خفايا تلميع قادة حماس في أروقة الموساد

خفايا تلميع قادة حماس في أروقة الموساد

خفايا تلميع قادة حماس في أروقة الموساد


07/09/2023

حميد قرمان

تماما.. وكالمعتاد ذهبت أجهزة الاستخبارات والأمن الإسرائيلية في تقديم شهادات حُسن النضال والوطنية لشخصيات قيادية حمساوية تتقاطع مصالحها معها في استمرار حالة الفوضى والعنف في مناطق الضفة الغربية. فكلا اليمينين الإسرائيلي والفلسطيني يريد رفع وتيرة الأعمال المسلحة لتحقيق أهدافه؛ فالأول يريد شعبا بلا كيانية سياسية (السلطة الفلسطينية) كي لا تجبره على التفاوض للوصول إلى حل سياسي كمطلب دولي متمثل بحل الدولتين، والثاني يريد حكم أمر واقع غير مكلف.. كالقائم في غزة حاليا ليخدم به أجندات ومصالح إقليمية في المنطقة.

الحقيقة أن هذا المقال ليس للمناكفة السياسية كما سيسوقه البعض بل لربط المواضيع بتسلسل منطقي لتنتج عنها صورة كاملة تدرك من خلالها شرائح من الشعب الفلسطيني أنها ضحية لعبة استخباراتية إسرائيلية أعيد إنتاجها مرارا وتكرارا.  فقضية الاغتيالات التي تعرض لها قادة في حماس أصبحت عليها علامات استفهام في مراجعة تاريخية لسياق واقع حماس التنظيمي، خاصة بعد أن سمحت هذه الاغتيالات لبعض الشخصيات الثانوية في الحركة بتبوؤ مناصب الصف الأول داخلها. فاغتيال الشيخ أحمد ياسين والدكتور عبدالعزيز الرنتيسي سمح لإسماعيل هنية بأن يكون مسؤول حماس الأول في غزة، والذي دفع بانقلاب في قطاع غزة خدم بالمقام الأول أهداف اليمين الإسرائيلي المتطرف.

وليس هذا فقط، نرى أن اغتيال سعيد صيام بعد أن نجح بتشكيل القوة التنفيذية التابعة لما كان يعرف بداخلية حماس، ليأتي من بعده فتحي حماد الذي ابتلع غزة ليكون الاقتصادي والصناعي الأول في غزة بعد أن أجبر تجارها وصناعها على الدخول معه وزمرته في شراكات اقتصادية وتجارية، فضرب بذات جميع من كان يمتلك نفوذا اقتصاديا في القطاع بحجر الضائقة المالية، وبرضاء ومباركة من إسماعيل هنية وأبنائه ليأتي فيما بعد إبراهيم السنوار ويستولي على كل أملاكهم ويطردهم جميعا خارج القطاع.

وحتى إبراهيم السنوار، ليس بعيدا عن الصناعة الاستخباراتية الإسرائيلية، حيث خرج من السجن الإسرائيلي ليكون رئيسا لحماس في غزة، ليبرع في تنفيذ مخطط إسرائيلي عنوانه العريض: تقييد قطاع غزة  وإخراجه من دائرة المواجهة مع إسرائيل مقابل تحسينات حياتية ومعيشية تنحصر فقط في أموال شهرية تأتي بعد موافقة أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، وزيادة بتصاريح العمل داخل إسرائيل لسكان القطاع، ليكون قطاع غزة بعصر السنوار وأعوانه عبارة عن سوق كبير لتصريف البضائع الإسرائيلية بعد أن كان حقل تجارب لشركات تصنيع الأسلحة والمعدات الإسرائيلية في عهد إسماعيل هنية وأعوانه، والتي جعلت دولة إسرائيل في مصاف الدول المتقدمة في هذا المجال بعد أن طورتها بفضل الحروب التي خاضتها في قطاع غزة.

اليوم، تبدأ مرحلة تلميع صالح العاروري ومن رأس اليمين المتطرف بنيامين نتنياهو كمكافأة له على الدور الذي قاده ويقوده في الضفة الغربية. الساحة التي عانت من تهميش لسنوات كثيرة من قبل قادة حماس كافة، ليحولها صالح العاروري راعي العمل المسلح حاليا داخل الحركة بدعم إيراني وبغطاء أمني إسرائيلي ممنهج، لتكون ساحة المواجهة الأولى يتم من خلالها تنفيذ أجندات إيرانية تتقاطع مع ما يرمي إليه اليمين المتطرف الإسرائيلي بخلق موجات فوضى مسلحة ذات وتيرة عنف منضبطة في أرجاء الضفة الغربية تساعد في هدم الكيانية السياسية الفلسطينية وأجهزتها الحكومية والأمنية، لتصبح مناطق معزولة – كنتونات – تسيطر عليها جماعات موالية لقيادات حماس في الخارج، لتبيع من خلالها الدم الفلسطيني في سوق النخاسة السياسي لمن يدفع أكثر.

عن "العرب" اللندنية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية