كيف يتم الانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين والانشقاق عنها في الدول الغربية؟

كيف يتم الانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين والانشقاق عنها في الدول الغربية؟

كيف يتم الانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين والانشقاق عنها في الدول الغربية؟


04/12/2023

تظل جماعة الإخوان المسلمين في الغرب كياناً غامضاً على الرغم من أنّها غالباً ما تكون موضوعاً لمناقشات ساخنة، ممّا دفع الأمنيين والصحفيين وصناع السياسات للتساؤل حول كل جانب من جوانب هذه القضية تقريباً، بدءاً من الأسئلة الجوهرية: ما هي جماعة الإخوان المسلمين في الغرب؟ من ينتمي إليها؟ وكيف يتم الانضمام لها؟ وكيف تعمل؟ وكيف تمول نفسها؟ وفي بعض الحالات، ما إذا كانت موجودة على أرض الواقع.

هذه الأسئلة دفعت لورينزو فيدينو مدير برنامج دراسات التطرف في جامعة جورج واشنطن، والأكاديمي والخبير الأمني الإيطالي المختص في الإسلاموية والعنف السياسي، إلى تأليف كتاب "الدائرة المغلقة للإخوان المسلمين في الغرب"، الذي سلط الضوء على حقيقة المشروع الإخواني من وجهة نظر غربية، ويتناول جانباً من البحث المرتبط بتجربة الانشقاق عن جماعة الإخوان المسلمين في الغرب من خلال سلسلة من المقابلات التي أجراها المؤلف مع أعضاء سابقين بارزين في هذه الجماعة في أوروبا والمملكة المتحدة  وأمريكا الشمالية.

وحول المواضيع والقضايا والأدبيات التي يتناولها الكتاب، قال فيدينو: إنّ إصداري الجديد ركز على جانبين محددين؛ الأول هو فهم الأعمال الداخلية للمنظمة: كيف يتم تجنيد الأشخاص في المجموعة (عموماً بعد "فترة مراقبة" طويلة)؛ كيف يُطلب منهم الانضمام؛ الحفل وقسم الولاء الذي ينضمون من خلاله، وكيف يعمل نظام الأسرة (الخلية النووية للإخوان، وهي مجموعة من (5 إلى 6) أعضاء يجتمعون أسبوعياً لدراسة الإسلام، ومناقشة السياسات، والحديث عن الحياة الشخصية، والتخطيط للأنشطة المتعلقة بالإخوان، من بين أمور أخرى)؛ وكيف تمول نفسها، وما إلى ذلك. 

أمّا الجانب الثاني الذي يسعى الكتاب لتحليله، بحسب فيدينو، فهو كيف ولماذا يقرر الأفراد الذين ينخرطون في منظمة مثل جماعة الإخوان المسلمين تركها، وهي التي تتطلب مستوى عالياً للغاية من الالتزام. 

تظل جماعة الإخوان المسلمين في الغرب كياناً غامضاً على الرغم من أنّها غالباً ما تكون موضوعاً لمناقشات ساخنة

واعتبر الكاتب أنّ الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين لا يعني الانتماء إلى حزب سياسي أو منظمة عادية؛ فهو يشمل جميع جوانب حياة الشخص، كما أنّ التدقيق الصارم والتدريب الطويل الذي يخضع له العضو للانضمام إلى المجموعة يمنحه شعوراً بالفخر بالانتماء إلى النخبة. وبمجرد انضمامه، ترتبط معظم علاقاته وأنشطته الشخصية بجماعة الإخوان، حيث تتمحور حياته كلها حول الجماعة، وبالتالي فإنّ ترك جماعة الإخوان ليس بالأمر السهل.

ولهذا السبب اعتمد الإصدار على القصص الشخصية للعديد من الأفراد الذين كانوا، إمّا أعضاء سابقين في جماعة الإخوان المسلمين في أوروبا أو أمريكا الشمالية، وإمّا كانت لديهم معرفة واسعة وحميمة بشبكات الإخوان الغربية (السويدية والأمريكية) من الداخل. 

 

يتناول الكتاب جانباً من البحث المرتبط بتجربة الانشقاق عن جماعة الإخوان المسلمين في الغرب من خلال سلسلة من المقابلات التي أجراها المؤلف

 

وقد شغل الأفراد المختلفون الذين تم ذكرهم في الكتاب مناصب مختلفة في منظماتهم، بدءاً من كبار القادة وحتى المتطفلين، حيث عملوا في بلدان مختلفة وفي أوقات مختلفة، وكانت لديهم أسباب مختلفة للانضمام والمغادرة، لكنّ الجميع غادروا بشكل عفوي. 

وعلى الرغم من أنّ البعض قضوا بعض أعوامهم أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين خارج الغرب، إلا أنّهم عاشوا جميعاً على الأقل قدراً كبيراً من الوقت هناك أثناء نشاطهم في شبكات الإخوان الغربية، وقد تم تحديد الجميع بالاسم.

وحول ثغرات وقيم منهجية الكتاب، قال لورينزو فيدينو: إنّ هناك العديد من الثغرات المتأصلة في التحليل العلمي الذي يعتمد في الغالب على المقابلات مع الأعضاء السابقين في المنظمة. وقد يجد أيّ شخص صعوبة في تذكر الأحداث والعمليات النفسية التي حدثت قبل أعوام، إن لم يكن قبل عقود.

وبالنسبة إلى الأفراد الذين ينفصلون عن الحركات ذات الالتزام العالي، هناك خطر إضافي للتحيز، فقد تكون ذكرياتهم ووجهات نظرهم جزئية أو مشوهة أو في الواقع ملفقة عمداً. وقد يطرح القائم بالمقابلة المزيد من المشكلات عن طريق طرح أسئلة موجهة أو عن طريق إساءة تفسير الإجابات. وتابع: لقد بذلت جهوداً كبيرة للتحقق من العديد من الادعاءات التي بدت في ظاهرها غير صحيحة أو كانت تشهيرية أو كلتيهما، مع حذف القليل منها الذي لم أتمكن من تأكيده.

واعتبر لورينزو فيدينو أنّ التحليل الاجتماعي الجزئي المبني على شهادات أعضاء سابقين في جماعة الإخوان المسلمين أو محيطها الأوسع يقدّم قيمة فريدة؛ فذكرياتهم حول كيفية انضمامهم وأسبابها، وماذا فعلوا عندما كانوا أعضاء، ولماذا وكيف غادروا، تشكل مصادر لا مثيل لها من المعلومات حول الأعمال الداخلية، وطريقة العمل، وإيديولوجية منظمة غامضة للغاية. كما أنّها توفر لمحات مفيدة عن العمليات النفسية التي تدفع بعض أعضائها إلى الانضمام إلى المنظمة ثم الانفصال عنها. 

 

اعتبر الكاتب أنّ الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين لا يعني الانتماء إلى حزب سياسي أو منظمة عادية؛ فهو يشمل جميع جوانب حياة الشخص

 

وفي إجابته عن سؤال من الذي تأمل أن يقرأ هذا الكتاب، وما نوع التأثير الذي ترغب في أن يكون له؟ قال: إنّ صانعي السياسات هم جمهوري الرئيس المستهدف، لكنّ الأسلوب الذي اعتمدته، والذي يحكي قصصاً شخصية مقنعة لعدد من الشخصيات المهمة، يجعله جذاباً لجمهور أوسع؛ فالموضوع يثير اهتمام العديد من البلدان، وأنا سعيد جدّاً؛ لأنّنا تلقينا عروضاً للترجمة إلى مختلف اللغات.

وعن المشاريع الأخرى التي يعمل عليها الآن، قال الكاتب: إنّه يبحث حالياً في جانبين محددين من النشاط المتعلق بالإخوان المسلمين في الغرب: التمويل (الذي يستلزم الحصول على أموال من الخارج، ولكن أيضاً يتم توليدها ذاتياً، من خلال شبكة متطورة من الشركات والجمعيات الخيرية) وما أسمّيه الإسلاموية اليقظة، وهي سردية أغلب شباب ما بعد الإخوان المتزايدين في الغرب، والتي تمزج المفاهيم الإسلامية الكلاسيكية مع أطر وأفكار من مختلف الاتجاهات الإيديولوجية الغربية المعاصرة.

مواضيع ذات صلة:

أزمة الإخوان... التحديات والتداعيات

الإخوانُ المسلمون و"القاعدة".. افترقت الدروب والهدف واحد




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية