مدير المسجد الأقصى لـ"حفريات": رحلات المدارس الإسرائيلية تكريس للرواية التوراتية المزعومة

مدير المسجد الأقصى لـ"حفريات": رحلات المدارس الإسرائيلية تكريس للرواية التوراتية المزعومة


18/12/2021

في محاولة إسرائيلية مستمرة لتقسيم المسجد الأقصى، زمانياً ومكانياً، وتثبيت الرواية الصهيونية، لتشجيع اقتحامات الجماعات المتطرفة، وإلغاء الوجود الإسلامي والفلسطيني بالقدس، أصدرت لجنة التربية والتعليم في الكنيست، في 25 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، توصياتها بإدراج المسجد الأقصى ضمن برنامج الرحلات للمدارس الإسرائيلية، وهو ما أعرب عن احتجاجه ضده مدير المسجد الأقصى المبارك، الشيخ عمر الكسواني، خلال تصريح لـ "حفريات"؛ أوضح فيه أنّ "الهدف من وراء الرحلات التي ينوي الاحتلال القيام بها لطلبة المدارس الصهيونية، هو تكريس الرواية الصهيونية والتوراتية المزعومة حول المسجد الأقصى والبلدة القديمة بالقدس".

اقرأ أيضاً: الاحتلال يستعد لتنفيذ أكبّر عملية تطهير عرقي في القدس

 ويقوم المخطط الإسرائيلي على دمج مواد تعليمية في البرنامج التعليمي لدروس التاريخ، وذلك للمرة الأولى منذ احتلال القدس، عام 1967، وهو الأمر الذي ينذر بارتفاع حدة المواجهات بين العرب واليهود بالمدينة المقدسة.

مدير المسجد الأقصى المبارك، الشيخ عمر الكسواني: الهدف من وراء الرحلات التي ينوي الاحتلال القيام بها لطلبة المدارس الصهيونية، هو تكريس الرواية الصهيونية والتوراتية المزعومة حول المسجد الأقصى والبلدة القديمة بالقدس

وقالت اللجنة: إنّ "تاريخ (جبل الهيكل) وأهميته في الثقافة والتاريخ اليهودي لم تتم دراستهما بشكل صحيح".

ودعت اللجنة وزارة التربية والتعليم إلى "إدخال موضوع جبل الهيكل في الامتحانات وشهادة الثانوية "البجروت"، والتشديد على تدريس تراث الهيكل في المدارس، وتشجيع وزيادة الزيارات الطلابية والرحلات المدرسية".

طالما بقي الموقف الرسمي الفلسطيني والعربي يقوم على الشجب والاستنكار فقط، فإنّ ذلك سيدفع الاحتلال لارتكاب المزيد من العمليات التهويدية بحق المدينة المقدسة

ويأتي القرار تطبيقاً لتوصيات ما تسمى جماعات الهيكل المتطرفة التي عقدت اجتماعاً، في الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر)2021، تحت عنوان "مضاعفة عدد المقتحمين للأقصى بعشرة أضعاف"، وكان اعتماد الأقصى موقعاً الزامياً للرحلات المدرسية إحدى توصياته؛ والتي شملت إلى جانب ذلك تعزيز الرحلات الجامعية لاقتحام الأقصى، وتشجيع التعليم الديني التوراتي داخل الأقصى، وتعزيز ارتباط منتسبي الجيش والأجهزة الأمنية بالأقصى من خلال تنظيم اقتحاماتٍ جماعية دوري.

اقرأ أيضاً: مخطط إسرائيلي لتحويل مقبرة إسلامية في القدس إلى حديقة توراتية

وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، أوعز، في منتصف تموز (يوليو) الماضي، إلى الجهات المعنية، بمواصلة اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى بشكل منتظم، وذلك في أعقاب جلسة لتقييم الأوضاع في القدس مع وزير الأمن الداخلي والمفتش العام للشرطة، وشكرهم على قيامهم بتأمين حماية "حرية العبادة" لليهود في الأقصى.

اقرأ أيضاً: إسرائيل تغيّر أسماء الشوارع في القدس: الباب والحرّاس والأجراس ل

وصادقت الحكومة الاسرائيلية خلال العام 2018، على قانون أساس القومية "إسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي"، الذي يرى فيه خبراء ومحللون بأنّه قانون غير مسبوق، كونه يقر بأنّ دولة الاحتلال وطن قومي لليهود، وأنّ حق تقرير المصير يقتصر على اليهود دون سواهم، وهو ما سينعكس سلباً على المدينة وطبيعة المناهج الدراسية فيها في ظل السياسات الإسرائيلية المستمرة.

وفي نهاية عام 2016 اتخذت لجنة التراث العالمي "يونسكو" قراراً يؤكد أنّه "لا توجد علاقة بين اليهود والقدس والحرم الشريف، بل العلاقة تربط هذه الأماكن بالمسلمين فقط"، واعتمدت اللجنة ذاتها، في حزيران (يونيو) 2018، قرارين بالإجماع يطالبان السلطات الإسرائيلية بالكفّ عن الانتهاكات التي من شأنها تغيير الطابع المميز لمدينتَي القدس والخليل، الذي يبقي كلتيهما بسبب الإجراءات الإسرائيلية، على لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر.

تكريس الرواية الصهيونية

بدوره، أكّد مدير المسجد الأقصى المبارك، الشيخ عمر الكسواني، خلال حديثه لـ "حفريات"؛ أنّ "الهدف من وراء الرحلات التي ينوي الاحتلال القيام بها لطلبة المدارس الصهيونية، هو تكريس الرواية الصهيونية والتوراتية المزعومة حول المسجد الأقصى والبلدة القديمة بالقدس، بالتالي، زيادة أعداد المقتحمين للمسجد، وفرض واقع مرير عليه".

اقرأ أيضاً: ماذا فعلت الخنازير والمستوطنات بعنب القدس؟

وبيّن الكسواني؛ أنّ "الاحتلال الإسرائيلي عليه أن يتحمل سائر التبعات وردود الفعل المتوقعة من أهالي مدينة القدس، رداً على تلك الإجراءات التعسفية الصهيونية المستمرة، والتي تأتي بضوء أخضر واضح من حكومة بينت المتطرفة، وكذلك بمباركة وتشجيع من أعضاء الكنيست الإسرائيلي المتطرفين، لتقييد حرية وصول المقدسيين إلى المسجد لأسباب سياسية وليست أمنية".

ولفت إلى أنّ "ما تقوم به الجماعات المتطرفة نحو الأقصى والبلدة القديمة هو أمر بالغ الخطورة، وخطوة عدوانية كبيرة، من شأنها أن تتسبب بإشعال حرب دينية، وفرض وقائع جديدة على الأرض، بهدف التقسيم المكاني والزماني، وتغيير الوضع الديني والتاريخي والقانوني للمسجد".

برنامج صهيوني ممنهج

وأوضح الكسواني؛ أنّ "الاحتلال لا يتورّع عن القيام بجميع الأفعال التهويدية بحق المسجد الأقصى، والتي كان آخرها السماح للمتطرفين اليهود بأداء الصلاة الصامتة في باحات المسجد، والذي يعدّ من أخطر القرارات التي اتخذتها السلطات الصهيونية، والتي تشرعن بشكل واضح وعلني اقتحام الأقصى من قبل الجماعات اليهودية المتطرفة".

اقرأ أيضاً: مشروع إسرائيلي تهويدي لتدمير الاقتصاد في مدينة القدس

وتابع أنّ الاقتحامات للمسجد الأقصى ليست جديدة وهي قائمة منذ الاحتلال الإسرائيلي للقدس، عام 1967، مشيراً إلى أنّ "السلطات الإسرائيلية هي المسؤولة عن الأمن الخارجي للمسجد، وهي تسهل اقتحامات المستوطنين وفق برنامج صهيوني ممنهج ومخطط له مسبقاً، لفرض رواياتها التوراتية والتلمودية عليه".

ويرى مدير المسجد الأقصى أنّ "الفترة الحالية تتطلب تكاثف الجميع من أجل حماية المسجد الأقصى ضدّ اعتداءات واقتحامات المستوطنين، كما يجب على الأهالي توعية أبنائهم بأنّ المسجد الأقصى لا يقبل القسمة على اثنين، وأنّ ما يقوم به الاحتلال بحقّه هو لترويج الرواية الاحتلالية حوله، وذلك لتجنب عمليات غسل الأدمغة التي تحاول مؤسسات التعليم الصهيونية غرسها في نفوس الطلبة المقدسيين، والتي تسعى جاهدة لفرض المناهج الصهيونية على المدارس العربية بالقدس".

تجرؤ خطير على الأقصى

ويرى الكاتب والمحلل السياسي راسم عبيدات؛ أنّ "الرحلات التعليمية للمسجد الأقصى، أو ما يعرف بجبل الهيكل، بحسب التسمية الصهيونية، يعدّ تجرؤاً خطيراً وغير مسبوق على الأقصى، ويأتي في مرحلة وظروف غير عادية، نتيجة للتشظي والانقسام التي تشهده الحالة الفلسطينية، والذي ولّد حالة من الضعف في اتخاذ موقف موحد نحو تلك الاعتداءات، بالإضافة إلى تخاذل بعض الدول العربية والإسلامية مع الجانب الإسرائيلي، والتي تخدم الاحتلال في المقاوم الأول لمواصلة غطرسته وعدوانه بحق المسجد الأقصى والبلدة القديمة".

الكاتب والمحلل السياسي راسم عبيدات: الرحلات التعليمية للمسجد الأقصى، أو ما يعرف بجبل الهيكل، بحسب التسمية الصهيونية، يعدّ تجرؤاً خطيراً وغير مسبوق على الأقصى

ويضيف عبيدات لـ "حفريات": "المخطط الإسرائيلي الجديد سيمكن من ازدياد وتنامي أعداد المقتحمين للأقصى من مجرد مئات من المتطرفين إلى الآلاف منهم، ضاربة بعرض الحائط القرارات الصادرة من منظمة "اليونسكو"، والتي ترى بشكل واضح أنّ المسجد، الذي يقع على مساحة 144 دونماً هو مسجد إسلامي، ولا علاقة لليهود به، إلا أنّ السلطات الصهيونية تحاول الاستمرار في عمليات التهويد، وإقامة ما يسمّى الهيكل المزعوم كبديل عن المسجد القبلي".

ولفت إلى أنّ "الاحتلال بات يتجه نحو تقسم المسجد الأقصى عبر القيام بالعديد من الأشكال والطقوس التلمودية والتوراتية، وحتى الممارسات اللاأخلاقية؛ كإقامة عقود قران للمستوطنين بالمسجد، وكذلك إقامة الاحتفالات الراقصة والماجنة داخل ساحاته، لتمارس إسرائيل حرب شاملة على المقدسيين، في محاولات يائسة لاجتثاثهم من منازلهم وأحيائهم بقوة السلاح".

انفجار مقدسي قادم

عبيدات أكّد أنّ "الانفجار بات قاب قوسين أو أدنى داخل مدينة القدس بفعل الإجراءات الإسرائيلية المتنامية والمتصاعدة بحقّ المدينة المقدسة والمسجد الأقصى، والتي تطال أحياء كاملة بالقدس بعمليات تطهير عرقي واسعة من قبل سلطات الاحتلال، لإقامة حدائق تلمودية ومشاريع تهويدية، وذلك بهدف أن يجد الاحتلال موطئ قدم له بشكل مستمر في داخل الأقصى، وتحويل الصراع من وجودي سياسي إلى صراع ديني".

وبيّن أنّ المقدسيين يخوضون المواجهة بشكل مستمر مع الجيش الإسرائيلي ومستوطنيه للدفاع عن أراضيهم وأنفسهم، مشيراً إلى أنّه "طالما بقي الموقف الرسمي الفلسطيني والعربي يقوم على الشجب والاستنكار فقط، فإنّ ذلك سيدفع الاحتلال لارتكاب المزيد من العمليات التهويدية بحق المدينة المقدسة".

وطالب الكاتب والمحلل السياسي المملكة الأردنية الهاشمية، باعتبارها صاحبة الوصاية على المقدسات في القدس، باتخاذ مواقف جدية للجم الاحتلال، وإلزامه بالالتزام بسائر القوانين الدولية التي تطالب بحماية الوضع التاريخي والقانوني للمدينة، في ظلّ غياب واضح لدور السلطة الوطنية الفلسطينية، والتي لا ترتقي مواقفها لحجم الاعتداءات التي يتعرض لها المسجد الأقصى والمقدسيين".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية