حركة النهضة الإخوانية تجدد الثقة في الغنوشي وتزيح التيار المعارض.. ما التفاصيل؟

حركة النهضة تجدد الثقة في الغنوشي وتزيح التيار المعارض

حركة النهضة الإخوانية تجدد الثقة في الغنوشي وتزيح التيار المعارض.. ما التفاصيل؟


24/10/2023

في قرار يعبّر عن الارتباك الحاد داخل صفوفها، حسمت حركة النهضة الإخوانية في تونس أمرها، فيما يتعلق بعقد مؤتمرها الـ (11) الذي كان مقرراً نهاية شهر تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، بالإعلان عن تأجيل المؤتمر لأجل غير مسمّى، وتجديد الثقة في الغنوشي وقيادته الحالية.

بالتزامن مع ذلك؛ قررت الحركة إزاحة منذر الونيسي من منصب الرئاسة بالنيابة، بعد التسريبات الصوتية الأخيرة التي اعتُبرت مسيئة للحزب، وعليه أنهت الحركة تطلعات الونيسي بقيادتها، وكذلك استقرت على الإبقاء على الغنوشي رئيساً لها، رغم وجوده في السجن.

من جهته، قال بلقاسم حسن، مستشار رئيس حركة النهضة، ونائب رئيس المكتب السياسي للحركة، في تصريحات لصحيفة "الشرق الأوسط": إنّ القيادات السياسية داخل الحركة "اتفقت على إرجاء الحديث عن عقد مؤتمر انتخابي جديد لإفراز قيادة جديدة، في ظل وجود القيادات التاريخية المنتخبة في السجن".

ارتباك داخلي

جدير بالذكر أنّ مجموعة من قيادات الصف الأول بحركة النهضة تقبع حالياً في السجن، على رأسها رئيس الحركة وزعيمها التاريخي راشد الغنوشي، ونائباه: علي العريض، ونور الدين البحيري، بالإضافة إلى منذر الونيسي، الذي تولى منصب الرئيس بالنيابة لفترة وجيزة.

بلقاسم لفت إلى أنّ الحركة كانت على وشك إعلان حالة شغور منصب رئاسة الحركة، بعد مرور (6) أشهر على الزج بالغنوشي في السجن، "غير أنّ مؤسسات الحركة اختلفت في تقييم الوضع، بعد أن لاحظت أنّ بعض الشخصيات السياسية تسعى للتخلي عن القيادة الحالية، دون مراعاة للوضع السياسي للمعتقلين، وكنتيجة لذلك تبين لها أنّه من المستحيل عقد مؤتمر انتخابي، في ظل استمرار اعتقال قيادات الحزب من السلطة القائمة".

قررت الحركة إزاحة منذر الونيسي من منصب الرئاسة بالنيابة، بعد التسريبات الصوتية الأخيرة التي اعتُبرت مسيئة للحزب

تصريحات بلقاسم لـ "الشرق الأوسط" كشفت عن وجود خلافات حادة داخل حركة النهضة، وأنّ هناك تبايناً في وجهات النظر بين مجلس شورى الحركة، والمكتب السياسي، والمكتب التنفيذي، لكنّ النقاشات التي وصفها بالحادة، أفضت في نهاية الأمر إلى "إبقاء الوضع على ما هو عليه"، أي الإبقاء على الغنوشي رئيساً للحركة من داخل السجن، "وإنهاء الجدل حول عقد المؤتمر، والتراجع عن فكرة الإعلان عن شغور في منصب الرئيس"، مؤكداً أنّ هذا الاتجاه كان هو الغالب داخل مؤسسات الحركة، وهو الذي تم اعتماده حالياً، بعد دراسة الموقف من كل الجوانب.

وفي محاولة للتغطية على فشل الحركة، اتهم بلقاسم النظام التونسي بإغلاق المجال العام، عبر مواصلة اعتقال القيادات السياسية المعارضة من مختلف التوجهات السياسية، بحسب مزاعمه، مستنكراً في الوقت نفسه إغلاق مكاتب حركة النهضة في كل مدن تونس.

القضاء التونسي أصدر حكماً بسجن علي العريض في 19 كانون الأول الماضي، وذلك بعد استجوابه لساعات طويلة

الدكتور عبد السلام القصاص، الباحث المصري في العلوم السياسية، خصّ (حفريات) بتصريحات، قال فيها: إنّ مداولات حركة النهضة حول اختيار خليفة للغنوشي، شهدت صراعاً حاداً بين الأذرع المعارضة لهيمنة الغنوشي ومجموعته، وهو ما كشفت عنه تسريبات المنذر الونيسي من قبل، لكنّ الذراع التابعة للغنوشي، التي تهيمن على أموال الحركة ومفاصلها، نجحت في نهاية الأمر في إقرار بقاء الغنوشي على رأس الحركة، حتى لا ينفلت زمام الأمر من بين أيديها.

من جهة أخرى، لفت القصاص إلى أنّ بعض القيادات التاريخية، بوزن رياض الشعيبي، رفضت تولي رئاسة الحركة بالنيابة، حيث أدرك الشعيبي أنّ حركة النهضة باتت بلا مستقبل سياسي، كما رفض عبد اللطيف المكي العودة، وتملص محمد القوماني من محاولات إعادته إلى قيادة الحركة، وبالتالي أفلحت جهود رفيق عبد السلام وعماد الخميري وأنصار الغنوشي، في إبقاء الوضع على ما هو عليه، وتعطيل المؤتمر العام.

تمديد سجن علي العريض

وفي سياق آخر، أصدر قاضي التحقيق الأول، المكلف بمكافحة الإرهاب في تونس، حكماً يقضي بتمديد سجن علي العريض، نائب رئيس حركة النهضة، ووزير الداخلية التونسية السابق، لمدة (4) أشهر إضافية، في ضوء ورود أدلة جديدة على تورط العريض في قضية شبكات تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر والإرهاب خارج البلاد، وأبرزها سوريا والعراق وليبيا، وذلك في الفترة التي تولى فيها العريض حقيبة وزارة الداخلية، وهي الفترة التي شهدت خروج آلاف الشباب من تونس إلى بؤر التوتر، والانضمام إلى التنظيمات المتطرفة، وعلى رأسها تنظيم داعش.

القصاص: مداولات حركة النهضة حول اختيار خليفة للغنوشي، شهدت صراعاً حاداً بين الأذرع المعارضة لهيمنة الغنوشي

جدير بالذكر أنّ القضاء التونسي أصدر حكماً بسجن علي العريض في 19 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وذلك بعد استجوابه لساعات طويلة، على ذمة التحقيقات الأمنية والقضائية، حول شبكات تسفير الشباب التونسي، وخداع الآلاف منهم وإغرائهم بالتوجه إلى بؤر التوتر.

وكان القضاء التونسي قد قرر خلال شهر حزيران (يونيو) الماضي تمديد سجن علي العريض مدّة (4) أشهر، قبل أن يعلن عن التمديد للمرة الثانية والأخيرة، لأنّ القانون التونسي لا يجيز للقضاة تمديد الحبس الاحتياطي بعد مرور (14) شهراً، وهي المدة القصوى للاحتفاظ بالمشتبه بهم، وسط توقعات بصدور حكم رادع على نائب رئيس الحركة، في ضوء الأدلة الموجودة.

خطوة جديدة نحو إزاحة حركة النهضة

بعد قرابة عام من الانتخابات التشريعية، التي أجريت في 17 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وبعد أن خلا البرلمان التونسي من حركة النهضة، والحزام السياسي الموالي لها، تستعد تونس لانتخابات مجلس الجهات والأقاليم، في خطوة أخرى حاسمة نحو تفعيل مسار 25 تمّوز (يوليو).

حسن التميمي: المشهد السياسي في تونس لم يعد يحتمل تواجد أحزاب تسببت في تفاقم الأوضاع

الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أعلنت أنّها سوف تنظم انتخابات الجهات في شهر كانون الأول (ديسمبر) المقبل، على أن يتم تنصيب المجلس في منتصف شهر نيسان (أبريل) أو بداية شهر أيّار (مايو) 2024، على أقصى تقدير.

وتعليقاً على ذلك، قال الناشط والمحلل السياسي التونسي حسن التميمي، في حديث لصحيفة "العين": إنّ المشهد السياسي في تونس لم يعد يحتمل تواجد أحزاب تسببت في تفاقم الأوضاع، في إشارة إلى حركة النهضة. وأوضح المحلل التونسي أنّ البرلمان الجديد يُعدّ أوّل برلمان يخلو من تنظيم الإخوان منذ العام 2011. لافتاً إلى أنّ "بلاده تحتاج اليوم إلى أرضية سياسية، على قاعدة 25 تمّوز (يوليو)، وهو معيار الفرز السياسي الوحيد الذي لا يمكن الخروج عليه؛ من أجل إصلاح الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية في البلاد".

مواضيع ذات صلة:

لماذا تخلى إخوان تونس عن رئيس حركتهم في محنته؟

مناورة إخوان الجزائر في تونس ... اعتداء والتفاف وتعمية

هل قطعت حركة النهضة التونسية حقاً مع الإخوان؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية