لبنان: هل وصل تحالف حزب الله والتيار الوطني إلى طريق مسدود؟

لبنان: هل وصل تحالف حزب الله والتيار الوطني إلى طريق مسدود؟


09/02/2021

ثمّة مثل عربي رائج يقول: "مصائب قوم عند قوم فوائد"، وعلى الرغم من أنّ المثل قد ينطبق جزئياً على المشهد اللبناني، تحديداً في التوتر العلني بين "التيار الوطني" و"حزب الله"، والذي يصبّ في صالح رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، بل هو أحد أسبابه بحسب مراقبين، فإنّ الفوائد لن تصبح عظيمة الثمار في وضع كالوضع اللبناني المتأزم بالأساس.

وجد حزب الله نفسه في موقف حرج بعد سحب الغطاء السياسي والشعبي الذي وفره تحالفه مع التيار الوطني

بيان التيار الوطني الحر الممثل السياسي للكتلة المسيحية، الذي يترأسه جبران باسيل صهر الرئيس اللبناني ميشيل عون، في ذكرى تحالفه مع حزب الله قبل 15 عاماً، قلب الموازين في لبنان، فقد وضع حزب الله، الذي يعاني بالأساس من هجمة وضغوط كبيرة عقب اغتيال الناشط اللبناني لقمان سليم، في ضغط جديد.

وجد حزب الله نفسه في موقف لا يُحسد عليه، أمام تحدّي انسحاب الغطاء السياسي والشعبي الذي وفره له تحالفه مع التيار الوطني خلال الأعوام الماضية، ومثل ستاراً لا يحرمه من سلاحه.

التيار الوطني يرى أنّ ارتباطه بحزب الله لم يجنِ منه الكثير، فالتيار يتحمّل، باعتباره صاحب الرئاسة، فاتورة الإخفاقات اللبنانية الضخمة، بالإضافة إلى عدم مساندة حزب الله للتيار في رفضه تولي رئيس تيار المستقبل سعد الحريري رئاسة الحكومة مجدداً، إضافة إلى العقوبات الأمريكية على رئيس التيار نتيجة تحالفه مع حزب الله.

وتتعرقل الحكومة إثر الأزمة بين الحريري وعون في الاختلاف على الحقائب، ويحاول كلّ فريق التخفف من الانتقادات، والبحث عن أفضل صيغ ممكنة للوصول إلى مكاسب أكبر في التفاهمات المتوقعة قريباً، بعد عودة الالتفات الدولي إلى لبنان، وقد وجدها التيار وسيلة للضغط على حزب الله.

البيان الذي لم يُعلّق عليه حزب الله، أشار إلى عقد لجنة مشتركة لتقييم الاتفاق، في إطار هدف "بناء الدولة وإعلاء القانون"، أي إنه لوّح بالانسحاب، ومهّد له لكنه لم يتخذه بعد.

ربط أحمد عيتاني فكّ الارتباط بين التيار وحزب الله بنجاح الحريري في تشكيل الحكومة

ورغم ذلك، يرى مراقبون أنّ فكّ ذلك الترابط سيحدث إن آجلاً أو عاجلاً، أو على الأقلّ تنتظره تحديات وعقبات عديدة.

يقول الكاتب اللبناني ناجي البستاني في موقع النشرة: إنّ "ورقة التفاهم" (بين التيار الوطني وحزب الله) بحاجة إلى التطوير والتحديث، وإلى إعادة تصويب جدواها، لأنّ بند "الحزب" الرئيس فيها، والمُتمثّل في حماية "سلاحه" عبر الغطاء السياسي والمَعنوي، نُفّذ من جانب "التيّار"، بينما عشرات البنود التي حرص "التيّار" على تضمينها في "ورقة التفاهم"، بقيت من دون تطبيق، حتى غير السياسية منها؛ أي المُرتبطة بالإصلاح ومكافحة الفساد وبناء الدولة!

ورأى البستاني أنّ مستقبل تلك التفاهمات يتأرجح بين نظرة متفائلة حول "إعادة الروح إلى ورقة التفاهم عبر تعديلها وتطويرها، من خلال اللجان التي جرى تشكيلها لهذه الغاية"، وأخرى تشاؤمية بأنّ العلاقة بين "التيّار" و"الحزب"  أمام اختبارين صعبين جداً في المُستقبل، قد يُهدّدان أسس التفاهم بينهما من أساسه، وهذان الاختباران هما:

أوّلاً: الانتخابات النيابية، حيث يضغط "الثنائي الشيعي" لتعديل القانون الانتخابي لصالح دوائر كبرى، ولصالح صيغ تُقدّم تحت عنوان "محاربة الطائفية والمذهبية"، تجعل مُجدّداً صوت الناخب المسيحي هامشياً في أغلبية الدوائر، وذلك بهدف إعادة الإمساك بالنوّاب المسيحيين من قبل قوى وأحزاب وشخصيات لا تُمثّل الشارع المسيحي الفعلي. في المُقابل، يرفض "التيّار"، ومعه للمُفارقة، حزب "القوات اللبنانية"، أيّ عودة إلى الوراء في حقّ الناخب المسيحي بإيصال أكبر قدر من مُمثّليه إلى البرلمان بأصواتهم.

حزب الله لن يستطيع أن يخاطر بسحب دعمه لحكومة الحريري إرضاء للتيار

ثانياً: الانتخابات الرئاسية، "فالتيّار الوطني الحُرّ" يعوّل على أن يقف "حزب الله" إلى جانبه في معركة الرئاسة المُقبلة، كما وقف إلى جانب العماد ميشال عون عشية انتخابه، لكنّ شبكة مُعارضي وصول رئيس "التيّار" النائب جبران باسيل إلى الرئاسة، لم تعد محصورة بأحزاب "القوّات" و"المُستقبل" و"الاشتراكي"... إلخ، بل تتعدّاها إلى أحزاب في صلب "محور المُمانعة" بقيادة "حزب الله"، مثل "المردة" و"أمل" وغيرهما.

ويرى الباحث في الشؤون اللبنانية أحمد عيتاني أنّ الاختبار سيكون أقرب من ذلك، فقد ربط فكّ الارتباط بين التيار وحزب الله بنجاح الحريري في تشكيل الحكومة.

يقول عيتاني، بحسب ما أورده "مرصد مينا": إنّ باسيل يرى أنه قدّم لحزب الله كلّ شيء، إلى  درجة أنه وُضع تحت قائمة عقوبات أمريكية بسبب علاقته بالحزب، في حين لم يدعمه الأخير في مواجهة الحريري، وإعادة تكليفه مجدداً، مشيراً إلى أنّ باسيل بات يعتبر نفسه خاسراً بالارتباط بحزب الله.

وأضاف: إنّ مراوغات الرئيس عون وعرقلته لتشكيل الحكومة الجديدة، ومحاولته مدّ عمر حكومة دياب، تؤكد أنّ أساس الفجوة الكبيرة بين الحزب والتيار، هو الحكومة وشخص الحريري، خاصة أنّ التيار لن يحظى داخل حكومة الحريري بربع نفوذه داخل حكومة دياب، لذا، فإنّ إعلان انهيار التحالف سيكون بمجرّد إعلان الحكومة الجديدة برئاسة الحريري.

الحزب يحتاج إلى رئيس حكومة ينعم بنفوذ في الخارج في سبيل تخفيف أزمته

وفي سياق متصل، فإنّ الحريري، الذي يتعثر منذ شهور في تشكيل الحكومة، يجد دعماً دولياً يفتقده الحليفان، فهناك الدعم الفرنسي والمبادرة التي تقبع في طور إيقاف التنفيذ قابلة للإحياء في أيّ وقت، وهناك التفات أمريكي إلى ملف لبنان، بالإضافة إلى ذلك يجد الحريري الدعم العربي له، وقد عبّر عن ذلك زيارته الأخيرة إلى مصر.

أمّا الأسوأ وضعاً، فهو حزب الله، الذي لن يستطيع أن يخاطر بسحب دعمه لحكومة الحريري إرضاء للتيار، إذ إنه يحتاج إلى رئيس حكومة ينعم بنفوذ في الخارج، في محاولة لتخفيف أزمته، وجلب الدعم المادي إلى البلد المتأزم، ومن جهة أخرى لن يستطيع التضحية بسهولة بغطائه السياسي الممثل في التيار الوطني.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية