ما الذي يشغل أردوغان بصدد تونس؟

بدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي زار القارة الأفريقية بشكل متكرر أكثر من أي زعيم غير أفريقي آخر، في التدخل في الشؤون الداخلية لإفريقيا.

ووصف أردوغان حل الرئيس التونسي قيس سعيد للبرلمان التونسي بأنه "تشويه للديمقراطية" و "ضربة لإرادة الشعب".

وذكرت وسائل اعلام تونسية  أن سعيد أبلغ وزير الخارجية عثمان جراندي أنه يرفض "أي تدخل بأي شكل من الأشكال" في الشؤون التونسية، دون أن يذكر أردوغان مباشرة.

 لكن تونس استدعت السفير التركي بعد تصريحات أردوغان.

 بالطبع أردوغان الذي قال ذات مرة إن "الديمقراطية مثل الترام. أنت تركبها حتى تصل إلى وجهتك، ثم تنطلق "لا يمكن الادعاء بقلقك من تهديد الديمقراطية؛ إن قلقه يتركز بالأحرى على حزب النهضة الإسلامي الرائد في تونس. مؤسس الحزب ورئيس البرلمان راشد الغنوشي هو أيضًا حليف وثيق لنظام أردوغان، والدولة الواقعة في شمال إفريقيا لها أهمية استراتيجية للعمليات العسكرية التركية في ليبيا.

تونس رفضت تصريح الرئيس أردوغان واعتبرته تدخلاً في الشأن التونسي، وأن علاقات البلدين يجب أن تقوم على احترام استقلالية القرار الوطني وخيارات الشعب التونسي وحده.

قال وزير الخارجية التونسي رداً على الحكومة التركية عبر تويتر في 6 أبريل "لا نسمح بالتشكيك في مسارنا الديمقراطي".

حزب النهضة التونسي، الذي وصل إلى السلطة في عام 2011 ، هو الحزب السياسي الوحيد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذي تمكن من تشكيل حكومة ذات طابع اخواني، باستثناء حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا.

تونس بلد علماني في الغالب، وقد انتهز حزب العدالة والتنمية فرصة كبيرة من خلال إقامة علاقات قوية مع حكومة الترويكا بقيادة النهضة في عامي 2012 و 2013، بعد سقوط زين العابدين بن علي، الذي حكم البلاد من 1987 إلى 2011.

خلال هذه الفترة، توافد العديد من الدبلوماسيين الأتراك وزعماء حزب العدالة والتنمية والمنظمات غير الحكومية الموالية لأردوغان إلى تونس.

 وقعت تركيا وتونس معاهدة صداقة وتعاون في عام 2011 وأنشأت مجلس تعاون استراتيجي رفيع المستوى في عام 2012.

 وبدأت الوكالة التركية للتعاون والتنسيق (تيكا) ومعهد يونس إمري أنشطتهما في البلاد.

وصلت التجارة الثنائية بين تركيا وتونس إلى أكثر من مليار دولار بحلول عام 2020.

 بالإضافة إلى التعدين والطاقة والأغذية والزراعة، أصبح الدفاع الارضية  الرئيسية لصادرات تركيا إلى تونس في السنوات الأخيرة.

وقعت وزارة الدفاع التونسية عقدًا مع شركة صناعات الفضاء التركية لشراء طائرات بدون طيار في عام 2020. وخلال هذا العام وحده، طلبت تونس 240 مليون دولار لطائرات بدون طيار من تركيا بعد رفض صفقة مماثلة مع باريس.

ومع ذلك، كانت أيام المجد لحزب النهضة قصيرة الأجل، حيث وصلت الأحزاب العلمانية إلى السلطة في عام 2014، ثم بدأ حزب العدالة والتنمية في معالجة مسألة السياسة الخارجية مع تونس بطريقة أكثر توازناً.

وهنأ أردوغان الباجي قائد السبسي، مؤسس نداء تونس، بفوزه بالانتخابات الرئاسية. نداء تونس هو الحزب العلماني الذي فاز في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في عام 2014 ، وغيّرت نتائج الانتخابات التوازن في السياسة التونسية لصالح الأحزاب العلمانية.

على الرغم من جهود تركيا للحفاظ على علاقات جيدة مع القادة التونسيين، فقد تزايد انتقاد العلمانيين في البلاد لحكومة أردوغان في السنوات الأخيرة. ونقلت وكالة فرانس برس عن وزير الخارجية التونسي الطيب البكوش قوله في 25 فبراير 2015 إن تركيا تسهل عبور المقاتلين المتجهين إلى سوريا والعراق حيث انضم الآلاف من مواطنيها إلى صفوف الجماعات الجهادية.

لطالما تلقى حزب النهضة انتقادات من العلمانيين لقبوله تمويلًا أجنبيًا. علاوة على ذلك، واجه الغنوشي، المؤسس المشارك للحزب ورئيس البرلمان المنحل، انتقادات شديدة لعدم إبلاغ السلطات التونسية المعنية بزيارة إلى تركيا للقاء أردوغان في يناير 2020.

تواجه تونس حاليًا أكبر أزمة سياسية لها منذ أكثر من عقد، حيث عقد 116 عضوًا في البرلمان التونسي جلسة عبر الإنترنت في 30 مارس لإلغاء جميع القرارات والمراسيم الصادرة عن سعيد منذ 25 يوليو 2021.

 وفي الوقت نفسه، يدعم أردوغان الغنوشي. إبقاء الإسلاميين التونسيين في البرلمان. عرّض تدهور علاقة أردوغان مع حكام تونس العلمانيين استثمارات تركيا في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا للخطر. فرضت تونس رسوم جمركية جديدة على المنتجات التركية في عام 2018 بعد أن تضاعف العجز التجاري التونسي مع تركيا منذ عام 2010. وأصبح تحول السلطة في تونس أمرًا مقلقًا بشكل متزايد لنظام أردوغان.

عن "أحوال" تركية