ماذا وراء تمديد عمل لجنة مصطفى طلبة.. كيف يفكر الإخوان في تركيا؟

ماذا وراء تمديد عمل لجنة مصطفى طلبة.. كيف يفكر الإخوان في تركيا؟


20/07/2022

عادت الصراعات للظهور بشكل حاد من جديد داخل جماعة الإخوان، وقد أصبح التنظيم يواجه شقاقاً كبيراً بين جبهتي؛ لندن وإسطنبول، فبعد هدوء حذر، نشب الخلاف من جديد، في أعقاب اجتماعات ما يسمى بمكتب الإرشاد العالمي للجماعة في لندن، والذي حضره عدد من كبار القياديين، حيث قالت مصادر مطلعة، إنّ مكتب الإرشاد العالمي، اشترط أن يعلن محمود حسين الولاء لإبراهيم منير، إذا أراد المشاركة في الاجتماعات، وهو ما رفضه حسين.

بعد ذلك أصدر المكتب بياناً، شدّد فيه على "ضرورة مبايعة منير بصفته المرشد بالنيابة". من جهة أخرى، أعلن أنصار محمود حسين عزمهم عقد اجتماع لمجلس الشورى العام لجماعة الإخوان المسلمين، للرد على جبهة لندن.

تصعيد مضاد

شهدت الخلافات بين جبهتي لندن واسطنبول تصعيداً كبيراً، بعد أن شكل مجلس الشورى العام لجنة أطلق عليها اسم لجنة المرشد العام بالوكالة؛ للقيام بمهام المرشد العام، بقيادة مصطفى طلبة، وإقالة إبراهيم منير من منصبه، ورداً على ذلك، أعلنت جبهة لندن أنّها لن تعترف بقرارات جبهة اسطنبول، وما يسمى بمجلس الشورى العام، مؤكدة أنّ السلطة الشرعية للتنظيم يمثلها إبراهيم منير وحده.

ومع انتهاء المدة الأولى لأعمال اللجنة، وفي ظل حالة من الترقب لمصير التنظيم في تركيا، أعلن مجلس شورى الجماعة تمديد عمل اللجنة، واستمرار مهمة مصطفى طلبة، كقائم بأعمال مرشد الجماعة، لستة أشهر جديدة، تنتهي بنهاية هذا العام.

القصاص: حسين قد يدفع بنفسه بعد انتهاء المدة الثانية للجنة الستة للواجهة مباشرة

وانتهت أعمال اللجنة المكلفة بإدارة شؤون الجماعة، في 17 حزيران (يونيو) الماضي، أنباء متضاربة حول التمديد لها من عدمه، قبل أن تأتي خطوة التمديد، وهي الخطوة التي تعكس استمرار حالة الصراع، وقد سبقتها أخرى أكثر حدة، بإعلان مجلس الشورى العام، فصل إبراهيم منير، وعدد من القيادات نهائياً من الجماعة، وقال بيان صادر عن جبهة إسطنبول إنّ "مجلس الشورى، بحث الممارسات الفردية والإجراءات غير المؤسسيّة، التي يقوم بها بعض الإخوة؛ في محاولة لفرض واقع جديد، وإنشاء كيانات موازية للكيانات الشرعية بالجماعة". مضيفاً: "الجماعة تأخرت في الإعلان عن هذه القرارات، لإعطاء الفرصة لنجاح مبادرات للحفاظ على وحدة الصف، إلّا أنّها كسابقاتها لم تجد آذاناً صاغية".

إستراتيجية مرتبكة ورؤية غائبة

الباحث المصري المختص بقضايا الإرهاب الدولي، أحمد عطا، أكّد في تصريحات صحفية لشبكة "كيوبوست" أنّ المشكلة "ليست في إعادة تجديد لمصطفى طلبة، وإنّما الأزمة الحقيقية داخل الجماعة، مرتبطة بغياب الرؤية الواضحة للتعامل مع الوضع الجديد". لافتاً في الوقت ذاته إلى وجود أزمة مستترة، "مرتبطة بالرغبة في نقل مركزية الجماعة من مصر إلى تركيا، وهناك حوار مفتوح حول هذا الأمر، يرتبط بإمكانية اختيار مرشد غير مصري". وأضاف: "التمديد لطلبة لا يتجاوز الإجراء الشكلي، في ظل التفاهمات التي تجري في الوقت الحالي، ارتباطاً بأمورٍ عديدة، من بينها المتعلق بالقيادات الهاربة، أو حتى بإدارة المحفظة المالية للجماعة، والتنسيق مع المكاتب الموجودة لها ببعض البلاد العربية، فضلاً عن الموقف السياسي التركي تجاه الجماعة بالوقت الراهن".

 

عبد السلام القصاص: هناك خيار واحد أمام محمود حسين لتوجيه ضربة لخصومه وهو محاولة الانخراط ضمن التقارب المصري التركي وطلب المشاركة في الحوار الوطني لاكتساب شرعية ربما يحتاج إليها في الوقت الراهن

 

بدوره، يؤكد الباحث المصري في العلوم السياسيّة، عبد السلام القصاص، في تصريحات لـ"حفريات"، أنّ اختيار طلبة منذ البدابة يعكس إستراتيجية محمود حسين، المحرك الرئيسي للأحداث، أو ما يمكن أن نطلق عليه الانقلاب داخل التنظيم، حيث أراد حسين ألّا يظهر بشكل مباشر في الصورة، دافعاً بأحد أتباعه المقربين، ويأتي التمديد لطلبة على الرغم من اتهامات متعددة للأخير بضعف الشخصية، وافتقاد القدرة على حسم الصراع مع منير، وتفسخ بنية التنظيم في تركيا.

ويرى القصاص أنّ حسين قد يدفع بنفسه بعد انتهاء المدة الثانية للجنة الستة للواجهة مباشرة، متوقعاً أن يختاره مجلس الشورى العام مرشداً للجماعة، وعلى الرغم من سيطرته على مسارات الأوعية المالية، لكنه يفتقد إلى دعم القيادات المركزية، خاصّة في مصر، كما أنّ القيادات التاريخية مثل يوسف ندا، تدين بالولاء لإبراهيم منير.

أحمد فؤاد أنور: قرار التمديد للجنة الستة، يعكس نوعاً من الإصرار من قبل جبهة إسطنبول على تحدي مكتب الإرشاد العالمي

ويرى القصاص أنّ هناك خياراً واحداً أمام محمود حسين، لتوجيه ضربة لخصومه، وهو محاولة الانخراط ضمن التقارب المصري التركي، وطلب المشاركة في الحوار الوطني، لاكتساب شرعية ربما يحتاج إليها في الوقت الراهن، لكنّ الأمر بحسب القصاص ليس سهلاً، ويبقى رهناً بموافقة الحكومة المصرية، وهو أمر شديد الصعوبة، بعد تورط الجماعة في ممارسة العنف، لكنّ انصراف جبهة منير في الأشهر الأخيرة عن مهاجمة مصر، وانصياعها للطلبات التركية بشكل تام في هذا الشأن، ربما يعطي مؤشراً على وجود الفكرة والبحث عن سبيل لتفعيلها.

وكان طلبة قد أكد في شباط (فبراير) الماضي، أنّ الأزمة داخل التنظيم تكمن في طريقة الإدارة، وآلية اتخاذ القرار، وأنّها تفجرت بسبب الانفراد بالرأي، وتهميش دور المؤسسات وعملها، وتغيير الوقائع، وعدم الالتزام باللائحة، وذلك رداً على قرار إبراهيم منير بإلغاء قرار المرشد العام الخاص بالأمانة العامة للجماعة في مصر،  وحل مكتب تركيا، ثم حل شورى تركيا.

 

أحمد فؤاد أنور: الأمر يبقى في نطاق إدارة أموال الجماعة في تركيا، والحفاظ على الاستثمارات مع محاولة نقلها إلى بلدان أخرى فهي في النهاية تحولت إلى لجنة رجال أعمال تدير أموال الجماعة المشبوهة

 

من جانبه، يرى الدكتور أحمد فؤاد أنور، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، في تصريحاته لـ"حفريات"، أنّ قرار التمديد للجنة الستة، يعكس نوعاً من الإصرار من قبل جبهة إسطنبول على تحدي مكتب الإرشاد العالمي، ومواصلة المعركة مع إبراهيم منير للنهاية، وفي ظل عدم وضوح موقف القيادات في السجون، حيث يدعى كلّ طرف امتلاك رسائل دعم من المرشد العام محمد بديع.

أنور قلّل من الدور الذي يمكن لمصطفى طلبة أن يقوم به الفترة المقبلة، متوقعاً أن تنتهي المدة الثانية كسابقتها، حيث يظل الصراع مع جبهة لندن مفتوحاً دون حسم، والأمر يبقى في نطاق إدارة أموال الجماعة في تركيا، والحفاظ على الاستثمارات مع محاولة نقلها إلى بلدان أخرى، فهي في النهاية تحولت إلى لجنة رجال أعمال تدير أموال الجماعة المشبوهة.

 

مواضيع ذات صلة:

مصادر خاصة لـ "حفريات": محمود حسين يقترب من قيادة "الإخوان"

هل ينجح التنظيم الدولي للإخوان في جمع شتات جبهتي منير وحسين؟

مناورات وانشقاقات في الصراع بين جبهتي حسين ومنير.. لمن الغلبة؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية