خطر يهدد ملاذ الإخوان الأخير... تعريف بريطاني جديد للإرهاب

خطر يهدد ملاذ الإخوان الأخير... تعريف بريطاني جديد للإرهاب

خطر يهدد ملاذ الإخوان الأخير... تعريف بريطاني جديد للإرهاب


18/03/2024

"المجلس الإسلامي في بريطانيا مرتبط بصورة سرّية بالإخوان المسلمين"، بذلك العنوان خرج تقرير منشور على صفحات (التايمز) عام 2015، وقد اعتمدت (التايمز) على تقرير للحكومة البريطانية يقول إنّ أكبر مؤسسة إسلامية، وأكبر جماعة للطلبة المسلمين في بريطانيا، لهما صلات غير معلنة بجماعة الإخوان المسلمين.

رئيس وزراء بريطانيا في ذلك الوقت ديفيد كاميرون قال تعليقاً على التقرير: "الجماعة لن تحظر في بريطانيا" مستدركاً: "إنّ وجود صلات بها، سينظر إليه بوصفه مؤشراً محتملاً على التطرف".

بيد أنّ ذلك المؤشر تحرك بالفعل لدى الحكومة البريطانية؛ ممّا دفعها الخميس الماضي 14 آذار (مارس) إلى تقديم تعريف حكومي جديد للتطرف يختلف عن سابقه عام 2011. يتمثل في: "ترويج أو تعزيز إيديولوجية تقوم على العنف أو الكراهية والتعصب، تهدف إلى تدمير الحقوق والحريات الأساسية أو تقويض أو استبدال الديمقراطية البرلمانية الليبرالية في بريطانيا، أو خلق بيئة للآخرين عن عمد لإحباط تلك النتائج".

حارس الإخوان يتخلى عن الجماعة

وزير المجتمعات المحلية مايكل غوف حدد بالأسماء منظمات مثل: "الرابطة الإسلامية في لندن"، التابعة لجماعة الإخوان، على اعتبار أنّها تشكّل بارتباطاتها بالإسلام السياسي والجماعات الأصولية ومنها الإخوان خطراً على الديمقراطية.

تحركات بريطانيا جاءت رداً على تواطؤ استمرّ عقوداً بينها وبين جماعات الإسلام السياسي، سمح لها بالعمل بكل حرية داخل أراضيها، دون الوضع في الاعتبار صلات تلك الجماعات بالعنف الذي ضرب الشرق الأوسط والعالم، مستفيدة من مكاسب وجود تلك الجماعات على أراضيها.

رئيس وزراء بريطانيا السابق ديفيد كاميرون

أكد ذلك بعض الوثائق البريطانية السرّية المفرج عنها عام 2019، والتي كشفت أنّ بريطانيا استغلت شعبية وتأثير جماعة الإخوان المسلمين لشن حروب نفسية ودعائية سرّية على أعدائها، من أمثال الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر، خلال العقد السابع من القرن الماضي.

وحسب الوثائق، فقد روّجت بريطانيا منشورات تحمل اسم الجماعة تهاجم فيها بقسوة سلوك الجيش المصري خلال وجوده في اليمن، الذي كان ساحة للصراع بين نظام عبد الناصر الجمهوري الجديد من جانب، وبريطانيا الاستعمارية من جانب آخر.

وركز أحد المنشورات على أنّ الجيش المصري "استخدم أسلحة السوفييت الشيوعيين في قتل اليمنيين المسلمين". ووصف المصريين بأنّهم "كفرة وأبشع من النازيين".

الإخوان صنيعة المخابرات البريطانية

العلاقة بين المخابرات البريطانية وتنظيم الإخوان المسلمين ليست وليدة الحرب اليمنية؛ فالبداية كانت مع صعود نفوذ الإخوان في مصر ثلاثينيات القرن الماضي، ممّا دفع بريطانيا إلى تمويل تأسيس أول مركز عام للجماعة في مدينة الإسماعيلية؛ فطبقاً لما أورده مهندس تأميم قناة السويس مصطفى حفناوي في مذكراته التي نُشرت باللغة الفرنسية قبل (5) أعوام، ذكر أنّه لم يجد أيّ إشارة في جميع ملفات قناة السويس إلى تبرع الهيئة للجماعة كما أورد حسن البنا في مذكراته، والمبلغ كان كبيراً بتقديرات ذلك الوقت؛ فمن أين حصل عليه؟ حقيقة أكدها المؤرخ والصحفي البريطاني مارك كورتيس في كتابه المهم: "التاريخ السرّي لتآمر بريطانيا مع الأصوليين".

 

تحركات بريطانيا جاءت ردّاً على تواطؤ استمرّ عقوداً بينها وبين جماعات الإسلام السياسي.

 

يقول كورتيس في كتابه: "في بداية الأمر انتهجت بريطانيا استراتيجية قمعية ضد جماعة الإخوان، خاصة بعد تحالفها مع القوى السياسية الأخرى، ولكن في الأربعينيات، ومع مهادنة حكومة فاروق لحسن البنا، بدأت بريطانيا في تمويل جماعة الإخوان".

توسع إخوان بريطانيا في مسألة تدشين منظمات مجتمع مدني ومؤسسات حقوقية داعمة للتنظيم بعد عام 2013 على خلفية ثورة حزيران (يونيو) 2013، والتي انتهت بخلع الإخوان من حكم مصر، وعملت تلك المؤسسات أيضاً تحت عين الحكومة البريطانية، أبرزها "منظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان- لندن"، ويديرها الإخواني علاء عبد المنصف، وتعمل على تدويل القضايا المتهم ‏فيها الإخوان وتحويلها إلى قضايا حقوقية"، و"مركز الشهاب لحقوق الإنسان ـ لندن"، يديره الإخواني خلف بيومي، محامي إخوان الإسكندرية والمقيم في لندن ‏حالياً، وهي ‏مؤسسة تعمل على دعم سجناء التنظيمات الإرهابية.

مارك كورتيس: في الأربعينيات ومع مهادنة حكومة فاروق لحسن البنا بدأت بريطانيا في تمويل جماعة الإخوان

ومنها أيضاً: منظمة (ليبرتي) بلندن، ويديرها عزام التميمي، عضو التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، وهي ‏المسؤولة ‏عن عمليات تقديم الإخوان وأفكارهم للمجتمع البريطاني منذ ‏التسعينيات‏، و(هيومان رايتس مونيتور ـ لندن)، وتديرها الإخوانية سلمى أشرف عبد الغفار، وهي ابنة القيادي الإخواني ‏المدان في ‏قضية التنظيم الدولي والاستعراض القتالي لشباب الجماعة ‏الإرهابية بجامعة الأزهر ‏أشرف عبد الغفار‏.

العيون الـ (5) الاستخبارية

تحوّل بريطانيا الأخير وانضمامها إلى دول أوروبية سابقة أخذت موقفاً رافضاً لإرهاب الإخوان يثير التساؤلات في مدى صدقه، أو جديته بمعنى أدق. مع الوضع في الاعتبار أنّها ليست المرة الأولى التي تلوح فيها بريطانيا بورقة الإرهاب عند الحديث عن أذرع الإخوان في لندن.

الكاتب الصحفي هاني عبد الله، مؤلف كتاب "كعبة الجواسيس ـ الوثائق السرّية لتنظيم الإخوان الدولي"، يرى أنّ محاولة تحليل قرارات بريطانيا الأخيرة تحتاج إلى الحديث أوّلاً عن اتفاق العيون الـ (5) الاستخباري؛ والذي يمثل ترتيباً للتشارك في المعلومات الاستخبارية بين (5) دول ناطقة بالإنجليزية ذات أنظمة ديمقراطية؛ هي: الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا.

 

بريطانيا استغلت شعبية وتأثير جماعة الإخوان المسلمين لشن حروب نفسية ودعائية سرّية على أعدائها.

 

ويضيف هاني عبد الله في تصريح لموقع (حفريات): "وقد طُوّر هذا التحالف خلال فترة الحرب الباردة بوصفه آلية لمراقبة الاتحاد السوفييتي وتبادل المعلومات الاستخبارية السرّية. ويُوصف عادة بأنّه أكثر التحالفات الاستخبارية في العالم نجاحاً.

ويلفت هاني عبد الله إلى أنّ مبرر وجود العيون الـ (5) عاد إلى الواجهة مرة أخرى بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر)، وتفجير برج التجارة العالمي، ممّا استدعى خطراً جديداً بعد زوال الخطر السوفييتي، موضحاً: "بالتالي يجب قراءة أيّ قرار بريطاني في سياق ذلك التحالف".

ويتوقع هاني عبد الله أن تخرج قرارات داعمة في الأيام المقبلة عن بقية دول العيون الـ (5) في سبيل الضغط على جماعة الإخوان بشكل خاص على خلفية الأحداث في غزة، "وهو ما يُعدّ مسألة شديدة الحساسية والالتباس للعلاقة التاريخية بين المخابرات البريطانية ونشأة تنظيم الإخوان وتوظيفه لتحقيق المصالح البريطانية في منطقة الشرق الأوسط".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية