في الذكرى الـ 10 لإسقاط التنظيم... أين وصلت جماعة الإخوان؟

في الذكرى الـ 10 لإسقاط التنظيم... أين وصلت جماعة الإخوان؟

في الذكرى الـ 10 لإسقاط التنظيم... أين وصلت جماعة الإخوان؟


20/06/2023

في الـ (30) من حزيران (يونيو) الجاري، تحل الذكرى العاشرة لثورة المصريين التي أسقطت تنظيم الإخوان عن الحكم، أعوام مرت الجماعة فيها بأزمات كثيرة، ربما أشدها انهيار التنظيم داخلياً نتيجة الصراعات المحتدمة بين قادته، ووصول حالة النبذ الشعبي ضد الإخوان ذروتها داخل الدول العربية التي حكمت فيها لأعوام، ومنذ عام 2011 تنبهت الدول الحاضنة للتنظيم، وفي مقدمتها الأوروبية، إلى خطر الجماعة وبدء استراتيجية شاملة منذ عام 2020 لمواجتها أمنياً وفكرياً. 

بالتزامن مع ذكرى ثورة الإسقاط، يتجدد حديث المصريين دائماً عن جرائم التنظيم، خاصة موجات الإرهاب العنيفة التي اجتاحت البلاد عقب سقوطه، واستمرت لأعوام طويلة استهدفت خلالها مؤسسات الدولة ورجالها ومواطنيها، قبل أن تنجح المواجهة الأمنية في محاصرتها والقضاء عليها، لتبدأ فصلاً جديداً من مواجهة التنظيم يعتمد على تفكيك الفكر ومحاربة جذور التطرف. 

أين وصلت الجماعة بعد (10) أعوام؟ 

يقول الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي والحركات الإرهابية أحمد سلطان، لـ"حفريات": إنّ الجماعة تلقت صدمة استراتيجية في 30 حزيران (يونيو) 2013، وحاولت تهريب أكبر عدد من قادتها إلى خارج البلاد، أبرزهم الأمين العام للتنظيم آنذاك محمود حسين، قائد جبهة إسطنبول حالياً، وكان قد أعلن نفسه قائماً بأعمال المرشد في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي عقب وفاة إبراهيم منير. 

وكان الهدف من ذلك، وفق سلطان، أن يتمكن قادة التنظيم من إدارة شؤون الجماعة من الخارج، بعد القبض على غالبية قيادات مكتب الإرشاد في القاهرة، وتوجيه اتهامات بالإرهاب والعمالة لهم، تزامناً مع اندلاع الثورة. 

 الجماعة تلقت صدمة استراتيجية في 30 حزيران (يونيو) 2013

لكنّ الصراعات التنظيمية التي تعمّقت بعد ذلك وخرجت عن السيطرة، جعلت إدارة شؤون التنظيم أقرب إلى المستحيل، خاصة أنّ الأوضاع انفجرت داخل التنظيم، وأدت إلى تفككه وانهيار بنيته، بحسب سلطان. 

أيضاً يشير الباحث المصري إلى التأثير المباشر للثورة على الإخوان، قائلاً: إنّ "الجماعة تلقت ضربة تاريخية بعد سقوطها في مصر، وتتابعت عليها أحداث في الشهور الأولى التي أعقبت الثورة، جعلتها تفقد بوصلتها، وتفتت الجسم الصلب للتنظيم نهائياً، وفي أقل من شهرين أصبح مكتب الإرشاد، رأس الهرم التنظيمي داخل الإخوان، أصبح خارج دائرة التنظيم، وباتت عملية إدارة الإخوان تتم بشكل لا مركزي للمرة الأولى في تاريخها".

كيف حفزت الثورة صراع التنظيم الداخلي؟ 

يرى سلطان أنّ الصدمة الكبرى التي تلقاها تنظيم الإخوان في ذلك التوقيت لعبت دوراً محورياً في تحفيز الصراع الداخلي بين قيادات الجماعة، بدأت في عام 2014، بالخلاف بين القائم بأعمال المرشد آنذاك محمود عزت، وقائد الجناح المسلح، أو ما عُرف باسم جبهة "الكماليون"، محمد كمال، التي انتهت باستقالة الأخير وفصل المؤيدين له من جماعة الإخوان، وما تبعها من خلافات بين كافة التشكيلات داخل الجماعة. 

الجماعة الآن تمر بحالة من الارتباك الاستراتيجي، تجعلها غير قادرة على تحريك الأحداث أو تحقيق أيّ هدف، كما أنّها تقف عاجزة أمام حالة التشظي التنظيمي المستمرة

ويصف سلطان ما تمر به الجماعة اليوم، بعد (10) أعوام من سقوطها عن الحكم في مصر، بأنّه أكبر حالة انشطار تنظيمي في تاريخها، للمرة الأولى هناك جماعتان داخل التنظيم وقائمان بأعمال المرشد، فضلاً عن حدوث نوع من الانزياح بعيداً عن مصر إلى دول الملاذات الآمنة في الخارج، وهذا تطور لافت للجماعة التي عملت على مدار تاريخها من داخل مصر بشكل مركزي بحت. 

ويرى سلطان أنّ الخلافات داخل التنظيم أفسدت الفكرة التي لطالما روج لها الإخوان حول "طهرانية القيادة"، فقد أثبتت حالة الصراع الداخلي الوجه الآخر القبيح لقيادات التنظيم، في ضوء الاتهامات المتبادلة بينهم بالسرقة والفساد المالي والإداري والأخلاقي أيضاً. 

وإجمالاً يرى سلطان أنّ الجماعة تمر الآن بحالة من الارتباك الاستراتيجي، تجعلها غير قادرة على تحريك الأحداث أو تحقيق أيّ هدف، كما أنّها تقف عاجزة أمام حالة التشظي التنظيمي المستمرة، وتبدو فاقدة تماماً لأيّ قدرة على الحركة أو تحديد البوصلة تجاه المستقبل. 

سامح عاشور: ثورة الـ30 من حزيران أنقذت مصر من فوضى حكم الإخوان، ونظام التوريث الإخواني الذي كانت الجماعة تحاول إقراره بالقوة

سلطان أشار إلى أنّ حالة الارتباك التي يعيشها الإخوان في الوقت الراهن تعززها بشكل كبير التحولات الأخيرة في المشهد الإقليمي، حيث إنّ دولاً لطالما كانت داعمة للتنظيم وجدت نفسها مضطرة للتخلي عن سياسات الدعم، والتحول نحو المهادنة مع مصر والدول العربية التي تضع الجماعة على قوائم الإرهاب، في ضوء تفاهمات ومصالح مشتركة مع محيطها الإقليمي، الأمر الذي عمق أزمات الإخوان بشكل كبير مؤخراً. 

كيف يذكر المصريون الإخوان في ذكرى الثورة؟ 

ترتبط ذاكرة المصريين بحالة الفوضى والإرهاب التي حاول الإخوان فرضها في مصر بعد الثورة، ويرون أنّ مسألة إسقاط الجماعة كانت أمراً حتمياً بعد فشلهم في إدارة شؤون البلاد، واستغلال مناصبهم داخل الدولة لصالح عمليات تخابر وخيانة لمصر لخدمة أجندة دول أخرى. 

وفي شهاداته عن الثورة والإخوان، ضمن فيلم تسجيلي أذاعته عن (سي بي سي) المصرية مؤخراً، يقول المحامي والبرلماني المصري سامح عاشور: إنّ ثورة الـ (30) من حزيران (يونيو) قد أنقذت مصر من فوضى حكم الإخوان، ونظام التوريث الإخواني الذي كانت الجماعة تحاول إقراره بالقوة. 

ويقول عاشور: "جماعة الإخوان فقدت صوابها بعد الثورة، وأصروا على الصدام"، وأضاف: الإخوان أصيبوا بالصدمة من سرعة ارتداد الشعب عنهم... وعودة تنظيم "الإخوان" مرة أخرى مستحيل". 

ومن جهته، يرى الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أنّ ثورة (30) حزيران (يونيو) أحدثت تغييرات كبيرة ومحورية في النظام السياسي المصري، سواء في السياسة الخارجية أو الاقتصاد أو هوية الدولة، وهي نقطة مهمة للغاية، فعلى المستوى الداخلي أنهت الثورة فكرة سيطرة الجماعة الواحدة "الإخوان" على مقدّرات الوطن لصالحها، وأصبحت السياسة توجَّه لمصلحة الشعب ككل، أمّا في السياسة الخارجية، وهي بُعدٌ مهم في التغيرات والسياسات التي أحدثتها ثورة (30) حزيران (يونيو)، فقد بدأت مصر تتبع سياسة خارجية تتسم بالتوزان والمرونة والاستقلالية. 

أحمد سلطان: الجماعة تلقت ضربة تاريخية بعد سقوطها في مصر، وتتابعت عليها أحداث في الشهور الأولى التي أعقبت الثورة جعلتها تفقد بوصلتها، وتفتت الجسم الصلب للتنظيم نهائياً

وأوضح بدر الدين، في تصريحات نقلها عنه موقع (الوطن) أنّ جماعة الإخوان "لو كانت استمرت في حكم مصر، لكانت الدولة ستفقد الهوية المصرية، وتنتشر الفوضى والجرائم؛ ممّا يؤدي إلى أن تكون حدود الوطن في خطر، مؤكداً أنّ ثورة (30) حزيران (يونيو) قبرت جماعة الإخوان الإرهابية، وكتبت السطر الأخير في تاريخها، فعلى مدار الـ (80) عاماً كانت الجماعة تأخذ نمط المعارضة لكافة الأنظمة، وكان ذلك يُكسبهم نوعاً من التعاطف، وكانت دائماً تلجأ للعنف، وخلال حكم الجماعة سيطرت على البرلمان والرئاسة ومؤسسات الدولة ككل، ولأول مرة يتغير وضع الإخوان من موقف التعاطف بعد أن أصبحوا في موقف قوة كشفهم أمام الناس، وظهر الوجه الحقيقي لهم، وانتهى مشروعهم الوهمي.

مواضيع ذات صلة:

الإخوان المسلمون: عكس التيار في تونس وانتهازية في المغرب واستقالة مدوية في موريتانيا

الإخوان المسلمون: حصار في تركيا ومسيرة للعنف في ماليزيا ومناوشات في المغرب

الإخوان المسلمون: تفجير المشهد في المغرب واحتجاجات في اليمن وسرقة الأراضي في غزة



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية