مركز حقوقي يوثق آخر الانتهاكات بحق اللاجئين السوريين في لبنان

مركز حقوقي يوثق آخر الانتهاكات بحق اللاجئين السوريين في لبنان


14/06/2022

تتواصل الانتهاكات بحق اللاجئين السوريين في لبنان، وكان آخرها ما وثقه مركز حقوقي عن تعرّض العديد منهم في بلدة الدكوانة لعمليات مداهمة وتوقيف تعسفي وإجبارهم على توقيع تعهّد بالعودة إلى بلادهم.

وقال المركز اللبناني لحقوق الإنسان، في منشور على "فيسبوك" أول من أمس، إنّه تبلغ من عدّة مصادر، بما فيها بعض الضحايا، قيام بلدية الدكوانة بعمليات مداهمة وتوقيف تعسفي للسوريين وعائلاتهم، لافتاً إلى أنّ العديد منهم "مسجّل لدى المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة، ومنهم من هو مقيم على الأراضي اللبنانية ويعيش في نطاق البلدية".

وأضاف المركز: "يتمّ إجبار الموقوفين خلافاً للقوانين بالتوقيع على تعهّد بالعودة إلى بلادهم، كما تمّ توقيف الضحايا في مخفر البلدية حيث صُودرت هوياتهم والإقامة وأيّ أوراق قانونية وثبوتية بحوزتهم، وهُددوا بعدم ردّها في حال رفض التوقيع على التعهّد غير القانوني".

وأكد المركز على أنّ ما يتعرض له اللاجئون السوريون من انتهاكات تمثلت بإجبارهم على توقيع تعهدات بالعودة "تعتبر باطلة وتعرّض من أجبرهم على التوقيع للملاحقة القانونية بصفته الشخصية".

وذكر المركز أنّ الموقّعين يؤكدون أنّ هذه الانتهاكات تعتبر "مجحفة وغير قانونية"، مشيراً إلى أنّه سيقدّم إخباراً للجهات القانونية المختصة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق البلدية ممثلة برئيسها.

انتهاكات تمثلت بإجبارهم على توقيع تعهدات بالعودة

وقال المركز: إنّ اللاجئين في لبنان، وخصوصاً السوريين، "هم تحت الحماية"، موضحاً أنّ "إجبارهم على العودة غير الطوعية يُعتبر انتهاكاً لقانون التعذيب (65)، والمادة الثالثة من معاهدة الوقاية من التعذيب التي صادق عليها لبنان".

 وفي الإطار ذاته، كشفت سيدة سورية لاجئة بلبنان عن تعرّضها للاعتداء والضرب هي وعائلتها في منطقة البقاع الغربي، وذلك على يد إحدى العائلات اللبنانية المعروفة بالمنطقة، إضافة إلى نهب وتخريب المنزل الذي يسكنون فيه وترهيبهم بقوة السلاح، وفق ما نقلت وكالة "أورينت".

 هذا، ووثّق مركز "وصول" الفرنسي- اللبناني لحقوق الإنسان (6) حالات إخلاء قسري فردية، وأكثر من (3) حالات إخلاء قسري جماعية، إلى جانب عشرات حالات اللاجئين السوريين المهددين بالطرد من مساكنهم بشكل تعسفي.

 

مركز حقوقي يؤكد تعرّض العديد من السوريين في بلدة الدكوانة لانتهاكات تمثلت بعمليات مداهمة وتوقيف تعسفي، وإجبارهم على توقيع تعهّد بالعودة إلى بلادهم

 

 وبحسب بيان للمركز عبر موقعه الإلكتروني منتصف أيار(مايو) الماضي، تشكّل حالات الإخلاء مخالفة واضحة للقانون اللبناني الذي يشترط توفر أسباب مشروعة للإخلاء، على أن تجري العملية عبر إنذار رسمي، وضمن مهلة معقولة مرتبطة بأسباب، كتخلّف المستأجر عن سداد ما عليه من مستحقات لصاحب المنزل، أو رغبة صاحب العقار بتغيير وجه استعماله، أو ضرورة إخلاء المنطقة لأسباب أمنية.

 ولفت المركز إلى الخسائر المادية والمعنوية الكبيرة، وفقدان فرص العمل والانقطاع عن التعليم وصعوبة إيجاد سكن بديل، عند الإخلاء القسري من قبل اللاجئ لمنزله.

 وشدد على زيادة الانتهاكات الأخرى من قبل المجتمع غير المضيف، والمجموعات المسلحة غير الرسمية ضد اللاجئين، مشيراً في الوقت نفسه إلى حالات ضرب مبرح جراء تزايد العنف المجتمعي في أثناء عمليات الإخلاء القسري للاجئين قاطنين في المنازل، ومجموعات قاطنة في مخيمات اللجوء.

 ويشترط الأمن اللبناني حيازة إقامة قانونية للتقدم بشكوى رسمية، ممّا أدى إلى عدم قدرة اللاجئين الذين تعرّضوا لانتهاكات على التقدم بشكوى أمام السلطات.

 ولفت البيان إلى أنّ نحو 84% من اللاجئين السوريين في لبنان غير حائزين على إقامة قانونية نتيجة الشروط "التعجيزية" المفروضة، رغم إبطال مجلس شورى الدولة قرار الأمن العام الصادر عام 2015، والذي جرى خلاله تعديل شروط الإقامة بغرض تضييقها.

 تشكّل حالات الإخلاء مخالفة واضحة للقانون اللبناني

وركّز البيان على أنّ الأزمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان لا تعفيه من احترام التزاماته الدولية المتعلقة بالحقوق والحريات العامة، وطالب بإيقاف قرارات الإخلاء القسري والبحث عن حلول جدية لإنهاء أزمة الإخلاء القسري الجماعية.

وقدّم مجموعة توصيات للسلطات اللبنانية تتمحور حول وقف عمليات الإخلاء وضمان توفير المأوى والمستوى المعيشي اللائق باعتباره أحد أركان تحقيق التنمية المستدامة، إلى جانب منح سكان المخيم مهلة للإخلاء، وإنشاء برنامج وطني لمراقبة الإخلاء بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية، وضرورة توفير المستلزمات الأساسية في الأماكن التي سينقل إليها اللاجئون.

وأوصى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالسعي إلى جانب السلطات اللبنانية لمحاربة خطاب الكراهية عبر حملات توعية بالتنسيق مع الوزارات المعنية، والتذكير بأنّ سوريا غير آمنة لعودة السوريين في الوقت الراهن، والتدخل في تقديم الدعم العاجل ومنع حالات التشرد الجماعية للّاجئين.

 

مركز "وصول" يوثق (6) حالات إخلاء قسري فردية، وأكثر من (3) حالات إخلاء جماعية، إلى جانب عشرات حالات تهديد بالطرد

 

 وتتواصل دعوات المسؤولين اللبنانيين لإعادة اللاجئين السوريين إلى سوريا، باعتبار أنّ لبنان في ظل ظروفه الحالية غير قادر على تحمّل أعباء اللجوء السوري.

 وآخر تلك الدعوات خرجت على لسان وزير الخارجية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب يوم الجمعة الماضي، فقد أكد أنّ بيروت لن تتعاون مع الأوروبيين بشأن إبقاء اللاجئين السوريين في بلاده، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الوطنية.

 وقال بو حبيب المحسوب على التيار العوني، والمقرب من ميليشيا حزب الله: إنّه "في ظل عدم وجود أيّ خريطة طريق أوروبية لنهاية النزوح السوري في لبنان، لن نقبل أن نتعاون مع الأوروبيين في إبقاء النازحين واللاجئين السوريين.

وأضاف: "على المنظمات الدولية التي تدفع أموال المساعدات للنازحين السوريين التوقف عن الدفع لهم في لبنان، بل في بلدهم بعد عودتهم إليه، وكلنا على اتفاق تام في لبنان حول وجوب عدم استمرار النزوح".

 إنّ اللاجئين السوريين العائدين إلى سوريا من دول الجوار ودول أخرى واجهوا انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان

 وأواخر نيسان (أبريل) الماضي، أعلنت لجنة حكومية أنّ لبنان لم يعد يحتمل ملف اللاجئين السوريين، معتبرة أنّ الدولة باتت غير قادرة على أن تكون شرطياً لضبط هذا الملف من أجل مصلحة دول أخرى، حسبما نقلت وكالة "فرانس برس".

 وفي 9 أيار (مايو) الماضي، أعلن وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار أنّ لبنان تكّبد حتى الآن خسائر بنحو (30) مليار دولار من جراء النزوح، داعياً المجتمع الدولي إلى تعويض بلاده.

 ويُذكر أنّ المسؤول الأممي "أوليفييه دي شوتر" قال في وقت سابق في تصريح نقلته وكالة الأنباء الألمانية: إنّ معاملة اللاجئين السوريين في لبنان تتجلى بالتمييز والمضايقة والعنف وخطاب الكراهية، ومن الخطأ اعتبارهم مصدراً للمنافسة على الوظائف والدعم والخدمات العامة.

واعتبر أنّ النظرة تجاه اللاجئين السوريين في لبنان شاملة لجميع مستويات المجتمع، بما فيها الحكومة اللبنانية، حيث يقع اللوم دائماً على اللاجئين بشكل روتيني، ويُتهمون بأنّهم السبب بعدم تمكّن الحكومة من توفير الخدمات والسلع الأساسية لمواطنيها.

 

الأمن اللبناني يشترط حيازة إقامة قانونية للتقدم بشكوى رسمية، ممّا أدى إلى عدم قدرة اللاجئين الذين تعرّضوا لانتهاكات على تقديم شكواهم

 

 والعام الماضي، قالت منظمة العفو الدولية: إنّ ميليشيات أسد أخضعت مواطنين سوريين ممّن عادوا إلى وطنهم بعد طلبهم اللجوء في الخارج للاعتقال والإخفاء والتعذيب، بما في ذلك أعمال العنف الجنسي.  

 وأضافت المنظمة في تقرير لها بعنوان: "أنت ذاهب إلى الموت"، أنّها وثَّقت مجموعة من الانتهاكات المروّعة التي ارتكبها ضباط المخابرات السورية بحق (66) من العائدين، من بينهم (13) طفلاً، وفق وكالة "رويترز".

 ونقلت المنظمة عن بعض العائدين إلى سوريا قولهم: إنّ ضباط المخابرات استهدفوهم بشكل صريح بسبب قرارهم بالفرار من سوريا، متهمين إياهم بعدم الولاء أو الإرهاب.

يعاني السوريون في لبنان من مشاكل اقتصادية واجتماعية مختلفة

 بدورها، قالت دائرة الهجرة والاندماج الدنماركية في تقرير أصدرته مؤخراً: إنّ اللاجئين السوريين العائدين إلى سوريا من دول الجوار ودول أخرى واجهوا انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان واضطهاداً على يد ميليشيا حكومة أسد والميليشيات التابعة له.  

وأكدت "الهجرة الدنماركية" في تقريرها الذي حمل عنوان "العودة إلى سوريا" أنّ هناك الآلاف من اللاجئين السوريين عادوا إلى سوريا خلال الأعوام  الـ5 الماضية، إلا أنّ سياسة أسد فيما يتعلق بهم تبدو غير واضحة من الخارج، إذ إنّه في حين دعا أسد السوريين للعودة، تحدثت تقارير عن تعرّض معظم العائدين من الجوار السوري لأشكال مختلفة من الانتهاكات، خاصة أولئك الذين سوّوا أوضاعهم.

ويعاني السوريون في لبنان من مشاكل اقتصادية واجتماعية مختلفة، ويتعرّضون بين فترة وأخرى لخطر الترحيل من بعض المناطق، خاصة أنّ لبنان يمنح السوريين صفة "نازحين" لا "لاجئين"، في حين طلبت الدولة من مفوضية شؤون اللاجئين وقف تسجيلهم بعد 2015.

وكان تقرير صادر عن الأمم المتحدة في تموز (يوليو) 2020 قد أحصى وجود نحو (900) ألف لاجئ سوري في لبنان مسجلين لدى مفوضية اللاجئين، ويبلغ عددهم وفق إحصائيات غير رسمية مليون ونصف المليون سوري، يعيشون في ظل ظروف معيشية صعبة، والخوف من التعرض لحوادث عنصرية.

مواضيع ذات صلة:

ترحيل اللاجئين السوريين.. أردوغان يكمل خطة التغيير الديمغرافي شمال سوريا.. ما علاقة الإخوان؟

هل تعاني أوروبا حقاً مشكلة مع اللاجئين؟

خطة عون للتخلص من اللاجئين في لبنان: سوريا آمنة



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية