كيف أربك التقارب المصري - التركي إعلام "الإخوان"؟

كيف أربك التقارب المصري - التركي إعلام "الإخوان"؟

كيف أربك التقارب المصري - التركي إعلام "الإخوان"؟


29/07/2023

أسامة السعيد

فرض التقارب المصري - التركي مجموعة من التحولات على أداء منصات تنظيم «الإخوان» الإعلامية، خاصة مع وصول ذلك التقارب إلى مرحلة «التطبيع الكامل»، وترفيع مستوى التمثيل الدبلوماسي في كلا البلدين.

وبحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فقد عكس «ارتباك» المعالجة الإعلامية لقنوات (الإخوان) ومنصاتهم المختلفة للتقارب بين مصر وتركيا خلال الأشهر الأخيرة، وجهاً إضافياً للأزمة التي يعيشها التنظيم، «بعد تحول (الملاذ الآمن) الذي لجأ إليه معظم العناصر الإخوانية الفارين من مصر على مدى العقد الماضي، إلى بناء علاقات طبيعية مع مصر»، وسط حالة من القلق بين عناصره المقيمة في تركيا بشأن مستقبلهم، خاصة «في ظل الإجراءات (المشددة) التي اتخذتها السلطات التركية بحقهم».

وأعلنت مصر وتركيا مطلع الشهر الحالي، إعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما إلى مستوى السفراء، بعد نحو 10 أعوام من القطيعة، في استكمال لسلسلة من خطوات التقارب بين البلدين بدأت منذ عامين.

وضاعف التقارب بين أنقرة والقاهرة من الانقسامات «الحادة» التي يعيشها «الإخوان»؛ إذ ترافقت خطوات التقارب الرسمي المصري - التركي، مع إجراءات من جانب السلطات التركية ضد المنابر الإعلامية الإخوانية التي تنطلق من الأراضي التركية، فقد «فُرضت ضوابط على القنوات الإخوانية بشأن عدم الهجوم على الدولة المصرية، فضلاً عن توقيف بعض الإعلاميين العاملين في القنوات الإخوانية».

وشهدت المعالجة الإعلامية من جانب القنوات «الإخوانية» للتقارب المصري - التركي «حالة واضحة من (الارتباك)، وسعت تلك القنوات إلى (التشويش) على الحدث»، فحاولت هذه القنوات أحياناً الادعاء بأنه «محاولة من الجانب المصري للاستفادة من تركيا اقتصادياً»، فيما زعم مقدمو برامج بالقنوات الإخوانية أن ذلك «لا يعكس إرادة الدولة المصرية؛ بل تحركاً مفروضاً عليها في إطار تسوية الخلافات في الإقليم»، فيما سعى آخرون إلى وضع تنظيم «الإخوان» وعناصره هدفاً لهذا التقارب، وأن القاهرة «لا تسعى من خلاله إلا لاستهداف عناصر التنظيم».

كرم سعيد، الباحث في الشؤون التركية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بمصر، أشار إلى أن معالجة منصات «الإخوان» الإعلامية «اتسمت بالارتباك والغموض والتشكيك»، موضحاً أن «تلك المنصات على اختلاف الجبهات التي تتبعها حاولت (التشكيك) في جدية التقارب المصري - التركي»، والإشارة إلى وجود ما يصفونه بـ«الخلافات» بين الجانبين، خاصة فيما يتعلق بتسليم عناصر «الإخوان» إلى السلطات المصرية.

وأضاف سعيد لـ«الشرق الأوسط» أن التقارب المصري - التركي «فرض على المنصات الإعلامية الإخوانية أن تغير من استراتيجيتها»، فبالإضافة إلى محاولة البحث عن (ملاذات آمنة) أخرى بممارسة نشاطها بعيداً عن الضوابط التركية الجديدة التي بدأت في الظهور منذ المباحثات الاستكشافية بين أنقرة والقاهرة عام 2021، والتي يعتبرها إعلاميو (الإخوان) «نوعاً من التضييق»، يُمكن أن «تضطر قيادات (الإخوان) إلى تجميد بعض تلك المنصات، نتيجة تراجع التمويل في السنوات الأخيرة، بعد تحولات جوهرية في سياسات الداعمين الإقليميين للتنظيم ومنابره الإعلامية».

التحول في الاستراتيجية الإعلامية لـ«الإخوان» في أعقاب التقارب المصري - التركي، لا يقتصر فقط على البحث عن «ملاذات آمنة جديدة» خارج الأراضي التركية فحسب، بل يمتد كذلك إلى البحث عن «أرضية جديدة لبناء خطابها الإعلامي والاحتفاظ بجمهورها»، وهذا ما تؤكده الدكتورة سهير عثمان، أستاذ الإعلام المساعد بجامعة القاهرة، والتي تشير إلى أن «المنصات الإعلامية (الإخوانية) بنت خطابها الإعلامي خلال السنوات الماضية على انتقاد الدولة المصرية، وتقديم تركيا كدولة نموذج، وبالتالي يُمثل التقارب الأخير، ومساعي أنقرة للتعاون مع القاهرة في كل المجالات ضربة قاصمة لمصداقية تلك المنصات الإعلامية لدى جمهورها».

عثمان أضافت لـ«الشرق الأوسط» أن التقارب المصري - التركي «يضع إعلام (الإخوان) في مأزق حقيقي على أكثر من مستوى»، فهناك الإجراءات التركية لضبط «التحريض الإخواني» ضد مصر، وكذلك توقيف من لا يلتزم بتلك الضوابط؛ لكن الأهم أن ذلك التقارب سيظهر الانتقادات الإخوانية ضد مصر باعتبارها «هجوماً شخصياً، لا يعتمد على أسس أو رؤية سياسية معقولة»، وهو ما تتوقع معه أن تلجأ تلك المنصات إلى البحث عن قضايا اجتماعية أو رياضية وثقافية للهجوم على مصر، «بعدما فقدت الرسالة الإعلامية الإخوانية مصداقيتها في القضايا السياسية».

وكانت تركيا قد اتخذت مجموعة من الإجراءات ضد إعلاميين محسوبين على «الإخوان»، لعل آخرها كان ترحيل الإعلامي حسام الغمري من أراضيها في فبراير (شباط) الماضي، بعد أن تم توقيفه لفترة.

وبدأ الغمري بعدها في بث مجموعة من الفيديوهات التي يهاجم فيها قيادات «الإخوان»، وتخليهم عن شباب التنظيم، كما اتهم بعض القيادات بـ«التعاون مع أجهزة استخبارات غربية».

وطالبت السلطات التركية في مارس (آذار) عام 2021، القنوات الموالية للتنظيم بوقف برامجها التحريضية ضد مصر، أو التوقف نهائياً عن البث من الأراضي التركية، حال عدم الالتزام بميثاق الشرف الإعلامي المطبَّق في تركيا، وفي العام نفسه أعلنت فضائية «مكملين»، وهي واحدة من ثلاث قنوات تابعة لـ«الإخوان» تبث من إسطنبول، وقف بثها نهائياً من تركيا.

وكشفت تقارير إعلامية تركية عن أن «السلطات هناك كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من حملاتها ومداهماتها ضد عناصر (الإخوان) المقيمين في تركيا، واحتجزت نحو 60 عنصراً (إخوانياً)، بينهم عاملون في المنصات الإعلامية للتنظيم، لا يحملون هويات أو إقامات أو جنسيات، فيما تم بالفعل ترحيل نحو 7 من هؤلاء العناصر إلى دول مجاورة». كما قررت أنقرة «إيقاف عمليات التجنيس والإقامات الإنسانية، والتنبيه على قيادات التنظيم بوقف استقدام أي عناصر أخرى للبلاد».

عن "الشرق الأوسط" اللندنية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية