لماذا يتعيّن على دول المنطقة إنشاء تحالف لمواجهة إيران؟

لماذا يتعيّن على دول المنطقة إنشاء تحالف لمواجهة إيران؟


28/03/2022

رغم إعلان الولايات المتحدة أنّها "مستعدة لأخذ قرارات صعبة" لجهة التوصل لاتفاق نووي مع إيران، إلا أنّ ثمة تأكيدات عديدة بأنّ إتمام الاتفاق "ليس وشيكاً ولا مؤكداً"، بينما ألمح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، إلى عودة السيناريوهات كافة، مجدداً، على خلفية الأزمات الجديدة التي تعيق مسار المحادثات النووية، ومنها الحرب الروسية الأوكرانية، وكذا مطالب طهران برفع الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية، فضلاً عن رفع سائر العقوبات الاقتصادية.

عودة محتملة للاتفاق النووي.. ماذا بعد؟

رفض المتحدث باسم الخارجية الأمريكية أن يحدّد "العقوبات التي نحن على استعداد لأن نرفعها وتلك التي لسنا مستعدين لأن نرفعها"، مؤكداً أنّ الرئيس بايدن "تعهّد بعدم السماح لإيران تحت إشرافه بامتلاك سلاح نووي، وهذا الالتزام حقيقي وقوي في عالم لدينا فيه خطة العمل الشاملة المشتركة وعالم لا نعيش فيه".

وقال برايس: "في الواقع، نحن نستعد بشكل متساوٍ لسيناريوهات مع وبدون عودة متبادلة إلى التنفيذ الكامل لخطة العمل الشاملة المشتركة"، كما شدّد على أنّ الولايات المتحدة "مستعدة لاتخاذ قرارات صعبة لإعادة البرنامج النووي الإيراني إلى حدود خطة العمل الشاملة المشتركة".

الكاتب الصحفي الإيراني علي منتظري: إيران لن تسعى إلى تعميق الأزمة مع السعودية

الكاتب الصحفي الإيراني المتخصص في الشؤون السياسية، علي منتظري، يشير إلى أنّ المحادثات النووية ليست جديدة، إنّما تهدف، في هذه المرحلة، لإحياء اتفاق عام 2015، مضيفاً لـ "حفريات"، أنّ الأزمات التي تعيق التوصل لاتفاق نووي وعودة الالتزام المتبادل بشأن البرنامج النووي الإيراني بين واشنطن وطهران، تتصل برفض الأخيرة تغيير ماهية المحادثات الجارية في فيينا؛ وهذه هي المعضلة الأساسية، حيث يرفض النظام انخراط السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي في المحادثات، الأمر الذي تعدّه بمثابة "فخّ أمريكي".

السلوك الإقليمي لطهران

لكن، من جهة أخرى، تجري طهران، وتدعم، بعيداً عن المحادثات في فيينا، أو بالأحرى ربط المفاوضات النووية بالسلوك الإقليمي، حواراً مع الرياض، مؤكداً أنّ النظام الإيراني لن يتجه، بأي حال من الأحوال، إلى التصعيد في المنطقة إذا تم إحياء الاتفاق النووي، أو استثمار رفع العقوبات بتصعيد نشاطاته الإقليمية، ودعم تنظيماته الخارجية.

اقرأ أيضاً: أية رسائل حملتها زيارة وزير خارجية إيران إلى لبنان؟

وتابع: "إيران لن تسعى إلى تعميق الأزمة مع السعودية، فهي تريد الاستقرار والتهدئة في الإقليم، كما ستتجه لاستغلال فرصة إحياء الاتفاق النووي للحصول على مكتسبات اقتصادية داخلية، ومن ثم، السعي لإنهاء الأزمات المعيشية والمجتمعية المتفاقمة لديها".

إيران تريد الاستقرار والتهدئة في الإقليم

ووفق منتظري، ستكون طهران في حاجة لتعاون اقتصادي مع الرياض وبغداد وأبو ظبي وأنقرة، الأمر الذي يعني تعميق جذورها الاقتصادية بالمنطقة، للسيطرة على أزماتها المحلية، خاصة أنّ إبراهيم رئيسي سيكون الرئيس الإيراني في الفترة الثانية، خلال الأربع سنوات المقبلة، بالتالي، لا يريد النظام "أيّ قلق سياسي يؤثر على فرص رئيسي في الحكم".

الكاتب الإيراني علي منتظري لـ "حفريات": الأزمات التي تعيق التوصل لاتفاق نووي بين واشنطن وطهران، تتصل برفض الأخيرة تغيير ماهية المحادثات الجارية في فيينا

ثمة تطور آخر يؤشر على التعقيدات العديدة التي ترافق المسار التفاوضي في فيينا، وتحديداً بين النواب الأمريكيين، حيث اصطف الديمقراطيون والجمهوريون في الكونغرس إزاء رفض إدارة الرئيس الأمريكي لعملية إحياء "خطة العمل المشتركة"، فيما ضغط المشرعون على ضرورة الإطلاع على الصيغة النهائية التي تبدو عليها الاتفاقية، حتى لا تكون أضعف من الصفقة التي أبرمها الرئيس السابق باراك أوباما، عام 2015.

مخاوف أمريكية

وبعث المشرعون الأمريكيون بمخاوفهم من أن تساهم الاتفاقية الجديدة في تدفق مليارات الدولارات إلى روسيا، الأمر الذي سوف يسمح لموسكو بمواصلة القيام بأنشطة الطاقة النووية مع إيران، إضافة إلى تلميحاتهم بأنّ الوقت الذي تجري فيه المفاوضات ليس في صالح واشنطن، لا سيما أنّ العلاقات بين الأخيرة وموسكو، في أدنى مستوياتها. كما أنّ الولايات المتحدة قد "فقدت الكثير من الوقت والنفوذ"، في إشارة إلى المفاوضات الاستنزافية التي خاضتها مع طهران بفيينا.

اقرأ أيضاً: "فايننشال تايمز": احتمال إزالة بايدن للحرس الثوري الإيراني من قائمة الإرهاب "يُكهرب" المنطقة

كما أوضح رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي السيناتور الديمقراطي، بوب مينينديز، أنّه لا يعرف ما يكفي عن تفاصيل الصفقة الناشئة ليقول ما إذا كانت ستكون قوية بما يكفي ليدعمها، وقال لصحيفة "ذا هيل": "كان هناك القليل من البصيرة حول كيفية سير الأمور. لكن لا توجد رؤية أكبر للصورة. وأنا لا أعرف ما هي الصفقة".

 السيناتور الديمقراطي، بوب مينينديز: من الصعب الحكم على ما إذا كانت إيران ستتراجع فعلاً عن برنامجها النووي

وأردف: "من الصعب الحكم على ما إذا كانت إيران ستتراجع فعلاً عن برنامجها النووي، وإذا كانت ستوقف أخيراً جهودها لتطوير أسلحة نووية، وستسمح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول إلى المواقع التي تطالب بتفتيشها. ويجب أن تتضمن الصفقة كلّ هذه الأمور، بالإضافة لتقييد برنامج إيران الصاروخي".

كما شدّد مينينديز على أنّه إذا طُلب من إيران، فقط، تأجيل تطوير برنامج أسلحتها النووية، فمن المحتمل ألا تكون الصفقة معها "جيدة بما فيه الكفاية".

من يضمن سلوك طهران بعد عودة الاتفاق؟

وبدوره، قال بن كاردين، ثاني أكبر ديمقراطي في لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس، إنّ الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ارتكب خطأ بالانسحاب من الاتفاق الإيراني قبل أربع سنوات، ومؤكداً على أنّ العلاقات المتدهورة مع روسيا والصين تشكل عقبات أمام التفاوض على صفقة جديدة، وأنّه قد يكون من الأفضل الانتظار على أمل صياغة اتفاق أقوى في وقت لاحق.

بعث المشرعون الأمريكيون بمخاوفهم من أن تساهم الاتفاق النووي في تدفق مليارات الدولارات إلى روسيا، ما يسمح لموسكو بمواصلة القيام بأنشطة الطاقة النووية مع إيران

ولفت إلى أنّ روسيا، باعتبارها دولة "منبوذة" في المجتمع الدولي، "يغير ديناميكيات المحادثات"، بينما عدّ الانتظار قبل إعادة التفاوض على الصفقة "أفضل إستراتيجية".

وتابع: "أنا لست بالضرورة مع التسرع في التوصل إلى اتفاق، وما زلت أعتقد أنّه يجب أن يكون لدينا اتفاق أطول"، في إشارة إلى شروط اتفاق 2015 الذي طالب إيران بتقليص أجهزة الطرد المركزي الخاصة بها لمدة 10 سنوات فقط.

وإلى ذلك، قال السيناتور ميت رومني عضو لجنة العلاقات الخارجية: "لا يجب أن يكون هناك اتفاق آخر يساعد إيران. أي صفقة تضع المزيد من الأموال في أيدي إيران، وأي اتفاق يسمح لروسيا بالحصول على تمويل من خلال خطة العمل الشاملة المشتركة الجديدة لا معنى له".

وقال رومني إنّ الاتفاقية الجديدة ستوجه الأموال "بشكل مطلق" إلى روسيا، على الرغم من العقوبات الشديدة التي فرضتها الولايات المتحدة وأوروبا على موسكو منذ بدء الحرب في أوكرانيا. وتابع: "روسيا مرتبطة بإعادة معالجة بعض الوقود النووي (الإيراني)، وهذا يضع المال في جيوبها".

وعلى خلاف تقديرات الباحث الإيراني، يرى المحلل السياسي الأمريكي وعضو الحزب الديمقراطي، مهدي عفيفي، أنّ إيران سوف توسع من نشاطاتها الإقليمية في حال تم رفع العقوبات عنها بعد إحياء الاتفاق النووي، مشيراً في حديثه لـ "حفريات" إلى أنّ النظام في طهران سوف يرفع نفقاته لحساب التنظيمات الخارجية التابعة له، كما ستموّل الميليشيات والمجموعات المسلحة المناوئة للدول العربية، الأمر الذي يحتاج لتنسيق بين دول الخليج والغرب وواشنطن، خاصة بعد التحولات التي فرضتها الأزمة الروسية الأوكرانية، وتباين المواقف تجاه الولايات المتحدة وروسيا.

اقرأ أيضاً: إيران تتحدى العقوبات وتحتال على واشنطن بنظام مصرفي "سرّي"

ومن جهته، يرى الباحث المصري في العلوم السياسية، الدكتور سامح مهدي، أنّ مسألة عودة طهران للاتفاق النووي تبدو وشيكة، رغم كلّ الملابسات التي تعكس درجة من التباطؤ على خلفية الأزمة الدولية الراهنة، لكنّ النتائج القادمة تشير إلى إمكانية إحياء الاتفاق، بالتالي، يتعين التعامل على ضوء ذلك، لافتاً في حديثه لـ "حفريات"، إلى أنّ هناك إشارات عديدة، إقليمية ودولية، تتطلب من الدول العربية، بوجه خاص، أن تكون منفتحة على كافة السيناريوهات، لا سيما أنّ إيران من خلال تنظيماتها الولائية باتت قوة إقليمية وتحركاتها في المنطقة "ورقة تكتيكية" للضغط الميداني، والحصول على مكتسبات سياسية واقتصادية، وعليه، فإنّ الأطراف الأخرى تحتاج لتنسيق سياسي وأمني واقتصادي لمواجهة انتشار إيران وتحييد سياساتها ومقاومة أهدافها الإستراتيجية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية