حرب غزة: النصر والهزيمة بين المعلن والمخفي

النصر والهزيمة بين المعلن والمخفي

حرب غزة: النصر والهزيمة بين المعلن والمخفي


11/11/2023

بناء على أهداف الحرب المعلنة فإن النصر بالنسبة لإسرائيل، هو: (أولا: القضاء على حركة حماس بمعنى إخراجها من معادلة الصراع، وثانيا: تحرير الرهائن من دون صفقة تبادل).

على أنني شخصياً، أميل إلى وجود هدف رئيس غير معلن لإسرائيل في هذه الحرب، وهو إخلاء الثلث الشمالي من القطاع من السكان تماماً، بما في ذلك مدينة غزة. ولي في ذلك شواهد وأدلة عرضتها في مقالات سابقة.

وبناء على سلوك حركة المقاومة، وفهم طبيعة عملها تاريخياً، فإنّ النصر بالنسبة لحماس في هذه المواجهة يتلخص في: أولاً؛ منع انتصار الخصم؛ أي التمكن من الصمود، والبقاء طرفاً فاعلاً في معادلة الصراع. وثانياً؛ إجبار الخصم على التفاوض من أجل تحرير أسراه. ويبدو أنّ هذا هو ما يشغل العقل الاستراتيجي للمقاومة.

لكن في حال كان هدف إسرائيل الرئيس من هذه المعركة، وكما أتوقع، هو إخلاء الثلث الشمالي للقطاع من السكان، فلا يمكن اعتبار حماس منتصرة، ما لم يعد السكان إلى مواقعهم في الثلث الشمالي، بغض النظر عن أي ترتيبات أمنية وإدارية قد يجري الاتفاق عليها لإنهاء الحرب.

وبناء على ما سبق، وبالنظر إلى مجمل مسار المواجهة، عسكرياً وسياسياً، يبدو للجميع بأن حماس أقرب حتى الآن إلى النصر من إسرائيل، وذلك إذا افترضنا بأنّ أهداف الحرب هي الأهداف المعلنة إسرائيليا. وهو ما يبدو لي أنه استنتاج خاطئ، ومُوهِمٌ، وخطير للغاية.

إذ في حال كان الهدف هو الإخلاء، وهو ما أظنه وأخشاه في الوقت نفسه، فيبدو لي أنّ إسرائيل حققت الجزء الأهم من هدفها، وهو تحريك الكتلة البشرية، وأن المتبقي عليها هو إيجاد سبل مستدامة لمنع عودة هذه الكتلة البشرية إلى شمال القطاع.

وهذا بدوره، يحتاج إلى أكثر من القوة العسكرية. إنه أمر لا يمكن تحقيقه إلا بالسياسة، وهنا سيأتي دور الأمريكان والكتلة الغربية الداعمة للكيان، وأيضاً دور الأنظمة والشعوب العربية.

ومن دون الحاجة إلى التفصيل. واعتماداً على فهم القارئ، أقول باختصار: إنّ منع إسرائيل من الانتصار في هذه المواجهة، يتطلب أكثر من صمود المقاتلين في غزة؛ شمالها وجنوبها. وأكثر من إجبار العدو على التفاوض بشأن أسراه، كلهم أو بعضهم، أو من سيتبقى منهم. إنه يتطلب تحرك الشارع العربي والإسلامي، بما يكفي لفرض عودة المهجرين، ويمنع أية تسويات سياسية، قد تتضمن بقاءهم خارج أماكنهم التي كانوا فيها قبل اشتعال هذه الحرب.

هذا هو النصر، وتلك هي الهزيمة في تقديري، فلا نتوهم، وننشغل بغيره. والسلام.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية