حماس.. وأكثر من علامة استفهام

حماس.. وأكثر من علامة استفهام

حماس.. وأكثر من علامة استفهام


08/05/2024

خالد حريب

عاداتنا العربية وثقافتنا السياسية تمنعنا من إبداء وجهات النظر فترة الحرب، تعلمنا أنه لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، وهكذا ذهبنا جميعاً مع معركة غزة دعماً ومساندة، سواء على المستوى الرسمي المصري أو على مستوى الشارع.

رسمياً يمكن القول إن مؤسسة الرئاسة المصرية وجهاز المخابرات المصرية ووزارة الخارجية كادوا أن يتفرغوا تماماً لصد العدوان الإسرائيلي وحماية شعب غزة، منذ صباح السابع من أكتوبر (تشرين الأول) وشغلنا الشاغل هو وقف حمام الدم الذي شهدناه في هذه الحرب الملعونة.

وعلى المستوى الشعبي لا يخفى على أحد مشهد القوافل الممتدة من حدود القاهرة حتى مدخل منفذ رفح بالغذاء والكساء والدواء، هذا واجبنا ونقوم به في صمت مدهش، نستقبل وفود حماس ونسافر إلى تل أبيب نطرح المبادرة تلو الأخرى من أجل هدنة مؤقتة يستريح فيها الجريح وتُنقَذ أرواح بريئة محاصرة بين موت وموت.
الجولة الأخيرة من مفاوضات الهدنة والتي انعقدت بالقاهرة شهدت أعجب تصرف يمكن لفصيل سياسي أن يقوم به، وبينما كان الاتفاق على الطاولة جاهزاً للتوقيع، رأينا قصفاً على معبر كرم أبوسالم تبنته حماس في غرور ثم غادرت القاهرة ولم يوقع أحد.

أنظار الغزاوية التي كانت مصوبة نحو القاهرة حالمة بإنهاء المعاناة، عادت حزينة ومكسورة، أما النازحون في رفح الفلسطينية فقد سلموا أمرهم إلى الله منتظرين أمراً كان مفعولاً.

في هذه الصورة الغائمة لم يعد الصمت ممكناً، وصار من الواجب المكاشفة كسراً لثقافة لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، وننقل هنا عن مسؤولين كبار في السلطة الفلسطينية منهم وزراء سابقون وكذلك الدكتور محمود الهباش مستشار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، فماذا يقولون؟ يقول الهباش في حوار له مع قناة العربية: "حماس صنعت الانقسام وقدمت ذريعة مجانية للاحتلال للتهرب من التزاماته مع منظمة التحرير.. وأولويتنا الآن وقف العدوان وحماية شعبنا".

وإذا كان صوت الهباش يبدو متوازناً فقد استمعنا إلى أصوات فلسطينية أكثر وضوحاً من الهباش وصلت بعض هذه الأصوات للمطالبة بمحاكمة قادة حماس، بعد أن تحط الحرب أوزارها باعتبارهم مسؤولين بشكل أو بآخر عن استشهاد ما يقرب من 35 ألف فلسطيني في حرب لم يتخذ الشعب قرار خوضها، ولكن خاضتها حماس منفردة ودون مشاورة أي طرف فلسطيني.

هنا بالتحديد سوف تعلو الأصوات لكي تبتز المختلف مع سياسات حماس وسوف تكال عليه الاتهامات ابتداء من الجهل وصولاً للعمالة، هذا هو حالنا العربي وثقافتنا السياسية التي جعلتنا في آخر صفوف العالم نتسول الدعم والمساندة.

وبالمقارنة نرى الشارع الإسرائيلي وهو يغلي بين تظاهرات واعتصامات مطالبين بعودة الرهائن، يضغط الشارع الإسرائيلي على حكومته بينما جيشهم في الميدان ولم نسمع صوتاً من هناك يصف المتظاهرين بالخونة أو العملاء، ولم يصعد قائد إسرائيلي ليعلن أنه لا صوت يعلو فوق صوت المعركة.

في تقديري أننا لن نربح حرب غزة إلا إذا ارتفع صوتنا وقت المعركة نرصد مخاوفنا ونتساءل عن التفاصيل، ما الذي تريده حماس بالضبط، هل هي تتفاوض دفاعاً عن مستقبل حماس السياسي؟ أم دفاعاً عن أرواح قادة حماس؟ هل حماس معنية بشكل حقيقي بالديمقراطية وحقوق المواطن الغزاوي؟  أم أن حماس ذراع بدون عقل؟ أعرف تماماً مرارة كلماتي ولكن كما قلت في بداية المقال.. لم يعد الصمت ممكناً.. سواء وقعت حماس اتفاق الهدنة أم لم توقع، ستظل حماس في مرمى المحاكمات السياسية طالما يدفع الثمن أبرياء من غزة.

عن "الدستور" المصرية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية