كيف تعامل الإعلام الإخواني مع الموقف المصري من العدوان الإسرائيلي على غزة؟

جماعة الإخوان في صدمة وتناولها الإعلامي في صالح إسرائيل

كيف تعامل الإعلام الإخواني مع الموقف المصري من العدوان الإسرائيلي على غزة؟


23/10/2023

يصب التناول الإعلامي لجماعة الإخوان (الفرع المصري) في صالح إسرائيل، فقد احتشدوا خلف مواقع التواصل الاجتماعي ليهيلوا التراب على أيّ جهد للدولة المصرية، بما فيها محاولاتها لإدخال المساعدات الإنسانية، أو جهودها التي تهدف إلى وقف العدوان الإسرائيلي وتحريك عملية السلام، وهكذا لم تنسَ الجماعة أعداءها، وفي الوقت نفسه صدمتها ممّا يحصل، ويؤثر على استمرار التمويل لها.

جماعة في صدمة

منذ يوم 7 تشرين الأول (أكتوبر) أصدرت الجماعة (12) بياناً؛ أغلبها صدر باسم المتحدث الإعلامي علي حمد، وطلعت فهمي؛ أي إنّ جبهة محمود حسين هي الأكثر تصدياً من الناحية الإعلامية لما يجري في قطاع غزة، إلّا أنّها بيانات رسمية لم تخرج عن كونها دعوة لاستمرار العمليات من قبل (حماس)، والهجوم على كامل الأنظمة العربية، فيما كانت البيانات الأخرى والدعوات التي تنطلق من عناصر الجماعة على اختلاف تصنيفاتهم التنظيمية ممجوجة ومرتبكة وفي صدمة كبيرة، فقد فوجئت بمواقف القادة العرب التي جاءت حاسمة في الدعوة لوقف التصعيد، وإدخال المساعدات، ورفض التهجير.

احتشد الإخوان خلف مواقع التواصل الاجتماعي ليهيلوا التراب على أيّ جهد للدولة المصرية، بما فيها محاولاتها لإدخال المساعدات الإنسانية، أو جهودها التي تهدف إلى وقف العدوان الإسرائيلي وتحريك عملية السلام

سار التناول الإعلامي الإخواني على خطة مفادها الأول هو محاولة إثبات أنّ النظام المصري ليس ضد التهجير مطلقاً، وأنّ ما يجري من تصريحات، حتى لو كانت للرئيس أو للخارجية، فقط لذرّ الرماد في العيون، مستدلين بالاقتراح الذي قدّمه رئيس مصر عن نقل الفلسطينيين، إذ كان فرضاً ذلك إلى صحراء النقب، رغم أنّه قال ذلك في سياق التهكم من الخطة الإسرائيلية لنقل أهل القطاع إلى سيناء، مكرراً رفض مصر لذلك، وأنّه يستطيع إخراج الجماهير والمواطنين للتعبير عن رفضهم لذلك.

سار التناول الإعلامي الإخواني على خطة مفادها الأول هو محاولة إثبات أنّ النظام المصري ليس ضد التهجير مطلقاً

ومع استجابة الجماهير لدعوة الرئيس المصري غير المباشرة للتعبير عن رأيهم برفض تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، وخروج الآلاف في الميادين المختلفة، ادّعى الإعلام الإخواني أنّ الجماهير خرجت لتعبر عن رأيها برفض سياسة النظام المصري، ولم يكن هذا صحيحاً، فقد تم فتح الميادين، وخرج المواطنون في الشوارع أو في الجامعات للتعبير عن رأيهم، ليحطموا المخيال الإخواني طوال الأعوام الماضية القائم على خوف النظام المصري من فتح الميادين حتى لا تحدث ثورة شعبية.

في السياق ذاته، أصدرت هيئات الإخوان الفقهية ومنظمات العمل الدعوي فتاوى متنوعة، كلها تصبّ في شكل شبه إجماع إخواني على الدعوة للعمليات المسلحة ضد الأهداف الإسرائيلية، لكن في العواصم العربية، لتتشابه الجماعة في ذلك مع تنظيم القاعدة، الذي أصدر بيانات وفتاوى مماثلة!

جماعة الإخوان دعت إلى العمليات المسلحة ضد الأهداف الإسرائيلية، لكن في العواصم العربية

المسار الثاني في الخطة الإخوانية الإعلامية أنّ مصر ليست هي صاحبة المبادرة في الدعوة لمؤتمر السلام، أو تقديم المساعدات الإنسانية، بل إنّ ذلك كله هو خطة، إمّا عربية وإمّا أمريكية، من أجل استمرار قصف القطاع.

المسار الثالث هو فشل الدبلوماسية المصرية، رغم أنّ مصر جمعت (34) دولة في مؤتمر السلام بالقاهرة.

الأهم هو مسار الدعوات إلى فتح معبر رفح، وأنّ النظام المصري يغلق المعبر في وجه المساعدات وعلاج المصابين، رغم نفي الرئيس المصري بنفسه ذلك أكثر من مرة، لكنّ الجماعة وأعلامها تقصد أنّ مصر تقوم بحصار لا إنساني للفلسطينيين، والدعوة لفتح المعبر يصب في صالح تل أبيب التي تريد تهجير أهل غزة من الشمال إلى الجنوب، وهذا سيكون على حساب القضية الفلسطينية.

نماذج إخوانية

بالنظر إلى تصريحات العديد من قيادات الجماعة، نرى أنّ الخطة الإعلامية تسير وفق ما سبق ليس ضد مصر فقط، بل ضد الفلسطينيين أنفسهم، ومنهم هيثم أبو خليل، الذي هوّن من الجهود المصرية في صفحته بـ (تويتر) قائلاً: إنت عارف يعني إيه أخّرك إدانة وإدخال (20) شاحنة فقط بعد (15) يوماً بعد ما كان الطبيعي إنّه كل يوم كان بيدخل لهم مئات الشاحنات علشان دول ملايين؟".

الخطة الإعلامية تسير وفق ما سبق ليس ضد مصر فقط، بل ضد الفلسطينيين أنفسهم

وقال الكاتب جمال سلطان، المقيم في إسطنبول: إنّ معبر رفح حصرياً بين إدارة مصرية وإدارة فلسطينية، هل هناك من هو مقتنع حقيقياً بأنّ مصر عاجزة عن إدخال المساعدات منه إلى غزة؟ هل هناك من يعتقد أنّ جيش مصر الأقوى في المنطقة عاجز عن حماية مساعداته؟ هل هناك من يعتقد أنّ السيسي لا يملك قراراً، أم أنّ الحصار الخانق متفق عليه والأدوار موزعة؟

وادّعى محمود فتحي، مؤسس ما يُعرف بتيار الأمّة، وهو تيار إخواني شبابي نشأ في تركيا، أنّ الرئيس السيسي أراد استغلال التعاطف مع غزة في حشد الشارع، وأنّه يريد عمل مسرحية تفويض جديدة، لكنّ الشعب أعلن أنّ النزول ليس تفويضاً، وانقلب السحر على الساحر!

ادّعى الإعلامي الإخواني محمد ناصر في قناة (مكملين) أنّ العالم العربي عاجز عن منع تصدير البترول والغاز، كردٍّ شرعي على الحرب الإجرامية التي تشّن ضد غزة

الكاتب أحمد عطوان ادّعى في صفحته الرسمية أنّ الرئيس السيسي يوافق ويدعم التهجير القسري للمدنيين، ويحرض على تهجير أصحاب الأرض "أهالي غزة"، ويوافق على تصفية المقاومة الفلسطينية، وبالتالي تصفية القضية الفلسطينية، كما لم يدن العدوان وقصف معبر رفح  (4) مرات.

وادّعى عطوان أنّ هناك دعماً خفياً للنظام المصري، وأنّه رغم ذلك تم تخفيض تصنيف مصر من (ستاندرد أند بورد) من (B إلى -B).

الإعلامي الإخواني معتز مطر كرر كثيراً أنّ مؤتمر السلام بالقاهرة كان هزيلاً، وأنّه بعد إدخال المساعدات خدعوك فقالوا مصر تفرض إرادتها، لأنّ قطر هي من أدخلتها بعد وساطتها بالإفراج عن الرهينتين الأمريكيتين.

وادّعى الإعلامي الإخواني محمد ناصر في قناة (مكملين) أنّ العالم العربي عاجز عن منع تصدير البترول والغاز، كردٍّ شرعي على الحرب الإجرامية التي تشّن ضد غزة.

في السياق نفسه، طالب أسامة جاويش، المذيع في قناة (مكملين)، بالثورة ضد النظام المصري قائلاً: إنّ مصر تنتظر الإذن الإسرائيلي لإدخال مساعدات إنسانية، والمساعدات المالية والعسكرية تمطر إسرائيل، وعلى الشعب أن يكسر الحصار المفروض على القطاع بكل الوسائل الممكنة.

وتظل في النهاية الجماعة التي تصدر بيانات يومية للدعوة لاستمرار المقاومة، وفي الوقت نفسه الفوضى داخل البلدان العربية، وشرعنة القيام بعمليات مسلحة في أهداف داخل الدول العربية، تظل أمام مشهد ملتبس ومرتبك وعبثي، لا يصب في صالح دولنا العربية، وإنّما في صالح إسرائيل.

مواضيع ذات صلة:

منابر الإخوان وإعلامهم: فساد الخطابات قبل فساد القنوات

عن الأخطبوط الإعلامي لحركة النهضة الإخوانية في تونس




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية