تونس: غضب عارم من مطالبة الإسلاميين بتعويضات بالمليارات لأنصارهم في زمن الجائحة

تونس: غضب عارم من مطالبة الإسلاميين بتعويضات بالمليارات لأنصارهم في زمن الجائحة


14/07/2021

كريمة دغراش

بينما تعيش تونس على وقع أزمة وبائيّة غير مسبوقة، طالب حزب "حركة النهضة" بتفعيل صندوق يتولّى صرف التعويضات لأنصار الحزب الإسلامي ممن يزعم أنّهم كانوا ضحايا للاستبداد قبل عام 2011، وتبلغ قيمتها نحو 3 آلاف مليار دينار تونسي (نحو ألف مليار دولار). وقد أثار مطلب "النهضة" غضباً شعبياً واسعاً في تونس بلغ حدّ الدعوة للنزول إلى الشارع يوم 25 تموز (يوليو) الجاري للمطالبة برحيل الحركة الإسلامية عن الحكم.

وطالب رئيس مجلس شورى حزب "حركة النهضة" عبد الكريم الهاروني، رئيس الحكومة هشام المشيشي بضرورة تفعيل صندوق الكرامة لتعويض ضحايا الاستبداد قبل 25 تموز (يوليو) 2021 الموافق لعيد الجمهورية.

وفي فيديو له يعود إلى بداية الشهر الحالي لمناسبة وقفة احتجاجية لعدد من أنصار الحركة في ساحة قصر الحكومة يطالبون فيه بتقديم التعويضات ظهر الهاروني خطيباً وسط الحشود بنبرة غاضبة ومهدّدة ومطالباً بتفعيل صندوق التعويضات.

وهدّد السياسي في "النهضة" والذي يُحسب على التيار المتشدّد في الحركة، بالنزول إلى الشارع في حال عدم تفعيل صندوق الكرامة، لافتاً إلى أنّ من سمّاهم "ضحايا الاستبداد" لن يقبلوا مجدّداً أيّ عرقلة له، قائلاً في هذا الصدد: "في حال عدم الالتزام بهذا التاريخ فإن الجيل الجديد للحركة سيأتي على الأخضر واليابس".

ما هو صندوق الكرامة؟

صندوق الكرامة هو آلية تمّ الاتفاق عليها عام 2013 بموجب قانون العدالة الانتقالية، لتولّي تعويض الضرر لمن صنفوا ضحايا للاستبداد قبل 2011. ولم يصدر أمر إحداث هذا الصندوق إلا نهاية عام 2018 مع حكومة الشاهد.

وطالما كان الصندوق موضوعاً سجاليّاً، خصوصاً في ما يتعلق بموارده والمستفيدين منه. ويرى المحلل السياسي خليل الرقيق في تصريح لـ"النهار العربي" أنّ مسار العدالة الانتقالية كان أعرجَ وحوّل ما حدث في تونس إلى غنائم يتقاسمها ويتهافت عليها حزب "حركة النهضة".

تضارب الأرقام

وتتضارب الأرقام بشأن قيمة هذه التعويضات ومصادر تمويلها، وكان رئيس الهيئة العامة للمقاومين وشهداء وجرحى الثورة والعمليّات الإرهابية ورئيس لجنة التصرّف في صندوق الكرامة وردّ الاعتبار لضحايا الاستبداد، عبدالرزاق الكيلاني، قال في وقت سابق إنه يجب توفير ما قيمته 3 آلاف مليار دينار تونسي لتعويض الضرر للضحايا.

في المقابل، قال رئيس الكتلة الديموقراطية نعمان العش، إنّ هذا الرقم مبالغ فيه من دون أن يحدّد قيمته، وأكّد العش أنّ التعويضات التي سيمنحها الصندوق ستشمل كلّ من ناضل من إسلاميين ويساريين على حدّ السواء.

أزمة أخلاق

وفي حين يرى أعضاء الحركة أن ما رّوج حول مطالبتهم بالحصول على تعويضات في الفترة الحالية فيه كثير من المغالطة والافتراء والحض على إثارة غضب شعبي ضدّ حزبهم كما كتب ذلك النائب عن الحركة سامي الطريقي، يقول خصوم الحزب الإسلامي إنّه يستثمر في ضعف الدولة وحاجة رئيس الحكومة للدعم السياسي لتمكين أنصاره من تعويضات "كمكافأة على نضالهم قبل 2011".

وندّدت المعارضة وقسم واسع من التونسيين بمطلب الحركة الذي يتزامن مع مرور البلاد بجائحة صحية تستوجب تضافر كل الجهود لمواجهتها، حيث تعيش تونس على وقع انتشار فيروس كورونا في شكل كبير مقابل انهيار المنظومة الصحية.

وتحوّلت التعويضات إلى موضوع للتهكّم من طرف عدد من التونسيين على مواقع التواصل الاجتماعي، واستغرب بعضهم كيف أصبح النضال له مقابل بالنسبة إلى الإسلاميين. وأطلق كثيرون عريضة شعبية للنزول إلى الشارع احتجاجاً على صندوق التعويضات وللمطالبة بحلّ البرلمان.

ووصف رئيس حزب التيار الديموقراطي غازي الشواشي (معارض) مطالبة حزب "حركة النهضة" بالتعويضات في هذا الظرف العصيب بـ"اللاأخلاقية". وأشار الشواشي في تصريح خاصّ لـ"النهار العربي" إلى أنّ "حزب النهضة" يتصرّف بعدم مسؤولية "ففي وقت تتسوّل فيه البلاد اللقاحات والإعانات الدولية يطالب هو بمنافع لأنصاره متاجراً بآلام الكثير منهم".

وشارك المعارض اليساري منجي الرحوي عدداً كبيراً من التونسيين دعواتهم للتظاهر في الشارع ضدّ الحركة، وكتب الرحوي على حسابه الشخصي على فايسبوك تدوينة دعا فيها إلى احتلال الشوارع والساحات العامّة من أجل إسقاط المنظومة السياسية التي يتزعّمها حزب "حركة النهضة".

ورغم أنّه لا تبنى آمال كثيرة على دعوات المعارضة للتظاهر بسبب ضيق أفقها ومحدودية آفاقها على حدّ تعبيره، يقول المحلّل السياسي خليل الرقيق إن الغضب الشعبي التلقائي قد ينجح في حشد الشارع ضدّ الحزب الإسلامي. ورأى في تصريح لـ"النهار العربي" أنّ الإسلاميين أثبتوا مرّة أخرى أنّهم يتحرّكون ضمن منطق الجماعة لا منطق الدولة مشدداً على أن حزب "حركة النهضة" الذي هو في حقيقة الأمر مسؤول عما آلت إليه أوضاع الدولة من ضعف لا يبالي بالدولة ولا بالوضع الحالي للتونسيين.

واعتبر الرقيق أنّ سلوك الحركة يشكّل خيبة سياسية تعمّق عدم ثقة الشعب في الإسلاميين.

عن "النهار" العربي



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية