ما الجديد في قمة العلمين؟

ما الجديد في القمة المصرية ـ الأردنية ـ الفلسطينية؟

ما الجديد في قمة العلمين؟


16/08/2023

في ظل تطورات متسارعة تشهدها القضية الفلسطينية، منذ تشكيل حكومة يمينية متطرفة في إسرائيل برئاسة زعيم حزب الليكود (نتنياهو)، تواجه أزمات داخلية عميقة بعد قراراتها بتعديلات في القضاء تتضمن إخضاعه لسلطة النواب (الكنيست)، وضرب الأسس التي قامت عليها عملية السلام، بما فيها ضرب مبدأ الدولتين والتوسع في العقوبات التي تستهدف الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، وما شهدته من تصعيد خاصة في مناطق جنين ونابلس، بالتزامن مع استمرار حصار غزة، انعقدت في مدينة العلمين المصرية قمة ثلاثية بين الرئيس المصري والملك عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمد عباس، بهدف "بحث التطورات الأخيرة على الساحة الفلسطينية، وكيفية تمكين السلطة الفلسطينية من تثبيت سلطتها ودورها السياسي والأمني وتوحيد الرؤى تجاه التطورات الدولية والإقليمية المرتبطة بالقضية الفلسطينية لتحقيق الأهداف المنشودة بإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، وإنجاز حقوقه بإقامة دولته المستقلة ذات السيادة الكاملة وعاصمتها القدس".

البيان الختامي الصادر في أعقاب القمة تضمن (13) بنداً أكدت على المواقف المسبقة لكل من مصر والأردن والسلطة الفلسطينية، بما فيها "إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، تمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، دعم جهود الرئيس عباس في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، التأكيد على تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن ذات الصلة، وقف الاعتداءات الإسرائيلية وفقاً لمقررات العقبة وشرم الشيخ، بما فيها وقف اقتحام المدن الفلسطينية، وإرهاب المستوطنين، والاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى، بالإضافة إلى التأكيد على الوصاية الأردنية للأماكن المقدسة، والتمسك بمبادرة السلام العربية"، وهي مواقف أكدت توافق الأطراف الـ (3) على قواسم مشتركة ورؤى موحدة تجاه القضية الفلسطينية ومستقبلها.

وعلى أهمية ما ورد في البيان الختامي للقمة من تأكيدات على مواقف مشتركة، إلا أنّ المرجح هو أنّ القمة شكلت عنواناً جديداً للدعم الأردني ـ المصري المشترك للسلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس في هذه المرحلة، لا سيّما أنّ السلطة حققت نجاحات خلال الأسابيع الماضية باستعادة دورها السياسي والأمني، فقد استعادت السلطة تمثيلها للشعب الفلسطيني عبر محطتين بارزتين؛ وهما: اللقاء الفلسطيني ـ الفلسطيني الذي عقد في أنقرة بحضور الرئيس عباس وإسماعيل هنية، ثم مؤتمر العلمين للفصائل الفلسطينية، الذي كان من بين مخرجاته تأكيد تمثيل السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير للشعب الفلسطيني، رغم أنّه لا يتوقع أن تكون المحطتان قد حققتا الوحدة المنشودة لكافة الفصائل الفلسطينية، لا سيّما بين فتح وحماس، إلا أنّهما أسهمتا في تخفيض حدة التصعيد والحملات الإعلامية المتبادلة بين الفصائل الفلسطينية.

أوساط عديدة ترجح أنّ هذه القمة هي قمة الدعم للرئيس عباس، فالرئيس الفلسطيني يحضر هذه القمة وبحوزته ملفات تتراوح ما بين إنجازات تحققت وأخرى بانتظار الدعم الأردني ـ المصري، فما تحقق أنّ الأجهزة الأمنية الفلسطينية استعادت زمام المبادرة في مناطق جنين ونابلس، بعد تصعيد حركتي حماس والجهاد الإسلامي عملياتهما ردّاً على تصعيد إسرائيلي، تنفيذاً لمخططات اليمين المتطرف، وكان للقرارات الإسرائيلية الخاصة بالإفراج عن مخصصات مالية للسلطة الفلسطينية دور في استعادة السلطة بعضاً من قوتها، وبما أثبت دورها وقدرتها على ضبط الأمن في مناطق سيطرتها، يضاف إلى ذلك التغيير الذي شهدته بعض هياكل السلطة الفلسطينية بإقالة محافظين وتعيين بدلاء لهم يتوقع أن يسهموا بمزيد من تثبيت السلطة الفلسطينية في إطار مهمات المحافظين، "الخدمية والأمنية"، وكانت تسريبات من مصادر مقربة من الرئيس عباس، قبيل انعقاد القمة، أشارت إلى أنّه سيطلب من مصر والأردن تدريب المزيد من عناصر الأمن الفلسطيني لتتمكن السلطة من القيام بالتزاماتها، وهو ما لا يستبعد أن يكون عباس قد طلبه بالفعل، لا سيّما أنّ هناك مصلحة أردنية- مصرية في تهدئة الأوضاع في الضفة الغربية وقطاع غزة.

من الواضح أنّ الأوضاع في الضفة الغربية تشهد هدوءاً نسبياً مقارنة بالأسابيع الماضية، ويبدو أنّ هذا الهدوء مرتبط بانخفاض مستوى الاقتحامات الإسرائيلية، وجهود السلطة وأجهزتها الأمنية، هذا الهدوء يدفع الرئيس عباس للانتقال إلى مراحل لاحقة في الاشتباك السياسي، وهذا الاشتباك يحتاج إلى دعم أبرز حلفاء السلطة، وهما الأردن ومصر، وهو ما يرجح معه أنّ هذه القمة قد انعقدت تحت هذا العنوان، فعباس بصدد استئناف التواصل مع الإدارة الأمريكية، ويريد تقديم مقاربات تؤكد أنّ السلطة تنفذ التزاماتها وفقاً لمفهوم "خفض التوتر"، وأنّ على الإدارة الأمريكية ممارسة ضغوط أكبر على الحكومة الإسرائيلية للبدء باستئناف مفاوضات السلام مع السلطة، وصولاً إلى حلّ الدولتين، الذي تؤكد الإدارة الأمريكية الحالية التزامها به، وغير بعيد عن المقاربة التي سيقدمها عباس لواشنطن، من المتوقع أن ينشط عباس بفتح اتصالات جديدة مع المملكة العربية السعودية، لا سيّما بعد قرار السعودية باعتماد سفيرها في الأردن سفيراً للرياض لدى السلطة الفلسطينية، وافتتاح قنصلية سعودية في القدس المحتلة، وهو ما يرجح معه أن ينقل عباس للرياض مطالب محددة "مدعومة من القاهرة وعمّان" لتتبناها الرياض في مفاوضاتها مع الإدارة الأمريكية حول ما يتردد عن تطبيع محتمل بين السعودية وإسرائيل، خاصة أنّه بالإضافة إلى الدور الإقليمي للسعودية، فإنّ الرياض تعتبر الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي أحد أبرز مطالبها مقابل التطبيع، إلى جانب مطالب أخرى بدعم أمريكي لإنشاء مفاعلات نووية بالسعودية لأغراض سلمية، واتفاقية دفاع مشترك لا تخضع توريد احتياجات السعودية من الأسلحة لتجاذبات الإدارات الأمريكية.

مواضيع ذات صلة:

السعودية تُعين أول سفير لها لدى السلطة الفلسطينية... ما هدفها؟

سيناريوهات مطروحة لواقع ومستقبل القضية الفلسطينية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية