"كوافير" الإخوان ... "تمشيط" مستمر لحرب لم تنتهِ بعد

"كوافير" الإخوان ... "تمشيط" مستمر لحرب لم تنتهِ بعد

"كوافير" الإخوان ... "تمشيط" مستمر لحرب لم تنتهِ بعد


14/08/2023

في العلوم العسكرية ليس هناك تعريف آخر لمصطلح (تمشيط) بخلاف تلك الإجراءات الميدانية التي تقوم بها وحدات خاصة تابعة للجيش، بعد إحكام الطوق على المنطقة المُراد تطهيرها من أيّ جيوب منعزلة محتملة كامنة فيها لتمرّدٍ ما، بعد هزيمته ودحره.

لكن في حرب الخرطوم الماثلة، والتي حدثت فيها انتهاكات كبيرة لكل شيء، لم يسلم منها مصطلح (تمشيط) نفسه، فقد ظلّ الجيش يستخدمه بكثافة في معظم بياناته التي تُكتب في الغرف الإعلامية التابعة للإخوان المسلمين ـ بحسب مراقبين ـ  ولمّا يمضِ بعدُ على الحرب التي اندلعت في 15 نيسان (أبريل) غير أسبوع واحد.

"هذا هو أسلوب الإخوان" في الدعاية والإعلام، يُمكن لأيّ سوداني أن يُجيبك بسهولة، دون أن يبذل جهداً في التفكير والتحليل، فقد خبِر السودانيون حكم الإخوان (30) عاماً، إنّهم يعرفون أساليبهم جيداً

ويُشار في هذا الصدد إلى أنّ الجيش السوداني استخدم مصطلح تمشيط، حتى عقب المعارك التي خسرها كمعركة مصنع اليرموك للأسلحة والذخائر، ومعركة رئاسة قوات الاحتياطي المركزي، ومعركة بحري، فضلاً عن معركة أم درمان الأخيرة التي تكبّد فيها خسائر فادحة، حيث أقرّ في بيان رسمي الأربعاء بمقتل (6) من ضباط المخابرات في معارك شرسة ضد قوات الدعم السريع؛ التي قالت ـ من جانبها ـ إنّها حققت نصراً ساحقاً عندما دحرت هجوماً واسعاً شنته وحدات من الجيش مدعومة بميليشيات إسلامية (إخوانية) على مواقع تسيطر عليها بمدينة أم درمان، وإنّها كبدت المهاجمين خسائر فادحة بلغت نحو (200) قتيلاً، وأكثر من (300) جريح و(83) أسيراً، معظمهم من الميليشيات والكتائب الإسلامية.

دعاية رخيصة

خلال الحرب التي أسفرت حتى الآن عن مقتل (3900) مدني على الأقل، وأجبرت نحو (4) ملايين آخرين على مغادرة بلداتهم ومنازلهم، سواء إلى ولايات أخرى لم تشهد أعمال العنف، أو إلى خارج البلاد، لم يتمكن الجيش السوداني ـ رغم حديثه المُتكرر عن عمليات تمشيط -  من استعادة أيّ موقع من مقراته التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع، لكي (يُمشطه)، فلماذا يا تُرى يحاول الجيش أن يُروّج لوقائع تناقض تماماً ما هو ماثل على أرض المعركة؟

في حرب الخرطوم حدثت انتهاكات كبيرة لكل شيء

"هذا هو أسلوب الإخوان" في الدعاية والإعلام، يُمكن لأيّ سوداني أن يُجيبك بسهولة، دون أن يبذل جهداً في التفكير والتحليل، فقد خبِر السودانيون حكم الإخوان (30) عاماً، إنّهم يعرفون أساليبهم جيداً.

عندما استولت الجماعة على الحكم في الخرطوم في 30 حزيران (يونيو) 1989، أعلنت الجهاد على مواطني جنوب السودان، واستنفرت الشعب، كما يحدث الآن تماماً، قبل أن يأتي عرّابهم الأكبر حسن الترابي، بعد أن اختلف معهم وأعلن عن حزبه (المؤتمر الشعبي)، ليقول إنّ من يسمّون بالمجاهدين الذي قتلوا في حرب جنوب السودان، ليسوا شهداء، بل ماتوا (فطائس).   

قتلة مأجورون أم إخوان مسلمون؟

في معركة أم درمان، الأربعاء، حاولت قوات من الجيش وميليشيات إخوانية التسلل إلى مواقع قوات الدعم السريع، عبر أحياء ود نوباوي والثورة والمهندسين والسوق الشعبي؛ لكنّها تصدّت لها وأوقعت فيها خسائر كبيرة، تم التوثيق لها من خلال مقاطع فيديو نُشرت على منصات التواصل، ليأتي المتحدث باسم الجيش، ويقول: إنّ حملة (التمشيط) أسفرت عن مقتل (4) عناصر من قواته فقط، قبل أن يتم تعديل العدد إلى (6) ضباط مخابرات وأمن، دون التطرق إلى القتلى من الجنود، بينهم القاتل المحكوم عليه بالإعدام والهارب من سجن كوبر (أشرف الطيب عبد المطلب)، وشهرته (أبو جيقة).

حسن الترابي

ويشار إلى أنّ الإخوان أنكروا صلتهم بأشرف، ووصفوه بالقاتل المأجور الذي يعمل لصالح جهاز الأمن والمخابرات، وذلك عقب القبض عليه بعد انهيار نظام البشير بتهمة قتل الثوار عمداً، وكان آخر ضحاياه حسن محمد عمر، وقد قتله بطلق ناري في العنق في موكب 25 كانون الأول (ديسمبر) 2018، وأدانته المحكمة في 27 حزيران (يونيو) 2021 ، تحت المواد (130-2 و186 أ) بالقتل العمد والجرائم ضد الإنسانية، وحكمت عليه بالإعدام شنقاً حتى الموت، وأودع سجن كوبر إلى حين تنفيذ الحكم، قبل أن يظهر في هذه الحرب ويُقتل فيها، وينعاه الجيش وجماعة الإخوان على أنّه ضابط في الأمن.

ليس مقتل (أبي جيقة) وحده هو الذي فضح تورط  قيادة الجيش السوداني بالتواطؤ مع الإخوان في فتح السجون وإطلاق سراح القتلة والمجرمين واللصوص، فقد ظهر مجرمون أطول قامة ولهم في القتل والإبادة والاغتصاب باع وذراع

ليس مقتل (أبي جيقة) وحده هو الذي فضح تورط  قيادة الجيش السوداني بالتواطؤ مع الإخوان في فتح السجون وإطلاق سراح القتلة والمجرمين واللصوص، فقد ظهر مجرمون أطول قامة ولهم في القتل والإبادة والاغتصاب باع وذراع، إلى حدّ مطالبة المحكمة الجنائية الدولية بالقبض عليهم والمثول أمامها، مثل نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني المحلول (إخوان) الهارب (أحمد هارون).

ليس أشرف وحده من نعته صفحات الإسلاميين على مواقع التواصل الاجتماعي ممّن سقطوا قتلى في معركة أم درمان، الأربعاء، من منسوبيهم داخل الجيش والمخابرات أو ضمن ميليشيات البراء بن مالك والدفاع الشعبي وهلمّ جرَّا، فقد قتل أيضاً الرائد بجهاز الأمن زهير عبد الرحمن، والنقيب أمن أحمد الصديق، والنقيب أمن مصعب إيكن، والرائد أمن مجتبى عبد الوهاب، وملازم أول شرطة صهيب مجدي، وجميعهم من الإسلاميين المتطرفين، فضلاً عن منسوبي ميليشيات البراء بن مالك، مثل عبد الرازق البحاري، والزبير خالد عبد الوهاب، وقد نعته صفحة حزب المؤتمر الوطني على (فيسبوك).

عطية مُزين

في الواقع ـ وعلى مسرح العمليات الميدانية - لا يوجد (تمشيط)، فالمعارك لم تحسم بعد، ولم يعلن أيٌّ من الطرفين المتقاتلين منذ (4) أشهر وضع الآخر خارج ميدان القتال، وانتهاء الحرب، وبالتالي ـ تمشيط أيّ جيوب كامنة محتملة ـ أو أيّ ذئاب منفردة تائهة من الطرف المهزوم.

عمليات التمشيط التي يروّج لها موجودة فقط في (كوافيرات) إعلام الإخوان المسلمين، لكنّها على الأرض ـ يطلق الجنود شعورهم  ولحاهم الكثة، فلا وقت للحلاقة والتمشيط أثناء المعركة، وبالتالي تبدو الدعاية الحربية الإخوانية التي تعتمد (الكذب) أساساً لها؛ كعطيّة مُزِّين، لشعب حُكم من قبلها (3) عقود عاشها لظىّ وسعيراً، ثم تريد مُجدداً أن تعود إلى (تمشيطه).

مواضيع ذات صلة:

بعد ممانعة وتشدد... لماذا طلب الجيش السوداني العودة إلى منبر جدة؟.. وما موقف الإخوان؟

ما الذي حملته قمة القاهرة لدول جوار السودان؟

"السودان يعاني فراغاً في القيادة"... رواه آبي أحمد وأخرجته إيغاد




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية