لماذا وصفت الحكومة العراقية الرشقات الصاروخية على المنطقة الخضراء بـ"الإرهابية"؟

لماذا وصفت الحكومة العراقية الرشقات الصاروخية على المنطقة الخضراء بـ"الإرهابية"؟

لماذا وصفت الحكومة العراقية الرشقات الصاروخية على المنطقة الخضراء بـ"الإرهابية"؟


16/12/2023

عودة الهجمات المسلحة والصاروخية من قبل الفصائل العراقية المسلحة للمنطقة الخضراء، التي تتواجد فيها البعثات الدبلوماسية ومقر الحكومة العراقية ومنازل عدد من المسؤولين، فضلاً عن مقر هيئة الحشد الشعبي، واستهداف السفارة الأمريكية، يؤشر إلى تصعيد جديد محفوف بمخاطر جمّة، لا سيّما بعد فترة كمون قاربت على العام. وتأتي خطورة هذا التصعيد من التنسيق الظاهر أو بالأحرى تزامنه مع حوادث أخرى مماثلة طاولت القواعد الأمريكية في كردستان العراق، وكذا هجوم بقذائف صاروخية على مقر الأمن الوطني العراقي. 

الحكومة ترد بحزم والفصائل تهدد

وفي ما يبدو أنّ الفصائل الولائية المسلحة تتحرك بشكل محموم وتعمل على التصعيد الأمني والعسكري، فضلاً عن رفع درجة التوتير السياسي في ظل الأزمة الإقليمية بغزة وضلوع إيران في أحداثها وملابساتها منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، تعهد رئيس الحكومة العراقية، محمد شياع السوداني، إلى وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، بملاحقة المتورطين في الهجوم الذي استهدف محيط سفارة الولايات المتحدة بنحو 7 قذائف مورتور، بينما طالب بتشكيل فريق عمل مشترك للتحقيق مع المسؤولين الأمنيين عن المنطقة التي حصل فيها الاعتداء. 

وصرح يحيى رسول، الناطق الإعلامي للقائد العام للقوات المسلحة في العراق، أنّه في هذا الإطار جرت إحالة الضباط والمنتسبين من القوات الأمنية المسؤولة عن أمن المنطقة إلى لجان تحقيق متخصصة لمحاسبة المقصرين منهم. وتابع: "يواصل فريق العمل بإشراف مباشر من القائد العام للقوات المسلحة، ملاحقة مرتكبي هذا الفعل الإجرامي، لإلقاء القبض عليهم وتقديمهم للعدالة لينالوا جزاءهم العادل، وليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه العبث بالأمن". 

عودة الهجمات المسلحة والصاروخية من قبل الفصائل العراقية المسلحة للمنطقة الخضراء

وقال رسول إنّ "الإجراءات الأمنية ستكون حازمة بحق العناصر التي أقدمت على هذا الفعل، وستكون تحت طائلة القانون، ولا سيما أنّ الأجهزة الأمنية المختصة توصلت إلى خيوط مهمة عنهم، كما منحت القوات الأمنية صلاحيات واسعة للتصدي الفوري لأيّ عمل يمسّ أمن البعثات الدبلوماسية ومواقع تواجد المستشارين الدوليين، وعدم التهاون بهذا الأمر مطلقاً".

وقال يحيى رسول، في بيان رسمي، إنّ رئيس الحكومة شدد على أنّ "استهداف البعثات الدبلوماسية أمر لا يمكن تبريره، ولا يمكن القبول به تحت أي ظرف". كما أضاف السوداني أنّ "مرتكبي هذه الاعتداءات يقترفون إساءة إزاء العراق واستقراره وأمنه، وأنّ هذه المجاميع المنفلتة الخارجة عن القانون لا تمثل بأيّ حال من الأحوال إرادة الشعب العراقي، ولا تعكس القرار العراقي الوطني".

 

التصعيد يهدد الاستقرار الأمني في العراق ولن يكون مسموحاً له التمادي في ممارساته بما يؤدي إلى تدهور سياسي أو حتى ميداني وأمني

 

وغرد رسول عبر حسابه الرسمي على منصة إكس: "التلاعب باستقرار العراق والإساءة للأمن الداخلي ومحاولة التعريض بسمعة العراق السياسية واستهداف أماكن آمنة محمية بقوة القانون والأعراف والاتفاقيات الدولية، هي أعمال إرهابية. سيواصل حماية البعثات الدبلوماسية وصيانة المعاهدات الدولية والالتزام بتأمينها".

بداية قواعد اشتباك جديدة

ورغم ذلك، فإنّ كتائب حزب الله العراقي واصلت تهديداتها بشن مزيد من الهجمات ضد المصالح الأمريكية، بينما لم تعلن بشكل صريح مسؤوليتها عن استهداف السفارة الأمريكية، لكنّها شددت على أنّ الحادث الأخير هو بمثابة "بداية لقواعد جديدة للاشتباك". 

وفي حديثه لـ"حفريات" يقول المحلل السياسي العراقي علي البيدر إنّ هذا القصف يأتي بعد نحو عام من الهدوء الذي شهدته البلاد ويؤثر سلباً على الأوضاع الأمنية والسياسية، لكنّ الجماعات المسلحة في العراق تعتبر هذه التحركات رسالة على عدوان إسرائيل بحق قطاع غزة، بما يؤدي إلى أزمة دولية للحكومة العراقية، ومن هنا يمكن تفسير أنّ الموقف الرسمي كان حازماً ووصف الحادث لأول مرة بأنّه "إرهابي".  

 

المحلل العراقي علي البيدر لـ"حفريات": استهداف القواعد الأمريكية يعكس رغبة هذه الفصائل الضغط على الجانب الأمريكي في ظل المشهد الإنساني الصعب بغزة

 

ويرى البيدر أنّ الكثير من الفصائل المسلحة قد نأت بنفسها عن تنفيذ حوادث عنف كهذه. لكن يبدو أنّ هناك أطرافاً أخرى تسعى للتموضع والظهور مجدداً لتحقيق مصالح جهة أو طرف ما خارجي، مشيراً إلى أنّ هذا التصعيد الذي هدد الاستقرار الأمني في العراق لن يكون مسموحاً له التمادي في ممارساته والارتفاع لمؤشرات خطيرة جديدة بما يؤدي إلى تدهور سياسي أو حتى ميداني وأمني، فضلاً عن تداعيات ذلك من "احتمالية حدوث عزلة دولية أو غياب الاستثمارات وضعف الأوضاع الاقتصادية الأمر الذي يجعل حكومة السوداني في موقف معقد وصعب وربما ضعيف".

علي البيدر: قصف بعد عام من الهدوء

ووفق موقع العربية، فإنه منذ منتصف تشرين الأول (أكتوبر) الماضي شهدت العديد من القواعد العسكرية في العراق وسوريا، التي تضم قوات أمريكية، اعتداءات نفذتها مجموعات مسلحة مدعومة إيرانياً، بهدف الضغط على واشنطن. فيما سقطت 4 طائرات مسيرة قرب مطار أربيل الدولي في كردستان العراق، وانفجرت واحدة خامسة، بحسب شبكة "رووداو" المحلية. كما تحطمت أربع طائرات مسيرة بالقرب من تجمع "سي بيران" في أربيل، على بعد أقل من 500 متر من التجمع السكني، ونجحت الدفاعات الجوية في إسقاط إحدى تلك الطائرات المسيرة.

اتهم وزير الدفاع الأمريكي الفصائل المدعومة من إيران بتنفيذ الهجوم على محيط السفارة الأمريكية، وتحديداً كتائب حزب الله في العراق وحركة النجباء. وقال لويد أوستن إنّ بلاده تحتفط بالحق في الدفاع عن نفسها ضد تهديدات الجماعات المدعومة من إيران في العراق. وتابع: "نحتفظ بالحق في الرد بشكل حاسم ضد جماعتي كتائب حزب الله في العراق وحركة النجباء للتصدي للتهديدات والهجمات ضد القوات الأمريكية وقوات التحالف. الهجمات التي يشنها المسلحون الذين تدعمهم إيران تقوض سيادة العراق واستقراره وتهدد سلامة المدنيين العراقيين وتعوق حملة هزيمة داعش"، مشدداً على أنّ "الهجمات ضد القوات الأمريكية يجب أن تتوقف".

في تغريدة على حسابها في منصة إكس اليوم مطلع الأسبوع، ثمنت الدبلوماسية الأمريكية ألينا رومانوسكي، موقف رئيس الحكومة العراقية الذي وصف الهجمات بـ"الإرهابية"، محملة الميليشيات الموالية لإيران المسؤولية. كما أثنت على التزام الحكومة بملاحقة الذين نفذوا هجمات طاولت أفراداً ومنشآت للولايات المتحدة وقوات التحالف.

وبالعودة للمحلل السياسي العراقي علي البيدر، فإنّ التطور الملحوظ في تلك العمليات التي انتقلت من استهداف القواعد الأمريكية والأرتال العسكرية إلى مقرات دبلوماسية يمكن فهمه على ضوء ممارسة هذه الفصائل "الضغط على الجانب الأمريكي في ظل المشهد الإنساني الصعب بغزة، وبالتالي، نحن بصدد مناورة تصعيد في ظل وضع إقليمي متوتر ومشحون نتيجة ما يحدث في غزة". ورغم ذلك يؤكد البيدر أنّ الأطراف الخارجة عن القانون من الفصائل المسلحة تواجه اليوم موقفاً مغايراً من الحكومة التي تتخذ خيار القضاء على محاولات التصعيد والتوتير الأمني بالبلاد ومنع التأثير على سمعة العراق".

مواضيع ذات صلة:

قبيل أسبوع من الانتخابات المحلية: تصدع جديد يضرب تحالف إخوان العراق... ماذا يجري؟

العراق: صدامات ميدانية بين قوى الإسلام السياسي الشيعي... هل تُجرى الانتخابات بموعدها؟

العراق: هل يسعى السوداني و"الإطار التنسيقي" لفك ازدواجية السلاح والسياسة؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية