ما علاقة إيران باعتراف إسرائيل بسيادة المغرب على الصحراء؟

ما علاقة إيران باعتراف إسرائيل بسيادة المغرب على الصحراء؟

ما علاقة إيران باعتراف إسرائيل بسيادة المغرب على الصحراء؟


كاتب ومترجم فلسطيني‎
01/08/2023

آثار إعلان إسرائيل سّيادة المغرب على الصحراء الغربية العديد من الانتقادات والتساؤلات إسرائيلياً وإقليمياً، وذلك بعد أن بعث مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 17 يوليو الجاري رسالة إلى الملك المغربي محمد السادس، تضمّنت اعتراف إسرائيل بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، وذلك استكمالاً لخطوة إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والتي اعترفت بسّيادة المغرب على الصحراء عام 2020.
وتعتبر قضية الصحراء الغربية من أقدم النزاعات الأفريقيّة التي خلفها الاستعمار، ومازالت تستنزف الموارد المستعصية على الحلول التوافقية، في حين تسّيطر دولة المغرب على ما نسبته 80 في المائة من أراضِ الصحراء الغربية المتنازع عليها، فيما تطالب جبهة البوليساريو وهي حركة تحررية صحراوية مدعومة من الجزائر، بتدخل الأمم المتحدة من أجل استقلال الإقليم.
ودانت الجزائر القرار الإسرائيلي بشدة، والذي اعتبرته بمثابة حلقة جديدة في سلسلة المناورات وسياسة الهروب إلى الأمام التي ينتهجها "الاحتلال المغربيّ" على حد تعبير الجزائر، كما أنّ القرار هو خرق واضح للقوانين الدوليّة، كما اعتبرت "جبهة البوليساريو" أنّ القرار الإسرائيليّ لا قيمة قانونيّة ولا سّياسية له، واستنكرت تدخل أجندات تخريبية مشتركة أمنيّة وعسكرية، تهدف إلى زعزعة أمن واستقرار منطقة شمال أفريقيا والساحل عموماً.
مواجهة التمدد الإيراني
وبالرغم من اعتبار مراقبين إسرائيليين الخطوة بمثابة رغبة من نتنياهو والحكومة الهشّة للخروج من العزلة الاقليميّة، إضافة إلى فتح أفاق سياسية واقتصادية وثقافية مع المغرب، إلا أنّ الخطوة الإسرائيلية في الواقع تأتي لمواجهة النفوذ الإيرانيّ المتمدد، والمترتب على تسليح إيران للجزائر من خلال جبهة البوليساريو من أجل دعمها في الاستقلال، وهنا تعمل إسرائيل على محاولة تحييّد النفوذ الإيرانيّ ومنعه من التوسع.

آثار إعلان إسرائيل سّيادة المغرب على الصحراء الغربية العديد من الانتقادات والتساؤلات إسرائيلياً وإقليمياً
وعلى المسّتوى الإقليمي تكاد تتطابق وجهات النظر بين الجزائر وإيران، إذ يدعم البلدان بعضهما بعضاً تجاه قضايا عدة، منها الموقف الجزائري المعروف والداعم لفلسطين، ورفض الجزائر عضوية إسرائيل كمراقب بالاتحاد الأفريقي، وإشادة إيران بموقف الجزائر من قضية عضوية سوريا بجامعة الدول العربية، يضاف إلى ذلك موقف إيران الذي ثمّنت من خلاله فوز الجزائر بالعضوية المؤقتة في مجلس الأمن الأممي، إلى جانب موقف طهران تجاه الوضع في الصحراء الغربية، وحق شعب الساقية الحمراء ووادي الذهب في تقرير مصيره.  

ما جرى خطوة لاستخدام المغرب كبوابة نظراً لوجودها في منطقة المغرب العربي، وأيضاً مساحة مهمة جداً للتواصل ما بيّن الشمال والجنوب في أفريقيا


القناة العبرية" الـ 13 " ، ذكرت في مقالة نشرت على موقعها، أنّ الاعتراف الإسرائيليّ بالسّيادة المغربية على الصحراء الغربية، لا يبدو أنّه يضيف الكثير من المصداقيّة لإسرائيل، خاصة في مثل هذا الوقت المعقد، مما يجعل من الصحراء ساحة جديدة للصراع بين إسرائيل وإيران، استكمالاً لاستمرار هذا الصراع في جميع أنحاء العالم، سواء كان في الصحراء أو الشرق الأوسط أو أوروبا أو أي مكان آخر، وفي هذه الحالة ليس لدى إسرائيل المزيد من الترف للجلوس مكتوفة الأيدي أمام مثل هذا التهديد.
تحقيق إسرائيل مصالحها
من جهته، يقول مدير مركز البحوث العربية والدولية هاني سليمان إنّ "الاعتراف الإسرائيلي بسيادة المغرب على الصحراء، يهدف إلى ترويض المغرب وتهيئة المجال أمام تطبيع العلاقات معها، من أجل تحقيق إسرائيل مصالح خاصة بها في أفريقيا انطلاقاً من بوابة المغرب".  
وأشار في حديثه لـ"حفريات": إلى أنّ "إيران لديها نفوذ قويّ في شمال أفريقيا، وهذا قائم على العلاقات الإيجابية مع الجزائر، والمترتبة على دعم الموقف الجزائري وجبهه البوليساريو حول قضية الصحراء الغربية، وبالتالي تحاول إسرائيل مواجهة أيّ جهود إيرانية للهيمنة في المنطقة، لذلك اتجهت إلى استنساخ الاعتراف الأمريكي السابق بمغربية الصحراء".

الباحث المصري هاني سليمان لـ"حفريات": تحاول إسرائيل مواجهة أيّ جهود إيرانية للهيمنة في المنطقة، لذلك اتجهت إلى استنساخ الاعتراف الأمريكي السابق بمغربية الصحراء


وأضاف "إسرائيل تسعى إلى محاولة القفز على فكرة الصراع العربي الاسرائيلي والقضية الفلسطينية إلى علاقات برغماتية، وعلاقات تعاون تكون أشمل من مسألة القضية الفلسطينية والتوتر مع إيران، حتى يتم تحييّد المواقف العربية ومواقف هذه الدول، ومحاولة بناء خط من المصالح يكون أعرض وأكبر من خط القضية الفلسطينية، وهذا يشكل بالنسبة لها نجاحاً كبيراً في هذا التوقيت".
ولفت إلى أنّ "الجزائر وإيران تتمتعان بإمكانيّات عسّكرية واقتصادية كبيرة، والتقارب المستمر بين الطرفين يعزز من فرص الشراكة المستقبلية في مجالات عدة، وبإمكان إيران إفادة الجزائر بالعديد من الصناعات العسكرية، مقابل تعاون الجزائر مع إيران في جانب الاستثمارات الاقتصادية، التي قد تساعد الإيرانييّن في فك العزلة المفروضة عليهم، وهذا ما نجحت إيران به من تقاربها مع روسيا ضد حربها مع أوكرانيا".
الاعتراف لا قيمة له
ويرى الكاتب المختص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور أنّ "الاعتراف الإسرائيلي هو بمثابة وهم للمغرب بتحقيق إنجاز سّياسي دبلوماسي لا رصيد حقيقي له على الأرض، ويأتي خدمة لمصالح إسرائيل بالدرجة الأولى، ويعكس أطماعها ليس على الصحراء فحسب، بل على المغرب ككل والمنطقة المغاربية والأفريقية أجمع، واعتبارها محطة إسرائيلية مركزية لتحقيق كامل الأهداف الإسرائيلية، عبر بوابة مهمة تضمن التمدد الإسرائيلي أمنياً واستخبارياً".

الجزائر وإيران تتمتعان بإمكانيّات عسّكرية واقتصادية كبيرة
وبيّن في حديثه لـ"حفريات" أنّ "التعاون الاقتصادي المتنامي بيّن الجزائر وإيران، وتوقيع الجانبين العديد من الاتفاقيات التجارية، دفع إسرائيل إلى السعي لملاحقة التمدد الإيرانيّ، وذلك عبر فتح علاقات دبلوماسية واسعة مع المغرب، في محاولة لمنّع أيّ تمدد  لإيران في أفريقيا يحقق لها مصالح عسكرية واقتصادية على حساب أطماع إسرائيل هناك".
توجس إسرائيلي
وأوضح أنّ "إسرائيل في حاله تربص من الجانب الايرانيّ بعد دعم الجانب الروسي في الحرب الأوكرانيّة، وأيضاً فيما يتعلق بالخروج من الاتفاق النوويّ، وعدم التوصل الى اتفاق حتى هذه اللحظة، في حين يشكل انتقال المواجهة إلى مربعات أخرى ومنها الجانب السوري، وأيضاً حالة الصراع الدبلوماسي في الاعتراف بالبوليساريو وفي ملفات أخرى مثل الحرب السيبرانيّة وحرب الناقلات، فرصة لفتح مساحة جديدة للتنافس والصراع والمواجهة بين إسرائيل وإيران، من خلال دعم الحلفاء والتقارب مع دول أخرى من أجل تحقيق مصالحها".
وبيّن أنّ "من شأن الاعتراف أنّ يحقق العديد من المصالح الإسرائيلية فيما يتعلق بإعطاء مساحة كبيرة جداً للعلاقات العسكرية والاقتصادية والدبلوماسيّة مع الجانب المغربي، وهذا يشكل نجاحاً مهماً خاصةً وأنّ المغرب أحد أهم الدول التي اتخذت خطوات متقدمة في علاقتها مع إسرائيل في الآونة الأخيرة، وأيضا خطوة لاستخدام المغرب كبوابة نظراً لوجودها في منطقة المغرب العربي، وأيضاً مساحة مهمة جداً للتواصل ما بيّن الشمال والجنوب في أفريقيا".
 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية