مستقبل العلاقة بين حماس وسوريا بعد اتهام الأسد الحركة بالغدر والنفاق

مستقبل العلاقة بين حماس وسوريا بعد اتهام الأسد الحركة بالغدر والنفاق

مستقبل العلاقة بين حماس وسوريا بعد اتهام الأسد الحركة بالغدر والنفاق


كاتب ومترجم فلسطيني‎
02/09/2023

بعد مرور أشهر قليلة على ترميم العلاقات بين حماس والنظام السّوري بجهود من إيران وروسيا، وصف الرئيس السّوري بشار الأسد قادة حماس بـ"المنافقين والغدارين"، بعد أنّ وقف القادة المقيمون في سوريا إلى جانب المعارضة إبان الثورة عام 2011 ، حيث أثارت تصريحات الأسد استغراب المتابعين والسّياسيين من هذا التناقض، خاصة بعد قبول الأسد مصالحة حماس.
واتّهم الأسد خلال مقابلة أجرتها معه قناة "سكاي نيوز" حركة حماس بأنّها كانت تبنت موقف غدر مع بداية الأحداث في سوريا، وقال في المقابلة، بعد كل ذلك الوقت أريد أن أوضح نقطة صغيرة، أنّ البعض من قادة حماس كان يقول إنّ سوريا طلبت منهم أن يقفوا معنا، كيف يدافعون عن الدولة السورية وهم لا يوجد لديهم جيش وهم بضع عشرات في سوريا، وهذا الموقف الذي صدر أعلناه بأكثر من مناسبة بأنّه موقف غدر وخيانة.
وبدأ العلاقات الثنائية بين حماس والنظام السّوري في عام 1999 واستمرت حتى عام 2012، وخلال تلك الفترة قدم نظام الأسد دعماً في مختلف المجالات للحركة، إذ مكن النظام استقرار الحركة سياسياً وتطورها عسكرياً، لكن بعد اندلاع الثورة السّورية، رفض خالد مشعل الرئيس السابق لمكتب حماس إدانة الاحتجاجات التي اندلعت ضد النظام، ورفع علم الثورة وغادر مقر إقامته الذي كان يعد مكتب الحركة الرئيسي متوجهاً إلى غزة ومن ثم فتح مكتب للحركة في الدوحة، حيث سادت خلافات داخلية بين قادة الحركة حول موقف مشعل، وانقسمت الحركة إلى قسمين ما بين القبول والرفض للخطوة.
موافقة حماس على الشروط
وبعد قطيعة استمرت قرابة الـ 10 سنوات، قررت حركة حماس إعادة علاقاتها الكاملة مع دمشق بعد محاولات سابقة أخذت طابع المد والجزر، ولقيت هذه الخطوة انتقاداً ومعارضة شديدة بين الفلسطينيين سواءً في داخل غزة أو خارجها، لكنّ حماس بررت ذلك بأنّه لخدمة ولصالح القضية الفلسطينية، حيث اعتذرت حماس في حينها في بيان رسميّ عن الموقف الذي اتخذته من نظام الأسد في عام 2012، ووافقت خلاله على الشروط الثلاثة التي وضعها النظام من أجل استئناف العلاقات، إذ اعترفت ببشار الأسد رئيساً للجمهورية السّورية، وتطلعت لأن تستعيد سوريا مكانتها بين الدول العربية، وأكدت أنّ كل الأراضي السورية يجب أن تكون موحدة تحت حكمه، كما استبعد الرئيس بشار الأسد فتح مكاتب لحركة حماس في سورية في الوقت الحالي.

 وصف الرئيس السّوري بشار الأسد قادة حماس بـ"المنافقين والغدارين"
وبرزت الكثير من الانتقادات على المسّتوى المحلي والإقليمي، التي دعت الحركة إلى مراجعة منهجها واسّتراتيجياتها في التعامل مع الأنظمة المجرمة، وعدم تفريط حماس بسمعتها أمام الشعوب، كما أنّ قيادات بارزة في الإخوان المسلمين مقيمة في تركيا، من بينهم الداعيّة المصري وأحد أقطاب جماعة الإخوان المسلمين وجدي غنيم، قد وصف قادة الحركة بالخائنين بعد المصالحة مع نظام الأسد.
وأكد محللون سّياسيون على أن عودة بشار الأسد إلى مصالحة حماس غير مقنعة، ولم تأتِ بناءً على قناعات راسخة وحقيقية لاستئناف العلاقات على أسس ومبادئ، ولكن جاءت بعد ضغوط خارجية وأجبر بذلك على القبول ومصالحة حماس. 
مصالحة هشة
من جهته يقول المختص في الشأن العربي والدولي هاني سليمان إنّ "مسألة العلاقة بين بشار الأسد وحماس، هي علاقه معقده للغاية تتشابك فيها العديد من الاعتبارات والمعايير، منها ما هو سّياسي ومنها ما هو ديني، وبالتالي عوده العلاقات السّورية بين الطرفين عوده غير مقنعة، وإنما جاءت في إطار ضغوط خارجيّة أجبرته على قبول المصالحة".

حماس تواجه صعوبة في استيعابها من قبل الكثير من الدول في ظل المتغيرات العالمية والسياسية، وبدت وكأنّها في عزلة ولا تجد مكاناً لها

وأوضح سليمان في حديثه لـ"حفريات" أنّ عودة العلاقات بين الطرفين ستكون "هشة وستصطدم بالكثير من المعيقات، خاصة وأنّ هناك فجوه كبيرة من حيث تشابك حماس وتعاونها مع النظام السوري، كما أنّ تقديم حماس نفسها كجزء من الحركات الشعبية التي تدافع عن القضية الفلسطينية وعودة الخطوط والتشابك مع إيران بالإضافة إلى التطورات الإقليمية، هو ما دفع بإيران إلى تهيئة أجواء المصالحة بين حماس والأسد دون رغبة الأخير في ذلك".
ولم يستبعد أنّ "يكون هناك عودة للعلاقات لكن ستكون بشكل غير كامل، وسيكون هناك غياب للثقة في الوقت الحاليّ، لكن العودة الأساسية تحتاج لمزيد من الوقت لإعادة توليد هذه العلاقات وتثبيتها، وهذا سيحتاج من حماس أنّ تقدم ضمانات عملية لسوريا حتى تنال ثقة النظام".
ولفت إلى أنّ "حماس تلهث لاستئناف العلاقات مع نظام الأسد لتحقيق مكاسب عظمية، بالنسبة لها تسعى إلى اتخاذ الأراضي السّورية مقراً رئيساً لها وتنقل مكتبها إلى دمشق، ومن هناك تمارس نشاطها السّياسي والعسكري، ويسهل ذلك من تقاربها مع محور إيران الداعم الأساسي لحماس مالياً وعسكرياً".
ضغوط على الأسد
بدوره يقول الكاتب والمحلل السّياسي محمود الزق: "هناك ضغوط كبيرة فرضت على الرئيس بشار الأسد لعودة ترميم العلاقات مع حماس، في المقابل كان هناك قبول من الأسد لأسباب تصب في مصلحته، وهي أنّه يريد إخراج نفسه من العزلة والعودة عن طريق بوابة ربما عاطفية وفيها عنصر المقاومة والقضية الفلسطينية، وهذا يدعم موقفه بشكل كبير على المستوي الإقليمي".
وأوضح في حديثه لـ"حفريات" أنّ "جهود حماس الحثيثة لاستئناف علاقاتها مع نظام الأسد، ناتجة عن المضايقات التي يتعرض لها قادة حماس المقيمون في تركيا، بعد استعادة أنقرة علاقاتها مع إسرائيل، والمطالبة بإغلاق مكتب حماس في إسطنبول وترحيل الناشطين من تركيا، لذلك تحاول حماس البحث عن مقر دائم لها، فوجدت نفسها مجبّرة على التقارب مع النظام السوري".


ولفت إلى أنّ "بشار الأسد سيتعامل مع الحركة وفقاً لدعم الجانب الفلسطيني كمبدأ عام، لكن لن تكون على نفس المستوى فيما يتعلق بالتفاصيل والعلاقة والتنسيق ما بين حماس وسوريا سابقاً، ومن الواضح أنّ هذا سيؤثر على حماس التي تطمح إلى تطور العلاقات مع النظام السّوريّ كما كانت عليه في السابق، وهذا ما صرح به الأسد خلال مقابلته المتلفزة، عندما عرج على عودة العلاقات مع حماس قائلاً: العلاقة ضمن المبدأ العام، ونحن نقف مع كل طرف فلسطيني يقف ضد إسرائيل لكي يسترد حقوقه".

الباحث هاني سليمان لـ"حفريات": عودة العلاقات ستكون هشة وستصطدم بالكثير من المعيقات، وهناك فجوه كبيرة من حيث تشابك حماس وتعاونها مع النظام السوري


وبين أنّ "حماس تواجه صعوبة في استيعابها من قبل الكثير من الدول في ظل المتغيرات العالمية والسّياسية، وبدت وكأنّها في عزلة ولا تجد مكاناً لها، إذ تفرض عليها الدول التي تحاول الوجود على أراضيها شروطاً على عملها السّياسي والعسكري، وهذا ما دفع الحركة للعودة من جديد إلى المحور السّوري، الذي يستوعب وجودها دون إملاءات أو شروط". 
يذكر أنّ رئيس المكتب السّياسي لحماس إسماعيل هنية، التقى مع الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في يونيو (حزيران) الماضي، للمطالبة بتهيئة الظروف للتقارب مع الأسد، وسبق أنّ زار العاصمة الإيرانية طهران في عام 2021 للغرض ذاته، كما تواصل هنية مع موسكو مرات عدة، والتي دفعت بقوة إلى إعادة ترميم علاقات الحركة مع سوريا.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية