ذعر فرنسي يحول حشرة "بق الفراش" إلى قضية دولة.. والمغرب والجزائر تستنفران

ذعر فرنسي يحول حشرة "بق الفراش" إلى قضية دولة.. والمغرب والجزائر تستنفران

ذعر فرنسي يحول حشرة "بق الفراش" إلى قضية دولة.. والمغرب والجزائر تستنفران


08/10/2023

أثار انتشار "بق الفراش" خلال الأيام القليلة الماضية في الأماكن العامة في باريس حالة من الذعر في الشارع الفرنسي، بالإضافة إلى الجدال السياسي في البرلمان الفرنسي لمواجهة وكبح الانتشار غير المسبوق لهذه الحشرات.

وأظهرت بعض الصور انتشار البق في القطارات والسينما، وكثرت البلاغات عن هذه الحشرات الماصة للدماء، لكنّ السلطات أكدت أنّها لا تعبّر عن الحجم الفعليّ للظاهرة، إذ تفاقمت الضجة بفعل تداول الأخبار في شأنها على شبكات التواصل الاجتماعي، مع اقتراب دورة الألعاب الأولمبية 2024.

هلع فرنسي

أصبح تفشي هذه الحشرة الطفيلية آفة عامة، وانتقلت من الأماكن الخاصة إلى الفضاءات العامة، كمحطات المترو والمدارس والمؤسسات السياحية، وقد ظهر الذعر جلياً في خلوّ الفصول الدراسية من التلاميذ، وامتناع مستخدمي وسائل النقل العام عن الجلوس، ومن مظاهره أيضاً الأثاث الملقى في الشوارع مخافة أن يكون ملوّثاً.

وقد عُثر على "بق الفراش" في قاعة بباريس، وجرى إغلاق عدد من المدارس بسبب اكتشافها هناك، وفي المجمل، أُقفلت (7) مدارس في فرنسا، ورُصِد بقّ الفراش "على مختلف المستويات" على حدّ قول وزير التربية والتعليم غابرييل أتال لقناة (فرانس 5) مساء الجمعة.

كما سُجّل إقبال كبير على طلب خدمات التعقيم، من الأفراد أو من وسائل النقل العام التي تريد طمأنة مستخدميها. ومن ذلك مثلاً أنّ شبكة النقل العام في مونبلييه بجنوب فرنسا نشرت صوراً الجمعة لـ "عملية كشف" يظهر فيها موظف مع كلب أثر.

أصبح تفشي هذه الحشرة الطفيلية آفة عامة

ونُقل عن الطبيب النفسي أنطوان بيليسولو من مستشفى (هنري موندور) الجامعي في مدينة كريتاي، جنوب شرقي باريس، تشخيصه لوجود "حالة من الذعر الجماعي، تتمثل في كون الأشخاص الذين لا بقّ فراش لديهم يشعرون بالقلق من وجود هذه الحشرات، وأحياناً مع شيء من الهوس".

من جهتها، تحدثت ماري إيفروا، وهي مديرة شركة (إيكو-فليه)، ورئيسة المعهد الوطني لدراسة "بقّ الفراش" ومكافحته، عن تسبب هذه الظاهرة عند الذين يعانون منها، بما سمّته "متلازمة إجهاد ما بعد الصدمة".

جدال سياسي

وتحوّلت مسألة انتشار بقّ الفراش إلى قضية دولة، إذ تسبق الضجة بأشهر قليلة دورة الألعاب الأولمبية التي تستضيفها باريس. وأكّد مصدر حكومي بعد اجتماع مشترك للوزارات المعنية أنّ "كل الوزارات مستنفرة للعمل في هذا الشأن".

ظهر الذعر جلياً في خلوّ الفصول الدراسية من التلاميذ، وامتناع مستخدمي وسائل النقل العام عن الجلوس

وبينما يصر المسؤولون الفرنسيون على أنّه ليس هناك دليل علمي يشير إلى زيادة حادة في انتشار بقّ الفراش، وأنّ الصور المنشورة على الإنترنت لا تعني بالضرورة أعداداً متزايدة منها، لكنّ البرلمان الفرنسي شهد نقاشات ساخنة بشأن تفشي هذه الحشرة.

 وقد عرضت النائبة عن حزب "فرنسا الأبية" المعارض ماتيلد بانو قارورة مملوءة بالبق، وقالت: "لقد كذبتم علينا، كذبتم علينا بإجراءات غير مدروسة"، ودعا الحزب الحكومة إلى اعتماد خطة طوارئ لمكافحة ما وصفته بـ "الآفة".

وردّت رئيسة الحكومة الفرنسية إليزابيث بورن على تساؤلات النائبة ماتيلد بانو قائلة: إنّه "شيء محزن بالنسبة إلى مواطنينا"، مشيرة إلى "محنة حقيقية لأولئك المتضررين".

استنفار مغربي

وقد فعلت السلطات الصحية بالمغرب تدابير صارمة لمواجهة أيّ احتمال لتسرّب حشرة بقّ الفراش إلى البلاد. وقالت وزارة الصحة المغربية، في بيان لها: إنّها شددت المراقبة الصحية عبر الحدود، وتتبع الوضع الصحي والبيئي في المناطق المعنية بانتشار حشرة بق الفراش، وتضع رهن إشارة المواطنين مجموعة من التوصيات والنصائح الخاصة بالسفر الدولي، كما تأهبت منظومة الرصد القائم على الأحداث للكشف المبكر عن أيّ حادث صحي غير عادي.

وتأتي هذه الخطوة استجابة لإنذار أصدره رُبّان سفينة قدِمت من مدينة مارسيليا الفرنسية إلى ميناء طنجة يوم 2 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، بعد الاشتباه بوجود حشرة البقّ في مقصورة قيادة السفينة. وفعّلت السلطات في ميناء طنجة على الفور بروتوكولاً صارماً لتعقيم السفينة بشكل شامل.

رئيسة الحكومة الفرنسية إليزابيث بورن

من جانبها، أعلنت وزارة الصحة الجزائرية أنّها اتخذت إجراءات "وقائية" لمنع تفشي أيّ وباء بسبب حشرة بقّ الفراش الذي انتشر في باريس، حيث تقطن جالية جزائرية كبيرة تتنقل يومياً بين ضفتي البحر المتوسط.

وتربط بين مطار الجزائر وباريس نحو (10) رحلات يومياً، باعتبار أنّ أكبر جالية جزائرية في الخارج موجودة في فرنسا.

ما هي حشرة "بق الفراش"؟

تُعدّ حشرة "البق" آفة منزلية مزعجة من الحشرات الصغيرة الطفيلية، ويمكن أن تشكل مخاطر صحية محتملة على جميع أفراد الأسرة، لأنّها من الحشرات الطفيلية التي تتغذى على الدم مستخدمة ما يشبه الأنبوب لاختراق الجلد، وعادة ما تكون أكثر نشاطاً أثناء نوم الإنسان ليلاً أو في الصباح الباكر، وتكون قرصات البق في أيّ مكان في الجسم، ولكنّها غالباً ما تكون في المناطق المكشوفة مثل اليدين، والوجه، والرقبة، والأكتاف، والأذرع، والأرجل.

طبيب نفسي: وجود حالة من الذعر الجماعي، تتمثل في كون الأشخاص الذين لا بقّ فراش لديهم يشعرون بالقلق من وجود هذه الحشرات، وأحياناً مع شيء من الهوس

وهي حشرة صغيرة بلا أجنحة وذات لون بني مائل للأحمر، يتراوح حجمها بين (4 و7) ملم، تمتص دم الإنسان، وتسبب له حكة شديدة يمكن أن تتفاقم إلى تهيج جلدي لدى بعض الأشخاص، وتتغذى على التكاثر والانتشار على الدم فقط، ويجب أن تتناول "وجبات دم منتظمة" للبقاء على قيد الحياة ومن أجل مواصلة نموها.

والدم البشري ليس الهدف الوحيد لهذه الحشرات، بل تهاجم أيضاً أنواع مختلفة من الحيوانات، بما في ذلك الدواجن والطيور الأخرى.

وتعتبر الوكالة الأمريكية حماية البيئة (EPA)، ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، ووزارة الزراعة الأمريكية، بق الفراش "آفة صحية عامة".

ويقول عالم الطفيليات والحشرات الطبية في مستشفى ابن سينا في بوبيني مهند الرزقي: إنّ المبيدات الكيمائية المستخدمة للتخلص من بق الفراش قد لا تقضي عليها بالكامل. ويوضح العالم قوله: "تعمل المبيدات الحشرية على قتل الحشرات الضعيفة، فيما تبقى حشرات البق المقاومة على قيد الحياة، وتتكاثر دون التأثر بالمبيدات الحشرية".

ويضيف عالم الطفيليات والحشرات الطبية أنّ حوالى 90% من حشرات بق الفراش من النوع المقاوم للمبيدات.

مواضيع ذات صلة:

بعد إذعان فرنسا لحكام النيجر.. ماذا يعني الخروج من الباب الضيق؟

كيف أثر الإسلام السياسي في الجزائر على معركة العباءة بفرنسا؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية