قانون الانتخابات التونسي والمشهد البرلماني... هل لحركة النهضة مكان؟

قانون الانتخابات التونسي والمشهد البرلماني... هل لحركة النهضة مكان؟

قانون الانتخابات التونسي والمشهد البرلماني... هل لحركة النهضة مكان؟


17/09/2022

في ضربة جديدة لحركة النهضة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في تونس، أصدر الرئيس التونسي قيس سعيّد أمس قانون انتخابات يرى مراقبون أنّه يقلص دور الأحزاب السياسية في البرلمان.

 واعتمد سعيد تعديلات يصفها مراقبون للشأن التونسي بـ"الجوهرية" على لوائح الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في 17 كانون الأول (ديسمبر) المقبل.

التعديلات جاءت بعد نحو شهر من اعتماد دستور "الجمهورية الجديدة"، الذي ينهي تسييس الدين، ويتصدى للأحزاب الدينية وفي مقدمتها النهضة وحلفاؤها.

 وتلغي التعديلات الجديدة النظام الحزبي أو "القائمة"، وتتيح للناخبين التصويت لأفراد وليس لقوائم كما كانت في الانتخابات السابقة، ممّا يجعل فرص النهضة في عقد تحالفات مع أحزاب مدنية أخرى والترشح على قوائمها "صعبة"، وفقاً لبعض المواد التي نشرتها إذاعة "موزاييك" التونسية، وتجعل التعديلات الجديدة كذلك من الصعب تحقيق أغلبية مطلقة تنفرد بصناعة القرار تحت قبة البرلمان الجديد.

 وفي حين ترى أطراف سياسية تونسية أنّ القانون يرسخ "النهج الفردي" للرئيس التونسي، قال سعيّد أول من أمس: "نمرّ بمرحلة جديدة في تاريخ تونس لسيادة الشعب بعد أن كانت الانتخابات صورية"، مؤكداً أنّ القانون الجديد لا يقصي الأحزاب السياسية، وأنّ هذه الاتهامات "غير صحيحة ومحض افتراءات".

  قواعد اللعبة

 القانون الجديد "يغيّر قواعد اللعبة" على اعتبار أنّ هناك "تغييرات جوهرية"، على حدّ قول العضو السابق للهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس عادل البرينصي، في تصريحات لقناة "الحرة".

اعتمد سعيد تعديلات يصفها مراقبون للشأن التونسي بـ"الجوهرية" على لوائح الانتخابات التشريعية

 وقد قلص القانون الجديد عدد نواب البرلمان إلى (161) نائباً بعد أن كان البرلمان السابق مكوّناً من (217) نائباً، وتم تغيير تقسيم الدوائر الانتخابية بناء على التقسيم الإداري للدولة، وليس وفقاً لعدد الناخبين.

 المشهد النيابي

في مواجهة اتهام سعيّد بإقصاء الأحزاب السياسية، رأى الأكاديمي المختص في الشؤون السياسية خالد عبيد، في تصريحات لقناة "الحرة" أنّ الانتقادات الموجهة للقانون على أنّه يقصي الأحزاب السياسية ويقلل من تأثيرها "غير دقيقة".

أصدر الرئيس التونسي قيس سعيّد أمس قانون انتخابات يرى مراقبون أنّه يقلص دور الأحزاب السياسية في البرلمان

 

 وقال عبيد: "لا أعتقد أنّ الانتقادات صحيحة بنسبة 100%، حتى لو كانت نية الرئيس سعيد أن يقصي الأحزاب، بإمكان الأحزاب السياسية أن تتأقلم مع القانون الجديد وتدعم مرشحاً واحداً في كل دائرة وتوفر له المال والدعاية"، مشيراً إلى أنّ المواطن العادي الذي ليس لديه آلة تحشيد ودعم من قبل الأحزاب، سيجد نفسه غير قادر على منافسة مرشحي القوى السياسية.

 وأكد عبيد أنّه من السابق لأوانه الحكم بأنّ القانون "يكرّس حكم الفرد" بالنسبة إلى الرئيس سعيد، مضيفاً: "لننتظر تجربة القانون الجديد على الأرض ماذا ستفرز وماذا ستعطي وكيف سيقع استغلالها من قبل الرئيس سعيد ومناصريه، وبعد ذلك يمكن أن نحكم حكماً موضوعياً في هذا الصدد".

 وأشار إلى أنّ "التغيير (يأتي) ضمن خطة سعيّد من أجل مواصلة ما يسمّيه مشروعه الذي بدأه يوم 25 تموز (يوليو) حتى الآن ... وتغيير القانون هو آخر تحرك قبل انتخابات 17 كانون الأول (ديسمبر) المقبل بالنسبة إلى خريطة الطريق لقيس سعيّد".

التعديلات الجديدة تلغي "القائمة"؛ ممّا يجعل فرص النهضة في عقد تحالفات مع أحزاب مدنية أخرى والترشح على قوائمها "صعبة"

 

 ولفت إلى أنّ "التغيرات جوهرية باعتبار أنّه منذ الاستقلال كان الاعتماد على القوائم، والآن وخاصة بعد عام 2011 الاعتماد ليس على القوائم فقط، بل مع التمثيل النسبي بما يُسمّى أكبر البقايا".

 وهاجم عبيد برلمان النهضة، قائلاً: "ما اعتمد منذ 2011 هو سبب تشتت المشهد السياسي والنيابي، باعتبار أنّ القانون السابق يفرز مشهداً برلمانياً يتمثل في وجود بعض الأحزاب والأفراد الذين لا يمكن أن يحكموا وحدهم، وهذا ما يفسر الانقسام".

 وعلى عكس البرلمانات السابقة، وضع الدستور التونسي الجديد الحكومة تحت سلطة الرئيس مباشرة، وحدّ من نفوذ البرلمان الجديد المؤلف من غرفتين.

خالد عبيد: الانتقادات الموجهة للقانون على أنّه يقصي الأحزاب السياسية ويقلل من تأثيرها غير دقيقة

 وفي تصريحات سابقة، قال سرحان الناصري رئيس حزب "التحالف من أجل تونس": إنّ قانون الانتخابات من ملامحه عدم التسامح مع "كل من أجرم في حق البلاد"، وسط اتهامات عدة لحركة النهضة الإخوانية بالتورط في قضايا فساد مالي وسياسي والتآمر على أمن الدولة التونسية وتمويل الإرهاب.

 وأكد الناصري أنّ قانون الانتخابات التونسي الجديد سوف ينصّ "على فصول تُقصي كل من أجرم في حق البلاد، وكل من تسبب في انهيار المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وعلى رأسهم حركة النهضة والأحزاب الفاسدة الأخرى".

تجعل التعديلات الجديدة كذلك من الصعب تحقيق أغلبية مطلقة تنفرد بصناعة القرار تحت قبة البرلمان الجديد

 

 ويضع القانون الجديد شروطاً للترشح للانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها في 17 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، بعد أكثر من عام على تجميد صلاحيات البرلمان التونسي ذي الأغلبية النهضاوية، بموجب قرارات 25 تموز (يوليو) 2021، ضمن إجراءات استثنائية وصفها خصوم سعيّد بأنّها "انقلاب على الشرعية"، بينما أكد هو أنّها تصحيح للمسار الثوري.

 وبعد (8) أشهر من تجميد أعمال البرلمان، أعلن الرئيس التونسي نهاية آذار (مارس) الماضي حلّ البرلمان، متهماً نواب المجلس المنحل من حركة النهضة بالسعي لـ"تقسيم البلاد وزرع الفتنة"، قائلاً: "نجوم السماء أقرب إليهم من ذلك، وما يقومون به الآن هو تآمر مفضوح على أمن الدولة".

 وأكد الناصري أنّ "الرئيس التونسي سيعمل على إبعاد كل من أجرموا في حق البلاد وكل من لديهم جرائم انتخابية على غرار النهضة من الترشح للانتخابات البرلمانية المقبلة، وبالتالي سيتم تطهير المشهد السياسي من هؤلاء"، لإنتاج برلمان جديد "بعيد كلّ البعد" عن برلمان 2019 المنحل.

مواضيع ذات صلة:

مستقبل حركة النهضة في تونس..ماذا بعد إحالة الغنوشي إلى قاضي مكافحة الإرهاب؟

هل يشهد الاقتصاد التونسي انفراجة قريبة؟

تونس: اعتقال آمر سابق لمطار قرطاج وتمديد حبس إخوانيين اثنين... ما علاقة سوريا؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية