ماذا ينتظر الإخوان في تركيا؟

ماذا ينتظر الإخوان في تركيا؟

ماذا ينتظر الإخوان في تركيا؟


09/08/2023

تعيش جماعة الإخوان أياماً صعبة جداً في تركيا، بعد الإجراءات الأمنية التي اتخذها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضد قياداتها وعناصرها، والتشديدات الأمنية، في ضوء إجراءات التقارب مع ‏القاهرة وتحسن العلاقات مع الإمارات والسعودية، شملت مداهمات لمقرات تتبع التنظيم، وطرد عدد من عناصرها ودراسة سحب الجنسية من عناصر أخرى، ووقف بث قنوات تلفزيونية ومنصات إعلامية تابعة للجماعة.

ووفقاً لـ "سكاي نيوز"، فإنّ الإجراءات التركية الأخيرة مؤشر جديد ‏على تخلي‎ ‎أنقرةعن الجماعة، قد يتبعها خطوات أخرى مثل ترحيل عناصر التنظيم المطلوبين لدى‎ ‎القاهرة، ويشكك الكثير من المراقبين بهذه الإجراءات، ويؤكدون أنّ الإخوان ما يزالون يمارسون حياتهم بشكل طبيعي في تركيا، وأنّ أردوغان لن يتخلى عنهم؛ بسبب المرجعيات التنظيمية وضغط مسؤولين في تنظيم العدالة والتنمية الحاكم.

ووفقاً لصحيفة (فورين بوليسي)، فإنّ العلاقات التي تجمع أردوغان مع جماعة الإخوان المسلمين وفروعها هي التي شكّلت بداية انهيار العلاقات مع عدد من الدول منذ أكثر من عقد خلال بداية الانتفاضات في العالم العربي، خاصة مع السعودية والإمارات ومصر، التي رأت أنّ الجماعة تمثل تهديداً في المنطقة بسبب أفكارها المتشددة، في حين كان أردوغان يأمل في أن يستغل نجاح الإخوان المسلمين الانتخابي في تونس ومصر في 2011 و2012 لتعويض السعودية كزعيم فعلي للعالم الإسلامي السنّي.

وأكدت الصحيفة في تقرير لها أنّ أهم بادرة حسن نية تفكر فيها أنقرة للتهدئة تجاه السعودية ومصر والإمارات هي تحولها عن دعم الجماعة الإسلامية المثيرة للجدل. وفعلاً، تحرّك الانفراج التركي مع الدول الـ (3) بالتوازي مع تقييد حركة الإخوان المسلمين وأنشطتها خاصة ظهورها الإعلامي.

طلبت تركيا من القنوات التلفزيونية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين تقليل التغطية التي تنتقد الرئيس المصري

وطلبت تركيا من القنوات التلفزيونية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين تقليل التغطية التي تنتقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وتزامنت زيارة أردوغان إلى جدة العام الماضي مع إغلاق قناة (مكمّلين) الفضائية التابعة للجماعة بعد (8) أعوام من البث من إسطنبول.

ورفضت تركيا تجديد الإقامة لأعضاء الجماعة أو المرتبطين بها، في محاولة لتشجيعهم على المغادرة، وقيل إنّها ألقت القبض على بعض القادة، وتفكر في ترحيل كثيرين آخرين، طلبهم الرئيس المصري، ربما إلى دولة ثالثة.

الإجراءات التركية الأخيرة مؤشر جديد ‏على تخلي‎ ‎أنقرة‎ ‎عن الجماعة، وقد يتبعها خطوات أخرى مثل ترحيل عناصر التنظيم

وأضافت (فورين بوليسي) أنّ تركيا قررت إلغاء عضوية بعض أعضاء جماعة الإخوان المسلمين من المواطنين الأتراك في حزب العدالة والتنمية الحاكم.

هذه التحركات أثارت أسئلة كبيرة حول مستقبل جماعة الإخوان، فما الذي سيحدث للمئات من المعارضين المتحدرين من دول عربية مختلفة (مصر وسوريا واليمن وليبيا وفلسطين)، بينما تدير تركيا ظهرها للجماعة؟

بالمقابل، بدأت تظهر إلى العلن، ولأول مرة، ردّات فعل محسوبين على فروع الإخوان من دول عربية مختلفة تنتقد أردوغان وتتهمه ببيع الجماعة لتأمين الحصول على الدعم المالي والاستثماري من دول الخليج واسترضاء السيسي، وفتح باب التفاوض مع الرئيس السوري بشار الأسد مقابل التخلي عن معارضيه وتعبيد الطريق لعودة الملايين من اللاجئين إلى بلادهم.

وقد برزت الجماعة كقوة معارضة أقوى وأكثر تنظيماً في مصر في احتجاجات 2011، ونجحت للمرة الأولى في تنصيب محمد مرسي، وهو أحد أفرادها، رئيساً. وتمكّن حزب النهضة في تونس من تشكيل حكومة ائتلافية (ترويكا) مع علمانيين مثلت غطاء لحكمه، وفتحت أمامه أبواب التغلغل في الدولة.

تركيا قررت إلغاء عضوية بعض أعضاء جماعة الإخوان المسلمين من المواطنين الأتراك في حزب العدالة والتنمية الحاكم

ولكنّ كلا الفرعين (مصر وتونس) فشل بالبقاء في السلطة لأسباب مختلفة؛ بما في ذلك الانقسامات العميقة وانعدام الخبرة وإعطاء الأولوية للسيطرة على الدولة بدل خدمة الناس الذين انتخبوهما لتغيير الواقع، وفق الصحيفة ذاتها.

وأخذت تجربة العضو السابق في جماعة الإخوان المسلمين عياش عبد الرحمن، كمثال على مصير الإخوان في تركيا، فقد قال في تصريح صحفي: بعد إقامة (6) أعوام في تركيا قررت السلطات عدم تجديد إقامته، ولم يُمنح سوى (10) أيام للمغادرة.

ومن جهته، قال الكاتب أنشال فوهرا: إنّ جماعة الإخوان المسلمين تمرّ بأزمة وجودية، يعتقد الكثيرون أنّها لن تخرج منها سالمة، لكن ما تزال لديها بعض جيوب النفوذ في المنطقة.

أهم بادرة حسن نية فكّر فيها الرئيس التركي للتهدئة تجاه السعودية ومصر والإمارات هي تحوله عن دعم الجماعة

وقال الزميل في مؤسسة (القرن) الخبير في الشؤون السورية آرون لوند: "لم تضيّق تركيا الخناق على جماعة الإخوان السورية بالطريقة نفسها التي اعتمدتها مع الأعضاء المصريين".

وتابع: "أظن أنّ جماعة الإخوان أداة مهمة للغاية في سياسة تركيا تجاه سوريا بحيث لا يمكن التخلص منها ببساطة. لكن إذا تقدّم التقارب بين دمشق وأنقرة، فمن المحتمل أن يواجه المعارضون السوريون شكلاً من أشكال الضغط والقيود".

بدوره، قال الباحث المصري الكبير في الإسلام السياسي ماهر فرغلي: إنّ "بعض قنوات الإخوان خرجت من تركيا وذهبت إلى لندن، لكن ليس جميع القنوات، ومثال على ذلك أنّ قناة (الشرق) الإخوانية ما تزال تبث من أنقرة".

فرغلي: هناك حوالي (7) آلاف عنصر إخواني في تركيا قدّموا خدمات كبيرة للنظام الحاكم التركي

وأشار فرغلي، في تصريح صحفي لـ (RT)، إلى أنّ "هناك حوالي (7) آلاف عنصر إخواني في تركيا قدّموا خدمات كبيرة للنظام الحاكم التركي، وحشدوا عناصرهم في الانتخابات الأخيرة من أجل فوز أردوغان"، لهذا فإنّه يتوقع أن ردّ الجميل لهم هو ألّا تقوم تركيا بطردهم، ولن يتخلوا عنهم".

بدوره، وفي السياق ذاته، قال الخبير فى الحركات الإسلامية الدكتور أحمد سلطان: إنّ تركيا لن تسلّم التابعين لجماعة الإخوان المسلمين إلى مصر، وإنّ جهات تابعة للجماعة تدخلت للإفراج عن عدد من المعتقلين ضمن حملة شنتها أخيراً أجهزة الأمن التركي على مخالفي قانون الإقامة، وبالفعل تم الإفراج عن عدد كبير منهم.

فورين بوليسي: العلاقات التي تجمع أردوغان مع جماعة الإخوان المسلمين وفروعها هي التي شكّلت بداية انهيار العلاقات مع عدد من الدول

وأوضح سلطان أنّ التابعين لجماعة الإخوان المسلمين يتم تصويب أوضاعهم من ناحية الإقامة، والذين يواجهون أيّ صعوبات بهذا الموضوع سيتم السماح لهم بالرحيل إلى دولة ثالثة، ولكن غير مطروح عملية تسليمهم إلى مصر، حيث يمنع القانون التركي تسليم المعارضين، ومن بينهم نشطاء جماعة الإخوان، حسب ما نقلت "روسيا اليوم".

ويبقى السؤال الأهم: هل سيتخلص أردوغان من جماعة الإخوان المسلمين، ويغلق هذا الملف الشائك، الذي دفعت تركيا ثمنه الكثير من الأزمات السياسية والاقتصادية، أم سيبحث عن مداخل ترضي الأطراف جميعها الدولية والتنظيمية؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية