قبيل الانتخابات... ملفات الإرهاب والفساد تتصدر المشهد السياسي التونسي

قبيل الانتخابات... ملفات الإرهاب والفساد تتصدر المشهد السياسي التونسي

قبيل الانتخابات... ملفات الإرهاب والفساد تتصدر المشهد السياسي التونسي


14/11/2023

تعيش تونس خلال الفترة الراهنة تحت ضغط مستجدات داخلية وخارجية "خطيرة" تصدرتها ملفات أمنية وإرهابية، بالتزامن مع اقتراب موعد انتخاب المجالس المحلية واستكمال خارطة الطريق التي أعلنها الرئيس قيس سعيّد منذ 20 تموز (يوليو) 2021.

هذه الضغوط دأبت تونس على تسجيلها منذ العام 2011، قبل كل محطة انتخابية، حيث كانت أهداف أغلبها خدمة أجندات سياسية لأحزاب، أو أشخاص مترشحة، أو التشويش على السير العادي للاستحقاقات الانتخابية.

وتُعدّ حادثة "تهريب (5) إرهابيين خطرين من السجن" من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام التونسي مؤخراً، وقد وصفها بعض المراقبين السياسيين بـ "الزلزال السياسي والأمني"، فضلاً عن الملفات الأمنية المرتبطة بالفساد المالي بالبلاد.

فساد مالي

أعلنت مصادر قضائية وأمنية وحكومية رفيعة المستوى عن إيقاف وزراء ومسؤولين سابقين في الدولة ورجال أعمال بارزين، بعضهم يصنّف "كبار الأثرياء في البلاد"، بتهم عديدة؛ من بينها الاشتباه في التورّط بمخالفات مالية خطيرة والتهرب من الضرائب وتبييض الأموال، فضلاً عن تهم تتصل بملفات الإرهاب والتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي بالنسبة إلى بعضهم.

ولأول مرة شملت الاعتقالات والتحقيقات والمحاكمات رجال أعمال وسياسيين كانوا في الصف الأول من وجوه الحكم قبل "ثورة 2011"، بينهم مروان المبروك صهر الرئيس السابق زين العابدين بن علي، وعبد الرحيم الزواري الوزير السابق والأمين العام للحاكم قبل الثورة، وكلاهما يرأس حالياً شركات تونسية أوروبية ومؤسسات تونسية عالمية عملاقة.

تُعدّ حادثة "تهريب (5) إرهابيين خطرين من السجن" من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام التونسي مؤخراً،

كذلك شملت الإحالات على قطب مكافحة الإرهاب ساسة كانوا في الصفوف الأولى قبل انتخابات 2019 وبعدها، بينهم عبير موسي زعيمة الحزب الدستوري (الموالي للنظام السابق في عهد زين العابدين بن علي)، وعلي العريّض رئيس الحكومة عام 2013، ونور الدين البحيري وزير العدل السابق، وراشد الغنوشي زعيم حزب (حركة النهضة) الإسلامي. 

ويضاف إلى هؤلاء عشرات من (جبهة الخلاص الوطني)، الواجهة السياسية لحركة النهضة، بينهم عصام الشابي الأمين العام لـ (الحزب الجمهوري)، والوزير المستشار السابق للرئيس الباجي قائد السبسي المحامي والحقوقي رضا بالحاج، والوزير السابق في عهد حكومة إلياس الفخفاخ الائتلافية الأكاديمي والحقوقي اليساري جوهر بن مبارك.

إرهاب

وفي شأن الإرهاب، ما تزال عملية فرار (5) إرهابيين مصنفين خطرين جدّاً من أكبر السجون التونسية (سجن المرناقية) لغزاً تحاول الجهات الأمنية المختصة تفكيكه بعد إقالة مدير السجن وإيقافه إلى جانب آخرين.

وبداية تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي أعلنت وزارة الداخلية عن فرار (5) إرهابيين من سجن المرناقية، أكبر سجون تونس وأكثرها حراسة، في حادثة نادرة الوقوع، أثارت جدلاً واسعاً وتساؤلات بشأن طريقة هروبهم، وذلك قبل إلقاء القبض عليهم في ضواحي العاصمة.

إيقاف وزراء ومسؤولين سابقين في الدولة ورجال أعمال بارزين، بعضهم يصنّف من كبار الأثرياء في البلاد، بتهم عديدة منها الاشتباه في التورّط بمخالفات مالية خطيرة

والفارّون يواجهون عقوبات سجنية تتراوح بين الإعدام والسجن المؤبّد والأشغال الشاقة، وهم من أخطر العناصر الإرهابية الموقوفة، بعد ثبوت تورطهم في عدّة أعمال، من بينها جريمة اغتيال المعارضين السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي عام 2013، ومواجهة قوات الأمن بالسلاح وتهديد أمن البلاد.

وأطاحت حادثة الفرار من السجن برؤوس كبيرة، بينها مدير السجن، ومدير المصالح الخاصة، ومدير الاستعلامات (الاستخبارات) في وزارة الداخلية.

وكانت النيابة العامة بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب قد كشفت عن احتفاظها بـ (3) عناصر أمنية وسجنية وإطارات أخرى تابعة للهيئة العامة للسجون والإصلاح (وزارة العدل)، ممّا رفع عدد المشتبه بهم في عملية الفرار المثيرة فجر الثلاثاء الماضي إلى (9) أفراد.

عصام الشابي الأمين العام لـ (الحزب الجمهوري)

وقد حذّر مدير الأمن العسكري السابق اللواء المتقاعد محمد المؤدب في تصريح لـ (الشرق الأوسط) من "مخاطر الصمت على مؤشرات إضعاف الدولة"، عبر إبراز "نقص في الانسجام بين رموزها ومؤسساتها السيادية والمجتمع". 

وأضاف أنّ تونس تحتاج اليوم أكثر من أيّ وقت مضى "لإصلاحات عميقة ورصينة" لكل مؤسسات الدولة، ومنها المؤسسات الأمنية. وسجّل أنّ بعض "الإرهابيين الذين هزموا في الجبال وغادروها، أو تعرّضوا للاعتقال والمحاكمات، "يمكن أن يحاولوا استنزاف البلاد مجدّداً بالشراكة مع الأطراف الخارجية والداخلية التي تدعمهم".

بعض الإرهابيين الذين هزموا في الجبال وغادروها، أو تعرّضوا للاعتقال والمحاكمات، يمكن أن يحاولوا استنزاف البلاد مجدّداً بالشراكة مع الأطراف الخارجية والداخلية التي تدعمهم

وأشار المؤدب إلى أنّ "المؤسسة العسكرية التونسية تبقى مرجعاً، ويمكن أن تلعب دوراً أكبر في ضمان أمن البلاد واستقرارها السياسي والمجتمعي، بما في ذلك في مراحل الأزمات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية".

يُذكر أنّه تم تسجيل تسارع في التحقيقات المتعلقة بقضية الجهاز السري، والتي تُتهم فيها حركة النهضة الإخوانية وبعض أذرعها القضائية والأمنية، بعد أن شدد سعيّد على ضرورة تفعيل المحاسبة، منتقداً طول مسار التقاضي.

تونس مستعدة للانتخابات

في الأثناء، بدأت العملية الانتخابية الجديدة في تونس تحضيراً للاقتراع الذي ترشح له (7777) شخصاً، يتنافسون للفوز بعضوية (279) مجلساً محلياً، سيُنتخب من بينهم لاحقاً أعضاء الغرفة الثانية في البرلمان ومجالس المحافظات والأقاليم. 

 بدأت العملية الانتخابية الجديدة في تونس تحضيراً للاقتراع الذي ترشح له (7777) شخصاً

وقد أعلن فاروق بوعسكر رئيس الهيئة العليا للانتخابات عن "اكتمال الاستعدادات للاقتراع المقرر يوم 24 كانون الأول (ديسمبر)، وأكد الرئيس التونسي قيس سعيّد أنّه ماضٍ في احترام "كل المواعيد الانتخابية والسياسية المقبلة" التي سبق أن أعلن عنها في "خارطة الطريق" التي كشف عنها في أيلول (سبتمبر) 2021، وبدأت بالاستفتاء على دستور جديد وانتخاب مجلس النواب.

وستُجرى انتخابات المجالس المحلية في (4713) مركز اقتراع، ضمن (2153) دائرة انتخابية محلية، وستفرز انتخاب (279) مجلساً محلياً، وستكون النواة الأساسية لتشكيل المجالس الجهوية ومجالس الأقاليم، وصولاً إلى المجلس الوطني للجهات والأقاليم (الغرفة الثانية للبرلمان).

مواضيع ذات صلة:

إخوان تونس يزعمون "اختطاف الديمقراطية".. من فعل ذلك حقاً بعد الثورة؟

"النهضة" تنهار... ماذا بقي من إخوان تونس؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية