لا أهلاً ولا سهلاً: لماذا رفض نصرالله استقبال مشعل؟

لا أهلاً ولا سهلاً: لماذا رفض نصرالله استقبال مشعل؟


19/12/2021

رفض الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، استقبال رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس، خالد مشعل الذي يزور لبنان، كما وُوجه مشعل برفض من أطراف عديدة على خلفية موقفه المؤيد للثورة السورية في بداياتها.

الموالون لحزب الله وللنظام السوري المنضوون في تيار "المقاومة والممانعة" ينهمكون الآن في تصفية الحساب مع حركة حماس، وتحديداً مع زعيمها السابق خالد مشعل، في إشارة إلى ضرورة دفع ثمن أكبر من الغفران الذي يعتقد مشعل أنّ زيارته للبنان ستتكفل به.

اقرأ أيضاً: البطريرك الراعي موبّخاً نصرالله: الكرامة مرتبطة بالحكمة وليس بالعناد

وما زال ذلك الموقف منقوشاً في مخيلة المقاومين والممانعين في لبنان وسوريا على وجه التحديد؛ فمن على منصة في قطاع غزة، وخلال الذكرى الخامسة والعشرين لانطلاق حركة حماس في 8 من كانون الأول (ديسمبر) 2012، وقف رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس، خالد مشعل، ورئيس المكتب الحالي، إسماعيل هنية، أمام حشد من المئات، ورفعا علم الثورة السورية، ليكون ذلك إعلاناً واضحاً بقطع العلاقات مع النظام السوري والوقوف إلى جانب المتظاهرين السلميين، كما يستذكر موقع "عنب بلدي".

نصرالله ومشعل: هل هو طلاق نهائي؟

وفي التفاصيل، أكدت مصادر موثوقة مقربة من قيادة حزب الله لموقع "رأي اليوم" أنّ مشعل طلب لقاء السيد نصر الله، عبر مسؤولين من حركة حماس في بيروت، ولكنّ الرد كان الرفض، كما أنّ الحزب رفض الموافقة على أي لقاء مع كوادر الحزب السياسية معه، أو الوفد المرافق له.

اقرأ أيضاً: حروب نصرالله النفسية ومقايضة الطيونة بالمرفأ

ولوحظ تجاهل إعلامي مطلق من قبل منابر الحزب لزيارته الحالية للبنان التي لم تبث أو تنشر أي خبر للزيارة، أو ترتب أي لقاء تلفزيوني معه، أسوة بما حدث مع إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس أثناء زيارته الأخيرة للبنان قبل بضعة أشهر، حيث استقبله نصر الله والوفد المرافق له، واحتفت به أجهزة الإعلام ومحطات التلفزة، سواء التابعة لحزب الله مثل محطة "المنار" أو المقربة منه مثل قناة "الميادين"، وسواهما.

لماذا زيارة مشعل في لبنان؟

يصف المركز الفلسطيني للإعلام زيارة مشعل بـ"المهمة" وفي أجندتها ملفات بارزة وكثيرة.

ويوضح المركز أنّ هذه الزيارة تأتي "في أعقاب المجزرة التي ارتكبتها قوات الأمن الوطني في مخيم البرج الشمالي بعد إطلاق النار على جنازة الشهيد حمزة شاهين، وأسفرت عن استشهاد 3 شبان من بين المشيعين، وتعليق حماس مشاركتها في القوة الأمنية المشتركة في المخيمات".

أوساط حزب الله والقيادة السورية تعتقد أنّ مشعل تنبى موقف قطر وحركة الإخوان المسلمين، وكان إلى جانب القرضاوي في ستاد القاهرة عندما أعلن الجهاد في سورية

ويضيف أنها "الزيارة الأولى لمشعل منذ 10 أعوام، وتكتسب أهمية كبيرة كون ملف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان هو من أكثر الملفات الفلسطينية حساسية وأهمية".

ويقول رئيس جهاز العمل الجماهيري، في المركز، رأفت مرة، أنّ الزيارة ترمي إلى "تحقيق عدة أهداف، منها المشاركة في الفعاليات الشعبية والإعلامية التي تقيمها حركة حماس في لبنان بمناسبة الذكرى الرابعة والثلاثين لانطلاقة الحركة".

خالد مشعل خلال زيارته إلى لبنان مؤخراً

كما أشار مرة في مقال نشره "المركز الفلسطيني للإعلام"، إلى أنّ "مشعل سيعقد لقاءات فلسطينية بهدف التباحث في مستجدات الوضع الفلسطيني، ووضع مسؤولي القوى الفلسطينية في صورة آخر المتغيرات على الصعيد الوطني والمواجهة مع الاحتلال".

ولكن لماذا هذا التزمت في موقف حزب الله وفريق الممانعين تجاه مشعل، خصوصاً وأنّ الأخير دفع ثمن مواقفه بالإبعاد عن رئاسة المكتب السياسي للحركة؟

"ناكر الجميل"

ورغم أنّ حماس أجرت مراجعة شاملة لمواقفها من الثورة السورية، وانتخبت هنية، تحت ضغط محور المقاومة والممانعة ليحل بديلاً عن مشعل، إلا أنّ الموقف لم يتغير من رئيس المكتب السياسي السابق، إذ تعتبره أوساط هذه المحور ووسائل الإعلام التابعة له أو المنخرطة في فلكه "ناكراً للجميل" بعد تأييده الثورة السورية، ونقل مكتب حماس إلى الدوحة.

وهذا ما يفسر، كما تقول تلك المنابرالإعلامية، حالة من الغضب في أوساط القيادة السورية التي لم تغفر هذا الموقف له حتى الآن، إذ قامت بإغلاق "كل الأبواب في مواجهة الوساطات لاستقبال أي مسؤول من حركة حماس في دمشق سواء مشعل، أو خلفه هنية، أو أعضاء في المكتب السياسي بما في ذلك صالح العاروري، نائبه الذي كان ضابط الاتصال بين الحركة وإيران ومحور المقاومة رغم تدخل السيد نصر الله شخصياً لإصلاح العلاقة، و(دفن) الخلافات بين الجانبين، وبدء صفحة جديدة في العلاقات"، بحسب "رأي اليوم" الذي نشر تقريراً بهذا الخصوص أكد فيه أنّ "أوساط حزب الله والقيادة السورية تعتقد أنّ السيد مشعل تنبى موقف قطر وحركة الإخوان المسلمين في ذروة الأزمة السورية، وكان إلى جانب الشيخ يوسف القرضاوي في ستاد القاهرة عندما أعلن الأخير الجهاد في سورية".

وفضلاً عن رفض اللقاء به، تعرض خالد مشعل إلى سيل من الاحتجاجات والانتقادات من مؤيدي "محور المقاومة والممانعة".

وغرّد رئيس حزب التوحيد العربي، الوزير السابق وئام وهاب على حسابه عبر "تويتر": "خالد مشعل غير مرحب بك في بيروت". وأضاف، "إذهب والتحق بثورات الربيع العربي الإخوانية التي خربت الوطن العربي".

وختم تغريدته بالقول، "ما زالت سوريا تنزف وليبيا محتلة بسبب ثورات إخوانكم".

أما العميد مصطفى حمدان أمين الهيئة القيادية في حركة الناصريين المستقلين-المرابطون، فقال إنّ مشعل ".. خان الشام قلب العروبة النابض ودنس تراب غزة الشامخة برفعه علم الانفصال والاستعمار الفرنسي على كتفيه، في ذروة نشوته بانتصار عصابات الإخوان المتأسلمين في مصر المحروسة".

حمدان: لا أهلاً ولا سهلاً بمشعل

وأضاف حمدان، أنّ ذلك حدث "بعد أن كانت دمشق العروبة قد آوتهم وفتحت قلبها لهم لأنهم من أهل فلسطين وظنتهم مقاومة إلا أنهم كانوا إخوان الشياطين"، مؤكداً: "لا يمكن اليوم بعد سحق مشروع صقيعهم العربي أن يجعل من لبنان ممراً أو مقراً، لا أهلاً ولا سهلاً".

فرانس برس: تخزين حماس أسلحتها أسفل مسجد بمخيم البرج الشمالي تسبب بالانفجار

واعتبر الكاتب والمحلل السياسي جوزيف أبو فاضل في تصريح له من دمشق، أنّ مجيء خالد مشعل إلى بيروت هو "أمر معيب بحق اللبنانيين الأحرار، وبحق الشهداء والجرحى والمعوقين والعائلات المنكوبة". وأردف كما نقل موقع "السياسي": "أود التأكيد على أنّ ردود الفعل على زيارة خالد مشعل لبيروت؛ سببها أنّ سوريا قدمت لحركة حماس ما لم يتمكن أي من الفصائل الحصول عليه من خصوصية الدعم والإسناد وتقديم مختلف التسهيلات لحركة المقاومة الإسلامية حماس، رغم التهديدات الأمريكية وخاصة بعد احتلال العراق من قبل القوات الأمريكية والتحالف الدولي".

وتابع فاضل: "ظن خالد مشعل كما أبلغه المدعو عزمي بشارة وحمد بن جاسم، أنّ سقوط النظام السوري أصبح (قاب قوسين أو أدنى) فخرج من سوريا على أمل العودة مع الفاتحين كما توهم، وما حدث في سوريا حصل في مصر المحروسة حين قام الجيش المصري بالانحياز إلى جانب الشعب المصري الذي خرج في مختلف المحافظات المصرية يرفض حكم الإخوان المسلمين".

الوزير السابق وئام وهاب على حسابه عبر "تويتر": خالد مشعل غير مرحب بك في بيروت... إذهب والتحق بثورات الربيع العربي الإخوانية التي خربت الوطن العربي

وتطرق فاضل إلى أنّ الانفجار في مخيم برج الشمالي "وتشكيل الأفواج المسلحة ونشرها داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان يطرح علامة استفهام، على الدوافع والأسباب لهذا السلوك"، مردفاً "لكل تلك التداعيات والأسباب تجد حركة حماس نفسها بمعزل عن حركات التحرر والمقاومة، حيث كشفت الأحداث عمق الغموض والازدواجبة في نهج وسلوك حركة حماس وقيادتها وقد يتفاجأ جمهور حماس وحلفاؤهم إبرام إتفاق يفضي إلى القبول بدولة مؤقتة في قطاع غزة، على غرار اتفاق الإدارة الأمريكية وطالبان".

اقرأ أيضاً: لبنان في هزيمته.. نصرالله في انتصاره

وبصرف النظر عن الانتقادات الموجهة لزيارة مشعل إلى لبنان، فإنّ الكاتب والمحلل السياسي سليمان أبو ستة، يقول إنّ للزيارة 3 أهداف رئيسية، الأول كما قال في تصريحات لـ"المركز الفلسطيني للإعلام" هو تعزيز تواصل حماس مع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، والثاني، هو سعي حماس إلى توثيق علاقاتها مع المكونات اللبنانية السياسية والدينية كافة، في حين أنّ الهدف الثالث هو التأكيد على قوة وجود حماس في لبنان، لاسيما بعد أحداث مخيم برج الشمالي.

وقالت وكالة فرانس برس إنّ تخزين حماس أسلحتها أسفل مسجد بمخيم البرج الشمالي جنوب لبنان تسبّب في حدوث انفجار في المخيم في العاشر من الشهر الجاري، رغم نفي مصادر رسمية من الحركة ذلك.

وضمت قائمة ضحايا الانفجار القيادي في حماس حمزة شاهين والذي شهدت مراسم جنازته أحداث عنف بين مسلحين في المخيم، ما أسفر عن مقتل أربعة فلسطينيين وإصابة آخرين.

واستنكر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني في حديث لإذاعة "صوت فلسطين"، تخزين حماس أسلحتها في مناطق سكنية، معتبراً أنّ هذه التصرفات مرفوضة وغير مقبولة، لأنها تمثل خطراً على أمن الفلسطينيين وسلامتهم.

وبيّن القيادي الفلسطيني أنّ الوضع ليس بحاجة للدخول على خط الأزمة الداخلية في لبنان، في إشارة إلى أنَّ هذا الانفجار من شأنه إعطاء فرصة جديدة أمام من يحرض على الوجود الفلسطيني، وذلك عقب قرار وزير العمل اللبناني للسماح للاجئين بالعمل في مهن كانت محظورة عليهم لعشرات السنوات.

ويؤوي لبنان، ما يزيد عن 192 ألف لاجئ فلسطيني على الأقلّ في مخيّمات مكتظة بالسكّان وتفتقد لأدنى مقومات العيش الكريم.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية