دعم إسلام أباد لطالبان يقوّض مكاسب باكستان في مكافحة الإرهاب

دعم إسلام أباد لطالبان يقوّض مكاسب باكستان في مكافحة الإرهاب

دعم إسلام أباد لطالبان يقوّض مكاسب باكستان في مكافحة الإرهاب


20/02/2023

زاهد شهاب أحمد

أدى استيلاء طالبان على أفغانستان في أغسطس 2021 إلى تقليص نفوذ الهند في الدولة، وهو ما مثل في البداية تطورًا إيجابيًا لباكستان. غير أن باكستان شهدت، في العام الفائت، ارتفاعًا كبيرًا في العمليات الإرهابية، ولا سيّما عودة ظهور الجماعة الإرهابية البارزة المناهضة لباكستان، حركة طالبان باكستان.

بالنظر إلى روابط حركة طالبان الباكستانية مع حركة طالبان الأفغانية، ووجود الآلاف من أعضائها في أفغانستان، تركِّز هذه المقالة على كيفية تعامل إسلام أباد مع “النسخة الثانية” من إمارة أفغانستان الإسلامية لمعالجة مشكلة الإرهاب.

الجدير بالذكر أن القوات الدولية بدأت انسحابها خلال النصف الأول من عام 2021، إثر اتفاق السلام المبرم بين الولايات المتحدة وحركة طالبان الأفغانية. حدث هذا دون تسوية سلمية بين طالبان وإدارة أشرف غني. وبينما كانت القوات الدولية تنسحب، بدأت طالبان تدريجيًّا في الاستيلاء على الأراضي الأفغانية، وسيطرت في النهاية على البلاد، دون أي مقاومة كبيرة باستثناء مقاطعة بنجشير.

وفي حين تعرّضت باكستان لإدانةٍ عالمية بسبب مساعدتها لطالبان على العودة إلى السلطة، لم يكن أمام إسلام أباد خيار سوى الاستمرار في التعامل مع النسخة الثانية من حكم طالبان لأفغانستان. حاليًا، تشعر إسلام أباد بالقلق إزاء الأزمة الإنسانية المتنامية التي تسببت في امتدادها إلى باكستان، وتضغط إقليميًا وعالميًا من أجل تقديم المزيد من المساعدات الإنسانية إلى أفغانستان. وقد استجاب العديد من الدول للنداء، بما في ذلك الهند والصين. في الواقع، سمحت إسلام أباد بنقل المساعدات الهندية عبر باكستان إلى أفغانستان.

إضافة إلى ذلك، توجد تحديات على الجبهة الدبلوماسية. فبينما حافظت باكستان على وجودها الدبلوماسي في أفغانستان، قررت عدم الاعتراف رسميًا بإمارة أفغانستان الإسلامية الجديدة. تعاون باكستان مع حركة طالبان الأفغانية جعلها في مرمى الانتقادات، وإن كان هناك دولٌ أخرى تتعامل أيضًا مع طالبان، خاصة الصين.

على الرغم من اعتبار طالبان حكومة صديقة في باكستان، فلا يمكن إنكار حقيقة أنها تضمر مشاعر معادية لباكستان. حركة طالبان الأفغانية تعارض ترسيم خط دوراند، ولذلك تقاوم تسييج حدودها مع باكستان. وقد وقع حادث أقدم فيه مسؤول من طالبان على إزالة العلم الباكستاني من شاحنة تحمل مساعداتٍ إنسانية قادمة من باكستان. هذا يدل على أن العلاقة بين طالبان الأفغانية وباكستان ليست خالية من المتاعب، ولكن على الأخيرة التعامل مع الأولى لمعالجة مشكلة الإرهاب المتنامية.

العلاقة بين الحركتين

في ضوء هذه الخلفية، ومنذ استيلاء حركة طالبان الأفغانية على السلطة، تفاقمت المشكلات الأمنية في باكستان. إن نجاح باكستان في مكافحة الإرهاب لم يكن سهلًا. ففي حين شهدت إسلام أباد انخفاضًا كبيرًا في العمليات الإرهابية في العقد الماضي، فإن استيلاء طالبان على السلطة في البلد المجاور يهدد الآن هذه المكاسب. معلوم أن حركة طالبان الأفغانية تقيم علاقة مع نظيرتها الباكستانية. علاوة على هذا، فهناك مخاطر مرتبطة بولاية خراسان التابعة لتنظيم داعش داخل باكستان.

منذ إنشاء حركة طالبان باكستان في عام 2007، شاركت في هجماتٍ إرهابية في باكستان. ونتيجة لعمليات الجيش الباكستاني، لجأ أكثر من 6,000 إرهابي من طالبان الباكستانية إلى أفغانستان. وتتضح علاقة حركة طالبان الباكستانية بنظيرتها الأفغانية، حيث أطلقت الأخيرة سراح العديد من سجناء الحركة من السجون الأفغانية أثناء استيلائها على أفغانستان.

استخدمت باكستان مجموعة متنوعة من التكتيكات لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف منذ عام 2001. ولم تعالج باكستان الأسباب الأساسية للإرهاب -مثل التشدد والتطرف- معالجة كافية على الرغم من قدرتها على تقليص تأثير العديد من المنظمات الإرهابية، مثل حركة طالبان باكستان، إلى أدنى حد ممكن.

وهناك مخاوف في باكستان من أن فوز طالبان في أفغانستان قد يدفع الإسلامويين الباكستانيين إلى الدعوة إلى التطبيق الكامل للشريعة. ووفقًا للكاتبة والمحللة السياسية عائشة صديقة، فإن استيلاء طالبان على السلطة “سيجرّئ جميع الفصائل الدينية المتطرفة في باكستان”. والواقع أن الإسلامويين في باكستان أعربوا بالفعل عن حماسهم لانتصار طالبان، وأرسلوا لهم رسائل تهنئة.

علاوة على ما سبق، لوحظ تزايد نشاط حركة طالبان الباكستانية في باكستان -في شكل جمع الأموال والتجنيد والهجمات- منذ أغسطس 2021. ولم تعد عمليات الحركة تقتصر على المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية سابقًا. ذلك أنها تجمع الأموال عبر الابتزاز في بيشاور، عاصمة خيبر باختونخوا.

وقد عارضت الحركة كلًا من تسييج خط دوراند، وضم خيبر باختونخوا للمناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية. وسَّعَت الحركة الإرهابية هجماتها ضد مجموعةٍ متنوعة من الأهداف في باكستان. ومنذ أغسطس 2021، كثّفت تنظيمات أخرى، بما في ذلك ولاية خراسان- داعش، من نشاطها. ويتجلى هذا النمط أيضًا في البيانات الشهرية المتعلقة بالحوادث الإرهابية. انظر الجدول التالي الذي يعرض البيانات المستقاة من موقع “بوابة الإرهاب في جنوب آسيا”.

عن "عين أوروبية على التطرف"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية