خلافات الإخوان تحتدم على خلفية تصريحات الجزار... ما التفاصيل؟

خلافات الإخوان تحتدم على خلفية تصريحات الجزار... ما التفاصيل؟

خلافات الإخوان تحتدم على خلفية تصريحات الجزار... ما التفاصيل؟


01/10/2023

كالنار في الهشيم توغلت حالة الغضب داخل تنظيم الإخوان، جراء التصريحات التي أدلى بها مسؤول المكتب السياسي للجماعة حلمي الجزار قبل أسبوعين، بخصوص رغبة الإخوان في اعتزال العمل السياسي في مصر مقابل المصالحة والعودة. 

ظهور الجزار الغائب عن الإعلام والتصريحات منذ (10) أعوام، وإن كان لم يأتِ بجديد، فكلّ ما صرح به أعلنه القائم بأعمال المرشد إبراهيم منير قبل وفاته، لكنّه أثار عاصفة جدل بين مؤيد ومعارض داخل التنظيم المنقسم فعلياً إلى (3) جماعات، فقد أعلنت جبهة إسطنبول رفضها القاطع لجملة التصريحات، وكذلك عارضت قيادات بارزة داخل جبهة لندن، التي ينتمي إليها الجزار، كل ما جاء في اللقاء، واعتبروه "رأياً شخصياً" لا يُعبّر عن توجهات الجماعة. 

تعميق الخلافات

ثارت ردود الفعل الغاضبة على تصريحات الجزار داخل التنظيم بعد ساعات قليلة من إذاعته، وقالت جبهة إسطنبول التي يقودها محمود حسين، عضو مكتب الإرشاد الوحيد خارج السجون، والقائم بأعمال المرشد في الجبهة، في بيان: إنّ الرؤية التي أعلنها حلمي الجزار تُعبّر عن قناعاته الشخصية، ولا تعكس وجهة نظر الجماعة التي تمضي في مشروعها السياسي، وتعتبره جزءاً أصيلاً من مشروعها العام.

ونشرت مواقع تابعة للجماعة سلسلة مقالات لكُتّاب إخوان هاجموا الطرح الذي تقدم به الجزار، منها ما نشره موقع (إخوان أون لاين) للكاتب شعبان عبد الرحمن، قال فيه: إنّ الجزار "تنازل عن ثوابت وحقوق، وأهان جماعته ومن حوله بعبارات التودد والانبطاح والاستسلام للآخرين دون مراعاة لكرامة من خرج ليتحدث باسمهم، وفي الوقت نفسه بدا مغواراً شاهراً سيفه على جماعته التي احتضنته وقدمته للعمل العام، وكان يحمل عضوية أعلى هيئة فيها (مجلس الشورى العام)،  فانضم بذلك ـ في موقف يوضع في ميزان الأصالة والوفاء ـ إلى كل السيوف المشهرة من منصات السياسة والإعلام التي لا تتوقف عن تزييف الواقع، وتتجاوز كل حدود العقل والمنطق، مقدماً تنازلات مجانية من قبيل: مستعدون للحوار، والاتفاق مع النظام من أجل "مصلحة الوطن"...، أيّ وطن يا رجل؟ ودون المطالبة صراحة بالإفراج عن المعتقلين، حتى ولو النساء والأطفال والمرضى وكبار السن، بل "تسوية الملف"، وهذا آخر ما عنده!".

القيادي الإخواني أحمد عبد العزيز

وفي السياق، كتب القيادي الإخواني أحمد عبد العزيز، رئيس ما يُسمّى بـ (رابطة الإعلاميين المصريين بالخارج)، عبر صفحته على (فيسبوك)، منتقداً تصريحات حلمي الجزار، يقول: "خطاب الدكتور الجزار، في مجمله، يجافي الفطرة الإنسانية ويصطدم بها، فالإنسان مجبول على الاستجابة للمؤثرات: يغضب للإهانة، ويذود عن العِرض والشرف، ويثأر للدم، ويردّ العدوان بمثله، ولا يتسامح مع سارقه... إلخ. ثم جاء الدين ليضع إطاراً حقوقياً وميزاناً اجتماعياً لكل ذلك، حتى لا يجور المظلوم على الظالم، فيأخذ أكثر من حقه، وحتى يردع الباغي، فلا يسلب ما ليس له".

لماذا يثير الجزار حفظية إخوانه؟ 

يرى الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي والإرهاب عبد الخالق بدران أنّ الجدل المُثار حول حلمي الجزار وحالة الغضب التي سيطرت على قيادات التنظيم، والتي بدت واضحة في ردود الفعل المباشرة والواضحة، تتعلق بحساسية المنصب الذي يتقلده الجزار داخل الجماعة، فضلاً عن أهمية التوقيت الذي تخرج فيه مثل هذه التصريحات للعلن تزامناً مع تحولات مرتقبة في المشهد السياسي المصري. 

ويقول بدران لـ (حفريات): إنّ الجزار يمثل القيادة التنفيذية الأهم داخل الجماعة، خصوصاً جبهة لندن، باعتباره رئيس المكتب السياسي، ونائب القائم بأعمال المرشد العام صلاح عبد الحق، خاصة أنّ الأخير ليس قيادة تنظيمية أو كادراً سياسياً، فهو أقرب إلى الجانب الدعوي، الأمر الذي عزز قدرة الجزار على إدارة شؤون التنظيم والإمساك بزمام الأمور وتقدم القيادة. 

عبد الخالق بدران: الجدل المُثار حول حلمي الجزار وحالة الغضب التي سيطرت على قيادات التنظيم، والتي بدت واضحة في ردود الفعل المباشرة والواضحة، تتعلق بحساسية المنصب الذي يتقلده الجزار داخل الجماعة، فضلاً عن أهمية التوقيت الذي تخرج فيه مثل هذه التصريحات

أيضاً يلقى الجزار قدراً من القبول لدى قواعد التنظيم، ويُعتبر معبّراً عن الرسائل الرسمية للإخوان، ولا يمكن اعتبار ما يصدر عنه مجرد تصريحات أو رؤى شخصية، لكنّها تعبير وإفصاح عن السياسات المستقبلية للإخوان، ولعل الرسالة الأبرز تتعلق بالتنازل عن العمل السياسي، أو أنّ الجماعة مستعدة للتضحية بأيّ شيء مقابل استمرار التنظيم. 

ربما ما أزعج الإخوان، بحسب بدران، يتعلق بالاعتراف الضمني بالأزمة التي تمر بها الجماعة، وإعلان التخلي عن أيّ أهداف مقابل الإبقاء على التنظيم، وحفظه من الانهيار والاندثار بشكل نهائي، بما في ذلك اعتزال العمل السياسي داخل مصر والاكتفاء بتفاهمات محدودة حول أحوال المعتقلين، كما لم يهاجم الجزار السلطات الحالية في مصر، بل قدّم اعترافاً بشرعيتها، وهذا الاعتراف يثير بلا شك حفيظة قطاع كبير داخل التنظيم. 

لا يمكن اعتبار رسائل الجزار وجهة نظر شخصية، لكنّها رسائل رسمية للداخل المصري وأيضاً لقواعد التنظيم، لما تخطط له جبهة لندن في المستقبل القريب، وبحسب المعلومات المتاحة حصل الجزار على دعم شخصيات بارزة داخل التنظيم الدولي، ورغم حالة الجدل داخل التنظيم إلا أنّهم يترقبون في الوقت الراهن استجابة السلطات المصرية للطرح المقدم من الجزار، على حدّ قول بدران. 

انعكاسات الصراع على الداخل التنظيمي

يرى الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي والإرهاب منير أديب أنّ حديث الجزار أعاد خلافات التنظيم إلى السطح مجدداً، وكشف عن انهيار بنيته وتصدع هيكله. 

يرى الباحث منير أديب أنّ حديث الجزار أعاد خلافات التنظيم إلى السطح مجدداً وكشف عن انهيار بنيته وتصدع هيكله 

ويقول منير في مقاله المنشور عبر موقع (النهار العربي): "صمت الجزار دهراً بدعوى "أن نجتمع على كلمة سواء"، وعندما نطق، نطق كفراً حول الجبهة المتصارعة معه، فقلل من قيمتها وسفّهها، والأخطر أنّه طعنها بخنجر في ظهرها، إذ قال كلاماً ينسف منطقها، وهو إعادة لما سبق أن أعلنه الراحل إبراهيم منير، وهو اعتزال الإخوان العمل السياسي، واصفاً ذلك بأنّه تمت مناقشته داخل أروقة الجماعة، وأنّه قرار مؤسسي، بينما جبهة محمود حسين ترفع شعار القصاص، ولعل قادتها يقدّمون أنفسهم لأعضاء التنظيم من هذه الزاوية.

منير أديب: تجدد الخلاف، ما يحدث داخل التنظيم ليس مجرد خلاف! الحديث ليس عن تجدده، ولكنّه عن أهميته ودلالاته، وليس في تأثيره فقط؛ صحيح نحن نتحدث عن جماعة منهارة داخلياً، ولكنّنا نتحدث بالأهم عن دلائل هذا الصراع الذي يدل على تفكك الفكرة المؤسسة للتنظيم

ويضيف: "هذا ما دفع جبهة محمود حسين لأن تخرج ببيان تعلن فيه موقفها من الانتخابات الرئاسية في مصر، ومن سجن أتباعها، ومن خلافها مع جبهة الإخوان الأخرى، ولكنّ الإعلان يبدو مباشراً وواضحاً، فقد جاء فيه أنّ ما طرح تحت عنوان رؤية الجماعة السياسية للمشهد الجاري في مصر لا تعبّر إلا عن رؤية صاحبها، وهنا قصد بيان الإخوان الذي طرحه حلمي الجزار، مسؤول المكتب السياسي للجماعة".    

ويتابع أديب: "تجدد الخلاف، بل دعونا نستخدم المصطلح الأدق وهو طفو الصراع، فما يحدث داخل التنظيم ليس مجرد خلاف! الحديث ليس عن تجدده، ولكنّه عن أهميته ودلالاته، وليس في تأثيره فقط؛ صحيح نحن نتحدث عن جماعة منهارة داخلياً، ولكنّنا نتحدث بالأهم عن دلائل هذا الصراع الذي يدل على تفكك الفكرة المؤسسة للتنظيم، بل تفكك التنظيم نفسه، وهذا التفكك بدأ من داخل هذا الكيان، ولكنّه يحتاج إلى عوامل مساعدة من خارجه حتى يصبح التنظيم مجرد سطر في كتب التاريخ، يقرأ الناس عنه كما يقرؤون الآن عن جماعات الخوارج والمعتزلة".

مواضيع ذات صلة:

مراجعات الإخوان... هل تشفع لهم عند المصريين؟

كيف تسلّلت الإسلاموية إلى مصر؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية