كيف أصبحت السعودية "سُلطة كروية" عالمية؟

كيف أصبحت السعودية "سُلطة كروية" عالمية؟

كيف أصبحت السعودية "سُلطة كروية" عالمية؟


14/06/2023

ترجمة وتحرير: محمد الدخاخني

في الفريق الذي أشجّعه، «فولهام»، لا يزال كبار السّنّ يتحدّثون بولع عن موسم 1976، حين لَعِب كلّ من بوبي مور، قائد منتخب إنجلترا الفائز بكأس العالم، وجورج بيست، عبقري «مانشستر يونايتد» السّابق، ورودني مارش، وهو ساحر آخر، لصالح «البِيض».

وقد كان تجنيد لاعبين جاوزوا سنّ الشّباب سياسةً متعمّدةً من جانب «فولهام». في ذروة قوّتهم، ما كان لهؤلاء النّجوم أن يمنحوا «فولهام» نظرةً ثانية. لكنّهم، فيما بعد، رقصوا فرحاً لمجرّد الانضمام إلى فريق، والحصول على المُقابل.

وهذا، بالضّبط، ما فعلوه، حيث قدّموا فرحةً لا مثيل لها، وأظهروا مهارةً رائعةً، وعبّروا عن ترفيه فاخِر. كانت الأهداف مذهلة، وكانت هناك لحظة مُبهِجة - أُعيد تشغيلها باستمرار - هاجم فيها مارش زميله في الفريق، بست، من أجل المتعة فقط.

بالطّبع، كان المشجعون يعرفون أنّ الثّلاثي يتقدّم في السّنّ، لكن هذا لم يهمهم: شاهدوا أساطير كرة القدم وهم يلعبون لصالح فريقهم. كانت الأمور، أيضاً، تتمّ وفق طريقة جادّة. فاز «فولهام» بالمباريات، وزادت الجماهير من 10,000 إلى 21,000، وكان اللاعبون الأصغر سنّاً يُطالبون بصوت عال بفرصة اللعب إلى جانب هذه الأسماء الكبيرة. وأصبح «فولهام» أحد أكثر الفرق التي شجّعتها إثارةً في كرة القدم.

هناك شيء مشابه يحدث في السّعوديّة. لقد أعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أنّ «صندوق الاستثمارات العامّة»، صندوق الثّروة السّياديّ السّعوديّ، سيستحوذ على أكبر أربعة أندية في البلاد. وفي الوقت نفسه، ستكون هناك استثمارات كبيرة في دوري كرة القدم الأوسع، في فرق أخرى، ويجب إقناع أشهر لاعبي أوروبا بالتّوقيع.

بنزيمة ينضم إلى رونالدو

كريم بنزيمة، حامل «الكرة الذهبيّة» الحاليّ، سينضمّ قريباً إلى كريستيانو رونالدو في المملكة. ويجري الآن الانتهاء من صفقةٍ لنقله إلى فريق «الاتّحاد».

كريم بنزيمة يتجه نحو كرة القدم السعودية بعد إنهاء فترته في ريال مدريد

التّالي على قائمة الدّوريّ السّعوديّ للمحترفين هو ليونيل ميسي (الذي حسم أمره وذهب إلى فريق إنتر ميامي الأمريكي)، الذي يستهدفه فريق «الهلال» - وهو من بين «الأربعة الكبار»، إلى جانب «النّصر» - الفريق الذي يلعب فيه رونالدو -، و«الاتحاد»، و«الأهلي». ومن شأن «صندوق الاستثمارات العامّة» أن يمتلك 75 في المائة من الأندية، بينما تسيطر منظّمة غير ربحيّة على النّسبة المتبقية، البالغة 25 في المائة. ستحصل أربعة أندية أخرى من دوري المحترفين على الدّعم، حيث ستضخّ شركات سعوديّة مملوكة للدّولة مبالغ نقديّة كبرى.

الفكرة أن تمتلك السّعودية دورياً عالي الجودة ومنافساً للغاية، ممّا يجعلها ضمن أفضل 10 دوريات في العالم. حالياً، يُصنّف الدّوري السّعوديّ في المرتبة 58 من حيث الجودة، أقلّ من الدّوريّ الاسكتلنديّ الممتاز وفوق دوري الدّرجة الثّالثة في إيطاليا.

ستصبح الأندية السّعوديّة، التي يتمتّع بعضها بالفعل بمتابعة عالية، نقطة جذب للشباب السّعوديّ، ممّا يُسهم في بناء اقتصاد نابض بالحياة ومُنعِش

خطتهم ليست أن يكون هناك دوري يتألّف فقط من نجوم مُضمَحلين. النّية أن يرغب الشّباب، من المحليّين والأجانب، في الانضمام إلى هؤلاء الأساطير، وأن يُرفَع مستوى كرة القدم المحلّيّة على جميع المستويات، وأن يُشاد بالسّعوديّة على نطاق واسع باعتبارها دولة جادّة في كرة القدم.

ويسعى ولي العهد، أيضاً، إلى شيء آخر ثانويّ، وهو التّرويج للرّياضة واللياقة البدنيّة في دولة تُعاني، مثل بعض الدّول المتقدّمة الأخرى، من ارتفاع معدّلات الإصابة بمرض السّكري، وأمراض القلب، والسّمنة.

ستصبح الأندية السّعوديّة، التي يتمتّع بعضها بالفعل بمتابعة عالية، نقطة جذب للشباب السّعوديّ، ممّا يُسهم في بناء اقتصاد نابض بالحياة ومُنعِش. ومع رفع مكانة صناعة الرّياضة في المملكة، من المأمول أن يأتي الاعتراف الدّوليّ.

لقد سارت أندية أخرى، وليس «فولهام» فقط، وبلدان أخرى على المسار نفسه، بنتائج متفاوتة. ومنذ وقت ليس ببعيد، كانت الصين هي المكان المناسب لذلك، لكن دوريها سقط من الحسابات. ولطالما كانت الولايات المتحدة، أيضاً، أرضاً للبحث عن النّجوم الرّاغبين في وقتٍ لتوديع حياتهم المهنية. وفي حين أنّ دوري المحترفين الأمريكيّ يُعترف به الآن باعتباره دورياً رئيساً ويستقطب حشوداً أكبر ويتطلّب وقتاً متزايداً للبثّ، فإنّه بطريقة ما لم يرق قط إلى طبيعته الاحتفاليّة ووعوده.

انتظروا منافسة جذابة

ومع ذلك، بدءاً من 2023-2024، يمكن لكلّ فريق مملوك لـ«صندوق الاستثمارات العامّة» أن يستهدف ما لا يقلّ عن ثلاثة أسماء مشهورة عالمياً. وبالنّظر إلى أنّهم يشتركون في الملكيّة نفسها، يمكن لمنظّمي الدّوريّ ضمان التّوزيع العادل للمواهب (مثل «نظام المسودة» في اتّحاد كرة القدم الأمريكيّ)، ممّا يخلق منافسة مُحكمة وجذّابة.

يمكن للنجم الأرجنتيني ليونيل ميسي أن يشارك أيضًا في الدوري السعودي للمحترفين.

وكما نعرف، فإنّ كلّ اسم كبير يجلب معه قاعدة المعجبين، والتّغطية الإعلاميّة، ومتابعي وسائل التّواصل الاجتماعيّ الخاصين به.

الفكرة أن تمتلك السّعودية دورياً عالي الجودة ومنافساً للغاية، ممّا يجعلها ضمن أفضل 10 دوريات في العالم. حالياً، يُصنّف الدّوري السّعوديّ في المرتبة 58

وكان من المتوقع، لو سار الأمر وفق المشتهى، أن يعرض «الهلال» على ميسي حوالي 400 مليون دولار، بالإضافة إلى عقد منفصل للتّرويج للسّياحة في السّعوديّة.

استعدوا لمشاهدة سيل من اللاعبين، والمدرّبين، والحكّام المعروفين الذين يصطفّون للمشي على خطى بنزيمة، ورونالدو. ومن بين اللاعبين الآخرين الذين ورد ذكرهم نيمار، وبيبي، ولوكا مودريتش، وويلفريد زاها، ونغولو كانتي، وأداما تراوري، وهوغو لوريس، وأليكسيس سانشيز، وروبرتو فيرمينو.

المصدر:

كريس بلاكهيرست، ذي ناشونال، 7 حزيران (يونيو) 2023




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية