لماذا يصف أكاديمي إيراني صواريخ الحوثي ضد إسرائيل بـ"المزحة"؟

لماذا يصف أكاديمي إيراني صواريخ الحوثي ضد إسرائيل بـ"المزحة"؟

لماذا يصف أكاديمي إيراني صواريخ الحوثي ضد إسرائيل بـ"المزحة"؟


03/12/2023

يتضح يوماً بعد يوم التباين العميق في إدارة الصحف الإيرانية للصراع بين حركة حماس وإسرائيل، منذ اندلاع عملية "طوفان الأقصى" التي شنّتها الحركة في 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بما يعكس الاختلافات القائمة داخل النظام في طهران بشأن هذا الصراع أو بالأحرى المرتكزات التي يتعاطى من خلالها كل طرف أو جناح مع الأحداث والوقائع. 

اللافت أنّ الأكاديمي والسياسي الإيراني، صادق زيبا كلام، هاجم فصائل ما تعرف بـ"المقاومة" واعتبر أنّ "حزب الله" أو"الحوثي" لم يحقق أي منهما شيء أمام إسرائيل. وقال زيبا كلام إنّ "45 يوماً من حرب غزة أثبتت أنّ ما أنفقناه على هذه الفصائل خلال 45 عاماً ذهب سدى"، بينما وصف صواريخ الحوثي ضد إسرائيل بـ"المزحة". كما أوضح العضو في مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني، غلام علي حداد عادل، أنّ إيران رفضت المشاركة في حرب غزة لتجنب الحرب مع الولايات المتحدة. وذكر حداد عادل، في مقابلة تلفزيونية، أنّ إسرائيل كانت تأمل أن تتورط إيران في حرب غزة لتدخل في مواجهة مع الولايات المتحدة.

وتابع: "يجب نقول للأشخاص الذين يريدون دخول إيران في حرب غزة، ربما هذا هو نفس الشيء الذي يريده الكيان الصهيوني، وهو تحويل حرب غزة إلى أخرى بين إيران وأمريكا. فإيران اتخذت القرار الصحيح بتجنب المشاركة في حرب غزة. إذا حدث هذا (مشاركة طهران في الحرب)، فإنّ الذي سينجو هو النظام الصهيوني". كما قال عضو مجلس تشخص مصلحة النظام إنّ "قرار إيران الابتعاد عن غزة جاء في صالح الفلسطينيين. ربما دخول إيران في الحرب ليس في مصلحة القضية الفلسطينية".

وفي ما يبدو أنّ هناك اتجاهات داخل النظام الإيراني، ترى بأنّ الابتعاد عن هذه الحرب، وتفادي الانخراط فيها كان مكسباً، ويمكن الاستفادة من الصراع الإقليمي لتحفيف الضغوط الأمريكية والأوروبية عن إيران، وبخاصة في ما يخص الانتقادات الحقوقية والملف النووي فضلاً عن الدور الخارخي للحرس الثوري بالإقليم. 

مصطفى صلاح: الانقسام في إيران هو بين التيارين الأصولي والإصلاحي

ويوضح الصحفي اليمني المختص بالشأن السياسي والإقليمي، هشام طرموم، أنّ ميليشيات مثل الحوثي المدعومة من إيران تتخذ "من القضية الفلسطينية مجرد شعار هش لاستغلال العاطفة اليمنية تجاه قضية فلسطين وهو شعار لا أكثر. لكن في حقيقة الأمر تتخذ من ذلك وسيلة للحشد في صفوف مقاتليها" موضحاً لـ"حفريات" أنّه عندما "بدأ طوفان الأقصى انكشفت حقيقة مزايدات الحوثيين بتلك القضية، فلجأت الجماعة إلى الاتجاه نحو إيهام الرأي العام، المحلي والدولي، بمشاركات رمزية من خلال ضرب الصواريخ التي لم تقتل إسرائيلياً والقرصنة البحرية. وهذا السلوك حقيقة يخدم إسرائيل أكثر مما يخدم الفلسطينيين والقوى الغربية بشكل عام؛ لأنّهم سيتخذون منه مبرراً لتواجدهم في المياه اليمنية. والحقيقة أيضاً أنّ ميليشيا الحوثي تتخذ من خلال هذه الأفعال غطاءً لاستكمال مزاعمها بخصوص معاداة إسرائيل ومواجهتها. وبينما تقوم الميليشيا الحوثية بتعبئة مقاتليها بدعوى مواجهة إسرائيل، فإنّها في الحقيقة ذاهبة لشنّ عدوان على مأرب وتعز".

تفجير الموقف الإقليمي بغزة

وبحسب موقع "العربية"، ففي هجوم هو الثاني من نوعه خلال أيام، تعرضت سفينة مملوكة لرجل أعمال إسرائيلي إلى هجوم في المحيط الهندي. وقد أعلن مسؤول دفاعي أمريكي أنّ سفينة حاويات مملوكة لملياردير إسرائيلي تعرضت لهجوم بطائرة بدون طيار يشتبه أنّها إيرانية في المحيط الهندي. كما أوضح المسؤول (رفض الكشف عن هويته) أنّ السفينة التي ترفع علم مالطا يشتبه في أنّها استهدفت بطائرة مسيّرة مفخخة من طراز شاهد-136 أثناء وجودها في المياه الدولية، وفق وكالة أسوشييتد برس. وتابع: "المسيّرة انفجرت، ما أدى إلى إلحاق أضرار بالسفينة من دون إصابة أي من أفراد طاقمها. ما زلنا نراقب الوضع عن كثب". 

 

صحيفة كيهان الإيرانية: إسرائيل باتت تجد نفسها الآن أمام جبهات متعددة بعد قرار الحوثيين وحزب الله المشاركة في الحرب بجانب حماس

 

ويشير موقع "العرب" اللندنية إلى أنّ قراءة مواقف وتصريحات بعض المسؤولين في طهران، إنّما يؤكد أنّ النظام يبدو مستفيداً من الحرب، بل كان يسعى إلى تفجير الموقف الإقليمي في غزة، الأمر الذي قد يساهم في توسيع نفوذه بالمنطقة ويخفف من حدة الوضع داخلياً على خلفية الاحتجاجات الشعبية. فيما كشف عضو البرلمان الإيراني، حميد رضا حاجي بابائي، أنّ "الهدف الحقيقي من حرب غزة هو عرقلة انتفاضة الشعب الإيراني وقمع القوى المنتفضة في الداخل، والسير على نهج الأربعين سنة الماضية التي غلب عليها توظيف الأزمات الخارجية وإثارة الحروب في المنطقة لتجاوز العديد من الأزمات الداخلية والتغلب عليها".

وفي حديثه لـ"حفريات" يوضح الباحث المصري المختص في العلوم السياسية، الدكتور مصطفى صلاح، أنّ الانقسام في إيران هو بين التيارين الأصولي والإصلاحي، ومن الواضح أنّ  الصحف الأصولية تواصل "نبرة" التهديد والوعيد، كما هي عادتها، لا سيما مع "الشيطان الأصغر" و"الشيطان الأكبر" و"القوى الإمبريالية" وغيرها من التوصيفات التي "تعمل على إعادة تدويرها في ماكينتها الإعلامية المؤدلجة والصاخبة لتحريك جماهيرها المتشددة. لكنّ الصحف الأخرى تتحدث بلغة أقرب للسياسة والدبلوماسية، حيث تروج لهزيمة إسرائيل وقوة وصلابة "قوى المقاومة" و"تيار الممانعة" حتى من قبل بدء الهدنة وتعبر المسار الأخير هزيمة لإسرائيل".

ثمّن وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف، قرار المرشد الإيراني، برفض الانخراط في الحرب جنباً إلى جنب مع حماس

وقد جاء في مقال تحليلي نشرته صحيفة كيهان، التي يعين رئيس تحريرها مكتب المرشد الإيراني، أنّ "مشاركة حزب الله في هذه الحرب كانت أحد الأسباب الرئيسية التي أجبرت إسرائيل على قبول الهدنة، بعد عجزها عن تحقيق أي من الأهداف التي أعلنت عنها سابقاً". كما دافعت الصحيفة الأصولية "عن دور حزب الله"، وقالت إنّ "الحزب لم يترك غزة يوماً واحداً، كما دافعت عن الحوثيين واحتجازهم للسفينة التجارية المملوكة لرجل أعمال إسرائيلي. إسرائيل باتت تجد نفسها الآن أمام جبهات متعددة بعد قرار الحوثيين وحزب الله المشاركة في الحرب بجانب حماس".

 

الباحث المصري مصطفى صلاح لـ"حفريات": مواقف المسؤولين في طهران تؤشر إلى وجود رغبة في الانتقال من الدور الميداني المباشر والاحتكاك العسكري الخشن إلى السياسي

 

ووفق الباحث المصري، فإنّ مواقف المسؤولين في طهران تؤشر إلى وجود رغبة في الانتقال من الدور الميداني المباشر والاحتكاك العسكري الخشن إلى السياسي، موضحاً أنّ عبد اللهيان ونظيره سابقاً (رغم الخلاف بينهما عقائدياً) كشفا عن حقيقة ثابتة، من خلال موقفهما المشترك، مفادها الاستفادة القصوى للنظام من هذه الحرب المشتغلة في غزة ودخول طهران كمفاوض وطرف سياسي يمكن الاعتماد عليه "وجني مكاسب جديدة من الغرب والولايات المتحدة". فوزير الخارجية الإيراني عبد اللهيان في لقاء مع صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية قال: "أبلغنا الولايات المتحدة أنّ إيران لا تريد انتشار الحرب، ولكن أيّ خيار (تطور الأحداث) يصبح ممكناً، واتساع الصراع يصبح أمراً لا مفر منه، بسبب النهج الذي تتبعه الولايات المتحدة وإسرائيل في المنطقة، وفي حال عدم توقف الجرائم ضد سكان غزة والضفة الغربية".

إلى ذلك، ثمّن وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف، قرار المرشد الإيراني، برفض الانخراط في الحرب جنباً إلى جنب مع حماس. ووصف موقف خامنئي بـ "الذكي". وقال ظريف: "دعمنا للمقاومة الفلسطينية، لا يشمل الحرب بجانبهم".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية