محاولات الولايات المتحدة لتطويق التمدد الروسي في دول الجوار الليبي

محاولات الولايات المتحدة لتطويق التمدد الروسي في دول الجوار الليبي

محاولات الولايات المتحدة لتطويق التمدد الروسي في دول الجوار الليبي


09/05/2023

قال المبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا السفير ريتشارد نورلاند: إنّه اتفق خلال مكالمته مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي على "أهمية تشكيل قوة مشتركة لتسيير دوريات على الحدود الجنوبية، وضمان عدم استخدام ليبيا كمنصة للتدخل في السودان".

وأضاف نورلاند، وفق تغريدة نشرتها السفارة الأمريكية عبر حسابها على "تويتر"، أنّ اللقاء ناقش أيضاً الدور الحاسم للمصالحة الوطنية، والاستقرار الإقليمي، وتحسين عملية إدارة الإيرادات؛ لضمان استفادة جميع الليبيين من ثروة ليبيا.

وجدّد المبعوث الأمريكي دعم الولايات المتحدة للعملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة، والتي تؤدي إلى تنظيم انتخابات مبكرة في ‫ليبيا.

وقال المجلس الرئاسي في بيان عبر صفحته على (فيسبوك): إنّ رئيس المجلس بحث مع السفير نورلاند، بحضور القائم بالأعمال الأمريكي في ليبيا ليزلي أوردمان، القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية ذات الاهتمام المشترك؛ للوصول إلى الانتخابات خلال العام 2023، وذلك خلال اللقاء الذي جمعهم عبر تقنية زووم.

وأضاف البيان أنّ الطرفين تطرّقا لضرورة تعزيز مشروع المصالحة الوطنية، بالإضافة إلى تأسيس قوة عسكرية مشتركة؛ لتأمين الحدود الجنوبية، ووضع آليات وطنية لتنظيم أولويات الإنفاق العام، وتضمن استفادة كل الشعب الليبي من عوائد النفط.

زيارة نورلاند إلى تشاد

في سياق متصل، زار السفير الأمريكي ريتشارد نورلاند يوم الجمعة الماضي دولة  تشاد، حيث التقى رئيس السلطة الانتقالية في تشاد محمد إدريس ديبي. وقال المبعوث الأمريكي في تغريدة نشرتها السفارة الأمريكية عبر حسابها على (تويتر) عقب اللقاء: "إنّ استعادة الوحدة والاستقرار والسيادة في ليبيا ستعزز الأمن الإقليمي في الأوقات الصعبة، وتضمن عدم إساءة استغلال الأراضي الليبية من قبل الأطراف ذات مصلحة؛ لتأجيج الصراع أو زرع عدم الاستقرار في المنطقة".

 المبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا السفير ريتشارد نورلاند

في هذا الإطار، أكدت الرئاسة التشادية أنّ اجتماع الرئيس الانتقالي محمد إدريس ديبي، والمبعوث الأمريكي الخاص لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، دليل على استعداد أنجامينا وواشنطن للعمل من أجل عودة السلام والاستقرار في ليبيا، بعد حرب دامت أكثر من (10) أعوام.

وأشارت الرئاسة التشادية، في بيان لها، إلى أنّ استمرار الحروب في دول الجوار يؤثر سلباً على أهداف التنمية في تشاد، وكذا زعزعة الأمن والاستقرار فيها.

جدّد المبعوث الأمريكي دعم الولايات المتحدة للعملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة، والتي تؤدي إلى تنظيم انتخابات مبكرة في ‫ليبيا

وأوضحت تشاد أنّ زيارة الدبلوماسي الأمريكي جاءت ضمن وعود واشنطن بدعم جهود ليبيا الرامية إلى تحقيق السلام، وطي صفحة الحرب التي أعاقت عملية التنمية، كما تعمل دولة ليبيا على تشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة يمكنها تلبية احتياجات الشعب الليبي.

ولفتت تشاد إلى أنّ الحكومة الأمريكية وعدت بدعم الجهود الليبية في تحقيق هذا الهدف، والذي لا يتأتى دون الأخذ بمقترحات دول الجوار الليبي. وكشفت الرئاسة التشادية أنّ لقاء ديبي والسفير الأمريكي ركز على دعم خارطة طريق الأمم المتحدة لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في ليبيا بحلول نهاية العام. وأعرب المبعوث الأمريكي خلال المحادثات عن قلقه من استمرار العنف في السودان، والذي قد يقوض جهود استعادة السلام في ليبيا.

نحو صياغة مقاربات للحل السياسي

من جانبه، يذهب حسين مفتاح، نائب رئيس تحرير بوابة أفريقيا الإخبارية، في تصريحات خصّ بها "حفريات"، إلى أنّ  زيارة أيّ مسؤول دولي لدول  جوار ليبيا في المطلق، قد تقرأ في إطار العمل نحو صياغة مقاربات للحل السياسي في البلاد، بيد أنّ مفتاح أشار إلى كون  الزيارة التي قام بها مبعوث الأمريكي لدولة تشاد بوزن ريتشارد نورلاند تأتي ضمن مسار عودة أمريكا للملف الليبي، واهتمامها بالجنوب الليبي تحديداً؛ باعتبار أنّ  مشروع الاستقرار  واستراتيجية الاستقرار التي تعمل بها أمريكا في ليبيا، وفي مجموعة من الدول التي أعلن عنها البيت الأبيض، يأتي ضمن بنودها الأساسية تأمين الجنوب الليبي، وذلك يعني تقديم الدعم تحت غطاء تأمين الجنوب الليبي.

ويضيف مفتاح أنّ ذلك في الحقيقة ينبغي تصوره في إطار رغبة واشنطن العمل من أجل تصفية حساباتها مع كل الخصوم، ويشير الكاتب الليبي إلى أنّ التنافس الدولي الذي تتصوره واشنطن، يذهب نحو التواجد الروسي في منطقة الساحل الأفريقي، الذي يمثل هاجساً كبيراً للولايات المتحدة.  

حسين مفتاح: زيارة أيّ مسؤول دولي لدول  جوار ليبيا في المطلق، قد تقرأ في إطار العمل نحو صياغة مقاربات للحل السياسي في البلاد

ولذلك، فإنّ قراءة زيارة نورلاند للعاصمة التشادية أنجمينا هي بالتأكيد محاولة للوصول إلى تفاهمات مع ابن الرئيس الحالي لتشاد، ما لم يتم التحالف معها مثلاً، أو ربطها بمصالح استراتيجية. وبقول آخر العمل بغية محاولة فك ارتباطها مع روسيا على أقلّ تقدير؛ باعتبار أنّ  روسيا تتواجد في دول بجوار تشاد شرقها وغربها وشمالها، فلا يمكن قراءة هذه الزيارة إلّا في هذا الإطار. 

وبالتأكيد، إنّ فكرة إخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب، بما في ذلك المجموعات التابعة لشركة فاغنر الروسية، وفي  إطار عمل اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) هدف أصيل تسعى إليه الولايات المتحدة .

حسين مفتاح: زيارة نورلاند للعاصمة التشادية أنجمينا هي بالتأكيد محاولة للوصول إلى  تفاهمات مع ابن الرئيس الحالي لتشاد

ويتابع نائب رئيس تحرير بوابة أفريقيا الإخبارية تصريحاته، مؤكداً أنّ ذلك كان من بين البنود التي تم التنسيق فيها مع دول الجوار الليبي، لا سيّما دول الجوار الجنوبي؛ حيث تشاد والسودان والنيجر، من خلال اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة، ويعتقد مفتاح أنّ واشنطن حين ترسل مبعوثها الخاص في ليبيا إلى تشاد، فهي بالتأكيد تبحث إمكانية خروج الفاغنر، ليس فقط من ليبيا، ولكن من كافة النقاط الساخنة في أفريقيا.

تداعيات الوضع في السودان

وفي ختام تصريحاته، يلفت المحلل السياسي حسين مفتاح إلى دلالة توقيت هذه الزيارة، والذي لا يمكن إهماله، حيث الجميع يرقب ويتابع بشكل كبير ما يدور الآن في  السودان، وسيولة الوضع ميدانياً في العاصمة الخرطوم، وخطورة تداعياته سياسياً على كافة الأصعدة .

إنّ ما يدور الآن في السودان يلقي بظلاله لا محالة على نقاط جغرافية عديدة، لا سيّما تشاد وليبيا؛ باعتبار أنّها نقاط ضعف، كونها من دول الجوار غير المستقرة، فضلاً عن أنّها ترتبط مع السودان بحدود ملتهبة، تُعدّ الأكثر سخونة من بقية الحدود الأخرى، باعتبار أنّ منطقة دارفور، وشمال دارفور، وغرب دارفور، هي نقاط التماس مع ليبيا وتشاد.

مجابهة المخطط الروسي

من جهته، يقول الكاتب السوداني محمد إبراهيم، في تصريحاته لـ "حفريات": إنّ زيارة السفير الأمريكي ريتشارد نورلاند إلى تشاد تهدف في الأساس إلى بحث التعاون الإقليمي في مجالي أمن الحدود والتنمية الاقتصادية، ومساندة الاستقرار في ليبيا، عبر دعم الانتخابات التي تشرف عليها الأمم المتحدة، غير أنّه مع تزايد وتيرة القتال في السودان،  تتخوف الإدارة الأمريكية من انتقال وهروب جماعات مسلحة من ليبيا إلى السودان والعكس.

ويتابع إبراهيم بقوله: إنّ ذلك من شأنه أن يجعل المنطقة تعجّ بالفوضى، كما يفاقم من حالة عدم الاستقرار الموجودة في الدولتين، مؤكداً أنّ المحور الاستراتيجي للزيارة، هو مجابهة الاستراتيجية الروسية التي بسطت نفوذها في المناطق الغنية بالثروات (ذهب، يورانيوم) من شرق أفريقيا وحتى غربها، عبر الحضور الميداني لقوات الفاغنر.

وعليه، تأتي زيارة نورلاند إلى تشاد ضمن الجهود الأمريكية لتعزيز التعاون الأمني عبر الحدود بين ليبيا وتشاد والنيجر، من أجل مواجهة التحديات الأمنية في المنطقة، بحسب ما صرح  به نورلاند  في وقت سابق.

ويتضح هذا من خلال وصول بوارج حربية أمريكية إلى ميناء بورتسودان، شرقي السودان، إذ تعمل الإدارة الأمريكية على قطع الطريق أمام التمدد الروسي؛ عبر تحجيم نشاط الفاغنر، بجانب قطع الطريق أمام وصول الدعم الميداني واللوجستي لقوات الدعم السريع، والتي إذا انتصرت؛ فسيعني ذلك نجاح الاستراتيجية الروسية في معظم أفريقيا.

محمد إبراهيم: زيارة السفير الأمريكي ريتشارد نورلاند إلى تشاد تهدف في الأساس إلى بحث التعاون الإقليمي في مجالي أمن الحدود والتنمية الاقتصادية

وتسعى أمريكا بكافة السبل لتحقيق الاستقرار في السودان، حتى وإن اضطرت إلى التدخل المباشر لوقف الصراع والقتال، مستخدمة البند السابع، وموافقة دول الجوار السوداني. بجانب تحقيق الاستقرار في ليبيا، عبر تكوين جيش موحد بقيادة مدنية في ليبيا،  والأمر نفسه في السودان، وهذا ما اتضح خلال لقاء نورلاند في مدينة شتوتغارت الألمانية قائد القيادة العسكرية الأمريكية بأفريقيا (أفريكوم) الجنرال لانغلي، والسفير يونغ نائب المسؤول عن التواصل المدني العسكري، وفق ما نقلته سفارة واشنطن في طرابلس عبر تويتر الجمعة الماضية.

وأكد نورلاند حينها أنّ "تردي الوضع الأمني في ليبيا يبرز أهمية دعم ليبيا في تشكيل جيش موحد بقيادة مدنية".

إذن من المرجح أن تبحث هذه الزيارة حث تشاد على الموافقة على تكوين قوة لمراقبة الحدود الجنوبية لليبيا، وبحسب ما ورد في موقع "ليبيا بريس"، فإنّ نورلاند وأردمان اجتمعا عبر تقنية زووم؛ للتأكيد على ضرورة تأسيس قوة عسكرية مشتركة لتأمين الحدود الجنوبية، وفق بيان للرئاسي.

مواضيع ذات صلة:

توحيد المسار العسكري في ليبيا خطوة حاسمة نحو إنجاز الانتخابات

هل اقتربت ليبيا من حل الأزمة المستمرة منذ 2011؟

الفُرقاء يجتمعون في ليبيا: هل تسير عربة التسويات؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية