لقاء أردوغان والسيسي مؤشر على نهاية عصر الدعم التركي للإخوان

لقاء أردوغان والسيسي مؤشر على نهاية عصر الدعم التركي للإخوان

لقاء أردوغان والسيسي مؤشر على نهاية عصر الدعم التركي للإخوان


11/09/2023

ناقش الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي العلاقات الثنائية والتعاون في مجال الطاقة بين البلدين، فضلا عن قضايا إقليمية وعالمية، في لقاء استثنائي جمعهما بعد قطيعة عقد من الزمان، وذلك على هامش قمة مجموعة العشرين بالعاصمة الهندية نيودلهي الأحد.

‏‎وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، أحمد فهمى في بيان إن الرئيسين "أكدا أهمية العمل من أجل دفع مسار العلاقات بين البلدين والبناء على التقدم الملموس في سبيل استئناف مختلف آليات التعاون الثنائي".

ورفعت مصر وتركيا مستوى العلاقات الدبلوماسية بينهما بتبادل تعيين السفراء في يوليو تموز الماضي بعد عقد من التوتر، وجرت إثر سلسلة من خطوات التقارب بينهما، أهمها تراجع الدعم التركي لجماعة الإخوان وهو السبب الرئيسي للقطيعة بينهما.

ويقول مراقبون أن اللقاء ربما يمهد لخطوات أكبر واحتمال عقد لقاء قمة آخر بين الرجلين في مصر أو أنقرة لكن يبقى الحذر سيد الموقف في التعاطي المصري مع الرئيس التركي المعروف بمزاجياته، ورهين بإنهاء دعم أنقرة لجماعة الإخوان وتسليم مطلوبين من قياداتها.

وأقرت أنقرة تركيا مؤخرا إجراءات أمنية للتقارب مع القاهرة، شملت مداهمات لمقرات تابعة للإخوان، وطرد عدد من عناصرهم في الفترة الأخيرة ودراسة سحب الجنسية من عناصر أخرى.
كان آخر هذه الخطوات رفض السلطات التركية منحه وجدي غنيم الإخواني المعروف بتحريضه على الاقتتال لقلب نظام الحكم في مصر، الجنسية أو الإقامة وقد نشر فيديو عبر فيه عن صدمته من القرار التركي وتحدث فيه عن "ظلم ذوي القربى".
واعتبر مراقبون أن الإجراءات التركية الأخيرة مؤشر جديد على تخلي أنقرة عن الإخوان، قد يتبعها خطوات أخرى أكبر مثل ترحيل عناصر التنظيم المطلوبين لدى القاهرة، في ضوء التفاهمات الجارية بين البلدين.

وبدأت تركيا هذه الخطوات منذ عام تقريبا، بإغلاق القنوات والمنصات التابعة للتنظيم، تزامنا مع التقارب مع مصر، فعلى مدى ست سنوات، بثت العديد من هذه القنوات والمنصات بحرية من تركيا وهاجمت الدولة المصرية بشراسة دون رقيب أو حسيب، لكن الأمور تغيرت خلال الفترة الماضية، إذ طلبت أنقرة منها التوقف عن مهاجمة القاهرة، ورحل بعضها فعلا عن الأراضي التركية. وينتظر من السلطات التركية أن تقوم في أقرب وقت بتسليم المطلوبين لدى القاهرة.

وقال متابعون أن أنقرة لم تعد ترى الإخوان مناسبين ليكونوا ورقة ضغط، لذلك لا فائدة من دعمهم والاستمرار في العداء مع دول المنطقة، فالأولوية لمصلحة تركيا اليوم هي تصفير المشكلات مع القاهرة.

وتسعى أنقرة أيضا بعد الانتخابات الرئاسية التي جرت مؤخرا لإقرار سياسة جديدة تتسم بالتهدئة مع دول المنطقة وتقديم مصالح الدولة والتوقف عن دعم الإخوان بشكل كامل.

وفي مؤتمر صحفي له مع نظيره الأردني أيمن الصفدي قال وزير الخارجية التركي حقان فيدان من أنقرة، إن "تركيا ومصر دولتان مهمتان لا يمكن أن تنفصلا عن بعضهما البعض بسبب العلاقات التاريخية والجغرافية والثقافية والاستراتيجية والدينية بينهما".

وأضاف أن المحطة التي وصلت إليها العلاقة بين أنقرة والقاهرة "بدأت بإرادة رئيسي البلدين"، وأن البلدين "تركا ورائهما مرحلة كبيرة من التطبيع".

وظهرت مؤخرا إشارات على زيادة التقارب بين تركيا ومصر، إذ صافح السيسي أردوغان خلال كأس العالم لكرة القدم في قطر العام الماضي، وهي مصافحة جاءت بعد سنتين كاملتين من المفاوضات، بدأتا بإرسال وفد تركي إلى مصر، وتبع ذلك زيارة وفد مصري إلى تركيا.
كما تحدث الرئيسان عبر الهاتف في أعقاب زلازل تركيا شهر شباط/فبراير الماضي.

ونقل البيان عن أردوغان القول للسيسي خلال لقائهما في نيودلهي إن تعيين السفيرين يمثل "حقبة جديدة" بين أنقرة والقاهرة.

كما قال أردوغان للسيسي إن تركيا تولي أهمية لإعادة إحياء التعاون مع مصر في مجالات الغاز الطبيعي المسال والطاقة النووية.

وزار وزير الخارجية المصري سامح شكري تركيا في أبريل/نيسان، والتقى نظيره التركي مولود تشاووش أوغلو، واتفقا آنذاك على إطار زمني محدد لرفع مستوى العلاقات الدبلوماسية، والتحضير لقمة بين الرئيسين.

وقال تشاووش أوغلو في أبريل، إن الرئيسين ربما يلتقيان بشكل مباشر بعد انتخابات 14 مايو/أيار في تركيا، التي فاز فيها أردوغان.

وبعد فوز أردوغان أجرى الرئيس المصري اتصالا هاتفيا به، وهنأه على إعادة انتخابه رئيسًا لتركيا لفترة رئاسية جديدة "ومن جانبه أعرب الرئيس التركي عن التقدير لهذه اللفتة الطيبة من السيد الرئيس".

ويرى البعض أن المنطقة تشهد إعادة تشكيل على أساس برغماتي بين دولها، وهو ما قد يسهم في ظهور تحالفات جديدة تبحث بها هذه الدول عن حل للأزمات العميقة التي تعاني منها، وخاصة الأزمات الاقتصادية والسياسية، وخصوصا تلك التي أعقبت الحرب في أوكرانيا.

كما تشكّل الأزمة الليبية أحد المسارات السياسية التي قد تؤدي إلى حلحلة الملفات الخلافية بين البلدين، فالاتصالات كانت جارية بعيدا عن الأضواء وهو ما تُرجم عمليا من خلال الزيارات التي جرت من غربي وشرقي ليبيا إلى القاهرة.

وقد تحدث مسؤولون أتراك عن وجود اتصالات على مستوى المخابرات بين القاهرة وأنقرة بشأن ليبيا.

وتفاعل الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مع خبر لقاء الرئيسيين، وسخر البعض من التصريحات التركية السابقة التي أمعنت في العداء للقاهرة، وتراجعت بعد أن اكتشفت أن الإخوان ورقة محروقة.

وعبر آخر عن خيبة أمل كل من ذهب إلى تركيا طلبا للدعم والمساندة ضد بلادهم، ليتم استخدامهم لمصلحة أنقرة ثم الخلي عنهم.

ورغم فتور العلاقات الدبلوماسية خلال سنوات القطيعة، إلا أن الأعمال التجارية لم تتوقف أبدًا بين البلدين، ففي عام 2022، كانت تركيا أكبر مستورد للمنتجات المصرية بإجمالي 4 مليارات دولار.

وفي أغسطس الماضي، قال وزير الصناعة والتجارة المصري، أحمد سمير، إن حجم التبادل التجاري بين بلاده وتركيا بلغ 10 مليارات دولار.

وجاءت تصريحات سمير صالح خلال اجتماع طاولة مستديرة عُقد في مقر اتحاد الغرف والبورصات التركي، وذلك على هامش زيارته إلى العاصمة أنقرة.

ومن ناحيته، أكد وزير التجارة التركي عمر بولات، زيادة حجم التجارة المتبادلة بين بلاده ومصر إلى 15 مليار دولار خلال خمسة أعوام، منوّها إلى أنه سيلتقي قريبا في العاصمة المصرية القاهرة، في سياق آلية التشاور التجارية الرفيعة المستوى بين البلدين، لمتابعة القرارات التي اتخذها في هذا الاجتماع.

عن "العرب" اللندنية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية