هل توقفت تركيا حقاً عن إرسال المرتزقة والأسلحة إلى ليبيا؟

هل توقفت تركيا حقاً عن إرسال المرتزقة والأسلحة إلى ليبيا؟


03/09/2020

رغم إعلان وقف إطلاق النار في ليبيا لمواصلة المسارات التفاوضية بين مجلس النواب الليبي والجيش الوطني من جهة وحكومة الوفاق من جهة أخرى، ما زالت تركيا ترسل المرتزقة وتزوّد الجبهات بالأسلحة والعتاد، في محاولة منها لكسب الوقت لتحقيق التفوق العسكري على الجبهات الليبية.

وفي هذا السياق، قالت مبعوثة الأمم المتحدة إلى ليبيا ستيفاني وليامز أمس: إنّ عمليات تهريب السلاح والمرتزقة إلى ليبيا ما تزال جارية، داعية الأطراف الليبية لوقف أيّ تصعيد، وفق ما أوردت وكالة "رويترز" للأنباء.

اقرأ أيضاً: من ليبيا إلى مالي.. تركيا تطرق أبواب الساحل والصحراء

وأوضحت وليامز، خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في ليبيا، أنّها حصلت على الدعم من المملكة المتحدة ومصر والجزائر وتونس.

وقالت: "أظهروا كلهم دعمهم للعملية السلمية في ليبيا، ومنهم جميعاً حصلت على التزامات بالمساعدة في مهمتنا لجمع الفرقاء الليبيين وإحلال السلام في البلاد".

وأشارت المسؤولة الأممية في الوقت نفسه إلى أنه ما يزال هناك عدم استقرار في ليبيا  وتهريب للأسلحة والمرتزقة.

 

ستيفاني وليامز: إنّ عمليات تهريب السلاح والمرتزقة إلى ليبيا ما تزال جارية

 

وتابعت: "المهمّة تتواصل مع الفرقاء الليبيين، لنسدّ الفجوة بينهم ونبدأ المسار السياسي".

وفي الوقت نفسه أكدت وليامز أنّ "البعض يريد إفساد إجراء انتخابات في ليبيا"، مضيفة: "الديمقراطية يجب أن تُحمى، وأنا أحيّي جهود المسؤولين هناك".

جاء ذلك بالتزامن مع تقرير لوزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" حول إرسال تركيا أكثر من 5 آلاف عنصر من المرتزقة من الفصائل السورية لدعم حكومة الوفاق الوطني في طرابلس بليبيا.

وأضاف التقرير، الذي رفعه المفتش العام العسكري في البنتاغون، وفقاً لما نقلته فضائية "سكاي نيوز عربية" أمس: إنّ القيادة الأمريكية في أفريقيا رصدت وصول مرتزقة من الفصائل السورية بأعداد كبيرة إلى ليبيا على متن طائرة عسكرية تركية.

وقد نقل التقرير معلومات القيادة الأمريكية في أفريقيا "أفريكوم" في شأن تطورات الأزمة الليبية بين الأول من نيسان (أبريل) حتى آخر حزيران (يونيو) الماضيين، ملفتاً إلى الأنشطة التركية في نقل المرتزقة إلى هذا البلد.

وجاء في التقرير أيضاً أنّ "تركيا نقلت مئات من وحدات قواتها النظامية إلى داخل الأراضي الليبية، وتحديداً من فرق المدربين والمستشارين والأفراد المشرفين على أنظمة الدفاع الجوي التركي ومعدّي العبوات الناسفة التي يمكن وضعها على جانب الطرقات.

وفيما وصف التقرير المرتزقة بأنهم من ذوي السوابق الإجرامية وأنهم ارتكبوا فظاعات وتعديات واعتداءات على المواطنين الليبيين، أكد أنّ غالبيتهم يفتقدون للخبرات القتالية والحدّ الأدنى من المعرفة العسكرية، وأنّ الدافع لقدومهم هو الحصول على المال فقط.

 

أفريكوم رصدت وصول مرتزقة سوريين بأعداد كبيرة إلى ليبيا على متن طائرة عسكرية تركية

 

وكان المرصد السوري قد أكد عبر موقعه الإلكتروني يوم 23 آب (أغسطس) الماضي أنّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يواصل عمليات تجنيد المرتزقة من الفصائل السورية الموالية لأنقرة لإرسالهم للقتال في ليبيا، متجاهلاً إعلان حكومة الوفاق، التي يدعمها عسكرياً، وقف إطلاق النار ودعوتها لانتخابات.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان: إنّ دفعة جديدة من المرتزقة وصلت إلى تركيا بهدف تدريبهم في معسكرات هناك، وذلك بعد تجنيدهم من حلب وإدلب في سوريا.

اقرأ أيضاً: مسؤول أوروبي: ليبيا على رأس أولوياتنا

وفي ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تركيا لا بدّ من التطرّق إلى العبء الذي يشكله الإنفاق العسكري المتزايد في السنوات الأخيرة على خزينة الدولة في تركيا، الأمر الذي فاقم من المشكلات الاقتصادية التي تعيشها البلاد أصلاً في ظلّ انهيار العملة المحلية وتفشي فيروس كورونا.

ولا يحظى الإنفاق العسكري التركي بأيّ متابعة رسمية، سواء في البرلمان أو من الحكومة، وفضلاً عن ذلك فإنّ الإنفاق العسكري المتزايد للدولة يشهد تعتيماً غير مسبوق من وسائل الإعلام المحلية.

وتتدخل تركيا عسكرياً في العديد من دول المنطقة، من بينها سوريا والعراق، وفي ليبيا أيضاً التي تورطت فيها مؤخراً من خلال دعم ميليشيات طرابلس بالأسلحة والعتاد وإرسال المرتزقة، ما أخذ بعين الاعتبار المكتسبات التي يحققها المقربون من أردوغان ومعارفه من المشاريع التي اتفقوا عليها مع حكومة الوفاق الليبية، فضلاً عن مناوراتها المتواصلة شرقي المتوسط.

اقرأ أيضاً: باشاغا-السراج.. حقيقة صراع الميليشيات في غرب ليبيا

وتكلف هذه الممارسات التركية العسكرية وغيرها خزينة الدولة مليارات الدولارات، في وقت تلقي فيه قضية تمويل هذه الحروب والتدخل في نزاعات عدة بثقلها على اقتصاد تركيا المتعثر.

وتقول صحيفة "أحوال تركية": إنّ ميزانية الدفاع لأنقرة تشكل أكبر بند في الميزانية مقارنة مع غيرها من القطاعات، إذ تبلغ 145 مليار ليرة (19.7 مليار دولار) في ميزانية عام 2020، وهو ما يمثل حوالي 13% من إجمالي الإنفاق.

 

الإنفاق العسكري التركي المتزايد في سوريا والعراق وليبيا والبحر المتوسط يشكّل أعباء كبيرة على خزينة الدولة

 

وتشير الصحيفة إلى أنه عندما يضاف إلى ذلك العلاوات الممنوحة لشركات الدفاع الممولة من القطاع العام، والأموال الممنوحة لرئاسة الصناعات الدفاعية التركية، يرتفع الإنفاق إلى 273 مليار ليرة؛ أي ما يعادل أكثر من 25% من ميزانية الدولة.

ويُعدّ الإنفاق الدفاعي المحفز الرئيسي وراء الزيادة الهائلة في نفقات الميزانية التركية وعجزها الذي تجاوز الهدف السنوي في غضون 7 أشهر.

وقد أدت الزيادة غير المخطط لها في الإنفاق العام في موازنة 2020، والتي تحظى نفقات الدفاع بنصيب الأسد منها، إلى تجاوز هدف عجز الموازنة البالغ 138.9 مليار ليرة -الذي كان مقرراً حتى نهاية العام- خلال الأشهر السبعة الأولى من هذا العام، ممّا دفع العجز في الفترة من كانون الثاني (يناير) إلى تموز (يوليو) إلى 139.2 مليار ليرة.

وبينما ينتشر الآلاف من أفراد القوات المسلحة التركية في ساحات القتال في سوريا والعراق وليبيا، فإنّ الصراع مع اليونان في بحر إيجة والبحر الأبيض المتوسط يستلزم نشر العديد من السفن الحربية في هذه المياه، وهذا يعني إنفاقاً أكثر.

وقد أدى عجز الميزانية المتزايد، وتراجع قيمة الليرة، وزيادة أسعار الفائدة، إلى خنق مالية البنوك العامة في البلاد، الأمر الذي تسبب في توقف حملات القروض منخفضة الفائدة بشكل كبير.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية