حقوق "الإنسان" أم حقوق "الإخوان"؟

حقوق "الإنسان" أم حقوق "الإخوان"؟

حقوق "الإنسان" أم حقوق "الإخوان"؟


28/11/2022

عمرو فاروق

تحمل معظم القرارات التي يصدرها البرلمان الأوروبي ضد الدولة المصرية على مدار السنوات الماضية، طابعاً مسيساً، فضلاً عن اعتمادها على معلومات غير دقيقة وغير موثقة، ومستندة إلى تقارير صادرة عن منظمات حقوقية ومراكز بحثية ومنصات إعلامية ممولة من جماعة "الإخوان المسلمين".

تبنى البيان الأخير للبرلمان الأوروبي، مشروعاً لإدانة الدولة المصرية، ومراجعة العلاقات معها، وفق مغالطات باطلة، من ضمنها الادعاء باستمرار تطبيق حالة الطوارئ في القاهرة منذ عام 2017، رغم إلغائها في تشرين الأول (أكتوبر) 2021، فضلاً عن الزعم بتنفيذ عقوبة الإعدام ضد الأطفال.

وفي ادعاء من دون دليل، ساق تقرير البرلمان الأوروبي، مزاعم عن وجود 65 ألف سجين سياسي في السجون المصرية، متجاهلاً أو متناسياً أن قيادات جماعة "الإخوان" وقواعدها التنظيمية، متهمة في قضايا جنائية (ليست سياسية)، متعلقة بممارسة العنف، وتهديد أمن الدولة واستقرارها والنيل من مؤسساتها، وفق وقائع مسجلة وموثقة بالصوت والصورة.

هل يقبل البرلمان الأوروبي، تحت لافتة حقوق الإنسان، أن تطالب "جامعة الدول العربية"، أو "البرلمان العربي"، بالإفراج المباشر عن شخصيات متورطة في جرائم إرهابية في الداخل الأوروبي، وثبت انتماؤها التنظيمي إلى خلايا مسلحة؟

دفاع البرلمان الأوروبي عن السجناء الجنائيين التابعين لجماعة "الإخوان" وحلفائهم، يمثل سقطة سياسية، وتدخلاً في الشؤون الداخلية للدولة المصرية واختراقاً لسيادتها، ويعد أمراً غير منطقي، في ظل استقلالية السلطة القضائية، وتعدد مراحل محاكمة هذه العناصر أمام دوائر قضائية مختلفة.

اللجان النوعية المسلحة التي أسستها جماعة "الإخوان"، منذ تموز (يوليو) 2013، لم تكن درباً من الخيال، لكنها واقعٌ عاشته الدولة المصرية، من خلال تنفيذ العمليات المسلحة ضد رموز المؤسسات العسكرية والأمنية والقضائية، أمثال المستشار هشام بركات، النائب العام الذي اغتيل بسيارة مفخخة في حزيران (يونيو) 2015، وكذلك اغتيال المقدم محمد مبروك في تشرين الثاني (نوفمبر) 2013، والعميد أركان حرب عادل رجائي، قائد الفرقة التاسعة بالقوات المسلحة في تشرين الأول 2016، ومحاولة اغتيال الدكتور على جمعة في آب (أغسطس) 2016.

احتفاء جماعة "الإخوان" بتقرير البرلمان الأوروبي، في مجمله، ليس دفاعاً عن حقوق الإنسان كقضية مصيرية في ذاتها، لكنه تهليل تغلفه النكاية والتشفي، والنيل من الدولة المصرية ومؤسساتها، لا سيما أن المعلومات الواردة في التقرير تم استياقها من منصات صنعتها الجماعة، بين عامي 2018 و2020، مثل "نحن نسجل"، و"زفرة أسير مصر"، و"المشهد المصري"، و"البوصلة"، و"الاستقلال"، وتركز في مضمونها على تشويه الداخلية المصرية ومصلحة السجون، وقطاع الأمن الوطني.

ليست هذه المرة الأولى التي يتبنى فيها البرلمان الأوروبي قراراً ضد القاهرة، إذ صوّت في كانون الأول (ديسمبر) 2020، على مشروع قرار ينتقد الشأن المصري، ما يوثق حجم العلاقة بين جماعة "الإخوان" ودوائر صنع القرار السياسي الغربي، في ظل الاستماع إلى مطالبها والاطلاع على ملفاتها التي تروّج كذباً لظاهرة "الاختفاء القسري"، التي ثبت تلفيقها في ظل انتماء معظم الحالات إلى خلايا تابعة لتنظيمات "داعش"، و"القاعدة"، و"جبهة النصرة" في سوريا والعراق وليبيا.

تجاهَل تقرير البرلمان الأوروبي الخطوات الواقعية التي تتخذها الدولة المصرية تجاه تحسين مسارات حقوق الإنسان، مثل إطلاق "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان" في أيلول (سبتمبر) 2021، وشملت الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وحقوق الإنسان للمرأة والطفل وذوي الإعاقة والشباب وكبار السن، والتثقيف وبناء القدرات.

نظراً إلى التأثير البالغ في التوظيف السياسي للملفات الحقوقية، عمدت جماعة "الإخوان" إلى تأسيس عشرات المنظمات والمؤسسات المدنية التي تتبنى تدويل القضايا المتعلقة بشوؤن مشروعها الفكري والتنظيمي، بين الدوائر السياسية الغربية، وصنعت منه ورقة ضغط سياسي على الدولة المصرية، التي عانت على مدار ثماني سنوات من جرائم العنف المسلح.

امتلكت جماعة "الإخوان" ما يزيد على 150 منظمة حقوقية تعمل ما بين أوروبا والولايات المتحدة، وخصصت لتمويلها ملايين الدولارات، مثل "منظمة السلام الدولية"، و"مركز الشهاب"، و"المصريون في الخارج من أجل الديموقراطية"، ومقارها في لندن، و"الائتلاف العالمي للحقوق والحريات"، ومقاره في جنيف وباريس وواشنطن ولندن، و"المصريون الأميركيون للديموقراطية"، ومقرها واشنطن، و"المركز الدولي للعدالة" ومقره نيويورك. فضلاً عن"منظمة "ليبرتي" في لندن، التي يديرها عزام التميمي، و"هيومن رايتس مونيتور" في لندن، و"منظمة أفدي الدولية" في بروكسل، و"الائتلاف الأوروبي لحقوق الإنسان" في باريس.

يضاف إلى ذلك "المنبر المصري" الذي تم تأسيسه عام 2019، وتضم لجنته التنفيذية محمد سلطان، المتهم في القضية المعروفة بـ"غرفة عمليات رابعة"، وتم الإفراج عنه في منتصف عام 2015، بعدما تنازل عن الجنسية المصرية، فضلاً عن بهي الدين حسن، مدير "مركز القاهرة لدراسات حقوق اﻹنسان"، المعروف بهجومه المستمر على الدولة المصرية من الخارج، وأحد المتهمين في القضية الرقم (173) لسنة 2011، والمعروفة بقضية "التمويل الأجنبي".

اعتاد ممثلو جماعة "الإخوان" في الخارج عقد لقاءات متكررة للضغط على الدولة المصرية، في مركز "كارتر للسلام" في ولاية جورجيا الأميركية، بحضور كل من نورمان فلكنشتاين، المحاضر الأميركي المعروف، وميديا بنجامين، الناشطة الحقوقية الأميركية، ومليسا تيرنر، رئيسة تحرير مجلة "BE"، وبراين جويز، مذيع راديو "شتانوغا"، وديانا ماثيويتس، منسقة "المركز الدولي للعمل الحقوقي".

كما عقدوا عشرات اللقاءات الخاصة مع منظمات حقوقية دولية أمثال "فريدوم هاوس"، ومنظمة "العدل والتنمية التركية"، و"منظمة العفو الدولية"، و"هيومان رايتس مونيتور"، و"هيومن رايتس ووتش".

عن "النهار العربي"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية