ما هي أهداف زيارة وزيري الدفاع القطري والتركي ليبيا؟

ما هي أهداف زيارة وزيري الدفاع القطري والتركي ليبيا؟


18/08/2020

 في زيارة لم يعلن عنها وصل أمس وزير الدفاع القطري خالد العطية، ونظيره التركي خلوصي أكار، إلى العاصمة الليبية طرابلس. وكانت وكالة أنباء "نوفا" الإيطالية هي أوّل من أشار إلى الزيارة، التي تزامنت مع زيارة مفاجئة بدأها وزير الخارجية الألماني هايكو ماس لليبيا، حسب "روسيا اليوم ".

وقد أكّد ماس، في تصريحات أدلى بها من طرابلس، ضرورة البدء في إجراء مباحثات مباشرة بين طرفي النزاع لحلّ الأزمة، وأنّ مخرجات مؤتمر برلين هي الإطار لحلّ النزاع في ليبيا، ووصف الحالة الليبية بـ"الهدوء المخادع".

اقرأ أيضاً: استقالة "إخوان الزاوية".. تآكل للتنظيم في ليبيا أم مناورة أخرى؟

وقد ذكرت وسائل إعلام ليبية أنّ الوزيرين سيجريان محادثات مع المسؤولين في حكومة الوفاق بقيادة فايز السراج حول الخطوات التي اتخذت حتى الآن لإنشاء القاعدة البحرية التركية في مصراتة، والقاعدة العسكرية التركية في قاعدة الوطية الجوية، جنوب طرابلس، غير أنّ بعض الباحثين يرون أنّ هذه الزيارة ربما لبدء الاستعداد لعمليات عسكرية في سرت والجفرة.

من جهة أخرى، أعلن الجيش الوطني الليبي أنّه رصد نشر تركيا لمنظومة دفاع جوي في العديد من المناطق غربي البلاد، وخاصة في قاعدة الوطية التي سيطر عليها المرتزقة الأتراك، وتتدخل تركيا عسكرياً في ليبيا لدعم حكومة السراج، بتقديم دعم جوي وأسلحة ومرتزقة متحالفين معها من الفصائل السورية المختلفة بتمويل قطري.

اقرأ أيضاً: ماذا يحمل وزيرا دفاع تركيا وقطر إلى ليبيا؟

وحول أهداف الزيارة، قال الكاتب الصحفي والمختص في الشأن الليبي رضا شعبان: "زيارة العطية القطري مع خلوصي التركي إلى طرابلس الليبية جاءت تحمل عدة رسائل؛ في مقدّمتها تدشين الحلف الجديد فيما يُسمّى حلف المعزولين دولياً، وهم (تركيا وقطر وحكومة السراج إضافة الى مالطا الضعيفة أصلاً)، موضحاً في حديثه لـ "حفريات" أنّه "بعد انكشاف الوجه التركي وأغراضه الحقيقية في المنطقة والإقليم بالكامل، حاول أردوغان تشكيل حلف، بدأ باجتماع وزراء داخلية قطر وتركيا ومالطا وحكومة السراج في إسطنبول في تموز (يوليو) الماضي، وهذه الزيارة هي دعم لهذا الحلف".

 

في زيارة لم يعلن عنها وصل أمس وزير الدفاع القطري ونظيره التركي إلى العاصمة الليبية

كما تأتي الزيارة، وفق شعبان، ترميماً لصفوف الميليشيات بعد انفجار الموقف بينها، وتصادم بعضها مع المرتزقة الموالين لتركيا، ودعوات بعض الميليشيات للانسحاب من التحالف القطري التركي مع السراج، ورسالة تطمين للميليشيات والتنظيمات الإرهابية الذين يعانون من تأخر رواتبهم، بأنّ المال القطري ما زال حاضراً، وعليكم الثبات في مواقعكم.

وأضاف شعبان: ثمّة رسالة أخرى للزيارة، فهي تمثل رفضاً لمطالبات الجيش الوطني الليبي والبرلمان الشرعي المنتخب بضرورة إخراج تركيا ومرتزقتها من المشهد الليبي، كشرط للبدء في استئناف المفاوضات، وهو المطلب الليبي الشرعي الذي تدعمه وتتبنّاه القيادة المصرية.

اقرأ أيضاً: الحل في إبعاد تركيا عن ليبيا

وأكد شعبان أنّ قطر وتركيا تحاولان إثبات بقائهما في المشهد الليبي، كلاعبين أساسيين، عبر توسيع نفوذهما في غرب ليبيا، سواء بالميليشيات الإرهابية والمرتزقة، أو بترسيخ الوجود العسكري بقاعدة بحرية جديدة في مدينة الخمس، التي تتوسط المسافة بين طرابلس ومصراتة، وتضاف إلى القواعد التركية العسكرية الأخرى في معيتيقة ومصراتة والوطية".

وحول إذا ما كنت الزيارة تستهدف الاستعداد لمعركة سرت، أكد شعبان أنّها مواجهة مصيرية، ولا يُستبعد أن تكون من ضمن أهداف الزيارة، مستدركاً أنّه "لا يمكن الجزم بأنّ الزيارة لإدارة معركة سرت، لتعقيدات المعركة إقليمياً ودولياً".

اقرأ أيضاً: طائرة من تركيا إلى ليبيا.. ما علاقة الوفاق؟

من جهته، قال الكاتب والباحث التونسي والمختص في الشأن الليبي، الدكتور باسل ترجمان: "هذه الزيارة هي محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وتصفية الخلافات التي نشبت مؤخراً، والاشتباكات في مدينة طرابلس بين ميليشيات وجماعات إرهابية تسعى لفرض سيطرتها على مناطق في المدينة، والسعي لترميم الوضع، وخاصّة الانفلات السياسي والأمني والعسكري، والانتشار المقلق للجماعات الإرهابية وتحديداً داعش في منطقة صبراتة وبعض المناطق الخاضعة لحكومة الوفاق في مناطق الجنوب".

أعلن الجيش الوطني الليبي أنّه رصد نشر تركيا لمنظومة دفاع جوي في العديد من المناطق غربي البلاد

واستبعد ترجمان لـ "حفريات" أن تكون لهذه الزيارة علاقة بتحريك القوات العسكرية والهجوم على سرت، "فالميليشيات التي يعتمد عليها الجانب التركي أفلتت أمورها، فبعضهم هاجر الى أوروبا وبعضهم عاد إلى سوريا، بعدما تنكّر لهم المشغّل التركي، ولكونهم مرتزقة لم يجدوا ما يبحثون عنه، لكن من المحتمل جداً أن تكون الزيارة دعماً لفتحي باشاغا الرجل القوي في غرب ليبيا، إذ إنه من ميليشيات مصراتة وقادر على لملمة الأمور، خاصة أنّ السراج عاجز عن إدارة الملف، وربما لن يكون في منصبه إلى نهاية السنة الحالية".

اقرأ أيضاً: لماذا يفضّل أمراء الحرب في ليبيا مرتزقة تشاد؟

وحول الزيارة ذاتها صرّح المحامي الليبي والخبير في القانون الدولي، محمد صالح جبريل اللافي: هذه الزيارة، وإن لم يعلن عنها، إلّا أنّها متوقعة، فالتحالف التركي القطري ضدّ الشعب الليبي معلن وواضح، وكان يجب وقف التدخل التركي القطري بتحرك أممي أو عربي، فلا تكف تركيا ولا قطر عن ممارساتهما التي تهدّد حياة المواطنين المدنيين، وخصوصاً أنّ ليبيا تحت الفصل السابع، وهذا التدخل السافر مناهض لميثاق الأمم المتحدة وحقّ الشعوب في تحقيق مصيرها وسيادتها، وهو أمر ينذر بأنها ستتحول إلى دولة منهارة سيادياً وتخضع لفصول الوصاية، وهو ما تسعى إليه قطر وتركيا للسيطرة على ثروات ليبيا.

 

باسل ترجمان: الزيارة محاولة لاستنقاذ حلفاء تركيا بليبيا وتصفية الخلافات التي نشبت مؤخراً

وأضاف اللافي لـ"حفريات": إنّ معركة سرت ليست سهلة وتحتاج إلى دعم كبير، ومن المتوقع أن يكون من ضمن أهداف الزيارة الوقوف على الاستعدادات للمعركة، ولكن ليس لإدارتها، خصوصاً بعد تصريحات مسؤولين في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخراً بأنّ خرق وقف إطلاق النار، والهدنة القائمة بينهما حول سرت، مرفوض أمريكياً، وربما ينطوي على عقوبات سياسية واقتصادية غير محددة.

اقرأ أيضاً: فصائل سورية تخدع المقاتلين للقتال في ليبيا... ما علاقة قطر؟

وطالب اللافي المجتمع العربي والأفريقي بعقد مؤتمر دولي لدراسة الأضرار الناجمة عن انهيار ليبيا سيادياً، ومدى تأثير ذلك على أمن واستقرار المنطقة، وخصوصاً شمال أفريقيا ووسطها وغربها، "فليبيا ذات المساحة  الكبيرة تمتلك حدوداً مع العديد من الدول، ويمكن أن ينفذ منها المرتزقة الإرهابيون، لهذا حفاظاً على سلامة وأمن المنطقة يجب الحفاظ على ليبيا موحدة ذات سيادة واضحة وقيادة قوية، غير حكومة السراج التي ثبت فشلها في إدارة أيّ ملف من الملفات التي جاءت من أجلها".

من جانبه، أكد الجيش الوطني الليبي أنّ "تركيا تقوم بشكل مستمر بتفريغ إرهابيين من عدد من الدول في ليبيا بالأموال القطرية"، منوّهاً إلى أنّ هذه ليست محطتهم الأخيرة، إذ يتمّ نقلهم فيما بعد إلى أوروبا وإلى دول المنطقة.

وتحدّث خالد المحجوب، مسؤول التوجيه المعنوي في الجيش، لجريدة "الشرق الأوسط"، عن استقدام تركيا "3 آلاف من عناصر المرتزقة السوريين، ومن بينهم أحد قيادات تنظيم (داعش) الإرهابي، متهماً أنقرة بمحاولة إعادة "دولة داعش" في الغرب الليبي".

اقرأ أيضاً: تصعيد أوروبي ضد الدور التركي في ليبيا.. ما علاقة غاز المتوسط؟

وكانت تقارير دولية قد أشارت إلى تورّط تركيا في نقل أكثر من 20 ألف مرتزق سوري إلى ليبيا، إضافة إلى نحو 10 آلاف متطرّف من جنسيات أخرى؛ وقد كشف المرصد السوري لحقوق الانسان تفاصيل الطريقة التي تعتمدها المخابرات التركية لخداع المرتزقة السوريين، مشيراً إلى دور قطري في استضافتهم وتدريبهم قبل إرسالهم إلى جبهات القتال في ليبيا، حيث توهِم تركيا المرتزقة السوريين، عبر سماسرة، بنقلهم إلى قطر لحراسة مؤسّسات حكومية مقابل رواتب مجزية، ثمّ تزجّ بهم إلى ليبيا، وبمجرّد الوصول إلى تركيا عبر ما يُعرف بفصيل سليمان شاه والسلطان مراد المواليين للاستخبارات التركية، يتمّ إخبارهم بأنّ الوجهة ستكون ليبيا وبراتب شهري أقلّ من المتفق عليه.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية