كارثة عفرين مستمرة تحت الاحتلال التركي

كارثة عفرين مستمرة تحت الاحتلال التركي


06/01/2021

إبراهبم إبراهيم

تعيش مدينة عفرين السورية حالة قهر تحت سيطرة القوات التركية والميليشيات الإسلامية وتتزايد وتيرة الإبادة والجرائم في الأشهر والأيام الأخيرة إلى حد الرعب مما يؤدي ذلك إلى عدم خروج المواطنين الكرد من منازلهم خوفاً من اعتقالهم، وعدم الرد على اتصالات ذويهم الهاربين والنازحين خارج المدينة.

فقد شنّ الجيش التركي رفقة 25 ألفاً من عناصر الفصائل الإسلامية المتطرّفة والإرهابية المدعّومة منه، يوم العشرين من شهر يناير 2018، هجوماً عسكرياً ضخماً على مقاطعة عفرين الكردية السورية الواقعة شمال غربي البلاد، والتي عُرف عنها هدوئها الأمني مقارنة بالجغرافية السورية الملتهبة، حيث كانت ملاذاً لمئات آلاف السوريين الفارين من هول الحرب من مناطقٍ أخرى.

وكان موقع "الحلّ السوري" الإخباري قد نقل في تقريرٍ يوم 19 مارس 2018 على لسان من ادّعى الموقع أنه ناشط سوري شارك بالغزو التركي واسمه سمير: "منذ اللحظة الأولى لدخول عفرين، انتشر عناصر فصائل الجيش الحر وبدأوا بفتح المحال التجاريّة ونهبها، إضافة لدخولهم إلى المؤسسات المدنية ومباني المرافق الحيوية في عفرين". وأضاف أن "أموال المدنيين في عفرين استبيحت بشكل جنوني من قبل الجيش الحر".

واليوم، رغم انتهاء الحملة العسكرية التركية منذ ما يقارب السنتين ودخول تلك المجموعات المسلّحة إلى بلدات وقرى عفرين، إلا أن الجيش التركي ومعه عناصر الفصائل الإرهابية، لم يتوقفا عن ممارسة أقسى الأساليب وحشية وإرهاباً بحق سكان المقاطعة الكرد عبر القتل والخطف والاغتصاب والاختفاء القسري للأشخاص (إلقاء القبض أو احتجاز أو اختطاف) من قبل المخابرات التركية ومجموعاتها الإسلامية الراديكالية، والسطو على الأملاك وحرق الأراضي الزراعية والأشجار وقطعها وتدمير الاثار والمواقع التاريخية وسرقة محتوياتها.

بالإضافة إلى فرضها أحوال معيشية مهينة وقاسية، كالحرمان من الحصول على الطعام والدواء، وهو مازال قائماُ إلى حد كتابة هذا التقرير وإبعاد السكان أو النقل القسري للسكان الأصليين قسراً بالطرد أو بأي فعل قسري آخر. وحل آخرين محلهم وحرمانهم حرماناً متعمداً وشديداً من الحقوق الأساسية بسبب هويتهم الإثنية والمذهبية والسياسية والثقافية. وكل هذا يحصل بالطبع في ظل صمت دولي مرعب.
 

سرقة أعضاء البشر

ازدادت وتيرة الإبادة والجرائم في الأشهر والأيام الأخيرة إلى حد الرعب ويؤدي ذلك إلى عدم خروج المواطنين الكرد من منازلهم خوفاً من اعتقالهم، وعدم الرد على اتصالات ذويهم الهاربين والنازحين خارج عفرين وحتى سلام وأحاديث الجيرة بين بعضهم باتت سبباً للاعتقال والإهانة.

ففضلاً عن القتل والتدمير فقد ساد النهب والسرقة والاغتصاب وسرقة أعضاء البشر كما حصل مع نازلي حاج رشيد، من قرية قوشو في عفرين، حيث تعرضت للقتل في إحدى المشافي التي تديرها الاستخبارات التركية، وقد كانت الفتاة تعاني من مرضٍ بسيط وفق مقربينٍ منها، إلا أنها خرجت من المشفى جثة ناقصة الأعضاء.

 وقال مقرب من عائلة الطفل خليل شيخو الذي قُتل على يد حرس الحدود التركي (الجندرمة) على الحدود مع عفرين ان جثمانه تم تسليمه وقد كان مخيطاً. 

وفي 10 اغسطس 2020، كان قدر نضال بركات (38 عاماً) من جنديرس أن يدخل غرفة العمليات ويخرج جسده فارغاً من أعضائه، بعد أن سرقوا جميع أعضائه الداخلية وكذلك المواطن عثمان أحمد (70 عاماً) من قرية برج عبدالو وقد تم سرقة أعضاء من أجساد جثامين الذين قضوا في التفجير الإرهابي الذي ضرب سوق الهال في مدينة عفرين في 31 اكتوبر 2010 بعد نقلهم إلى المشافي التركية.  بالإضافة إلى مقتل وسرقة أعضاء المواطنين عبدالحنان محمد حسن/ قرية كفرصفرة والمواطن محمد محمود أيبو / قرية كورزيلة.
 

اعتقال وخطف

لم تتوقف ممارسات وأعمال الجيش التركي وعناصر ما يسمى بـ "الجيش الوطني السوري" التي تصل إلى حد حرب إبادة والتي تهدف إلى إرهاب وترويع السكان الكرد بقصد ترك منازلهم وأموالهم وإسكان المستوطنين من أهالي العناصر الإرهابية والذين باتوا راس الحربة لتلك العناصر في محاربة الكرد.

فقد ذكرت شبكة نشطاء عفرين في تقرير لها بتاريخ 26 ديسمبر 2020 أن الأسبوعين الأخيرين من الشهر الماضي خُطِف فيه العشرات من أبناء منطقة عفرين.

وفي تفاصيل موثقة ذكرتها الشبكة ذاتها أن العناصر الإرهابية أقدمت بتاريخ   19 ديسمبر 2020 على خطف 100 مواطن من مناطق متفرقة من عفرين، 25 منهم من النساء والرجال والأطفال الذين ينحدرون من ناحية ماباتا (معبطلي).

كما شهدت قرى جبل ليلون إطلاق الرصاص على مواطنين بسبب عدم دفعهم لفدية مالية واستيلاء وسرقة وفرض أتاوى مالية على الاهالي بهدف تضييق الخناق عليهم ودفعهم للخروج من المدينة، وأبعد من ذلك تعرض الكثير من أهالي المدينة للإهانة والشتم والضرب واغتصاب بعض النساء أمام أعين اقربائهن.

فرض الأتاوى

فرض فصيل السلطان سليمان شاه (العمشات) في قرية كاخورضريبة على محصول الزيتون (3000) تنكة زيت (صفيحة) وإجبار معاصر زيتون "بعدينا" على بيع البيرين (عرجون الزيتون) بسعر /30/ دولار للطن الواحد وهو أقل بـ (10) دولار عن السعر الذي تشتري به معامل البيرين في المنطقة.

الاستيلاء على ممتلكات المدنيين

يتم عبر المستوطنين ثم يبيعون لمستوطنون آخرين فقد قام مستوطن غوطاني بشراء منزل المواطن الكردي حسن قنبر من أهالي قرية خلالكا، من مستوطن آخر من بلدة المنصورة في ريف حلب الغربي، بمبلغ مقداره 1200 دولار أمريكي، كما قام آخر ببيع منزلٍ تعود ملكيته للمواطن الكردي خليل أحمد من قرية باسوطة بمبلغ 800 دولار أمريكي. وقد بلغ عدد المنازل المسروقة والتي أوثقتها منظمات حقوقية ناشطة منها شبكة من أجل عفرين الإعلامية أكثر من 35 منزلاً من المستوطنين المدعومين من العناصر الإرهابية.

كما أقدم مستوطنون على تحويل منزلي كل من سيدو احمد مصطفى واصلان ذياد قدور الى مقرّين عسكريين في حي الأشرفية في مركز المدينة. كما تم سلب منزل الأخوين شيخو وعثمان احمد كوشان. وقالت شبكة من أجل عفرين الإعلامية من داخل عفرين إن فيلق الشام هدد أهالي قري باصوفان وبرج حيدر وبعية وفافرتين وكباشين بناحية شيراوا بإخراجهم قسرا من منازلهم بعد حصار مازال مستمراً منذ أسابيع من قبل نفس العناصر، حيث تم منع دخول المواد الغذائية وإجبار المواطنين على إغلاق المحلات التجارية.

وقد ذكر تقرير آخر لمركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا ان "إسكان" وهي قرية آيزيدية بلغ عدد سكانها قبل الاحتلال التركي 3500 آيزيدي، لم يبق منهم الآن سوى ٢٠٠ شخص بعد تعرضهم لجميع انواع الانتهاكات من قبل مسلحي فيلق الشام التابع لتنظيم الاخوان المسلمين وحرمانهم من ممارسة طقوسهم الدينية وفرض الديانة الاسلامية عنوة عنهم ومنع اللغة الكردية.

سرقة الآثار

مازالت هذه العناصر الإرهابية مستمرة في البحث عن المقتنيات الاثرية وحفر المواقع الاثرية في عفرين حيث شهد مزار النبي هوري التاريخي تغيير ملامحه وتحويله الى مسجد من قبل مديرية أوقاف ولاية هاتاي التركية وتشييد أبنية إضافية في الموقع ووضع فيها منبر إمامة ممّا يشير إلى تحويله إلى مسجد بعد أن تعرض الى التخريب والتنقيب، وقد تم نقل الآثار المسروقة منه إلى تركيا.

تدمير البيئة

لم تنج البيئة من ممارسات هؤلاء العناصر الإرهابية التي تديرها النزعة الإسلامية والقومية التركية ضد الكرد وشعوب المنطقة، فقد أقدم فصيلي السلطان مراد وأحرار الشرقية على قطع (130) شجرة زيتون تعود ملكيتها للمواطن الكردي محمد خليل حمو من قرية حلوبية، و(90) شجرة للمواطن محمد درويش من قرية ماتينا. و900 من ناحية ماباتا و220 شجرة زيتون في منطقة قره جرنة وبيعها كحطب في الأسواق. بالإضافة إلى عملية قطع الغابات الحراجية التي مازالت مستمرة وبوتيرة متزايدة في جميع أنحاء عفرين.

وبحسب تقارير حقوقية صدرت تباعاً من داخل عفرين المحتلة، فأن منظمات وجمعيات خيرية وإغاثية قطرية وتركية وإخوانية دخلت إقليم عفرين بعد احتلالها لتكريس الاستيطان فيه عبر دعم المستوطنين وتمكينهم من بناء القرى الاستيطانية والمساجد والمدارس الدينية.

وذكرت هذه التقارير أن الأوضاع تشير إلى كارثة حقيقية يعيشها آهالي عفري ومن تلك المنظمات: منظمة يدا بيد / قطرية - القلب الكبير ورابطة أبناء حوران وأهل الشام/ شفق / تركية – التركية IHH – منظمة الفجر المشرق / قطرية وقف الديانة التركي- منظمة أرطغرل / تركمانية- الجمعية التركمانية- وجمعيات ومنظمات أخرى.

وذكر مركز توثيق الانتهاكات في الشمال السوري وراصد الشمال قبل أيام أن محاولات إحداث تغيير ديموغرافي في المنطقة واتباع سياسة التتريك مستمرة بقوة في منطقة عفرين من خلال فرض لغة ومناهج تعليمية تركية والغاء العمل بالهويات الشخصية السورية الذي هو مؤشر لعملية التغيير الديموغرافي التي تخطط لها قوات الاحتلال والكتائب المتعاونة معها، إضافة إلى ذلك تم تسجيل 18 حالة تحويل للمراكز التعليمية والثقافية ومنازل المدنيين إلى مقرات عسكرية، وأيضا سجل 12 حالة حريق في الممتلكات الأهالي، وهدم وتفجير 9 منازل، وجرف 500 قبر، و25 حالة سرقة ومصادرة لأملاك العامة والخاصة.

إن عفرين تتعرض إلى إجرام حقيقي ضحيته تاريخ مجتمع وثقافة إنسان تقوم بها تركيا ذات النزعة العنصرية.

عن "أحوال" تركية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية