متى ستخبر إسرائيل حزبَ الله أن صبرها بدأ ينفد؟

متى ستخبر إسرائيل حزبَ الله أن صبرها بدأ ينفد؟

متى ستخبر إسرائيل حزبَ الله أن صبرها بدأ ينفد؟


كاتب ومترجم فلسطيني‎
13/08/2023

ترجمة : إسماعيل حسن
تشير موجة الاستفزازات المستمرة من جانب حزب الله إلى مدى الثقة المتزايدة بالنفس لدى حسن نصر الله ، والذي يشدد تهديداته العلنيّة ويرفع من درجة التوتر على طول الحدود، بل ويثير أعصاب الإسرائيليين بنواياه المغرطة وتفكيره المهزوز وخطاباته الدعائيّة المليئة بالأكاذيب.
 في مقابل ذلك يقدر مسؤولين كبار في الجيش الإسرائيلي، بأنّ احتمالية نشوب الحرب بين الجيش وحزب الله ارتفعت إلى مستوى عالٍ، بفعل تزايد الاحتكاك مع عناصر حزب الله قرب الحدود، كما أنّ نصر الله يعي الضعف الإسرائيلي بفعل الانشقاق الداخلي والخلاف مع الإدارة الامريكية، وهذا يزيد من فرصة الاحتكاك أكثر والتوجه للخيار العسّكري، حتى إنّ شعبة الاستخبارات (أمان) تقول إنّ التآكل الحقيقي لقوة الردع الإسرائيلي، تزيد بشكل كبير من احتمالات الحرب بدرجة أعلى مما كانت في كل نقطة زمنية منذ صيف 2006.
 كما أنّ رؤساء أركان سابقين في الجيش يحذرون من أنّ الوضع الاستراتيجيّ لإسرائيل أخطر مما كانت عليه خلال الحروب السابقة، لأنّ التفكك الداخلي لإسرائيل في الأشهر الأخيرة، خلق لدى أعدائنا إحساساً بأنّ بوابات السماء فتحت وحانت اللحظة للمواجهة.
استغلال ضعف إسرائيل
نصر الله يحاول استغلال الفرصة الحاليّة لتحسين ميزان الردع الذي نشأ مع إسرائيل، وذلك في أعقاب الأزمة الداخلية الحادة التي تعيشها الدولة، وعدم رغبة الحكومة في التدهور إلى مواجهة عسكرية، وعلى أساس هذا التقدير يعمل نصرالله في مسيرة متدرجة وممنهجة لإزالة القيود التي فرضت عليه على مدى السنين، وتعزيز مكانته السّياسية في لبنان، في حين إنّ أعماله على الحدود الشمالية تخدم هدفه، حتى يثبت لنفسه نقطة البدء بعملية أفضل قبيّل مواجهة مستقبلية مع إسرائيل.

نصر الله يحاول استغلال الفرصة الحاليّة لتحسين ميزان الردع الذي نشأ مع إسرائيل
 هذا السيناريو يسبق موجة التوتر في مثل هذه الأيام، والتي نشبت حول أزمة حقل كاريش في يوليو ( تموز) الماضي، عندما صعّد نصر الله من التحذيرات والتهديدات، وأطلق المسيّرات الثلاث باتجاه حقل الغاز كاريش الواقع أمام شواطئ إسرائيل ولبنان وتم اعتراضها، هدد حزب الله بأنّه لا يمكن لإسرائيل تشغيل حقل كاريش إذا لم تستجب لمطالب لبنان.

في مقابل ما يجري من توتر على الحدود، تدير الحكومة اللبنانيّة مفاوضات دبلوماسيّة مكثفة، تشارك فيها الولايات المتحدة وفرنسا من أجل تحييّد تهديد الحرب

 وبعد حل المشكلة بحث الحزب عن نقاط احتكاك مع إسرائيل أخرى، تحافظ له على مفهوم المقاومة وتحافظ عليه كمنظمة مقاتلة، وبمجرد انتهاء قضية خط الحدود البحريّة، بدأ بالبحث عن نقاط احتكاك جديدة، واليوم هناك 13 نقطة تفتيش على الحدود هي محل نزاع، والمثير للاهتمام اليوم هو الخيمة الكبيرة والوقاحة التي يبديها جنود حزب الله، وهم يحاولون اقتحام الجدران والوقوف على خط الحدود، وأيضاً خرق قرار الأمم المتحدة 1701، وقد يؤدي ذلك إلى مواجهة عسّكرية حتمية، وما يزيد من احتماليّة ذلك أكثر، أنّ الشكل الضعيف الذي ردت فيه إسرائيل على استفزازات حزب الله الأخيرة، شجعته على المواصلة بالتصعيد والتهديد.
اثبات المُلكية
يعتبر خط الحدود الأزرق بين إسرائيل ولبنان الذي تم تمثيله بشكل مشترك على يد إسرائيل والأمم المتحدة بعد انسحاب إسرائيل نقطة الخلاف القائمة، إسرائيل التي تبنت المسار الحدودي للأمم المتحدة ترفض إعادة مناقشة ترسيم الحدود، وتقول إنّ لبنان إذا كان معنياً بهذا فعليه منع أيّ استفزاز من جانب حزب الله الذي يحاول فرض خط حدودي جديد، إعادة النقاش حول الخط الحدودي في هذه اللحظة هو موضوع نظري ليس بسبب معارضة إسرائيل فقط، بل نظراً لأنّ أجزاء من المناطق الحدودية المختلف عليها ومن بينها مزارع شبعا وقرية الغجر التي ضُمت لإسرائيل، تعتبرها الأمم المتحدة مناطق سورية وليست لبنانية.

على جهاز الأمن تذكير حسن نصر الله بأنّ صبر إسرائيل بات ينفد، وتذكره وتذكر لبنان بالأثمان التي تم دفعها في المغامرات السابقة

 لقد تم تبديد آلاف ساعات النقاشات لإثبات الملكيّة على هذه المناطق، وذلك من خلال الاطلاع على الخرائط التاريخية وسماع شهادات لم تجد نفعاً في الوصول إلى إثبات قاطع، أعلنت سوريا أنّ مناطق شبعا والغجر تعود للبنان، ولكنّها رفضت إرسال وثيقة مكتوبة تؤكد ذلك، وتقول إسرائيل إنّه إزاء الموقف السوري، فأيّ مفاوضات بشأن الانسحاب من مزارع شبعا يجب أن يتم فقط مع سوريا، أما بخصوص الغجر ونظراً لأنّ القرية ضُمت رسمياً، فالانسحاب منها بحاجة إلى استفتاء عام في إسرائيل، وما لم يوجد حل لترسيم الحدود، يمكن لحزب الله أن يواصل ويعرض نشاطاته في المناطق المختلف عليها كجهد وطني شرعي، لكي يعيد إلى لبنان ممتلكاته وهو جهد لا يمكن لأي حكومة لبنانية أن تعارضه رغم التهديد بمواجهة عسّكرية.
الاستعداد للحرب
في مقابل ما يجري من توتر على الحدود، تدير الحكومة اللبنانيّة مفاوضات دبلوماسيّة مكثفة، تشارك فيها الولايات المتحدة وفرنسا من أجل تحييّد تهديد الحرب، المعركة على الخيمة مرتبطة بالنتائج السّياسية التي سيتم التوصل إليها أو لن يتم التوصل إليها، في لبنان إذا تم التوصل إلى حل لقضية تعييّن الرئيس، الذي سيبدأ بعملية الإصلاحات الاقتصادية التي ستحرر أموال المساعدة التي يحتاجها لبنان، فيمكن تقدير انتهاء قضية الخيمة على الحدود، في حين أنّ الحل السّياسي غير مرتبط فقط بحكومة لبنان أو بدول الغرب التي ستكون مستعدة لمساعدته، بل أنّ لإيران ما تقوله في هذا الموضوع.


هناك افتراض بأنّ إيران غير معنية بفتح جبهة مواجهة عنيفة في لبنان، بالتحديد في الوقت الذي تقوم فيه بترميم علاقاتها السّياسية مع دول عربية وعودة سوريا إلى العالم العربي، ولكن هنا على إسرائيل مواصلة بناء العائق على طول الحدود، وألا تبدي تسامحاً تجاه الاستفزازات الرامية إلى تشويش أعمالها، وعلى جهاز الأمن القيام بإعداد أعمال موضعية مثلما في أعمال نصر الله، تؤشر لنصر الله بأنّ صبر إسرائيل بات ينفد، وتذكره وتذكر لبنان بالأثمان التي تم دفعها في المغامرة السابقة في أيام حرب لبنان الثانية، وحتى وإنّ لم يكن أي من الطرفين يرغب بذلك، فالواجب أن نكون جاهزين لأي سيناريو محتمل.
مصدر الترجمة عن العبرية:
https://www.ynet.co.il/yedioth/article/yokra13530246




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية