها الاقتصاد والتنمية والهجرة.

ويقول الرقيق إنّ دعم الاتحاد الأوروبي لتونس ثم حصولها على قرض سعودي وإمكان إبرام المزيد من الاتفاقيات مع الخليج العربي قبل توقيع اتفاق صندوق النقد، تعطي البرهان على أنّ تونس تحظى بدعم دولي وأنّ لديها حلولاً بديلة.

ويعتبر أنّ مدّ قنوات التواصل مع الخليج العربي يدحض المزاعم التي تروّجها أطراف عديدة عن عزلة دولية مفروضة على تونس.

وعرفت العلاقات التونسية - الخليجية شيئاً من الفتور في فترة حكم الإسلاميين في البلد، فيما كانت قطر الحليف الأول لحزب "النهضة" الحاكم حينها.

ويقول الرقيق إنّ زخم العلاقات بين تونس والخليج العربي والتي ترجع إلى فترة حكم الزعيم الحبيب بورقيبة، عادت قوية خلال الفترة الأخيرة.

عن "النهار" العربي



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية