صدام الجيش السوداني والإخوان السيناريو الأكثر ترجيحاً بعد سيطرة الدعم السريع على "ود مدني"

صدام الجيش السوداني والإخوان/ السيناريو الأكثر ترجيحاً بعد سيطرة الدعم السريع على "ود مدني"

صدام الجيش السوداني والإخوان السيناريو الأكثر ترجيحاً بعد سيطرة الدعم السريع على "ود مدني"


20/12/2023

تصاعدت مفاعيل الحرب السودانية مجدداً عقب إعلان قوات الدعم السريع الإثنين 18 كانون الأول (ديسمبر) سيطرتها على عاصمة ولاية الجزيرة، مدينة ود مدني، (186) كيلومتراً جنوب شرق العاصمة الخرطوم، والتي تُعدّ واحدة من أكبر المدن السودانية ومركزاً اقتصادياً مهماً، إلّا أنّ الجيش السوداني أعلن الثلاثاء 19 كانون الأول (ديسمبر) في بيان مقتضب نشره على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) أنّ قوات رئاسة الفرقة الأولى مشاة  انسحبت الإثنين 18 كانون الأول (ديسمبر) من ود مدني، ويُجرى تحقيق في أسباب وملابسات الانسحاب، على أن يتم رفع نتائجه فور الانتهاء منه إلى جهات الاختصاص، ومن ثم توضيح الحقائق للرأي العام.

 

سقوط مدينة بحجم وأهمية ود مدني أثار لغطاً وبلبلة في أوساط السودانيين خصوصاً بعد إعلان الجيش وإعلام ميليشيات الإخوان الأحد عن سحق تام لقوات الدعم السريع كما نظموا احتفالات وحفلات خطابية بهذا النصر المؤزر

 

وكان قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو قد أشار في تغريدة مطولة إلى أنّ قواته هاجمت رئاسة الفرقة الأولى مشاة التابعة للجيش السوداني، بناءً على معلومات استخباراتية دقيقة، أكدت حشد قيادة القوات المسلحة بالتنسيق مع قادة النظام القديم قوة مكونة من عشرات الآلاف من المقاتلين لمهاجمة قوات الدعم السريع في الخرطوم. معتبراً أنّ مهاجمة هذه القوة حق مشروع  في القيام بهجمات استباقية، وناشد المدنيين الذين فروا من المدينة العودة إلى منازلهم، وأنّ قواته تضمن لهم العيش في أمن وسلام، وأنّ هدفها من السيطرة على المدينة هو ضرب من سمّاهم الفلول والمستنفرين، مؤكداً أنّها سوف تطاردهم أينما وُجدوا.

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان

دور الإخوان 

سقوط مدينة بحجم وأهمية ود مدني أثار لغطاً وبلبلة في أوساط السودانيين، وسبب نوعاً من الإحباط والغضب والذهول في أوساط المواطنين، خصوصاً بعد إعلان الجيش وإعلام ميليشيات الإخوان المسلمين الأحد 17 كانون الأول (ديسمبر) عن سحق تام لقوات الدعم السريع المهاجمة، و أسر قادتها، كما نظموا احتفالات وحفلات خطابية بهذا النصر المؤزر، ونشرت صفحة حزب الإخوان المسلمين المحلول، المؤتمر الوطني، فعاليات الاحتفالات على صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، وكذلك قناة (طيبة) الفضائية المملوكة للإخواني المتطرف عبد الحي يوسف والتي تبث من تركيا، لكن سرعان ما اتضح أنّ سردية الانتصار على قوات الدعم السريع وسحقها، والاحتفالات التي صاحبت هذا الإعلان، محض خدعة لم تصمد عدة ساعات حتى نشرت قوات الدعم السريع العديد من مقاطع الفيديو التي تؤكد سيطرتها التامة على المدينة وعلى رئاسة الفرقة العسكرية الأولى مشاة، ممّا أحدث شرخاً كبيراً بين قيادة الجيش ممثلة في عبد الفتاح البرهان، والحركة الإسلامية (إخوان) بقيادة علي كرتي، حيث رشح الكثير من التسريبات التي تتحدث عن خلافات حادة بين قائد الجيش والإخوان الذين يتحدثون عن ضرورة تغييره ويصفونه بأنّه فشل في إدارة الحرب مع المتمردين، بحسب تعبيرهم. 

رغبة في البقاء 

وفي تطور لافت، أعلن المتحدث باسم قوات الدعم السريع أنّ الفريق أول محمد حمدان حميدتي  عيّن أحد قادة معركة ود مدني، أبو عاقلة كيكل، قائداً للفرقة الأولى مشاة بولاية الجزيرة ورئيساً للجنة الأمنية بالولاية، وأضاف: "أنّ تحرير ولاية الجزيرة من قبضة أعداء الشعب يُعدّ خطوة في اتجاه تحرير كامل الوطن، والتفرغ لبناء الدولة السودانية على أسس جديدة تحقق الحرية، والعدالة، والمساواة، والديمقراطية". 

يُشار إلى أنّ حسابات تعود لمنسوبي جماعة الإخوان نشطت منذ سقوط مدينة ود مدني على منصة (X) للتنديد بالبرهان وقادة الجيش، ووصفتهم بالخونة الذين باعوا القضية

واعتبر مراقبون الخطوة مؤشراً لرغبة قوات الدعم السريع بالبقاء في المدينة الاستراتيجية التي تقع على النيل الأزرق وتمرّ عبرها الطريق البرية الرابطة بين العاصمة السودانية وميناء بورتسودان (شرق) الذي يتخذه قائد الجيش عاصمة بديلة، لأنّ السيطرة على المدينة تتيح للدعم السريع قطع هذه الطريق، والتحرك شرقاً وصولاً إلى بورتسودان حيث يوجد البرهان وطاقمه. 

فيض من الشائعات 

وعلى خلفية سقوط مدينة ود مدني، شنّ إعلام الإخوان المسلمين حملات منظمة تطالب بعزل قائد الجيش وتتهمه بالخيانة، وكان أحد الصحفيين التابعين للإخوان قد نشر تغريدة على صفحته بمنصة (X) كشف فيها عمّا سمّاها تحركات واسعة وسط الجيش للإطاحة بالفريق البرهان. 

قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)

وكان موقع (الراكوبة) الإلكتروني السوداني قد كشف عن أنّه بعد السقوط المفاجئ لـ (ود مدني) عاصمة ولاية الجزيرة؛ بدأ جهاز الأمن والمخابرات وفلول النظام البائد في تهيئة الرأي العام لقبول عزل البرهان عن قيادة القوات المسلحة، مشيراً إلى أنّ أخباراً تواترت على وسائل التواصل الاجتماعي أفادت بأنّ مقر البرهان في بورتسودان تمّت محاصرته، في خطوة تشير إلى الانقلاب عليه، وعلقّ الموقع: "يبدو أنّ الإسلاميين قد يئسوا من قادة الجيش الحاليين في إعادتهم إلى السلطة، وشرعوا في استبدال القيادة الحالية بأخرى أكثر راديكالية تحول السودان إلى حريق، لكنّ مصدراً عسكرياً رفيعاً بالجيش نفى للموقع نفسه وجود تحركات ضد قائد الجيش، وقال إنّ المصدر الذي يروّج في وسائل التواصل الاجتماعي هو من سمّاهم أعداء الجيش والشعب والوطن، وأنّهم يطلقون الشائعات المغرضة لإحباط الناس، وزرع اليأس في نفوس جنود وضباط صف القوات المسلحة .

يُشار إلى أنّ حسابات تعود لمنسوبي جماعة الإخوان نشطت منذ سقوط مدينة ود مدني على منصة (X) للتنديد بالبرهان وقادة الجيش، ووصفتهم بالخونة الذين باعوا القضية.

معاناة مستمرة 

ومع استمرار القتال، وفشل الجيش السوداني في صد أيّ هجوم شنّته أو استرداد أيّ موقع سيطرت عليه قوات الدعم السريع منذ اندلاع الحرب في 15 نيسان (أبريل)، ومع تقدّمها المتسارع ميدانياً، مثلت مدينة ود مدني أهم مراكز الإيواء للنازحين من العاصمة الخرطوم وبعض مناطق ولايتي كردفان ودارفور، فقد استقبلت نحو (4) ملايين نازح وفقاً للعديد من التقديرات، قبل أن تتحول إلى واحدة من بؤر القتال، فيضطر النازحون إليها فضلاً عن سكانها إلى  الفرار منها، جنوباً إلى مدينة سنار، أو شرقاً نحو مدينة القضارف، وإن كانتا مهددتين باجتياح مماثل من قبل قوات الدعم السريع. 

يُذكر أنّ الحرب السودانية، وبعد مرور (9) أشهر على اندلاعها؛ أسفرت عن قتل نحو (12) ألف شخص، ونزوح ولجوء أكثر من (7) ملايين، حيث تبعثرت الأسر داخل وخارج السودان دون بصيص أمل لالتئام الشمل مرة أخرى، حتى الآن على الأقل. 

مواضيع ذات صلة:

يحلمون بالعودة إلى الحكم... دور "الإخوان" في إشعال الحرب في السودان

المسألة السودانية: قتال إثني وتحركات انفصالية وانتهاكات واسعة

هل تبدأ القاعدة وداعش بتنفيذ عمليات في إثيوبيا والسودان قريباً؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية