زيارة أردوغان إلى الإمارات ودوافع الاقتصاد والسياسة والأمن

زيارة أردوغان إلى الإمارات ودوافع الاقتصاد والسياسة والأمن


15/02/2022

تكشف زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى الإمارات عن سياق إقليمي جديد وصفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، وهي أول زيارة له للبلد الخليجي منذ نحو تسع سنوات، "بعد عودة الدفء للعلاقات بين القوتين الإقليميتين اللتين وقفتا على النقيض في العديد من ملفات المنطقة"، كما تذكر "وكالة الصحافة الفرنسية".

كان في استقبال أردوغان ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي أعرب "عن تطلعه إلى أن تعطي الزيارة المهمة دفعاً قوياً لمسار تعزيز التعاون وبناء مرحلة جديدة مزدهرة من العمل والشراكات، التي تصب في مصلحة البلدين وشعبيهما وجميع شعوب المنطقة"، بحسب صحيفة "الاتحاد" الإماراتية.

تأتي تركيا في المرتبة الـ 11 بين أكبر الشركاء التجاريين للإمارات، فيما تمثّل الدولة الخليجية الثرية الشريك التجاري 12 لتركيا عالمياً والشريك التجاري الأكبر لتركيا على مستوى منطقة الخليج

 وسيعمل البلدان على تحسين العلاقات التجارية واستكشاف التعاون في الصناعة الدفاعية، بينما تشهد تركيا مصاعب اقتصادية كبرى وتبحث عن استثمارات أجنبية جديدة. وتعمل الإمارات على توسيع شراكاتها التجارية وزيادة حجم اقتصادها وتنافسيته، وتحصين دفاعاتها وتوطيد مكانتها الإقليمية كموطن للتجارة والأعمال.

وأعرب ولي عهد أبوظبي عن "شكره وتقديره لموقف تركيا الصديقة بشأن إدانة الهجمات الإرهابية الحوثية على مواقع مدنية في دولة الإمارات وتضامنها مع الدولة في مواجهة هذه الاعتداءات الإجرامية، متمنياً لتركيا دوام الأمن والاستقرار والازدهار"، بحسب الصحيفة الإماراتية.

إقرأ أيضاً: تركيا والإمارات توقعان هذه الاتفاقيات

ويلفت تقرير لشبكة "بلومبيرغ" إلى أنّ دولة الإمارات العربية المتحدة تعمل على اتفاقيات شراكة اقتصادية شاملة مع العديد من الاقتصادات سريعة النمو، حيث تسعى إلى ترسيخ مكانتها كمركز تجاري عالمي. وبصرف النظر عن تركيا، فقد بدأت الإمارات محادثات مع الهند وإندونيسيا وإسرائيل وجورجيا، وتخطط لإضافة الفلبين.

وتأتي زيارة أردوغان إلى الإمارات-التي تستمر حتى اليوم، وهي الأولى له منذ شباط (فبراير) 2013 حين كان رئيساً للوزراء- في الوقت الذي عادت فيه العلاقات الثنائية للتحسن مع زيارة قام بها ولي عهد أبوظبي، الشيخ محمد بن زايد، إلى تركيا في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، هي الأولى لمسؤول إماراتي بهذا المستوى منذ 2012.

نقلة نوعية في الشراكة

وقال وزير الاقتصاد الإماراتي عبد الله بن طوق المري في بيان إنّ البلدين بدآ محادثات حول اتفاقية تجارية واسعة النطاق تمثل "نقلة نوعية في شراكتنا المعززة حديثاً".

وقد وقعت الإمارات العربية المتحدة، مقايضة عملات بقيمة 4.9 مليار دولار مع تركيا في كانون الثاني (يناير) الماضي، ووضعت خططاً لإنشاء صندوق بقيمة 10 مليارات دولار لدعم الاستثمارات في إطار سعيها لمضاعفة التجارة الثنائية على الأقل. وتفيد "بلومبيرغ" بأنّ التجارة غير النفطية بين البلدين بلغت 13.7 مليار دولار في عام 2021، بزيادة 54٪ عن 2020 و 86٪ عن 2019، بحسب وزارة الاقتصاد الإماراتية.

إقرأ أيضاً: أردوغان في العاصمة الأوكرانية: هل يحمل طوق نجاة أم يبحث عنه؟

وقال وزير الدولة الإماراتي للتجارة الخارجية، ثاني الزيودي، إنّ الإمارات واثقة من أنّ التجارة الثنائية غير النفطية ستتجاوز 30 مليار دولار في غضون خمس سنوات. وأضاف، بحسب "بلومبيرغ"، أنّ المناقشات بشأن الاستثمارات تجري الآن على مستوى الأعمال التجارية وتشمل القطاعات الأمن الغذائي والخدمات الطبية والخدمات اللوجستية والصناعة والتجارة الإلكترونية. وتقول الإمارات إنها تريد الاستفادة من العلاقات اللوجستية لتركيا مع بقية العالم، واستثماراتها في القطاع الصناعي والعمالة الماهرة.

الدوافع

وتكافح تركيا تضخماً يقارب 50٪، وخسرت الليرة التركية ما يصل إلى نصف قيمتها مقابل الدولار قبل أن تتدخل الحكومة نهاية كانون الأول (ديسمبر) 2021 لوقف تراجع العملة. وقد خفضت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني من التصنيف الائتماني السيادي لتركيا إلى المزيد من المخاطر خلال عطلة نهاية الأسبوع.

أعرب ولي عهد أبوظبي عن شكره وتقديره لموقف تركيا الصديقة بشأن إدانة الهجمات الإرهابية الحوثية على مواقع مدنية في دولة الإمارات وتضامنها مع الدولة في مواجهة هذه الاعتداءات الإجرامية

ويرى محللون أنّ "تركيا مقبلة على انتخابات رئاسية وبرلمانية بعد عام وبضعة أشهر. إحدى المشكلات المهمة هي الوضع الاقتصادي، ويعتقد أردوغان أنّ إصلاح العلاقات مع الدول الإقليمية وإعادة جذب الاستثمارات الإماراتية من الممكن أن تساعد حكومته في تحسين الوضع الاقتصادي قبل الانتخابات". ويشير هؤلاء إلى أنه "خلال العقد الماضي وصل التنافس الخليجي التركي إلى طريق مسدود. لم يستطع أي طرف أن يهزم الطرف الآخر، وهذا التنافس فسح المجال أمام قوى أخرى للعب دور أكبر، مثل إيران". ويضيفون: "هناك عامل آخر يرتبط بتراجع الدور الأمريكي في الشرق الأوسط، وانتقال التنافس بين القوى الدولية إلى مناطق أخرى؛ مثل أوروبا الشرقية، والصراع الصيني الأمريكي في آسيا".

وكتب أردوغان في مقال نشرته صحيفة "خليج تايمز" الإماراتية قبيل وصوله أنّ "تركيا والإمارات يمكن أن يسهما معاً في السلام والاستقرار والازدهار الإقليمي"، مضيفاً، كما أوردت "الفرنسية": "سيكون لهذا التعاون انعكاسات إيجابية ليس فقط في العلاقات الثنائية ولكن أيضاً على المستوى الإقليمي".

إقرأ أيضاً: كم كبش فداء يحتاج أردوغان لتبرير انهيار الاقتصاد؟

وقال أردوغان: "نحن لا نفصل بين أمن واستقرار دولة الإمارات وإخواننا الآخرين في منطقة الخليج، وأمن واستقرار بلدنا. نحن نؤمن بشدة بأهمية تعميق تعاوننا في هذا السياق في المستقبل".

وكتب المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي، أنور قرقاش، على تويتر عشية وصول أردوغان أنّ الزيارة "تفتح صفحة إيجابية جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين".

وتأتي تركيا في المرتبة الـ 11 بين أكبر الشركاء التجاريين للإمارات، فيما تمثّل الدولة الخليجية الثرية الشريك التجاري الثاني عشر لتركيا عالمياً والشريك التجاري الأكبر لتركيا على مستوى منطقة الخليج. وثمة ما يقارب 400 شركة في تركيا مؤسسة برأس مال إماراتي ويعتبر قطاع العقارات على رأس قائمة الاستثمارات الإماراتية في هذا البلد إلى جانب استثمارات كبيرة في قطاع المصارف، وتشغيل الموانئ والقطاع السياحي، كما أوردت "الفرنسية".

ويزور أردوغان اليوم جناح تركيا في معرض إكسبو دبي.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية