كيف أثرت جماعة الإخوان المسلمين على تنظيم القاعدة وداعش وإيران؟

كيف أثرت جماعة الإخوان المسلمين على تنظيم القاعدة وداعش وإيران؟

كيف أثرت جماعة الإخوان المسلمين على تنظيم القاعدة وداعش وإيران؟


12/02/2024

لا تحتفظ جماعة الإخوان المسلمين بعلاقات رسمية مع داعش والقاعدة، وعلى السطح قد تبدو المجموعات الثلاث مختلفة، حيث يدعو كل من القاعدة وداعش إلى الجهاد العنيف، في حين تسعى جماعة الإخوان المسلمين رسمياً إلى تغيير المجتمعات من الداخل. ومع ذلك، أعربت المجموعات في بعض الأحيان عن دعمها لبعضها البعض. 

وفي الواقع، هذه الجماعات ـ الإخوان المسلمين، والقاعدة، وداعش، وإيران ـ تشترك في أكثر من مجرد أسس أيديولوجية عميقة، وأوجه التشابه تفوق بكثير الاختلافات بينها، وهو ما حاول "المركز العربي لدراسات التطرّف" إثباته في دراسة حديثة  له بعنوان "تأثير جماعة الإخوان المسلمين على تنظيم القاعدة وداعش وإيران".

وذكرت الدراسة أنّ الأهداف الإقليمية طويلة المدى أيضاً حفزت أشكالاً مختلفة من التعاون بين الجماعات الثلاث، ففي حين تختلف هذه المجموعات في كثير من الأحيان في استراتيجيات المواجهة العامة، إلا أنّها في نهاية المطاف مرتبطة ببعضها البعض من خلال أيديولوجيتها المشتركة ورؤيتها لدولة إسلامية عالمية تحكمها الشريعة الإسلامية.

الإخوان المسلمون وداعش

الدراسة لفتت إلى أنّ داعش قد ازدرى علناً جماعة الإخوان المسلمين ووصفها بأنّها “سرطان مدمر” يحتكم لدين الديمقراطية بدلاً من الله. وعلى الرغم من الاختلافات العملياتية بينهما، وفّرت جماعة الإخوان المسلمين منصة لتلقين الشباب مبادئ الإسلاموية وجسراً للمجندين للوصول إلى الإسلاموية الأكثر عنفاً مثل داعش، كما دعمت الفصائل داخل الجماعات بعضها البعض على أساس الأهداف المشتركة والأعداء المشتركين والجبهة الإسلامية الموحدة.

وقد تم ربط جماعة الإخوان المسلمين بالعنف في مصر منذ سقوط الحكومة التي يقودها الإخوان هناك عام 2013، كما يستخدم القائمون على تجنيد الجماعات الإسلامية العنيفة في كثير من الأحيان أدبيات جماعة الإخوان المسلمين وأيديولوجيتها كجزء من برنامج التلقين الديني للمجندين المحتملين، الذين ينتقلون بعد ذلك بسهولة إلى الجماعات الجهادية العنيفة بشكل علني مثل تنظيم القاعدة وداعش.

 داعش قد ازدرى علناً جماعة الإخوان المسلمين ووصفها بأنّها “سرطان مدمر”

هذا وتعرّف بعض أعضاء تنظيم القاعدة وداعش لأول مرة على سلالات السلفية العنيفة من خلال جماعة الإخوان المسلمين قبل أن يتحولوا إلى الجماعات الإسلامية الجهادية بشكل علني. ومن بين هؤلاء زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي.

داعش والإخوان: الأهداف المشتركة تتجاوز العقيدة

وبينما تبادلت جماعة الإخوان المسلمين وداعش الاتهامات وسط خلافات حول التكتيكات والإستراتيجية، وجدت العناصر داخل كل مجموعة أرضية مشتركة للتعاون بسهولة لوجستياً وبطرائق أخرى.

ففي مصر؛ تقاسم الإخوان المسلمون وداعش عدوًّاً مشتركاً هو الحكومة المصرية منذ الإطاحة بحكم الجماعة عام 2013، فيما حظرت مصر جماعة الإخوان المسلمين في وقت لاحق من ذلك العام وصنفتها منظمة إرهابية. منذ ذلك الحين، تورط الإخوان في هجمات إرهابية متعددة ضد القوات المصرية.

 

هذه الجماعات تشترك في أكثر من مجرد أسس أيديولوجية عميقة وأوجه التشابه تفوق بكثير الاختلافات بينها

 

ويحتفظ تنظيم داعش بفرع تابع له في شبه جزيرة سيناء المصرية، وهو ولاية سيناء، مما يمنح الجماعة موطئ قدم في مصر، ويسمح لها بتوجيه هجمات ضد الدولة.

 وكانت الجماعة الإرهابية، التي كانت تعرف سابقاً باسم أنصار بيت المقدس، قد أعلنت الولاء لتنظيم داعش في تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 وغيرت اسمها إلى ولاية سيناء. وبحسب ما ورد، تضم المجموعة ما بين 1000 و1500 عضواً. 

وشن تنظيم ولاية سيناء هجمات أكثر دموية على الجيش المصري منذ تموز (يوليو) 2015، وشنت مصر حملة عسكرية كبيرة ضد ولاية سيناء في عام 2018، مما أسفر عن مقتل مئات المسلحين وفقاً للحكومة المصرية. ومع ذلك، تواصل الجماعة تنفيذ هجمات متفرقة في البلاد. 

وفي كانون الثاني (يناير) 2016، دعا داعش جماعة الإخوان المسلمين في مصر إلى التخلي عن فلسفتها اللاعنفية وحمل السلاح علناً ضد الحكومة المصرية. 

ويرى بعض المراقبين المصريين أنّ الأعضاء الأصغر سنّاً في جماعة الإخوان المسلمين يتجهون بشكل متزايد إلى العنف في مواجهة حملات القمع الحكومية على تنظيمهم، وفقاً لما جاء في الدراسة.

كما استفاد تنظيم داعش من العنف المصري لجذب الشباب المصريين إلى قضيته. ومع تصاعد العنف في مصر، لجأ بعض أعضاء جماعة الإخوان المسلمين إلى الجماعات الجهادية للانتقام من الحكومة والجيش.

ليبيا

وبحسب ما ورد، فقد انضم أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا إلى معسكرات تدريب داعش والقاعدة. ووفقاً لتقرير إخباري صدر في كانون الثاني (يناير) 2016، تلقى أعضاء جماعة الإخوان الشباب ما بين 150 و250 دولاراً يومياً للمشاركة في معسكرات التدريب الليبية.

واعتبرت الدراسة أنّ دور جماعة الإخوان المسلمين كجسر للمنظمات الجهادية أكثر وضوحاً في علاقات الجماعة بتنظيم القاعدة. على سبيل المثال، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على الشيخ عبد المجيد الزنداني عام 2004 بسبب “تاريخه الطويل في العمل مع بن لادن، حيث كان بمثابة أحد قادته الروحيين”، كما قاد الزنداني حزب الإصلاح السياسي التابع لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن.

هذا واعتقلت السلطات الأمريكية محمد جمال خليفة عام 1994 في قضية بتفجير مركز التجارة العالمي عام 1993. وكان أيضاً قيادياً بارزاً في جماعة الإخوان المسلمين وفقاً للحكومة الأمريكية. وقام في ما بعد بإدارة مؤسسة خيرية في الفلبين يُزعم أنها قامت بنقل الأموال إلى جماعة أبو سياف، وقام أيضاً بغسل الأموال لصالح بن لادن. قُتل عام 2007.

هذا وألقى محمد بديع، المرشد الروحي الأعلى لجماعة الإخوان المسلمين، خطبة عام 2010 توازي إعلان تنظيم القاعدة عام 1996 الذي استهدف الغرب. وعلى وجه التحديد، أعلن بديع أنّ المقاومة من خلال “الجهاد والتضحية وتربية جيل جهادي يسعى للموت كما يسعى الأعداء للحياة” هي “الحل الوحيد ضد الغطرسة والطغيان الصهيوني الأمريكي”. وأعلن كذلك أن الولايات المتحدة “تشهد الآن بداية نهايتها، وتتجه نحو زوالها”. وحكمت محكمة مصرية على بديع بالإعدام عام 2015 بتهمة التخطيط لهجمات ضد مصر، على الرغم من إلغاء الحكم لاحقاً.

أدت هذه الأمثلة إلى طرح قانون تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كإرهابيين في تشرين الثاني (نوفمبر) 2015 في مجلسي الكونغرس. ودعا مشروع القانون الولايات المتحدة إلى تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية، وإدراج الأعضاء السابقين في الجماعة الذين انضموا إلى تنظيم القاعدة في ما بعد كإرهابيين.

وقد مرّ العديد من أشهر قادة تنظيم القاعدة من خلال جماعة الإخوان المسلمين.

الإخوان المسلمون وجبهة النصرة

وقد عرّفت الدراسة جبهة النصرة بأنّها الفرع السابق لتنظيم القاعدة في سوريا، وهي جماعة متمردة مكرسة لاستبدال حكومة الرئيس بشار الأسد بنظام إسلامي. وانتقد زعيم جبهة النصرة، أبو محمد الجولاني، جماعة الإخوان المسلمين بسبب انحرافها عن التعاليم الإسلامية التقليدية، ومع ذلك، فقد تم توثيق استخدام جبهة النصرة لمواد من جماعة الإخوان المسلمين في برنامج التلقين الديني للجبهة.

ودافعت جماعة الإخوان المسلمين عن جبهة النصرة في عام 2012 بعد أن صنفتها الولايات المتحدة منظمة إرهابية. ووصف فاروق طيفور، نائب زعيم جماعة الإخوان السورية آنذاك، التصنيف بأنّه “خاطئ للغاية ومتسرع للغاية” بالنظر إلى ما أسماه “الجو الرمادي” في ذلك الوقت في سوريا. 

وفي عام 2016، غيرت جبهة النصرة اسمها رسمياً إلى جبهة فتح الشام وتخلت عن أي علاقات رسمية مع تنظيم القاعدة. وأشاد فصيل الإخوان المسلمين في سوريا بالقرار باعتباره خطوة نحو جعل الثورة السورية “محلية حقاً”. 

وفي العام التالي، أشاد الجولاني بالإيديولوجية المشتركة لتنظيم القاعدة والإخوان المسلمين. وقال الجولاني لقناة الجزيرة إنه على الرغم من أنهما قد يختلفان في تكتيكاتهما، إلا أن كلا المجموعتين تستمدان أيديولوجيتهما من نفس المصادر.

الإخوان المسلمون وإيران

لا يبدو للوهلة الأولى أنّ جماعة الإخوان المسلمين السنية والجمهورية الإسلامية الشيعية في إيران حليفان طبيعيان، كما أنّهم لا يحتفظون بعلاقات رسمية. وفي حين لا توجد روابط تنظيمية بين جماعة الإخوان المسلمين والحكومة الإيرانية، إلا أنّ لديهما روابط أيديولوجية. وكان لجماعة الإخوان تأثير في إنشاء الجمهورية الإسلامية وفي قادتها.

في عام 1946، أنشأ طالب اللاهوت الإيراني مجتبى ميرلوهي، المعروف أيضاً باسم نواب صفوي، فدائيي الإسلام. وسعت الجماعة إلى تطهير إيران من خلال القضاء على من اعتبرتهم أفراداً غير طاهرين. 

وقد تم تصميم فدائيي الإسلام على غرار النظام الخاص، وهو الفصيل المسلح السري التابع لجماعة الإخوان المسلمين في مصر والمسؤول عن العديد من الاغتيالات. 

وفي وقت لاحق، دعمت جماعة فدائيي الإسلام المستوحاة من جماعة الإخوان المسلمين رؤية الخميني لإقامة جمهورية إسلامية في إيران خلال السبعينيات، وأصبح أعضاؤها جنوداً للحكومة بعد الثورة الإيرانية عام 1979.

وورد في الدراسة أنّه ُسمع المرشد الأعلى الحالي لإيران، علي خامنئي، صفوي يتحدث في مدرسته عندما كان مراهقاً. ونسب خامنئي الفضل إلى صفوي في إشراكه في السياسة عندما بدأ في دعم أيديولوجية حركة فدائيي الإسلام التي يتزعمها صفوي. وقام خامنئي بترجمة كتابين من كتب قطب إلى اللغة الفارسية.

وعلى الرغم من الانقسامات بين الشيعة والإخوان السنة، أيدت جماعة الإخوان المسلمين ثورة الخميني الإيرانية عام 1979، باعتبارها تحقيقاً لهدفهم المتمثل في إقامة دولة إسلامية. 

وقبيل عودة الخميني إلى إيران، أرسلت جماعة الإخوان المسلمين ممثلين عن فروعها العالمية إلى باريس لتهنئته على نجاحه في الثورة. وفي عام 1982، قال زعيم الإخوان المسلمين عمر التلمساني إنّ جماعة الإخوان المسلمين تدعم الخميني سياسياً.

 

بينما تبادلت جماعة الإخوان المسلمين وداعش الاتهامات وسط خلافات حول التكتيكات والإستراتيجية، وجدت العناصر داخل كل مجموعة أرضية مشتركة للتعاون بسهولة

 

 على الرغم من أنّ السنة والشيعة ظلوا منقسمين دينياً. قامت حكومة الخميني بعدد من المبادرات تجاه الإخوان المسلمين. فقد أصدرت طابعاً بريدياً عام 1984 لإحياء ذكرى إعدام قطب عام 1966. 

وفي عام 1988، أطلقت حكومة الخميني من جانب واحد سراح أسرى الحرب المصريين الذين قاتلوا إلى جانب العراق في الحرب الإيرانية العراقية بناء على طلب أحد زعماء الإخوان المسلمين، الشيخ محمد غزالي.

واعتنق كل من الإخوان والخميني مركزية الإسلام في السياسة والحكم. بينما لا يزال الإخوان المسلمون وإيران منقسمين على أسس طائفية، اعترف الإخوان المسلمون في وقت مبكر برؤية الخميني، لكونها حققت الهدف الذي روجوا له منذ فترة طويلة. 

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية