ليبيا ضحية فيروس كورونا وطموحات تركيا

ليبيا ضحية فيروس كورونا وطموحات تركيا


كاتب ومترجم جزائري
07/09/2020

ترجمة: مدني قصري

انتقد المتحدّث باسم الجيش الوطني الليبي، أحمد المسماري، أنقرة لإرسالها مرتزقة من القرن الأفريقي إلى الدولة الواقعة في شمال أفريقيا.

لا توجد حرب حتمية؛ ليبيا دولة تتميز بطابعها القبلي وبكثافة حقولها النفطية، لقد حوّلت السيطرة على الموارد هذا الصراع إلى حرب مصالح مفتوحة حول من يتولى السيطرة على الذهب الأسود المرغوب فيه.

اقرأ أيضاً: ليبيا.. الحل في إبعاد تركيا

 لم يرغب الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في التنازل عن طموحاته خارج هذه اللعبة، ولهذا السبب بدأ، في 6 كانون الثاني (يناير)، تدخّله رسمياً في الدولة الواقعة في شمال أفريقيا، بهدف دعم الحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة في طرابلس.

مقاتلون موالون لحكومة الوفاق الوطني في بلدة صبراتة الساحلية (أ.ف.ب)

ومع ذلك، تغيّرت ديناميكيات اللعبة في الأشهر الأخيرة؛ حيث قررت أنقرة إرسال مرتزقة سوريين، وغيرهم، للانضمام إلى صفوف حكومة الوفاق الوطني، وقد أعلن المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، أحمد المسماري أنّ تركيا تنقل مرتزقة من القرن الأفريقي إلى ليبيا بدعم دولة خليجية، وقال في خطابه الأخير؛ إنّ الأمة الأوراسية تواصل إرسال مرتزقة من جنسيات مختلفة إلى ليبيا، وأشار إلى أنّ "الدولة الواقعة في شمال أفريقيا لن تكون محطتهم الأخيرة"، لكن، كما قال، "سيتم نقلهم لاحقاً إلى أوروبا ودول أخرى في المنطقة".

أنقرة تؤجج الصراع

لعبت أنقرة دوراً رئيساً في الصراع الذي ابتليت به الدولة الواقعة في شمال أفريقيا، بعد الاتفاقية الموقعة في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، بين تركيا وحكومة الوفاق الوطني (GNA) (اختصارها باللغة الإنجليزية)، ومقرّها طرابلس، ويقودها فايز السراج.

نشرت صحيفة روسية مقالاً يشير إلى استعداد الرئيس التركي لإرسال نظام "S-400" إلى ليبيا وسوريا، لكنه أرجأ ذلك تجنباً للعقوبات التي تهدّد الولايات المتحدة بفرضها على أنقرة

في إطار اتفاقية التعاون الأمني ​​والاقتصادي هذه عزّزت تركيا وجودها في ليبيا؛ حيث أرسلت مئات المرتزقة وعشرات الشحنات من المعدات العسكرية، بهدف ممارسة نفوذ أكبر في شرق البحر الأبيض المتوسط، وحتى تحصل على منفذ مباشر إلى حقول النفط في البلاد، ومع ذلك، فقد تعرضت هذه الوثيقة لانتقادات شديدة من قبل بعض دول المنطقة، التي ترى في هذا الاتفاق تهديداً لاستقرارها.

في ليبيا حرب بين الجيش الوطني الليبي، بقيادة الجنرال خليفة حفتر، وبدعم من الأردن والسعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة والسودان، وروسيا وفرنسا، بينما تتلقى حكومة طرابلس، بدعم من جماعة الإخوان المسلمين، والمعترف بها دولياً من قبل الأمم المتحدة، مساعدات عسكرية من تركيا وقطر.

نظام صواريخ إس -400 أرض-جو (رويترز)

في هذا السيناريو المعقد، نشرت صحيفة "Nezavisimaya Gazeta" الروسية مقالاً يشير إلى استعداد الرئيس التركي لإرسال نظام "S-400" إلى ليبيا وسوريا، وبحسب هذه الصحيفة؛ فقد أرجأ أردوغان إرسال هذا النظام الروسي "تجنباً للعقوبات التي تهدّد الولايات المتحدة بفرضها على أنقرة".

اقرأ أيضاً: معركة كسر عظم في ليبيا

في دوامة عدم الاستقرار هذه يعيش آلاف وآلاف المدنيين الليبيين الذين يحلمون بالسلام كلّ يوم، وفي هذا الشأن أفادت صحيفة "عرب نيوز" بأنّ "35 صياداً مصرياً، على الأقل، معرّضون للخطر، بعد اعتقالهم المزعوم من قبل حكومة الوفاق الوطني، في 2 تشرين الثاني (نوفمبر) 2019، وقد طالبت أسر هؤلاء الصيادين، الحكومة المصرية بـ "مضاعفة جهودها لضمان حريتهم"، بحسب تصريحات هذه الصحيفة الإلكترونية، التي لا تعرف مكان هؤلاء الأشخاص.

اعتقال صيادين دون توجيه تهم

وقال القيادي في اتحاد صيادي كفر الشيخ، أحمد نصار، للصحيفة؛ إنّهم لم يتمكنوا من التواصل مع الصيادين، منذ تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وانتقد "حكومة الوفاق الوطني في أنّها تعتقل الصيادين دون توجيه تهم واضحة، لتبرير اعتقالهم".

عزّزت تركيا وجودها في ليبيا؛ حيث أرسلت مئات المرتزقة وعشرات الشحنات من المعدات العسكرية، بهدف ممارسة نفوذ أكبر في شرق البحر الأبيض المتوسط، والسيطرة على حقول النفط

لقد توجّه المجتمع الدولي نحو الأمة في شمال أفريقيا، ودعا مراراً إلى استئناف محادثات السلام، وكان آخرها بين وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، ونظيره السعودي، فيصل بن فرحان آل سعود، اللذين شدّدا على أهمية الاتفاق على وقف إطلاق النار في ذلك البلد، واستئناف الحوار الليبي الشامل، في إطار الآليات التي أرستها قرارات مؤتمر برلين، والموافقة عليها بالقرار 2510 لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

ليبيون أمام أحد أكشاك الأسماك في العاصمة الليبية طرابلس (أ.ف.ب)

كما جرت مناقشات داخل برميل البارود الليبي، وقد أعلن البرلمان الليبي، في وقت سابق من شهر آب (أغسطس)، عن مناقشة حول "مبادرة سياسية شاملة"، لإنهاء الصراع المستمر في البلاد منذ تسعة أعوام، وقال المتحدث باسم المؤسسة، أسعد الشرتاع؛ إنّ الهدف من هذه المبادرة هو وضع حدّ لإراقة الدماء وتحقيق المصالحة الوطنية "مع مراعاة الإفلات من عقاب الجرائم التي ارتكبت ضدّ الليبيين".

اقرأ أيضاً: هل توقفت تركيا حقاً عن إرسال المرتزقة والأسلحة إلى ليبيا؟

كان لهذا الصراع تأثير مباشر في المجتمع المدني؛ حيث خفّضت الحرب إنتاج النفط إلى أقل من 100 ألف برميل في اليوم، مقارنة بـ1,8  مليون برميل في زمن القذافي، ما أدّى إلى تدهور وضع اقتصاد مئات العائلات.

يجب أن يضاف إلى هذا الموقف ظهور عامل مسبّب للمرض (فيروس كورونا) الذي استطاع أن يغيّر العالم، كما هو الحال اليوم، حيث وصل فيروس كورونا إلى أمّة دمرتها الحرب بالفعل. ووفق المركز الوطني لمكافحة الأمراض؛ فإنّ عدد الوفيات المسجلة يزيد عن 120 وفاة، بينما عدد الأشخاص في المستشفيات بلغ 731 حالة، وبلغ عدد الإصابات المباشرة بفيروس "COVID-19" رقماً قياسياً جديداً، في 10 آب (أغسطس)، بعد أن أكدت السلطات المحلية 309 حالات.

مصدر الترجمة عن الفرنسية:

atalayar.com/fr



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية