قضية العمالة الوافدة في قطر تعود إلى الواجهة.. ما الجديد؟

قضية العمالة الوافدة في قطر تعود إلى الواجهة.. ما الجديد؟


07/07/2022

عادت قضية العمال في قطر إلى الواجهة مجدداً، بعد تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر تنفيذ العمال احتجاجات كبيرة تسببت في إغلاق طريق رئيسي بالعاصمة الدوحة، احتجاجاً على عدم تقاضي رواتبهم وسوء أحوالهم المعيشية، ما أثار تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي.

وتداول مغردون في موقع "تويتر" مقاطع مصورة تظهر حشوداً كبيرة من العمال على طريق "سلوى" أحد أهم الطرق الرئيسية في البلاد يحتجون على الظروف المعيشية والإنسانية الصعبة التي يمرون بها. 

وبحسب المقاطع المتداولة، أقدم المحتجون من العمال على قطع أحد الطرق الرئيسية في البلاد وتوقف حركة المرور به.

جدل على مواقع التواصل

مقاطع الفيديو المتداولة للمظاهرات العمالية في قطر سرعان ما أثارت تفاعلاً كبيراً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسم المغردون، ما بين رافض للاحتجاج ومؤيد له.

ورأى البعض بالتظاهر حقاً من حقوق العمالة التي تستقدمهم قطر بهدف تشييد منشآتها قبيل استضافتها كأس العالم العام 2022، خاصة في ظل تقارير حقوقية تتحدث عن استغلال الدوحة لهذه العمالة وتشغيلها بأقسى الظروف مقابل مردود قليل أو حتى من دون أجور ببعض الأحيان.

بينما ذهب فريق للإعراب عن استغرابه أصلاً من "تجرؤ" العمال غير القطريين على التظاهر ما وصفوه بـ"تخريب ممتلكات القطريين"، فيما أطلق البعض دعوات لوضع قوانين رادعة لمن يجرؤ على التظاهر.

وقال أحد المغردين "اخذو العبره ذولي عمال اظن هنادوه مسوين مظاهرات ومسكرين طريق سريع في قطر (طريق سلوى). انتبهو يا دول الخليج لاعداد كل جالية ترى التساهل والاهمال آخرته مو زينة".

واستنكرت مغردة تلك المظاهرات قائلة: "استغرب من مظاهرات عمال شارع سلوى الذين تجرأوا على ممتلكات الدولة بأبشع الطرق وانقضوا على سيارات المواطنين وتعطيل مسار السيارات بالشارع العام من قبل أغلبية سكانية مليونية".

وتساءلت: "هل هناك دراسة للأسباب لتفاديها مستقبلاً؟ وهل يوجد قوانين تنظم عملية حرية التعبير السلمية وتردع التدمير؟".

وغرد أحد الحسابات بالقول: "قال الرسول صلى الله عليه وسلم، ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، ومن كنت خصمه خصمته، رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه، ولم يعطه أجره".

وأضاف: "تخيل إن أباك ذهب يعمل في أرض بعيدة ولم يستطيع أن يحول لك شيئاً لعدة شهور، ما هو شعورك وما هو شعور والدك".

وقال مغرد آخر "الجوع كافر !! يصل الإنسان إلى مرحلة لا يهمه شيء في الدنيا سوى إطعام نفسه وعائلته وهكذا العامل المسكين الذي لم يستلم راتبه لعدة أشهر أو ربما أكثر!! من جانبها الشركات تشتكي من عدم استلام دفعاتها المالية لفترات تتجاوز السنة والسنتين !! من نلوم في هذه الحالة؟".

وتدفع بعض الأحداث مع شح المعلومات الرسمية القطريين إلى مواقع التواصل الاجتماعي لتحليل الأخبار بتحفظ بسبب القيود المفروضة على القطريين في تناول قضايا الرأي العام.

ورغم أنّ القطريين يجدون في تويتر متنفساً، فإنهم لا يتمتعون بالجرأة الكافية بسبب خطر تعرضهم للاعتقال والموت تحت التعذيب، وفق ما أوردته صحيفة "العرب" اللندنية.

وليست هذه المرة الأولى التي يتظاهر فيها العمال الذين كسروا حاجز الخوف من ردود فعل السلطة حيال مثل هذه التحرّكات النادرة، ما يعكس إلى أي مدى بلغت بهم الحال وما يتعرضون له من معاملة لا إنسانية أدت إلى وفاة عدد كبير منهم على مدار سنوات.

وتأتي تلك الاحتجاجات قبيل أشهر قليلة من انطلاق بطولة كأس العالم لكرة القدم التي تستضيفها قطر في الفترة من 21  تشرين الثاني (نوفمبر) إلى 18 كانون الأول (ديسمبر) 2022.

مطالبات بتحسين ظروف العمال

وقبل شهرين دعت جماعات ناشطة في مجال حقوق الإنسان الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" إلى تعويض الآلاف من العمال الذين قيل إنهم تعرضوا لانتهاكات في قطر خلال العمل على البنية التحتية والخدمات المتعلقة ببطولة كأس العالم هذا العام. 

وطالبت الجهات الحقوقية "الفيفا" بإنشاء صندوق تعويضات بقيمة 440 مليون دولار، وهو المبلغ نفسه الذي يسلمه الاتحاد جوائز مالية خلال هذا الحدث الرياضي.

وقالت منظمة العفو الدولية، في تقرير سابق، إنّ العمال تعرضوا لـ"سلسلة من الانتهاكات" في قطر، كان من أبرزها تأخر تقاضي رواتبهم في الوقت المحدد، أو عدم تقاضيهم رواتب على الإطلاق.

 رأى البعض بالتظاهر حقاً من حقوق العمالة التي تستقدمهم قطر بهدف تشييد منشآتها قبيل استضافتها كأس العالم 2022 خاصة في ظل تقارير حقوقية تتحدث عن استغلال الدوحة لهذه العمالة

ولكن الحكومة القطرية نفت الاتهامات التي وردت في تقرير منظمة العفو الدولية، وأكدت أنها أدخلت إصلاحات مختلفة في الأعوام الخمس الماضية.

وكانت منظمة العفو الدولية، قد دعت في آذار (مارس) الماضي الاتحاد الدولي لكرة القدم إلى ممارسة المزيد من الضغوط على قطر، لتحسين ظروف العمال الأجانب فيها.

وقالت المنظمة في بيان نشر عبر موقعها الإلكتروني: "أجرت قطر العديد من الإصلاحات الإيجابية في الأعوام الماضية، استجابة لمزيد من التدقيق بعد منحها حقّ استضافة كأس العالم".

وتابعت: "لكن في معظم الأحيان لا يتمّ تطبيقها بشكل صحيح، وما يزال الألوف من العمال الأجانب يتعرّضون للاستغلال وسوء المعاملة".

العمال تعرضوا لـ"سلسلة من الانتهاكات" في قطر

وأضافت المنظمة: إنّ المقترحات التي يناقشها مجلس الشورى القطري "ستقضي على كثير من التقدم الذي حققته الإصلاحات، بما في ذلك إعادة فرض قيود على حقوق العمال لدى تغيير الوظائف وترك البلاد".

ودعت منظمة العفو الدولية رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جاني إنفانتينو إلى تطبيق مراقبة "مستقلة ومنتظمة" لكلّ مواقع ومشاريع مونديال 2022 للكشف عن انتهاكات الحقوق ومنعها.

ورداً على بيان منظمة العفو، قالت الدوحة أمس: إنّ "التقدّم يحصل في أسرع وقت ممكن، مع ضمان ملاءمته لسوق العمل لدينا".

وتابع مكتب الاتصال القطري الحكومي في بيان نقلته وكالة "فرانس برس": "إصلاح العمل مهمة معقدة تستغرق الوقت وتتطلب حلولاً فعالة وطويلة الأمد".

وأضاف البيان: "نعتقد أنّ أفضل طريقة لإيجاد تلك الحلول تكمن في الحوار والالتزام. الحكومة ملتزمة بالعمل عن كثب مع شركائها الدوليين، بما في ذلك منظمة العفو الدولية".

من جهته، دعا رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جاني إنفانتينو إلى الإنصاف في تقييم سجل قطر الحقوقي.

وقال في مؤتمر صحفي الجمعة الماضي، عقب اجتماع لمجلس فيفا: "حماية حقوق الإنسان على المستوى الدولي تشكّل أولوية قصوى لفيفا".

وتابع: "يجب أن نكون منصفين هناك (في قطر)، ونقرّ بحصول تقدم كبير، على صعيد حقوق العمال، بالطبع يمكن القيام بالمزيد دائماً... حتى في سويسرا".

وأدخلت قطر قرار زيادة الحد الأدنى للأجور حيز التنفيذ، ليصبح 275 دولاراً شهرياً لجميع العاملين، بعدما قامت الدولة الخليجية الغنية بالغاز بإصلاح قوانين العمل فيها.

 كشفت شبكة "بي بي سي" في تقرير نشرته الشهر الماضي عن وقوع وفيات بين العاملين الوافدين بسبب ارتفاع درجات الحرارة، مشيرة إلى تلاعب الدوحة في أسباب وفاة هؤلاء العمال

وقالت وزارة العمل القطرية في بيان: "على الشركات الالتزام بالحدّ الأدنى للأجور وقدره 1000 ريال قطري (275 دولاراً) عند إبرام العقود، إلى جانب تخصيص بدل من قبل صاحب العمل في حال عدم توفير السكن الملائم والغذاء للعامل أو المستخدم، ويكون الحدّ الأدنى لبدل السكن 500 ريال قطري، والحدّ الأدنى لبدل الغذاء 300 ريال".

بالمقابل، قالت مجموعة "ميغرانت رايتس": إنّ الحدّ الأدنى الجديد للأجور منخفض جداً، ولا يعكس غلاء المعيشة في قطر.

يذكر أنّ "بي بي سي" قد كشفت في تقرير نشرته الشهر الماضي عن وقوع وفيات بين العاملين الوافدين بسبب ارتفاع درجات الحرارة، مشيرة إلى تلاعب الدوحة في أسباب وفاة هؤلاء العمال.

وقال التقرير "قد تخفي الطريقة التي تصنّف بها قطر الوفيات التي تقع في صفوف العمال الوافدين العدد الحقيقي لمن يموت نتيجة التعرض لدرجات الحرارة المرتفعة، وذلك حسب إفادات جديدة جمعتها "بي بي سي".

ودعا العمال الوافدون وأسرهم دول الخليج وحكومات الدول التي ينتمون إليها إلى إجراء تحقيقات أكثر شمولية لرصد حالات وفيات العمال الذين يعتقد أنهم توفوا نتيجة التعرض لدرجات حرارة مرتفعة جدا أو جراء إصابتهم "بضربة شمس".

مواضيع ذات صلة:

تقرير لمنظمة العفو الدولية يوثق هذه الانتهاكات بحق العمالة الوافدة في قطر

كورونا يجتاح مجتمعات العمالة الوافدة.. فهل تتكتم قطر على الأعداد الحقيقية؟

تقرير دولي عن أوضاع العمالة الوافدة في قطر...هذا ما جاء فيه




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية