كيف ساهمت جهات غربية في تمويل حركة طالبان؟

كيف ساهمت جهات غربية في تمويل حركة طالبان؟


30/08/2021

استطاعت حركة طالبان أن تصمد 20 عاماً في حربها ضد الولايات المتحدة والقوى الأجنبية، قبل أن تتمكن من إسقاط العاصمة كابول في قبضتها.

 وتُعد المخدرات أولى مصادر تمويلها، فمنذ وصول القوات الأمريكية إلى أفغانستان، ضاعفت الحركة زرع حقول الأفيون وتحكمت في مخابر إنتاج الهيروين وسيطرت على جزء كبير من تجارة المخدرات. وتُعد البلاد مصدر 84% من الهيروين العالمي، وفق ما ذكرت الأمم المتحدة في تقرير المخدرات لعام 2020.

 واستفادت الحركة من الدعم الخارجي القادم من باكستان وبعض الممولين من الدول العربية، بالإضافة إلى الضرائب التي تفرضها على الأفغان.

اقرأ أيضاً: "طالبان المعتدلة" والتنظيمات المتطرفة

وبحلول منتصف عام 2021 كان في صفوف الحركة ما يقدر بـ 70 ألف إلى 100 ألف مقاتل، مقارنة بحوالي 30 ألفاً قبل عقد من الزمن، حسب التقديرات الأمريكية.

 وقد تطلّب الحفاظ على هذا المستوى من المواجهة ومقاومة القوات الأمريكية والحكومية الأفغانية قدراً كبيراً من المال من مصادر داخل وخارج أفغانستان.

 وكان الدخل السنوي للحركة في عام 2011 وما بعدها يقدر بحوالي 400 مليون دولار حسب تقديرات الأمم المتحدة.

تُعد المخدرات أولى مصادر تمويل الحركة

 لكن بحلول نهاية عام 2018 يرجح أنّ عائدات ودخل الحركة هذا قد زاد بشكل كبير ووصل إلى 1.5 مليار دولار سنوياً، وفقاً لتحقيقات قامت بها "بي بي سي".

 وتشير المقابلات التي أجرتها هيئة الإذاعة البريطانية داخل أفغانستان وخارجها إلى أنّ الحركة تدير شبكة مالية ونظام جباية ضرائب في غاية التطور.

 ولطالما اتهم العديد من المسؤولين الأفغان والأمريكيين دولاً معينة، بما في ذلك باكستان وإيران وروسيا، بتقديم مساعدات مالية لطالبان، وهو ما تنفيه هذه الدول تماماً.

 

بحلول نهاية عام 2018 يرجح أنّ عائدات ودخل طالبان قد زاد بشكل كبير ووصل إلى 1.5 مليار دولار سنوياً

 

 ويُعتبر المتبرعون الأفراد في باكستان وبعض دول الخليج أكبر المساهمين الأفراد في تمويل الحركة.

 وعلى الرغم من استحالة معرفة حجم هذه التبرعات بدقة، لكن يُعتقد أنّ هذه التبرعات تمثل جزءاً كبيراً من دخل الحركة، ويقدّر الخبراء هذه التبرعات بحوالي 500 مليون دولار في العام.

 وقدّر تقرير استخباراتي أمريكي سري أنّ طالبان تلقت في عام 2008 حوالي 106 ملايين دولار من جهات أجنبية، ولا سيّما من دول الخليج.

 ويعمل نحو 120 ألف شخص في زراعة وتصنيع الأفيون في أفغانستان حسب الأمم المتحدة.

 ويُعتقد أنّ حركة طالبان تفرض نظاماً لجباية الضرائب لتمويل عملياتها المسلحة، ومن بينها جباية الضرائب على تجارة المخدرات، فأفغانستان أكبر منتج للأفيون في العالم والذي يمكن تكريره لإنتاج الهيروين.

 

التبرعات تمثل جزءاً كبيراً من دخل طالبان، ويُقدر الخبراء هذه التبرعات بحوالي 500 مليون دولار في العام

 

 وتُقدر قيمة صادرات أفغانستان السنوية من الأفيون ما بين 1.5 و 3 مليارات دولار. وتجارة الأفيون كبيرة للغاية، ويمثل الأفيون المصدر الغالب للهيروين في جميع أنحاء العالم.

 ووفقاً لمسؤولين في الحكومة الأفغانية، يتم تحصيل ضريبة زراعة بنسبة 10% من مزارعي الأفيون من قبل الحركة.

 وهناك بعض التقارير عن قيام الحركة بجباية الضرائب من المعامل التي تحول الأفيون إلى هيروين، وكذلك من التجار الذين يقومون بالاتجار بالمخدرات وتهريبها.

 وتتراوح تقديرات الأرباح السنوية لدخل طالبان من تجارة المخدرات ما بين 100 و400 مليون دولار.

يُعتقد أنّ حركة طالبان تفرض نظاماً لجباية الضرائب لتمويل عملياتها المسلحة

 وقال القائد الأمريكي الجنرال جون نيكولسون في تقريره الخاص بإعادة إعمار أفغانستان لعام 2018: إنّ تجارة المخدرات تمثل ما يصل إلى 60% من الإيرادات السنوية لطالبان.

وتنكر طالبان تورطها في تجارة وتصنيع المخدرات، وتفتخر بحظر زراعة نبات الخشخاش الذي ينتج منه الأفيون خلال وجودها في السلطة عام 2000.

 وتمتد الشبكة المالية لطالبان إلى ما هو أبعد من مجرد فرض الضرائب على تجارة الأفيون.

 

الدخل السنوي لحركة طالبان من تجارة المخدرات والضرائب المفروضة على هذه النشاطات ما بين 100 و400 مليون دولار

 

 في رسالة مفتوحة في عام 2018 حذّرت طالبان التجار الأفغان من عدم دفع ضرائبهم على مختلف السلع، بما في ذلك الوقود ومواد البناء، عند المرور عبر المناطق التي تسيطر عليها.

 وبعد الإطاحة بالحكومة الأفغانية تسيطر طالبان الآن على جميع طرق التجارة الرئيسية في البلاد فضلاً عن المعابر الحدودية، ممّا وفر المزيد من مصادر الدخل الناتجة عن الرسوم على الواردات والصادرات.

اقرأ أيضاً: "داعش خراسان" يستثمر في الفوضى ويستهدف واشنطن وطالبان

 وعلى مدى العقدين الماضيين انتهى الأمر بمبالغ كبيرة من الأموال الغربية في جيوب طالبان دون عمد.

 فقد فرضت طالبان ضرائب على مشاريع التنمية والبنية التحتية، بما في ذلك الطرق والمدارس والعيادات التي كان يمولها الغرب غالباً.

 

طالبان تفرض ضرائب على مشاريع التنمية والبنية التحتية، بما في ذلك الطرق والمدارس والعيادات التي كان يمولها الغرب

 

 ويُعتقد أنّ طالبان جنت عشرات ملايين الدولارات سنوياً من فرض ضرائب على سائقي الشاحنات الذين كانوا ينقلون الإمدادات للقوات الدولية المتمركزة في أجزاء مختلفة من البلاد.

 ويُعتقد أيضاً أنّ طالبان تلقت قدراً كبيراً من المال عن الخدمات التي كانت الحكومة الأفغانية تقدمها.

فعلى سبيل المثال، قال رئيس شركة الكهرباء الأفغانية لـ"بي بي سي" في عام 2018 إنّ طالبان كانت تكسب أكثر من مليوني دولار سنوياً عن طريق تحصيل فواتير الكهرباء من المستهلكين في أجزاء مختلفة من البلاد.

يعتقد أنّ الحركة حققت عائدات وصلت إلى 240 مليون دولار في عام واحد من وراء الاستيراد والتصدير

 وهناك أيضاً الدخل الناتج مباشرة عن الصراع، في كل مرة تستولي فيها طالبان على موقع عسكري أو مركز حضري تفرغ الخزائن وتصادر الأسلحة وكذلك السيارات والعربات المدرعة.

 وتُعد أفغانستان غنية بالمعادن والأحجار الكريمة، والكثير منها غير مستغل نتيجة أعوام الصراع الطويلة، وتُقدر قيمة صناعة التعدين في أفغانستان بمليار دولار سنوياً، وفقاً لمسؤولين في الحكومة الأفغانية.

 وأفغانستان ليست فقيرة بالموارد، كما يظن البعض، ففيها معادن كثيرة مثل الحديد والذهب والزنك والرخام، خاصة في المناطق الجبلية، وهو ما يجعل ذلك عملاً مربحاً لحركة طالبان.

اقرأ أيضاً: "طالبان" وسيناريوهات المستقبل

 ويدفع كل من يستخرج المعادن في أفغانستان مبالغ مالية لحركة طالبان، حتى تسمح لهم بمواصلة عملية البحث والتنقيب والاستخراج، ومن لا يدفع يواجه خطر الموت، وفق ما نقلت "سكاي نيوز".

 وذكرت لجنة الحجارة والمناجم التابعة لطالبان في تقرير مسرب أنّ الحركة المتشددة تكسب نحو 400 مليون دولار سنوياً من هذا الحقل الناشئ، ارتفاعاً من 35 مليون دولار فقط في 2016.

 وفي السياق ذاته، قال موقع "ناشونال إنترست" الأمريكي المعني بالشؤون العسكرية والاستراتيجية في تقرير له: إنّ حركة طالبان، التي استولت على العاصمة الأفغانية كابول  قبل أسبوعين، لديها العديد من مصادر التمويل تصل إلى 6 مصادر تبدأ من المخدرات وتنتهي بالعقارات.

 ويضيف الموقع أنه، خلال الأعوام الـ20 الماضية، تزايدت ثروة مسلحي طالبان، خاصة بعد سقوط نظامها عام 2001 إثر الغزو الأمريكي، لدرجة أنها حققت مداخيل تزيد عن تلك التي تحققها عدد من الدول الصغيرة.

 

لجنة الحجارة والمناجم التابعة لطالبان في تقرير مسرب تؤكد أنّ الحركة تكسب نحو 400 مليون دولار سنوياً من صناعة التعدين

 

 وفي السنة المالية التي انتهت في آذار (مارس) 2020، حققت طالبان عائدات وصلت إلى 1.6 مليار دولار، وفق تقرير سرّي في الحركة تسرب لوسائل الإعلام.

 وكجزء من عملية غسيل الأموال، تقوم الحركة باستيراد وتصدير شتى السلع الاستهلاكية، وفق مجلس الأمن الدولي الذي قال إنّ الحركة تعمل تحت ستار سلسلة شركات "نورزاي براذرز المحدودة"، التي تستورد قطع السيارات وتبيع السيارات المعاد تجميعها، حسبما أوردت "فرانس برس".

 ويعتقد أنّ الحركة حققت عائدات وصلت إلى 240 مليون دولار في عام واحد من وراء الاستيراد والتصدير.

اقرأ أيضاً: طالبان تكشف موعد تشكيل الحكومة وانتهاء الأزمة الاقتصادية

 وبحسب معلومات مسربة من القيادي في حركة طالبان الملا يعقوب ووسائل إعلام باكستانية، فإنّ العقارات التي تملكها الحركة في أفغانستان وباكستان وربما في أماكن أخرى في العالم تحقق عائدات سنوية تصل إلى 80 مليون دولار.

وسيطرت حركة طالبان على أفغانستان قبل نحو أسبوعين، بعد ما يقرب من 20 عاماً على الإطاحة بها من قبل تحالف عسكري بقيادة الولايات المتحدة.

 وقد شجعهم انسحاب القوات الأمريكية على التقدم بوتيرة أسرع، وهم الآن يسيطرون على جميع المدن الرئيسية، بما في ذلك العاصمة كابول.

الصفحة الرئيسية