كيف تتحالف حماس وإسرائيل على تهجير سكان قطاع غزة؟

كيف تتحالف حماس وإسرائيل على تهجير سكان قطاع غزة؟

كيف تتحالف حماس وإسرائيل على تهجير سكان قطاع غزة؟


كاتب ومترجم فلسطيني‎
24/09/2023

تتزايد بشكل ملحوظ ومقلق أعداد الشباب الراغبين في الهجرة من غزة إلى أوروبا، حيث يخرج بشكل يوميّ عشرات الشباب الذين يتجهون نحو تركيا ومن ثم التهريب بطرق غير شرعية بحراً إلى اليونان، وما يثير القلق لدى المراقبين أنّ رحلة الهجرة لم تعد فرصة نجاحها ضعيفة كما في السابق، بل أنّ هناك تسهيلات تقدم للمهاجرين أثناء خروجهم من الأراضي التركية إلى اليونانية دون أي مخاطر أو قيود، وهذا ما دفع مراقبين إلى الاعتقاد بأنّ هناك دوراً إسرائيلياً كبيراً في تسهيل عبور المهاجرين واستقبال دول أوروبية لهم، فضلاً عن تقاعس حكومة غزة التي تسيطر عليها حركة حماس، وفشلها في إيجاد حياة كريمة للفلسطينيين.
وشهدت الأشهر الخمسة الماضية تصاعداً لظاهرة هجرة الشباب والعائلات من قطاع غزة، حيث استقبلت المكاتب التي يتم من خلالها منح تأشيرات سفر لتركيا التي تعد أولى محطات الهجرة، المزيد من الراغبين في مغادرة قطاع غزة، بينما ينتظر الآلاف في تركيا إكمال طريقهم لليونان، في حين يبرر المهاجرون أسباب توجههم إلى ذلك، بالأمل في الحصول على حياة ومستقبل أفضل، نتيجة انعدام الحياة وغياب فرص العمل في قطاع غزة .
ومع تزايد أعداد الذين هاجروا وتقديم المئات من الشباب طلبات الحصول على الفيزا التركية استعدادا للمغادرة، تجد الجهات الحقوقية والمختصة صعوبة في حصر أعداد الذين هاجروا، ولكن وفق مصادر شبه رسمية، فإنّ إجمالي عدد الذين غادروا قطاع غزة للهجرة والاستقرار في أوروبا منذ العام 2019 حتى الشهر الحالي قد بلغ ما يقارب من 200 ألف مواطن، في حين أثار ارتفاع أعداد المهاجرين حالة من الجدل والسخط بين المواطنين في غزة، بعد عجز الحكومة التابعة لحماس عن إيجاد حلول والحد من تصاعد الظاهرة .
مخطط إسرائيلي
في غضون ذلك، يجري الحديث عن مخطط يستهدف إخراج الشباب من غزة، وذلك من خلال تسهيل وصولهم إلى اليونان، وهذا ما تحدث به الكثير من الشباب الذين وصلوا وواجهوا تسهيلات في إجراءات الحصول على الإقامة والخروج من مخيمات اللجوء، في مقابل ذلك ذكرت مصادر إسرائيلية بأنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، سعى إلى تهجير سكان القطاع طوعاً إلى دول أوروبية وعربية عدة من دون رجعة، لكن ثمة مشكلة واجهته وهي أنّ جميع الدول التي توجه إليها لم ترد إيجاباً على الاقتراح المقدم، وحول آلية تهجير سكان غزة التي تسعى إسرائيل إلى تطبيقها، فإنّها ستكون طوعية لمن يرغب في السفر من أجل العمل أو الحصول على جنسية أو الدراسة.

تتزايد بشكل ملحوظ ومقلق أعداد الشباب الراغبين في الهجرة من غزة إلى أوروبا
وكشف مسؤول إسرائيلي كبير، أنّ هناك مساعي تبذلها الحكومة الإسرائيلية لتشجيع هجرة سكان غزة عبر تمويل رحلات هجرة طوعيّة، كما أنّها استعدت لتمويل رحلات الهجرة على أن تنطلق من مطارات سلاح الجو جنوب البلاد، وهذه التسهيلات هي محاولة للتخفيف من تهديد أزمات القطاع، وتجنب الانفجار السكانيّ الذي يمكن أن يشكل خطراً أمنياً واقتصادياً عليها.
سكان غزة في وضع كارثي
وفي تعقيب له على ذلك، يقول رئيس الهيئة الدولية للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني الدكتور صلاح عبدالعاطي "إسرائيل تحاول بشكل مستمر العمل على تخفيف الكثافة السّكانية المرتفعة في غزة بشتى الطرق، تحسباً من أي تهديد أمني قد تواجهه، فهي تعمل على ذلك من خلال الحروب المتكررة، والاستمرار في فرض الحصار الجائر على مدار 17 عاماً، وتحويل حياة السكان إلى مستوى كارثي للضغط عليهم ، كما لا يخفى على أحد قدرة إسرائيل وعلاقاتها مع الدول الأوروبية، واستغلالها لكل الظروف من أجل تسهيل عمليات الهجرة القسرية للشباب".

شهدت الأشهر الأخيرة تصاعداً لظاهرة هجرة الشباب والعائلات من قطاع غزة، حيث استقبلت مكاتب السفر تأشيرات لتركيا التي تعد أولى محطات الهجرة


وأشار في حديثه لـ"حفريات": إلى أنّ "التسهيلات الحاصلة على الحدود التركية واليونانية بشكل مفاجئ، باتت تثير القلق من وقوف إسرائيل وراء تدفق أعداد المهاجرين من داخل قطاع غزة، خاصة بعد التسهيلات التي يحصل عليها المهاجرون من الدخول دون أي اعتداءات أو ترحيل كما في السابق، عدا عن الحصول على الإقامة بشكل سهل وسريع". 
وبين أنّ "هناك عوامل محلية إلى جانب مخططات إسرائيل دفعت إلى تنامي ظاهرة الهجرة في غزة، ومنها التداعيات السلبية للانقسام الداخلي الفلسطيني والتي انعكست سلباً على حياة الفلسطينيين خاصة في قطاع غزة، كما أنّ انتهاك الحريات والحقوق من قبل السلطات في غزة وضيق مساحة حرية التعبير من قبل الشباب، دفعت بالكثيرين إلى الهجرة والهروب من الواقع المعيشي والملاحقة الأمنيّة".
 ولفت إلى أنّ "فشل إسرائيل في حروبها المتكررة على قطاع غزة في وقف التهديد من غزة، دفعها للتفكير في خطوات أخرى للتخفيف من التضخم السّكاني، وإبعاد فكر الشباب عن الانخراط في المقاومة، وذلك من خلال الضغط على الشباب والترويج لفكرة الهجرة إلى أوروبا، وهذا تسبب بحالة من الإغراء لدى غالبية كبيرة جداً من الشباب، خاصة ممن هم عاجزون عن توفير لقمة عيشهم داخل غزة".
انفجار سكاني
بدوره، أكد المختص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور الأفكار السابقة بأنّ "هناك مخاوف إسرائيلية من حدوث انفجار سكاني ضخم في غزة باتجاه إسرائيل، نتيجة الضغوط المفروضة على السكان من جانب إسرائيل، وتزايد الكثافة السّكانية بشكل كبير جداً بالتزامن مع ضيق المساحة السّكانية للمواطنين، وعدم توفير احتياجات وخدمات السكان، إلى جانب عدم منح المواطنين فرصة للحياة الكريمة مع تصاعد معدلات الفقر والبطالة، وتدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية داخل غزة".

د. صلاح عبد العاطي لـ"حفريات": انتهاك الحريات والحقوق من قبل حكومة حماس وضيق مساحة حرية التعبير دفعت بالكثيرين من الشباب إلى الهجرة


وأوضح منصور في حديثه لـ"حفريات" أنّ "الحكومة الإسرائيلية أعدت مسبقاً برنامجاً سّياسياً واسعاً ولا تزال تعمل من خلاله في البحث عن طرق لتسهيل وترغيب هجرة الفلسطينيين، وبالأخص السكان في قطاع غزة، من خلال البحث والتواصل مع الدول التي ترغب في استيعاب لاجئين وتبحث عن أيدٍ عاملة، وذلك من خلال فرض الضغوط والإغراءات عليهم".
تقاعس حكومة غزة
وأضاف أنّ "هناك تقاعس من قبل الجهات المختصة في غزة للحد من تنامي هذه الظاهرة، حيث أنّ هذا التجاهل هو من الأسباب الأساسية التي زادت من فكرة توجه الشباب نحو الهجرة، نتيجة عدم اشراك الطاقات الشبابية في المجتمع وغياب فرص العمل أمامهم، وعدم تمويل مشروعات صغيرة تحسن من ظروفهم المعيشية، فأغلب ممن هاجروا لو وجدوا فرصة تضمن لهم مستقبل وكرامة في غزة لما خرجوا منها".

هناك مخاوف إسرائيلية من حدوث انفجار سكاني ضخم في غزة باتجاه إسرائيل
وتابع إنّ "تمدد هذه الظاهرة يهدد بوجود خلل ديمغرافي داخل فلسطين، بالإضافة إلى انهيار القطاعات الخدمية من خلال هجرة الكفاءات الفلسطينية من أطباء ومهندسين وتقنيين وغيرهم من الكفاءات، عدا عن خطورة إافراغ قطاع غزة من الشباب الذين يمثلون العمود الفقري للمقاومة ولعملية التنمية".  
ويعيش في قطاع غزة ما يقارب من مليوني ونصف المليون مواطن، يعاني أكثر من نصفهم ظروفاً معيشية صعبة، ويعتمدون في حياتهم على المعونات المقدمة من قبل المؤسسات الإغاثية الدولية، في حين وصلت معدلات البطالة بين الشباب في غزة قرابة 54 في المئة، وهذه النسبة تعتبر من المستويات الخطيرة والأولى في العالم.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية