"فورين بوليسي": العالم ليس متعدد الأقطاب.. إليك الأسباب

"فورين بوليسي": العالم ليس متعدد الأقطاب.. إليك الأسباب

"فورين بوليسي": العالم ليس متعدد الأقطاب.. إليك الأسباب


25/09/2023

تُجادل مجلة "فورين بوليسي" في تقرير جديد بأن العالم على ما يبدو أنه يتجه نحو تعدد الأقطاب وليس تحت وصاية الدول العظمى أو القوى الكبيرة، مشيرة إلى أن الواقع ليس كذلك.

ويقول التقرير إن واحدة من أكثر الحجج المستمرة التي طرحها السياسيون والدبلوماسيون والمراقبون للسياسة الدولية هي أن العالم متعدد الأقطاب أو قريباً سيصبح كذلك. ففي الأشهر الأخيرة، قدم هذه الحجة الأمين العام للأمم المتحدة أنت أنطونيو غوتيريش، والمستشار الألماني أولاف شولز، ووزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والرئيس البرازيلي لويز في أوشسيو لولا دا سيلفا، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

رسالة متناقضة

بينما يجادل جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، بأن العالم كان نظاماً من "التعددية القطبية المعقدة" منذ الأزمة المالية العالمية لعام 2008. 

كذلك يتم تعميم هذه الفكرة في عالم الأعمال، إذ أصدر بنك الاستثمار مورغان ستانلي مؤخراً ورقة استراتيجية لـ"الإبحار في عالم متعدد الأقطاب"، في حين أن "إنسياد"، وهي كلية إدارة أعمال أوروبية محترمة، تشعر بالقلق إزاء المهارات القيادية في مثل هذا العالم.

ولكن، يضيف التقرير "على الرغم مما يقوله لنا السياسيون والنقاد والمصرفيون الاستثماريون، فإن هذا كله مجرد خيال أو أسطورة مفادها أن عالم اليوم ليس حتى قريب من كونه متعدد الأقطاب.

وتشير المجلة إلى أن الأسباب واضحة، إذ إن القطبية تعني ببساطة عدد القوى العظمى في النظام الدولي، ولكي يكون العالم متعدد الأقطاب، يجب أن تكون هناك ثلاث قوى أو أكثر. اليوم، هناك دولتان فقط لهما الحجم الاقتصادي والقوة العسكرية والنفوذ العالمي لتشكيل قطب: الولايات المتحدة والصين.

أما القوى العظمى الأخرى ليست في الأفق، ولن تكون في أي وقت قريب كذلك. إن مجرد وجود قوى وسطى صاعدة ودول غير منحازة ذات عدد كبير من السكان واقتصادات متنامية لا يجعل العالم متعدد الأقطاب. 

الهند.. مستقبل بعيد

ويتابع التقرير أن غياب أقطاب أخرى في النظام الدولي واضح إذا نظرنا إلى المرشحين البديهين. ففي عام 2021، كانت الهند سريعة النمو ثالث أكبر منفق على الدفاع، وهو أحد المؤشرات لقياس القوة. ولكن وفقاً لأحدث الأرقام الصادرة عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، فإن ميزانيتها العسكرية لا تتجاوز ربع ميزانية الصين.
اليوم، لا تزال الهند تركز إلى حد كبير على تنميتها. لديها خدمة خارجية صغيرة الحجم، وأسطولها البحري وهو مقياس مهم للضغط في المحيطين الهندي والهادئ صغير مقارنة بالصين، التي أطلقت خمسة أضعاف الحمولة البحرية على مدى السنوات الخمس الماضية. وقد تكون الهند يوماً ما قطباً في النظام، لكن ذلك اليوم ينتمي إلى المستقبل البعيد. 

كما ذكرت المجلة أن الثروة الاقتصادية هي مؤشر آخر للقدرة على ممارسة السلطة، فتمتلك اليابان ثالث أكبر اقتصاد في العالم، ولكن وفقاً لأحدث الأرقام الصادرة عن صندوق النقد الدولي، فإن ناتجها المحلي الإجمالي أقل من ربع الصين. بل إن ألمانيا والهند وبريطانيا وفرنسا، أكبر 4 اقتصادات في العالم، أصغر حجماً كذلك.

الاتحاد الأوروبي وروسيا

كما أن الاتحاد الأوروبي ليس قطباً ثالثاً، حتى لو تم تقديم هذه الحجة بلا كلل من قبل ماكرون والعديد من الآخرين. الدول الأوروبية لديها مصالح وطنية متفاوتة، واتحادها عرضة للانقسامات. فعلى الرغم من كل الوحدة الواضحة في دعم الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا، ببساطة لا يوجد دفاع أوروبي موحد أو أمن أو سياسة خارجية. هناك سبب يجعل بكين وموسكو وواشنطن تتحدث مع باريس وبرلين ونادراً ما تبحث عن بروكسل.

بطبيعة الحال، تعد روسيا مرشحاً محتملاً لوضع القوة العظمى على أساس مساحة أراضيها، ومواردها الطبيعية الهائلة، ومخزونها الضخم من الأسلحة النووية. من المؤكد أن البلاد لها تأثير خارج حدودها فهي تشن حرباً أوروبية كبرى ودفعت فنلندا والسويد للانضمام إلى الناتو.

دول أخرى

ومع ذلك، مع اقتصاد أصغر من إيطاليا وميزانية عسكرية تعادل ربع ميزانية الصين على الأكثر، فإن روسيا ليست مؤهلة كقطب ثالث في النظام الدولي. على الأكثر، يمكن لروسيا أن تلعب دوراً داعماً للصين.

هناك جدال واسع النطاق بين الذين يؤمنون بتعدد الأقطاب هو صعود الجنوب العالمي وتقلص موقف الغرب. ومع ذلك، فإن وجود القوى الوسطى القديمة والجديدة مثل الهند والبرازيل وتركيا وجنوب إفريقيا والمملكة العربية السعودية غالباً ما يتم تسميتها كإضافات إلى القائمة لا يجعل النظام متعدد الأقطاب، حيث لا تتمتع أي من هذه الدول بالقوة الاقتصادية والقوة العسكرية وأشكال التأثير الأخرى لتكون قطباً خاصاً بها. بعبارة أخرى، تفتقر هذه الدول إلى القدرة على التنافس مع الولايات المتحدة والصين.

وفي حين أنه من الصحيح أن حصة الولايات المتحدة من الاقتصاد العالمي آخذة في الانحسار، فإنها تحتفظ بمركز مهيمن، خاصة عندما يتم النظر إليها مع الصين.
تمثل القوتان العظميان نصف إجمالي الإنفاق الدفاعي في العالم، ويساوي الناتج المحلي الإجمالي المشترك بينهما تقريبا 33 اقتصاداً ثاني أكبر اقتصاد مجتمعة.

عن موقع "24"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية