ما الذي ينبغي تفاديه مع تعيين المبعوث الأممي الجديد باليمن؟

ما الذي ينبغي تفاديه مع تعيين المبعوث الأممي الجديد باليمن؟


15/08/2021

لا تعدو تصريحات، أو بالأحرى اعترافات، القيادي الحوثي، محمد عبد السلام، بخصوص حصول ميليشياته في اليمن على دعم من إيران، كونها أمراً مباغتاً أو عرضياً؛ إذ إنّ ثمة سوابق عديدة لأحاديث مماثلة، ألمح فيها إلى الدعم الإيراني، السياسي والمالي والعسكري واللوجيستي.

وقد صرّح وزير الإعلام اليمني، معمّر الإرياني، ردّاً على القيادي الحوثي؛ بأنّ طهران تدعم ميليشيات الحوثي بشحنات أسلحة هائلة ومتنوعة، من بينها: "صواريخ باليستية، وطائرات مسيّرة، وخبراء عسكريون، وخبراء في صناعة الألغام بأنواعها والعبوات الناسفة، وشحنات النفط المهربة، والقنوات الفضائية والمواقع والوسائل الإعلامية".

دعم إيران للحوثي.. ما الجديد؟

وأشار الإرياني إلى أنّ اعتراف الناطق بلسان الحوثيين بالدعم العسكري الذي قدّمه الحرس الثوري الإيراني للميليشيات في اليمن، من شحنات أسلحة وتكنولوجيا وخبراء في التصنيع العسكري "ليس جديداً ولا مفاجئاً"، الأمر الذي ترتّب عليه "انقلاب على الدولة اليمنية، وقتل اليمنيين، واستهداف الأمن الإقليمي وتهديد خطوط الملاحة الدولية".

ولفت وزير الإعلام اليمني إلى أنّ "العلاقة بين النظام الإيراني وميليشيا الحوثي الإرهابية تمتدّ إلى مراحل تأسيس الحركة ونشأتها، والحروب التي قادتها ضدّ الدولة اليمنية، قبل عام 2011، مروراً بانقلابها على الدولة، والحرب التي خلّفها الانقلاب والمتواصلة منذ 7 أعوام".

وأردف الإرياني: "بعد ساعات من اجتياح ميليشيات الحوثي لصنعاء، أعلنت إيران السيطرة على العاصمة العربية الرابعة، واتخذت الأراضي الواقعة تحت سيطرة الميليشيات منطلقاً لتنفيذ أجندتها التخريبية، وتصعيد إرهابها، واستهداف دول الجوار والسفن التجارية، وتهديد أمن الطاقة وابتزاز المجتمع الدولي".

تفادي أخطاء المبعوثين الأممين السابقين أمسى ضرورة لإنجاح المهمة الجديدة؛ إذ إنّ هناك أخطاء تسببت في تقديم الحكومة اليمنية لتنازلات لصالح الميليشيات المدعومة من إيران

ولذلك؛ طالب الوزير اليمني المجتمع الدولي ومجلس الأمن بالقيام بمسؤولياتهم القانونية، بموجب ميثاق الأمم المتحدة، واتخاذ موقف واضح وحازم من التدخلات الإيرانية في اليمن، واستمرارها في تغذية الحرب، وتفاقم المعاناة الإنسانية، وتقويض كلّ الجهود المبذولة لإحلال السلام في البلاد.

وتزامنت تصريحات القيادي الحوثي مع تعيين مبعوث أممي جديد في اليمن، بينما تشهد عدة مناطق تصعيداً عسكرياً محموماً، وأزمات إنسانية متفاوتة، على خلفية الحملات الميدانية الذي تنفّذها الميليشيات المدعومة من إيران، كما هو الحال في مأرب وتعز، وعليه؛ شدّد وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، على ضرورة اتخاذ خطوات فورية للتخفيف من حدّة الأزمة الإنسانية في اليمن.

تهديد الأمن الإقليمي

وأثناء اتصال هاتفي بين وزير الخارجية الأمريكية ونظيره السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، نهاية الأسبوع الماضي، تحدّث الأول "عن دعم المملكة لوقف إطلاق نار شامل في اليمن، والحاجة إلى اتخاذ خطوات فورية للتخفيف من الأزمة الإنسانية في اليمن"، بحسب بيان صادر عن المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، وتابع: "ناقش الطرفان تطورات الأمن الإقليمي على ضوء الهجوم الإيراني الأخير الذي استهدف الناقلة ميرسر ستريت في بحر العرب، والقضايا الإقليمية الأخرى، وتعزيز التعاون الأمني".

واللافت أنّه إثر تعيين الأمم المتحدة، هانز غروندبيرغ، المبعوث الأممي الجديد في اليمن، تتعدد الملفات التي تترقب القوى المحلية والإقليمية إنهاءها لحلحلة الصراع، الممتد لقرابة سبعة أعوام، والوصول لتسوية سياسية وحلّ سلمي للصراع، لا سيما أنّه في ظلّ الترحيب الشامل والواسع من الحكومة اليمنية، وكذا الدول العربية لتعيين الدبلوماسي السويدي في منصب المبعوث الأممي، قال المتحدث باسم الحوثي إنّ تعيين الأخير "لا يعني شيئاً"، وقد رجّح مراقبون أن يكون ذلك الموقف تمهيداً لمواصلة التعصيد الحوثي في مأرب، والحصار على تعز، ووضع المزيد من العقبات أمام مهمة المبعوث الأممي لإفشال مساعي السلام، وإطالة أمد الحرب لصالح طهران ومصالحها الإقليمية. 

وكان رئيس الحكومة اليمنية، معين عبد الملك، قد أبلغ المبعوث الأممي الجديد، هانس غروندبرغ، مطلع الأسبوع الماضي، أنّ استمرار تعامل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بذات الآليات والطريقة لن يؤدي إلى تحقيق أيّ نجاح مع ميليشيا الحوثي الانقلابية، وطالب بضرورة إيجاد "وسائل ضغط عملية أكثر فاعلية وقوة" مع الحوثيين.

رفض الحوار وإطالة أمد الحرب

كما عرج معين عبد الملك على التجارب السابقة بخصوص إجراء الحوار مع ميليشيا الحوثي، والتي يتم نقضها بصورة مستمرة، بالتالي، شدّد على ضرورة الضغط الأممي المطلوب لتجاوز "المراوغات" و"التسويف" من جانب التنظيم المدعوم من إيران.

وقال رئيس حكومة اليمن؛ إنّ "الشعب اليمني لم يعد يحتمل المزيد من المعاناة الإنسانية في ظلّ استمرار التعنت الحوثي لرفض كلّ الحلول والمبادرات السياسية، وتصعيد الميليشيا العسكرية ضدّ المدنيين والنازحين واستهداف دول الجوار"، وأكّد أنّ حكومته ستقدم كلّ العون والمساندة لإنجاح مهام المبعوث الأممي الجديد، وفق مرجعيات الحلّ السياسي الثلاث، المتوافق عليها محلياً، والتي تحظى بتأييد دولي.

من جهته، ثمّن المبعوث الأممي الجديد كافة الأفكار التي طرحها رئيس الوزراء اليمني، وما تبديه الحكومة اليمنية من استعداد للتعاون الإيجابي مع الحلّ السياسي. وأكّد أنّه سيبذل كلّ الجهود للوصول إلى حلّ للأزمة في اليمن، واستئناف العملية السياسية.

مدير منظمة "اليمن أولاً" عبد الكريم الأنسي

وفي حديثه لـ "حفريات"؛ أوضح مدير منظمة "اليمن أولاً"، عبد الكريم الأنسي، أنّ ثمة أخطاء ينبغي تفاديها مع المبعوث الأممي الجديد، وهو المبعوث الرابع الذي يصل لمنصبه في اليمن، تتمثل في ضرورة إيجاد رؤية إستراتيجية واضحة في القضية اليمنية، والتي يرغب الحوثي في استمرارها لمواصلة تأزيم أوضاعها السياسية والميدانية، لافتاً إلى أنّه "خلال سبع سنين لم تحقق الأمم المتحدة، ومبعوثوها، أيّ إنجاز، بل زادت الأوضاع السياسية تعقيداً وضبابية".

مدير منظمة "اليمن أولاً"، عبد الكريم الأنسي لـ"حفريات": خلال سبع سنين لم تحقق الأمم المتحدة، ومبعوثوها، أيّ إنجاز، بل زادت الأوضاع السياسية تعقيداً وضبابية

ويلفت الأنسي إلى أنّ الميليشيات "الإرهابية" سيطرت على صنعاء وبعض المحافظات، وارتكبت جرائم إبادة وحرب، كما انتهكت كلّ المواثيق والأعراف الدولية، ويردف: "تهدّد ميليشيا الحوثي الاستقرار بالمنطقة، كما تهدّد على نحو واسع الملاحة الدولية، عبر الاستفزازات المستمرة في مياه الخليج والبحر الأحمر".

الحوثي يرفض حوار المبعوث الأممي.. إلا

وفي حين رفض الحوثي إجراء أيّ حوار مع المبعوث الأممي الجديد إلا بعد تنفيذ جملة اشتراطات، من بينها: "فتح المطارات والموانئ كأولوية وحاجة وضرورة إنسانية"، حسبما أعلن الناطق باسم جماعة الحوثي ورئيس وفدها المفاوض، محمد عبد السلام، فقد أكّدت الرئاسة اليمنية في بيان رسمي على "ضرورة تعاون الحكومة مع المبعوث الأممي، وتسهيل مهامه لتعزيز فرص السلام المبنية على المرجعيات الثلاث المتعارف عليها والمدعومة محلياً وإقليمياً ودولياً".

وذكر بيان الرئاسة اليمنية؛ أنّ الرئيس اليمني استعرض خلال الاجتماع "مستجدات الأوضاع على الساحة الوطنية، بجوانبها السياسية والاقتصادية والميدانية والمعيشية، وفرص السلام والمساعي الإقليمية والدولية في هذا الصدد".

وقال البيان؛ إنّ الرئيس أكّد مجدداً "رغبة الحكومة الشرعية الدائمة نحو السلام ومواقفها الواضحة والصريحة في هذا الصدد، وتجاوبها وتفاعلها الدائم مع كلّ مبادرات السلام الرامية لحقن الدماء، وإنهاء انقلاب الميليشيا الحوثية الإيرانية، وتبعاتها الكارثية على اليمن والمنطقة بصورة عامة".

ووفق بيان الرئاسة اليمنية؛ فإنّ الاجتماع أكّد "أهمية وضرورة استكمال تنفيذ بنود اتفاق الرياض، ليسهم في توحيد الجهود والإمكانات لمعافاة الاقتصاد وتعزيز الاستقرار السياسي والأمني، والنهوض بالتنمية وتعزيز الموارد وتوحيد أوعيتها لمواجهة الالتزامات الملحّة نحو متطلبات الفرد والمجتمع".

وبحسب الباحث المتخصص في العلوم السياسية، أحمد عبد الحكيم، فإنّ المبعوث الأممي في حاجة إلى "استعادة مؤسسات الدولة، وكذا المؤسسات الخدمية، ومن بينها البنك المركزي في عدن؛ حيث إنّ الأوضاع الإنسانية والاجتماعية المتفاقمة والمأزومة بحاجة إلى حلول نهائية وجذرية بدون تسويف أو مراوغة، وذلك عبر إتاحة كلّ سبل الدعم لتلك المؤسسات"، وتابع لـ "حفريات": "ينبغي على المبعوث الأممي الجديد أن يحدّد، على نحو دقيق ومباشر، الأطراف المسؤولة عن إعاقة السلام في اليمن، خاصّة في ظلّ التصعيد الحوثي المحموم على مأرب، واستمرار حصار تعز لأكثر من 6 أعوام، إضافة لرفض الحوثي مبادرات السلام السعودية والمدعومة من واشنطن".

ويرى عبد الحكيم أنّ تفادي أخطاء المبعوثين الأممين السابقين أمسى ضرورة لإنجاح مهمة الدبلوماسي السويدي في موقعه، إذ إنّ هناك "أخطاء تسببت في تقديم الحكومة اليمنية لتنازلات لصالح الميليشيات المدعومة من إيران، حيث كان المجتمع الدولي يعتقد أنّ دمج هذه الجماعة في العملية السياسية، سيجعلها تذهب لطاولة المفاوضات، وتتوقف عن ممارساتها العدوانية وتصعيدها العسكري"، بيد أنّ واقع الحال جاء مخالفاً لهذه التقديرات، ويتابع: "رفض الحوثي تسليم السلاح للدولة، ومن ثم الامتثال لقوانينها، وواصلت العناصر الميليشياوية نشاطها الميداني الذي يهدّد استقرار اليمن والمنطقة والمجتمع الدولي".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية