ما الرسائل السياسية المضمَرة للاعتداءات الإسرائيلية على سوريا؟

ما الرسائل السياسية المضمَرة للاعتداءات الإسرائيلية على سوريا؟


10/01/2022

يبعث الوجود الإيراني في سوريا، تحديداً عبر وكلائه المحليين من الميليشيات، من بينهم حزب الله اللبناني، بتحديات أمنية وتعقيدات سياسية جمّة بين أطراف إقليمية ودولية عديدة، خاصة في ظلّ التنافس المحتدم بين تلك القوى المنخرطة في الأزمة الممتدة منذ أحد عشر عاماً، والذي لم يعد منحصراً بين الخصوم التقليديين (روسيا والولايات المتحدة)، إنّما انسحب بتأثيراته المتفاوتة إلى حلفاء الرئيس السوري بشار الأسد، وأضحى يخيّم على المواقف السياسية والميدانية، كما هو الحال بين موسكو وإيران.

التوسّع الإيراني في سوريا

وبينما تعدّ الضربات الإسرائيلية التي تستهدف مناطق تواجد إيران ونفوذها، الأمني والعسكري، في العاصمة السورية دمشق، أمراً متكرراً وتقليدياً، فإنّ قراءات سياسية عديدة ألمحت إلى وجود تفاهمات أو بالأحرى تنسيق بين تل أبيب وموسكو لتمرير تلك الاعتداءات، والتي أسفرت عن مقتل قرابة 4:14 مدنياً، خلال السنوات الثماني الأخيرة، حسبما يوضح تقرير بريطاني.

كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان وصول شحنات من الأسلحة والذخائر وقطع لتصنيع الطائرات المسيّرة لمطار الديماس العسكري، وذلك إثر نقلها من مطار التيفور في ريف حمص

ويوضح التقرير الصادر عن موقع "الحروب الجوية" البريطاني، والمعنون بـ "لماذا قصفونا؟"؛ أنّه في الفترة بين عامَي 2013 و2021، قضى ما لا يقل عن 631 من العناصر المسلحة في سوريا نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية، موضحاً أنّ نحو 50% من العناصر التي تمت تصفيتها كانت ترتبط بجهات عسكرية مدعومة من طهران.

وتابع: "نفّذت إسرائيل، منذ مطلع عام 2013، هجمات داخل سوريا لمواجهة الوجود الإيراني، بصفة دورية، بينما استهدفت الاعتداءات الإسرائيلية القوات السورية والإيرانية، فضلاً عن ميليشيات من دول أخرى متحالفة مع إيران".

إقرأ أيضاً: تنظيمات إرهابية إسرائيلية تهدد برمي الفلسطينيين وراء النهر

مطلع العام الحالي، أوضح المرصد السوري لحقوق الإنسان، أنّ حزب الله اللبناني بدأ عمليات حفر وتوسعة لقاعدة عسكرية قديمة، كانت تتخذها قوات النظام السوري سابقاً للتدريب على استخدام طيران الاستطلاع، ومركزاً لتدريب عناصر المخابرات الجوية على الرمي، وذلك في منطقة تقع بالقرب من بلدة خربة الورد، جنوب العاصمة دمشق، مشيراً إلى قيام عناصر الحزب المدعوم من إيران بـ "حفر أقبية ضمن القاعدة التي يتمركز بها خبراء وعناصر تابعون للحزب، وإخفاء طائرات مسيرة إيرانية الصنع في أقبية تمّ حفرها سابقاً خوفاً من استهدافها من قبل إسرائيل".

بما تخبرنا دعاية حزب الله؟

وكشف المرصد وصول "شحنات من الأسلحة والذخائر وقطع لتصنيع الطائرات المسيّرة لمطار الديماس العسكري في ريف دمشق الغربي، وذلك إثر نقلها من مطار التيفور في ريف حمص، حيث بات المطار العسكري (الديماس)، خاضعاً لسيطرة إيران وميليشياتها، بصورة كاملة، في الآونة الأخيرة".

وفي حديثه لـ "حفريات"، يوضح الكاتب والمحلل السياسي السوري، درويش خليفة؛ أنّ هناك تقارير إسرائيلية تتحدث عن وجود أنظمة دفاع جوي لحزب الله اللبناني، في جبال القلمون بريف دمشق، وما يقرب من ألفي طائرة مسيرة، بعضها تم تطويرها في إيران، والبعض الآخر يجري تصنيعه بواسطة الخبراء الأمنيين لميليشيات حزب الله في الداخل السوري.

الكاتب والمحلل السياسي السوري درويش خليفة: هناك تقارير تتحدث عن استهداف إسرائيل للبنية التحتية العسكرية الخاصة بإيران في سوريا

ويرجح خليفة أن تكون الآلة الإعلامية للحزب المدعوم من إيران، هي التي تقف وراء تسريب هذه المعلومات، لإحداث دعاية و"بروباغندا" إعلامية، وكذا التحرش بخصومه المحليين في لبنان (حزب القوات)، عبر الإشارة لقدراته العسكرية، القوية والمؤثرة، بالإضافة إلى توجيه رسالة للقوى الدولية التي تتفاوض مع إيران، في فيينا، للوصول إلى اتفاق نهائي حول ملفها النووي.

الكاتب والمحلل السياسي السوري درويش خليفة لـ "حفريات": هناك تقارير إسرائيلية تتحدث عن وجود أنظمة دفاع جوي لحزب الله اللبناني في جبال القلمون بريف دمشق

في المقابل، هناك تقارير أخرى تتحدث عن استهداف إسرائيل للبنية التحتية العسكرية الخاصة بإيران في سوريا، وتدمير نحو 75 بالمئة من أسلحة إيران وميليشياتها في مناطق تواجدها، حسبما يوضح خليفة، الذي يشدد على ضرورة أن تكون هذه المعلومات في الحسبان، حتى نتفادى السقوط في "الأفخاخ الإعلامية" لحزب الله، والممتدة منذ عقود.

إقرأ أيضاً: هل تستطيع إسرائيل وحدها مهاجمة إيران؟

وفي تقديره، فإنّ "النظام في سوريا، وبالشراكة مع حزب الله، يحاولان حرف الأنظار عن الخروقات العديدة، السياسية والحقوقية، التي تجري بالمنطقة، ومن بينها تصدير حبوب الكبتاغون المخدرة، بالإضافة إلى تصنيع وتطوير صواريخ محلية، والأخيرة تعدّ رافداً مهماً لهم لتأمين قوافل الأسلحة القادمة من طهران عبر بغداد، حيث تتسلل عبر الحدود الشرقية للعراق مروراً بالحدود الجنوبية مع الأردن، حتى تصل إلى محافظات البادية السورية".

الموقف الروسي

واللافت أنّه، مع نهاية العام الماضي، قالت وكالة الأنباء السورية (سانا)؛ إنّ إسرائيل شنت هجوماً جوياً بالصواريخ من عمق البحر المتوسط، في غرب مدينة اللاذقية، بينما استهدف الهجوم ساحة الحاويات في الميناء التجاري باللاذقية، مما أدّى إلى اشتعال حرائق وحدوث أضرار مادية كبيرة.

غير أنّ المرصد السوري، كشف أنّ الاستهداف الاسرائيلي الأخير، يعدّ الثاني من نوعه الذي طاول المرفق الحيوي، خلال كانون الثاني (ديسمبر) العام الماضي، موضحاً أنّ الضربات استهدفت "حاويات تضمّ أسلحة وذخائر مجهولة المصدر، كما أنّ القصف تسبّب في اشتعال النيران ووقوع أضرار مادية كبيرة في المرفأ والمباني والمنشآت السياحية المحيطة به".

إقرأ أيضاً: بانوراما التنظيمات الإرهابية 2021: التصورات الراديكالية تهدّد العالم

وبحسب مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية؛ يمكن وصف المتغيرات الطارئة على الموقف الروسي الذي تبدّل بشأن الضربات الإسرائيلية ضدّ سوريا، منذ وصول نفتالي بينيت للحكم، وفقاً لعدد من العوامل، من بينها: "تراجع مستويات التنسيق، أو الإخطار المسبق عبر قناة الاتصال المشتركة بين موسكو وتل أبيب حول الضربات الجوية، وفقاً لآلية منع التصادم، والتي كانت مفعّلة أيام بنيامين نتنياهو، والتي يفترض أن تبلغ إسرائيل بمقتضاها موسكو بموعد الهجمات قبل شنّها؛ إذ تشير مصادر إسرائيلية إلى أنّه منذ وصول حكومة بينيت للحكم في إسرائيل، فإنّ هذا التنسيق لم يعد فاعلاً".

وتضاف إلى ذلك "رؤية موسكو لتداعيات تغيير الحكومة الإسرائيلية؛ حيث عدّتها بمثابة فرصة من أجل اختبار ردود الفعل الإسرائيلية بشأن رغبة روسيا في تحجيم الهجمات الإسرائيلية مستغلّة هشاشة تلك الحكومة، والصراع مع المعارضة بقيادة نتنياهو، وكذلك رغبة في استعراض أهمية الدفاعات الروسية المقدمة للنظام السوري، وإبداء الرفض لتكرار الهجمات على مواقع تشرف عليها القوات الروسية، بشكل مباشر أو غير مباشر، مثل؛ مراكز القيادة والتوجيه التابعة لقوات النظام السوري أو مراكز الأبحاث العلمية والعسكرية".

ويشير الناطق الرسمي بلسان مجلس القبائل والعشائر السورية، مضر حماد الأسعد، إلى أنّ دخول حزب الله لسوريا كان بموافقة إسرائيلية أمريكية روسية، موضحاً لـ "حفريات"؛ أنّ "انخراط حزب الله اللبناني في الحرب السورية كان بهدف تحقيق مهمة مباشرة، وهي إنقاذ النظام وحماية "الأسد"، وليس التوسّع في سوريا، وبناء قواعد عسكرية، الأمر الذي يربك التوازانات القائمة، ويشكّل تهديدات أمنية وسياسية إقليمية عديدة".

ويؤكد الناطق الرسمي بلسان مجلس القبائل والعشائر السورية؛ أنّ تمدّد قوى طهران في الجغرافيا السورية، تحديداً بعد بناء قواعد أمنية، ونقل معدات عسكرية من إيران والعراق، ووضعها على حزام مدينة دمشق وريفها، وكذا الحدود اللبنانية السورية والجولان، سوف يفاقم الأزمات الأمنية التي تتسبب في تأزم الوضع السياسي وانسداده.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية